أهم الاتجاهات في التحكيم الدولي عام 2020

نهال زكي

Arbitration agreement and gavel on a desk.

فجر عصر جديد: التحكيم في عصر الذكاء الاصطناعيAI والرقمنة. أصبحت تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) أكثر ذكاءً من أي وقت مضى، وهناك رغبة قوية داخل مجتمع التحكيم الدولي لزيادة استخدامها وبخاصة في ضوء تفشي COVID-19. وهو ما انتهى إليه %46 من المشاركين في استطلاع «كوين ماري» للتحكيم الدولي في عام 2015، وفي استطلاع آخر أجرى عام 2018، رأى ٪75 من المشاركين وجوب اتساع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي في التحكيم الدولي. وهذا لا ينفي استخدام التكنولوجيا في بعض إجراءات التحكيم كمراجعة المستندات، إلا أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي من شأنه تقليل وقت المراجعة من خلال خاصية تدعى الترميز التنبؤي. وتستخدم المنصات القانونية في الوقت الراهن تقنية الذكاء الاصطناعي لتسهيل الوصول للقضايا القانونية الأكثر صلة وموثوقية بعملية البحث وبخاصة في التحكيم الدولي، سواء بما يتعلق باختيار المحكمين أو بالبحث عن قرارات التحكيم.

