في مقابل العدد القليل نسبيا للقضايا المدرجة بمحكمة العدل الدولية (192 قضية في 77 عام)، كانت هناك غزارة وكثافة واضحة في أنواع هذه النزاعات، حيث بلغت 26 نوعا بينها النزاعات الحدودية والحوادث الجوية والنزاعات علي البحار، والنزاعات المسلحة والتجارية والتمييز العنصري والإبادة الجماعية وحقوق الإنسان والصيد والأنهار وغيرها، وتصدرتها المنازعات الحدودية التي سيطرت علي نحو خمس القضايا المثارة أمام المحكمة أو تحديدا 22%، تليها نزاعات متعلقة بالبحار.
وفقا للتحليل الذي قام به مركز جسور فإن التوزيع النوعي للقضايا المثارة أمام المحكمة يتضمن منازعات الحدود الإقليمية بين الدول، والتي استحوذت علي 22٪ تقريباً من اجمالي المنازعات، تلتها منازعات البحار، والحوادث الجوية، واستخدام القوة، والتجارة الدولية، وحقوق الانسان بنسبة حوالي 6% لكلاً منهم. وبفارق بسيط المنازعات الإدارية الدولية 5%، وجرائم الإبادة الجماعية، والسيادة الدولية، ونزاعات التسليح الدولي، ومنازعات التفسير بنسبة 4% تقريباً لكلا منها. أما منازعات نزع السلاح النووي، ومشروعية استخدام السلاح النووي، والتمييز العنصري، وتطبيق المعاهدات الدولية، ومنازعات التفسير، والمنازعات الدبلوماسية، والقنصلية، ومنازعات الأنهار، والصيد الجائر، وحق المرور بنسبة 3% لكلا منها. وأخيراً تتزيل القائمة منازعات إجراء التجارب النووية، والعمليات المسلحة، والمنازعات الجنائية الدولية، والحصانة الدولية، والمنازعات الجوية، بنسبة تتراوح ما بين 1% و2%.
بمزيد من النظر للبيانات المنشورة علي موقع المحكمة، يتبين أن القضايا يمكن تصنيفها أيضا إلي نوعين أساسيين آخرين، هما القضايا الخلافية وعددها 145 قضية من 192 قضية عرضت عليها منذ إنشأها، والقضايا الاستشارية وعددها 28 قضية، والقضايا المُعلقة أمام المحكمة وعددها 21 قضية، فإن 4 منها تتعلق بجرائم الإبادة جماعية: جامبيا ضد ميانمار، و نيكاراجوا ضد ألمانيا، وجنوب افريقيا ضد إسرائيل، وأخيراً اوكرانيا ضد روسيا. بالإضافة الي منازعات التمييز العنصري (أرمينيا- أذربيجان)، ونزاعات التسليح الدولي، والمنازعات الدبلوماسية، والقنصلية، والحصانة الدولية، ومنازعات حقوق الإنسان في الحق في الإضراب.
وتمر القضايا الخلافية بإجراءات فرعية منفصلة عن الإجراءات الرئيسية للقضية وتسمى الإجراءات العرضية، شملت المرحلتين الأولى والثانية منها 101 قضية في المرحلة الأولى و51 قضية في المرحلة الثانية، احتوت على الإعتراضات الأولية، وطلبات التدابير المؤقتة، والمطالبات المُضادة، والسماح بالتدخل، والتوقف، ومسائل الاختصاص والمقبولية.
فيما اتسمت القضايا أو الآراء الاستشارية بتنوع القضايا بها بين منازعات حدود إقليمية وبحار وحصانة دولية ومشروعية استخدام سلاح نووي، مع غلبة عدد المنازعات الإدارية الدولية تُقدر بالثلث تقريباً أي 10 قضايا من أجمالي 28 قضية طُلب فتوى المحكمة بها علي مدار الفترة، و تتعلق معظم هذه المنازعات بطلب إعادة النظر في الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية للأمم المتحدة. وقد تقدمت الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ 15 قضية أكثرها منازعات سيادة دولية، أو إدارية دولية، والقضايا الباقية عبارة عن منازعات تفسير معاهدات او اتفاقيات دولية، ونزاع سلاح.
