ما إن بدأت أعمال الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى تأثرت أسعار صرف العملات عالميا، وبدأت تشهد تغيرات بالارتفاع والانخفاض، والقى هذا التأثير بظلاله على العديد من أوجه الحياة الاقتصادية بالعشرات من دول العالم، ولرصد التغير في سعر صرف العملات، أجرى مركز “جسور” تحليلا لأداء عشرة من العملات الدولية والعربية مقابل الدولار خلال الفترة من 18 نوفمبر 2021، وحتى 22 مايو 2021، تتضمن 128 يوم تعامل، وتغطي ما يناهز ثلاثة أشهر قبل بدء الغزو وثلاثة بعده.
تم الاعتماد في هذا التحليل على أسعار الصرف المسجلة للعملات العشر في موقع مؤسسة أسعار الصرف الدولية المستقلة، https://www.exchange-rates.org/، وتم فيها استخدام الدولار الأمريكي كعملة أساس في قياس التغير بأسعار صرف العملات العشر، وهي الروبل الروسي، والهريفتا الأوكرانية، واليورو والاسترليني، واليوان الصيني، والجنيه المصري والدينار الجزائري والدينار الكويتي والريال السعودي والدرهم الإماراتي، ومن خلال البيانات الواردة بالجدول المرفق، يمكن القول إن نتائج الرصد كالتالي:
الروبل الروسي:
خلال الـ 128 يوم تعامل، شهد الروبل 75 تغيراً ضئيلاً للغاية و35 تغيراً ضئيلاً و12 تغيراً طفيفاً و 4 تغيرات كبيرة وتغيرين كبيرين للغاية اتجه فيهما نحو الصعود، وفى شهر نوفمبر 2021، أي قبل الغزو بنحو ثلاثة أشهر كان متوسط سعر صرف الدولار يعادل 74.37 روبلا روسيا، وخلال يناير 2022 تراجع ليصبح متوسط سعر الدولار 76.62 روبلا، بتراجع مقداره 2.68 روبلا عن المتوسط الذي ساد خلال شهر ديسمبر، وخلال الفترة الأولي من فبراير التي سبقت الغزو إلى 18 فبراير، سجل الروبل تقدما ضئيلاً أمام الدولار، ليصبح سعر صرف الدولار 75.96 روبلا، بارتفاع قدره 0.07 روبلا.
في الأسبوعين الأول والثاني من الغزو هبط سعر الروبل بشدة أمام الدولار، ليصبح متوسط سعر الدولار 86.35 روبلا، بانخفاض قدره 10.39 روبلا، ثم بلغ الروبل ذروة انخفاضه أمام الدولار خلال شهر مارس، حيث بلغ المتوسط العام لسعر الدولار 120.77 روبلا، بانخفاض قدره 34.42 روبلا، وهو تراجع يعني أن الروبل خسر %39.8 من قيمته أمام الدولار مقارنةً بمتوسط قيمته خلال الأسبوعين الأولين للحرب.
خلال شهر ابريل استعاد الروبل قوته، وأصبح الدولار يعادل 80.07 روبلا كمتوسط عام خلال ابريل، وهي قيمة أقوي مما كان عليه في نوفمبر 2021، وخلال الفترة من 1 الي 21 مايو، حقق تقدماً إضافياً وتراجع متوسط سعر الدولار الى 67.32 روبلا، وهو رقم يعني أن وضع الروبل أمام الدولار صار أقوى وارتفعت قيمته بما يعادل %8.1.
الهريفتا الأوكرانية
حافظت العملة الأوكرانية على قوتها أمام الدولار، فقد شهدت في المجمل 107 تغيراً ضئيلاً للغاية، و21 تغيراً ضئيلاً، وخلال نوفمبر 2021 كان متوسط سعر الدولار يعادل 26.9 هريفتا، وأصبح خلال ديسمبر 2021 يعادل 27.21 هريفتا، بنسبة انخفاض في العملة قدره %0.39، ثم حدث انخفاض جديد في شهر يناير 2022 وأصبح الدولار يعادل 28.05 هريفتا، ما يعني انخفاض العملة الأوكرانية بمقدار%0.97.
