تحدد منظمة العمل الدولية المتوسط العالمي لساعات العمل أسبوعيا بنحو 37 ساعة للإناث و 41 ساعة للذكور، ومع ذلك أظهر اخر تحديث لبيانات المنظمة أن الإناث تجاوزن المتوسط العالمي لساعات العمل الأسبوعية المحددة لهن في 81 دولة، في حين تجاوز الذكور المتوسط الخاص بهم في 75 دولة، بفارق يقدر بنحو 8% لصالح النساء.
تخص هذه الأرقام متوسطات ساعات العمل الأسبوعية عالميا خلال الـ 15 عاماً الممتدة من 2010 الى 2024، وتبين منها أيضا أن 16 دولة تجاوزت عتبة الـ 48 ساعة أسبوعياً للذكور، مقابل 3 دول للإناث، من بينها 5 دول عربية وهي السودان، لبنان، موريتانيا، الاردن، والامارات العربية المتحدة.
وتكشف البيانات أن الدخل غير مرتبط بعدد ساعات العمل، فالدول متوسطة الدخل (سواءً المرتفع أو المنخفض) يعمل بها الذكور والإناث ساعات عمل أكثر من أصحاب الدخل المنخفض. كما أن المنطقة الجغرافية تلعب دوراً حاسماً، إذ تسجل منطقتي جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى معدلات لكلا الجنسين تجاوزت المعيارين 40 و48 ساعة أسبوعياً.
 الاتجاه الزمني
الاتجاه الزمني
على مدار 15 عاماً لم يكن هناك تقلبات ولا انحرافات شديدة بشكل عام في متوسط عدد ساعات عمل الذكور والإناث أسبوعياً، كما أن الفارق بينهما ليس كبيراً، فالذكور يعملون حوالي 41 ساعة أسبوعياً، بينما تعمل الإناث ما يقرب من 37 ساعة أسبوعياً، أي بفارق حوالي 11% أو 5 ساعات. ويرجع هذا التباين الى عدة أسباب أهمها: 
1- الرعاية غير مدفوعة الأجر والمسؤوليات المنزلية حيث تُحدّ أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر المرتفعة من ساعات عمل النساء مدفوعة الأجر، مما يدفع كثيرات الى العمل بدوام جزئي أو غير رسمي. 
2- زيادة الوظائف بدوام جزئي، والمرونة، وساعات العمل المضغوطة، والعمل عن بُعد خفّض متوسط الساعات الفعلية للنساء. 
3- العمالة غير الرسمية، خاصةً في البلدان النامية، حيث يعمل الرجال لحسابهم الخاص لساعات طويلة تتجاوز 48 ساعة أسبوعياً، بينما تعمل نسبة كبيرة من النساء في هذا القطاع لساعات قصيرة جداً.
ورغم ذلك، فإن عدد الدول التي تجاوزت فيها النساء المتوسط العام العالمي لساعات العمل (37 ساعة) بلغ81 دولة، وهو ما يفوق الدول التي تجاوز فيها الذكور متوسطهم (75 دولة) بنسبة 8%. 
وقد سجلت الأعوام 2011، و2015 -2019، و2023 حوالي 41-42 ساعة لكلٍ منها وهو أعلى متوسط للذكور والإناث معاً. وهي نفسها السنوات الأعلى من حيث متوسط الساعات بالنسبة للذكور، والتي لم تتعدى بشكل عام 44 ساعة ولم تقل عن 38 ساعة، فيما يتماشى مع المعدل الدولي المسجل بمنظمة العمل الدولية وهو 44 ساعة أسبوعياً. 
بينما عملت الإناث ما بين 41 ساعة في 2015 و2016، و34 ساعة في 2012 و2013، وقد سجل عامي 2015 و2022 أعلى معدلات صعود للإناث على مستوى الفترة وما بين الذكور والإناث وهي 14% و19% على التوالي، مقابل 8% فقط كأعلى نسبة صعود عام 2014 للذكور. أما أكثر معدلات هبوط فقد كانت 14% و10% للإناث في 2012 و2024 على التوالي، وللذكور 10% و9% في 2012 و2024، و9% في2020. ما يعني أن معدلات الصعود للذكور والإناث سارت بالتوازي بالأعوام 2011، 2014 و2015، و2018، و2022 و2023 فقط.