كما أصدرت محكمة العدل الدولية خلال هذه الفترة 23 حكم وفتوى وأمر قضائي انقسمت ما بين 7 قضايا خلافية تتعلق بأربعة قضايا خاصة بمنازعات الأنهار والبحار، وقضيتين حول الحدود الإقليمية، وقضية تمييز عنصري وقضية عمليات مسلحة. أما باقي الأحكام الـ 16 فهي قضايا معلقة حول 4 قضايا بشأن منازعات الحدود الإقليمية، وقضيتين تتعلق بمنازعات الحصانة الدولية، وقضيتين للتمييز العنصرى، وقضيتين لجرائم الإبادة الجماعية، بالإضافة الى النزاع المسلح، والحوادث الجوية، والمنازعات الجنائية الدولية، والمنازعات القنصلية ومنازعات التفسير، بواقع قضية لكلا منهم.
وقد تصدرت سجلات القضايا المنظورة أمام المحكمة 42 قضية نزاع على الحدود الإقليمية 37 منها قضايا خلافية و3 قضايا استشارية، و 4 قضايا مُعلقة. أكثرها قضايا خاصة بمنطقة أمريكا الجنوبية والوسطى بعدد 11 قضية، كان نصيب قضايا دولة نيكاراجوا مع جيرانها- كولومبيا وكوستاريكا وهندوراس والسلفادور- منها 9 قضايا؛ تلتها منطقة شرق ووسط افريقيا بعدد 7 قضايا، ثلاثة منها خاصة بالكاميرون مع نيجيريا والمملكة المتحدة، واللافت أن الأخيرة طرف في نزاعات حدودية مع دول مختلفة عبر القارات مثل الارجنتين وتشيلي في أمريكا الجنوبية، وفرنسا في أوروبا، والكاميرون في افريقيا الوسطي. أما منطقة غرب أفريقيا فشملت 3 دول وهي بوركينا فاسو، النيجر، السنغال، مالي، وغينيا بيساو، وقد تنازعت هذه الدول في 4 قضايا حدودية.
وبفارق أكثر من 70% أقل عن منازعات الحدود الإقليمية، سجلت منازعات البحار 12 قضية منهم قضية واحدة استشارية، والبقية خلافية أغلبها قضايا الجرف القاري وأبرزها الجرف القاري بين تونس وليبيا، والجرف القاري لبحر الشمال، والجرف القاري بين نيكاراجوا وكولومبيا، علاوة على نزاع نيكارجوا مع كوستاريكا. وتساوت الحوادث الجوية في العدد مع منازعات البحار، حيث سجلت قضية واحدة مُعلقة و11 قضية خلافية كان أشهرها حادث 27 يوليو 1955 والدول الأطراف فيه الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وإسرائيل ضد بلغاريا، وكذلك الحوادث الجوية عامي 1952 و1954 بين الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتي وقتئذٍ. أما أحدثهم فكان في يناير 2020 بين كلا من كندا والسويد وأوكرانيا والمملكة المتحدة ضد إيران.
غلبت دول أوروبا، والولايات المتحدة على قائمة الدول في منازعات التجارة الدولية وعددها 11 قضية خلافية حيث كانت الولايات المتحدة طرفاً في نصف القضايا تقريباً. ومثيلتها في العدد منازعات استخدام القوة وأغلبها قضايا تتعلق بمشروعية استخدام القوة المرفوعة من قبل صربيا والجبل الأسود ضد الدول الأوروبية (البرتغال، ألمانيا، بريطانيا، إيطاليا، بلجيكا، فرنسا، هولندا) وكندا.
أما منازعات حقوق الإنسان، والمنازعات الإدارية الدولية فكان عددها 10 قضايا جميعها استشارية. ثم النزاعات المسلحة الدولية 8 قضايا، تليها منازعات السيادة الدولية، ومنازعات التفسير 7 قضايا لكلاً منهما. وقد سجلت المنازعات الجوية، والمنازعات الجنائية الدولية، ومنازعات الحصانة الدولية، والعمليات المسلحة 6 قضايا لكل منهم. في حين سجلت منازعات التمييز العنصري 5 قضايا، والمنازعات الدبلوماسية 4 قضايا. بينما قضايا نزع السلاح النووي، وإجراء تجارب نووية، والمنازعات القنصلية، ومنازعات الأنهار، ومنازعات حق المرور، فكانت 3 قضايا لكلا منهما، وقضيتين بشأن مشروعية استخدام السلاح النووي، وأخيراً قضية واحدة لكلاً من منازعات التفسير، وتطبيق المعاهدات الدولية، والصيد الجائر.
الرئيسية نشرة رقم عدد مارس 2024