خلال الأسبوعين الأولين من فبراير 2022، بلغ متوسط سعر الدولار 29.45 هريفتا، أي تراجعت العملة الأوكرانية بمقدار %1.4، ثم يتوالى التراجع بنِسب طفيفة من شهر لآخر، حتى انخفضت قيمة العملة الأوكرانية بمقدار %2.28 كمتوسط عام، مقارنةً بما كانت عليه في الأول من نوفمبر 2021.
اليورو
تراوح التَغيُر في سعر صرف اليورو أمام الدولار بين الضئيل للغاية والضئيل، حيث سجل 122 ضئيلاً للغاية وستة تغيرات ضئيلة، وخلال الأشهر السابقة على الغزو احتفظ اليورو بقيمته أمام الدولار، وكان متوسط سعر الدولار 0.89 من اليورو خلال نوفمبر 2021، ثم تراجع الي 0.88 من اليورو كمتوسط عام خلال شهري ديسمبر 2021 ويناير 2022.
خلال الأسبوعين الأخيرين من فبراير ومع بدء الغزو بلغ الدولار 0.89 يورو، ثم 0.91 يورو خلال مارس، و0.93 يورو خلال ابريل، ومن 1 الي 22 مايو بلغ 0.95 يورو، ما يعني إجمالاً أنه بسبب الغزو فَقَد اليورو %6.7 من قيمته المسجلة في الأول من نوفمبر 2021.
الإسترليني
شهد الإسترليني 122 تغيراً ضئيلاً للغاية، و6 تغيرات ضئيلة، خلال نوفمبر 2021 كان الدولار يعادل في المتوسط 0.75 جنيه إسترليني، وفي يناير2022 بات الدولار يعادل 0.74 إسترليني، وفي مارس 2022 بدأت قيمة الإسترليني تتراجع أمام الدولار، وبات الدولار يعادل 0.76 إسترليني، ثم تقدم الدولار مجدداً ليعادل 0.77 إسترليني خلال ابريل، ثم يقفز الي 0.81 إسترليني خلال الفترة من 1 الي 22 مايو، وبالتالي يكون الإسترليني قد فَقَد %8 في المتوسط من قيمته في مايو 2202 مقارنة بقيمته في نوفمبر 2021.
اليوان الصيني
شهد اليوان الصيني 125 تغيراً ضئيلاً للغاية، وتغيرين ضئيلين في قيمته أمام الدولار، وكان أداؤه قوياً أمام الدولار خلال فترة ما قبل الحرب، ففي نوفمبر 2021 كان الدولار يعادل 6.39 يوان، ثم هبطت قيمة الدولار ليصبح 6.37 يوان خلال ديسمبر، ثم الي 6.36 يوان خلال يناير 2022، ثم الي 3.65 خلال الأسبوعين الأولين من فبراير 2022، ثم الي 6.32 يوان في الأسبوعين الأولين للحرب، ومعني ذلك أن قيمة اليوان أمام الدولار ارتفعت في المتوسط بنسبة %1.1 خلال فترة ما قبل الغزو والأسبوعين الأولين منها.
هبطت قيمة اليوان أمام الدولار في مارس 2022، وبات الدولار يعادل 6.34 يوان، وواصل ارتفاعه خلال ابريل 2022 ليسجل 6.43 يوان، ثم يرتفع مرة اخري خلال مايو 2022 ليصبح 6.70 يوان، بذلك يكون اليوان قد فقط %4.8 من قيمته في مايو 2022، مقارنة بالقيمة التي كان عليها خلال نوفمبر 2021.