أما الرقمنة فلها أهمية كبرى في عملية التحكيم، بما في ذلك البرامج المساعدة في إدارة جلسات الاستماع بدون أوراق والاجتماعات والمؤتمرات التي تتم عن طريق مؤتمرات الفيديو وتكنولوجيا الشاشة التوضيحية. وتسمح المنصات الرقمية الآمنة المباشرة – مثل تلك التي أطلقتها SCC مؤخرًا – بالتسجيل المركزي عبر الإنترنت والتواصل بين جميع المشاركين في التحكيم. وعلى الرغم من أن غرفة التجارة الدولية قد أبدت النية لإطلاق خدمة مماثلة، إلا أن القليل من المبادرات المعلنة من قبل مؤسسات أخرى قد تحذو حذوها، بسبب التحديات المتعلقة بحماية البيانات والأمن السيبراني.
بناء عليه؛ قد يكون عام 2020 عامًا متميزًا لمجتمع التحكيم الدولي نتيجة زيادة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. فعلى حد قول «لي روفينيسكو» كبير المساعدين: فإن» الذكاء الاصطناعي سيستمر في تغيير عملية التحكيم. وهو ما ينعكس على تعزيز كفاءة المستشارين وتحسين جودة الدفاع. فمن المرجح أن يعتمد الأطراف على الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر لإجراء جلسات الاستماع، وبظهور تكنولوجيا تحويل الكلام إلى نص من خلال ذات التقنية، فإن نسخ جلسات الاستماع سيكون آلياً قريباً. كذلك الحال بالنسبة للترجمة الفورية. وستظهر سماعات الواقع الافتراضي إلى السوق: ففي المستقبل غير البعيد، قد نتمكن من إجراء جلسات استماع واقعية تفاعلية بالكامل ينضم اليها جميع الأطراف من خلال سماعة الواقع الافتراضي. ثانيا، قد يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على المساعدة في التنبؤ بنتائج التحكيم، صحيح أنه لا يوجد حاليًا مثل هذا البرنامج، ولكن الدراسات تشير إلى وجود مجال لحدوث ذلك. وعلى سبيل المثال، في دراسة حديثة، استعرض أحد برنامج الذكاء الاصطناعي جميع أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وطوّر خوارزمية يمكنها التنبؤ بالنتائج بدقة 79٪. وبالرغم من أن سرية القرارات التجارية تمنع تطبيق مثل هذه التكنولوجيا على التحكيم التجاري الدولي، إلا أنه يمكن لهذا النوع من البرامج أن يعمل في قضايا المعاهدات الاستثمارية حيث يوجد العديد من قرارات التحكيم المتاحة للجمهور. ثالثًا، سيستمر الذكاء الاصطناعي في مساعدة المحكمين، لكنها لن تحل محلهم بعد، بالرغم من الحديث المتزايد حول جدوى وفائدة محكمي الروبوت إلا أن الأمر ليس مطلق على الأقل في الوقت الحالي، فإن القاضي الآلي مصمم في الواقع لمساعدة القضاة في إدارة القضايا وليس البت في الوقائع موضوع القضية. وبالفعل أصبح القضاة الآليون جزءاً من نظام القضاء الحالي، ففي يونيو 2019، أطلقت محكمة الإنترنت في بكين مركزًا لخدمة التقاضي عبر الإنترنت حيث عرض من خلاله قاضيًا يعمل بالذكاء الاصطناعي، مع محاكاة لإيماءات وتعبيرات وجه وصوت الإنسان. نحن ملتزمون في مؤسسة Freshfields بشدة بمواصلة استخدام الذكاء الاصطناعي والرقمنة لزيادة الكفاءة ومواكبة أحدث أدواتهما في التحكيم الدولي».
المشاريع العالمية: تحديث التركيز على 10 كفاءات في التحكيم و السبل البديلة لحل المنازعات ADRمن بين 842 قضية جديدة رفعت أمام غرفة التجارة الدولية في 2018: تصدرت قضايا البناء والنزاعات الهندسية ٪27 من مجموعها )تقرير إحصائيات تسوية نزاعات غرفة التجارة الدولية 2018). ومثل هذه النزاعات تتسم بالتعقيد الواقعي والتقني وتعدد الأطراف وهو ما يجعلها عملية مكلفة وطويلة الأمد. وقد شهد عام 2019 توصيات من غرفة التجارة الدولية في تقرير لجنة التحكيم والحلول البديلة لفض المنازعات ADR بشأن التحكيم في صناعة البناء، حول كيفية إجراء التحكيم بطرق أكثر كفاءة وفعالية، كانت الأسئلة الرئيسية كالتالي: هل يمكن لعملية الوساطة أن تلعب دورًا أكبر؟ كيف يمكن للعملاء حل منازاعات مشاريعهم الأكثر تعقيدًا وحساسية؟ وقد أظهرت الإجابات نظرة ثاقبة لما يمكن أن نتوقع رؤيته في عام 2020. فقد أكدت أن التحكيم هو الطريقة المفضلة لتسوية المنازعات الدولية في مجال البناء والهندسة، وقد فضّل ما يقرب من نصف المشاركين في الاستطلاع التحكيم المؤسسي التي تجيز قواعده شطب الطلبات غير الجادة.
«ادفع أولاً ثم جادل لاحقًا»: تناول استطلاعاً آخر للرأي عما إذا كان الإذعان للقرارات ذات الشق المستعجل قبل التحكيم شرطا مسبقاً للجوء إلى التحكيم أم لا؟ تشير الدراسة إلى أن %67 من الذين أجابوا على الاستطلاع أظهروا رغبتهم في الإذعان لتنفيذ قرارات الشق المستعجل كمسألة أولية قبل الالتجاء للتحكيم. إلا أن مثل هذه القرارات لا تأخذ وصف قرارات التحكيم وبالتالي فهي لا تتمتع بالحجية وغير قابلة للتنفيذ بموجب اتفاقية نيويورك.
والعبرة فيما يتعلق بتنفيذ القرارات ذات الشق المستعجل يعتمد على هيئة التحكيم ذاتها. فإذا كانت لندن هي المقر على سبيل المثال، يعتمد الأطراف على المحكمة لأنها توفر الشق المستعجل عند تقديم الطلب إلى القاضي على مدار الساعة. ومع ذلك، في حالة اختيار الأطراف للقواعد المؤسسية التي تنص على التحكيم في الأمور المستعجلة، فمن المرجح أن تدخل المحاكم الوطنية الإنجليزية في عملية التحكيم، لذلك من الضروري النظر بعناية في الخيارات المتاحة من بنها العلاقة التبادلية بين الوساطة والتحكيم؟ هذا الموضوع مهم بشكل خاص في سياق مبادرة الحزام والطريق بالنظر إلى تفضيل المقاولين الصينيين للوساطة وليس إلى التحكيم من أجل الحفاظ على علاقة العمل بين الأطراف.

المصدر: موقع فريش فيلدز للمحاماة

الرابط