بلغت قيمة التجارة البينيّة في السلع بين تايوان والولايات المتحدة الأمريكية ما مقداره تريليون و655 مليار و999 مليون دولار أمريكي منذ عام 2000 حتى 2021، استحوذت الصادرات التايوانية إلى الولايات المتحدة على ما يُجاوز 961 مليار دولار بنسبة 58.04% من إجمالي قيمة التجارة بينهما، بينما سجلت 694.7 مليار دولار للواردات التايوانية من الولايات المتحدة، أي بنسبة 41.95% فقط.
في المقابل تجاوزت قيمة تجارة السلع البينية بين تايوان والصين حاجز التلريونين و79 مليار دولار أمريكي في الفترة ذاتها، لتُسجل الصادرات من تايوان إلى الصين ما مقداره 844.7 مليار دولار أي مانسبته 40.62% من إجمالي تجارة السلع بينهما، أما الواردات من الصين إلى تايوان بلغت تليريون و219 مليار دولار أي بنسبة تمثل 58.63% من إجمالي تجارتهما. كما هو موضح بالجدول المرفق.
تُشير البيانات بداية إلي أن تجارة تايوان مع الصين أكثر بـ423 مليار و101 مليون دولار من تجارتها مع الولايات المتحدة الامريكية في الـ 22 عاماً الأخيرة، فضلاً عن ذلك فإن تايوان تعتمد في وارداتها من السلع على الصين بأكثر من ضعف وارداتها من أمريكا تقريباً.
تقول البيانات أيضا أن صادرات تايوان الي الصين أكبر بكثير من صادراتها إلى منطقة جنوب شرق آسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان مُجتمعة، وبحسب تقديرات ديسمبر 2021، تُعد الصين (بما فيها هونج كونج) الوجهة الأساسية لصادرات تايوان بنسبة 42.3%، في حين تستحوذ منطقة جنوب شرق آسيا على 15.7%، والولايات المتحدة 14.7%، ودول الاتحاد الأوروبي 7.1%، واليابان 6.5%. أما بالنسبة لوارداتها، تظل الصين على رأس القائمة بنسبة 22%، ثم اليابان 14.7%، ومنطقة جنوب شرق أسيا 12.4%، وأخيراً الولايات المتحدة 10.3% والاتحاد الأوروبي 9.7%.
تُعزّى هذه القوة في العلاقات التجارية بين الصين وتايوان إلى عدة عوامل، من بينها، أولاً: الاعتماد الكبير على التجارة الخارجية في اقتصاديّ الصين وتايوان فالصادرات من أهم مصادر الدخل للبلدين، وتُمثل حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي لتايوان، وحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. ولذلك فإن أي تأثير سلبي على العلاقات التجارية سيؤثر بشكل كبير على الاقتصادين.
ثانياً؛ وجود مصالح مشتركة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي فكلا الدولتين من أكبر الدول المنتجة للإلكترونيات والمعدات الإلكترونية في العالم، وتمتلكان سلاسل توريد متكاملة في هذا المجال. ولذلك فإن أي اضطراب في هذا المجال سيؤثر على العديد من الصناعات في العالم.
ثالثاً؛ ما أبرمه البلدين من اتفاقيات تجارية متبادلة من شأنها تحسين العلاقات التجارية بينهما، وتسهيل دخول المنتجات إلى الأسواق الخارجية. وهذا يعني أن هناك إرادة سياسية لدى البلدين للحفاظ على العلاقات التجارية بينهما، لاسيما اتفاقية الاستثمار الثنائي عام 2012، واتفاقية الشحن الجوي المباشر التي وُقّعت في العام ذاته، وغيرها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات التجارية بين تايوان والصين تتميز بالتنوع، حيث تشمل مجموعة واسعة من السلع والخدمات. وهذا يعني أنه من الصعب بمكان تقليل التبعية بينهما على نطاق واسع في حالة وجود خلافات سياسية بين الجانبين. وبالتالي، فإن العلاقات التجارية بين تايوان والصين تظل قوية ومستمرة رغم الخلاف السياسي القائم بينهما.
تُشير البيانات كذلك إلى أن صادرات تايوان من السلع إلى أمريكا تزيد على صادراتها إلى الصين وإن كانت الزيادة بمقدار بسيط بلغ 116 مليار و573 مليون دولار خلال فترة الرصد ما بين عامي 2000 حتى 2021. ولتايوان أهمية اقتصادية متنوعة لأمريكا لا يمكن غض الطرف عنها لا سيما اعتبارها ثامن أكبر سوق للصادرات الزراعية الأميركية، وتستورد ما مقداره 5 مليارات دولار سنويا، تنتج تايوان كذلك 20% من سعة الرقاقة العالمية، وتنتج 92% من منتجات أشباه الموصلات الأكثر تطورا في العالم.
يُلاحظ كذلك أن إجمالي قيمة التجارة في السلع بين تايوان والصين لم تتجاوز 100 مليار دولار في العقد الأول من فترة الرصد ثم قفزت في العقد الثاني لتتراوح بين حد أدنى بلغ 112.9 مليار دولار وحد أقصى تخطى 182 مليار دولار، ولعلّ هذه القفزة كانت نتيجة لاتفاقية التجارة الحرة بين تايوان والصين والتي وُقّعت في عام 2010، بهدف تحسين العلاقات التجارية بين الجانبين وتسهيل دخول المنتجات إلى الأسواق الخارجية، كذلك اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي التي صودق عليها في العام ذاته، لتفتح هذه الاتفاقيات وغيرها أفقاً واسعاً للتجارة البينية بين الدولتين.
شهد العامين الأخيرين تراجعاً حاداً في التجارة السلعية بين تايوان والصين والتي تسببت فيها جائحة كورونا لتسجل 87.2 مليار و71.1 مليار دولار في عامي 2020 و2021 على التوالي، غير أن الوضع كان مغايراً بالنسبة للعلاقة بين تايوان والولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت انتعاشاً رغم الجائحة لتسجل 91.27 مليار و109.77 مليار دولار في العامين نفسهما، ليكون عام 2021 هو الأعلى على الإطلاق في حجم التجارة السلعية بين البلدين خلال 22 عاما.
تُشير البيانات كذلك أن قيمة إجمالي التجارة السلعية بين تايوان والصين قفزت قفزة كبيرة إذا ما قارنّا بداية فترة الرصد أي عام 2000 بنهايتها أي عام 2021 لتسجل ارتفاعا مقدراه 72%، رغم أن العامين الأخيرين انكمشت التجارة بينهما بشكل ملحوظ كما سبق القول، في المقابل حققت التجارة السلعية بين تايوان وامريكا ارتفاعاً هي الأخرى إلا أنه سجّل نسبة أقل من نظيرتها مع الصين بلغ مقداره 57%.
تُشير البيانات إذن إلى أن الصين وتايوان أعداء في السياسية وحلفاء في الاقتصاد، فعلى الرغم من وجود خلافات سياسية بينهما، إلا أنه لا يوجد علاقة طردية بين التجارة والسياسة بين الجانبين. فالعلاقات التجارية بين الصين وتايوان تعتبر قوية ومستمرة، وتتميز بالتنوع والاعتماد المتبادل على الصادرات والواردات. فالمعيار الذي يمكن اعتماده كأساس للعلاقات بين الدول هو معيار المصلحة الذي يكون بمنأى عن التجاذبات السياسية وصراعات النظم والحكومات التي تهدف من خلالها إلى تحقيق مكتسبات سياسية أو سيادة معنوية أو غيرها من الأغراض التي تعزز نفوذها على المستوى الدولي.