الجنيه المصري
اتسم التغير في قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بالفجائية، فقد كانت السمة الغالبة هي التغير الضئيل للغاية في 125 مرة تعامل، وتغيرين ضئيلين، ثم تغير وحيد كبير للغاية، وتقول الأرقام أن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار ثبت خلال نوفمبر وديسمبر 2021، ويناير وفبراير 2022، وكان الدولار يعادل 15.72 جنيها ، ثم تراجع بصورة ملحوظة خلال مارس 2022 بواقع و 1.03 جنيها، ليصبح سعر الدولار 16.75 جنيها، ومن ثم فقد الجنيه %6.5 من قيمته، وواصل الجنيه هبوطه خلال ابريل 2022، وبات الدولار يعادل 18.44 جنيها، بفارق 1.69 جنيها، ومن ثم فَقَد الجنيه 10.08 من قيمته، ليصل الانخفاض في القيمة مقارنةً بفبراير الي 2.72 جنيهاً، تعادل %17.3.
الدرهم الإماراتي
كان هناك 126 تغيراً ضئيلاً للغاية في قيمة الدرهم أمام الدولار، وتغيران من المستوى الضئيل، وخلال الأشهر السابقة وحتى أسبوعين بعد الغزو ظل سعر صرف الدولار ثابتاً عند 3.673 درهم تقريباً، وخلال فترة الرصد كان متوسط عام التغير في قيمة الدرهم أمام الدولار أقل من نصف من الألف في المائة.
الدينار الجزائري
سيطرت حالة التغير الضئيل للغاية على قيمة الدينار الجزائري أمام الدولار، وظهرت في 128 يوم تعامل، لكن كان أداء الدينار عبارة عن رحلة تراجع مضطردة مستمرة بلا انقطاع من شهر لآخر، فخلال ديسمبر 2021 كان متوسط سعر الدولار يعادل 139.05 دينار، وفي ديسمبر ارتفع الي 139.7 دينار، ثم 139.73 في يناير، ثم الي 140.53 في الأسبوعين الأولين من فبراير 2022، لينتهي به المطاف عند 145.54 دينار في مايو، وبالتالي يكون الدينار قد فَقَد في مايو2022 ما يعادل %4.6 من قيمته.
الريال السعودي
تميز الريال السعودي بأنه العملة التي احتفظت بهامش من التفوق على الدولار في معظم أوقات فترة الرصد، لكنه تفوق محكوم بتغير ضئيل للغاية ظهر في كل الـ 128 يوم تعامل، وتشير الأرقام إلى أن قيمة الريال قد ارتفعت بمقدار %0.0587 أمام الدولار في مايو 2022 مقارنة بنوفمبر 2021.
الدينار الكويتي
كان التغير الضئيل للغاية هو السمة السائدة على أداء الدينار الكويتي أمام الدولار، حيث ظهر هذا النمط في 124 يوم تعامل، ولم يكن هناك تغيير يذكر في أربعة أيام، فقد كان الدولار يعادل 0.3027 دينار في نوفمبر 2021، و0.3069 دينار في مايو 2022، وبالتالي يكون الدينار الكويتي قد فَقَد 0. %1.3 من قيمته في مايو 2022 مقارنةً بقيمته في نوفمبر 2021.
في ضوء ذلك يمكن القول أن ابرز الملامح التي تمت ملاحظتها خلال الرصد هي أن متوسط سعر صرف الروبل الروسي أمام الدولار الأمريكي حقق ارتفاعاً في نهاية فترة الرصد مقدارها %8.1، فيما حققت العمل الأوكرانية انخفاضاً قدره %2.28 على الرغم مما تكبدته من خسائر بسبب الغزو، فيما تراجع اليورو %6.7 والاسترليني %8، وصمدت العملات الخليجية خاصةً الريال السعودي والدرهم الإماراتي، وشهدت تغيرات ضئيلة للغاية، بينما تأثرت بعض العملات العربية الأخرى تأثراً بالغاً، كان في مقدمتها الجنيه المصري الذي فقد %17.3 من قيمته، والدينار الجزائري الذي سجل تراجعاً مضطرداً متصلاً طوال فترة الرصد ليفقد في النهاية %4.6 من قيمته.