التوزيع جغرافيا
أظهرت التحليلات أن 75 دولة تجاوز فيها الذكور المتوسط العام لساعات العمل الأسبوعية للذكور، مقابل 81 دولة تعدت المتوسط العام للإناث، وفي هذه القائمة تراوح عدد الساعات بالنسبة للإناث ما بين 54 ساعة و38 ساعة (بفارق 16 ساعة)، وبالنسبة للذكور ما بين 55 ساعة و42 ساعة، (بفارق 13 ساعة). 
والدول المشترَكة بين الذكور والإناث 56 دولة، 25 دولة تقوم بتشغيل الإناث زيادة عن المتوسط العام المسجل للإناث خلال الفترة، مقابل 19 دولة تقوم بتشغيل الذكور زيادة عن المتوسط العام المسجل للذكور. على رأس القائمة على مستوى قاعدة البيانات دولة بوتان التي بلغ متوسط عدد ساعات العمل بها للذكور 55 ساعة و54 ساعة للإناث، وهي ضمن 8 دول بجنوب آسيا معظمها من ذوي الدخل المتوسط المنخفض ، لعدة أسباب أهمها أن البوتانيين يعملون لساعات طويلة إضافية لتغطية نفقات المعيشة الأساسية، ولانخفاض إنتاجية العمل هناك، بالإضافة الى أن العاملين في عمل خاص عائلي- خاصةً في قطاع الزراعة- يتجاوزون ساعات أكثر من المتوسط، علاوة على أن قطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة والضيافة والبناء والتصنيع قد يصل العمل بها حتى 65 ساعة أسبوعياً. تلي بوتان في نفس المنطقة جزر المالديف وباكستان وبنجلاديش والهند ونيبال وسريلانكا وأفغانستان حيث يعمل الذكور ما بين 55-42 ساعة اسبوعياُ في المتوسط، مقابل 54 الى41 ساعة اسبوعياً للإناث.
كما أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تحتوي على 23 دولة يعمل بها الذكور ما بين 52 ساعة و43 ساعة، مقابل 21 دولة يعمل بها الإناث في نفس المنطقة ما بين 49 ساعة و38 ساعة على رأسهم ليسوتو وموريتانيا وبوركينا فاسو وليبيريا والسنغال وزيمبابوي واوغندا وبوتسوانا، ومعظم دول المنطقة في القائمة من ذوي الدخل المتوسط المنخفض. أما منطقتي الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وشرق آسيا والمحيط الهادي بكل منهما 13 دولة معظمها من ذوي الدخل المتوسط المنخفض، تتصدرها في المنطقة الأولى السودان ولبنان والأردن والإمارات العربية وإيران وقطر، ومصر وتونس، يعمل الذكور بها ما بين 52 الى 42 ساعة، والإناث من 49 الى 40 ساعة. والمنطقة الثانية خليط من دول الدخل المتوسط المنخفض والمرتفع، والدخل المرتفع، تترأسها منغوليا والصين وإقليم ماكاو الصيني وبروناي وميانمار وماليزيا، يعمل بها الذكور ما بين 50 الى 43 ساعة، والإناث ما بين 46 الى 39 ساعة. والخامسة شرق أوروبا وآسيا الوسطى 19 دولة، 6 دول منها تتراوح ساعات عمل الذكور بها ما بين 44 و43 ساعة، مقابل 17 دولة يعمل بها الإناث ما بين 43 ساعة و37 ساعة ومعظم هذه الدول من ذوي الدخل المتوسط المرتفع مثل الجبل الأسود وكوسوفو وألبانيا. ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 16 دولة معظمها من ذوي الدخل المتوسط المرتفع أيضاً، يتقاسمها الذكور والإناث على حد سواء 14 دولة لكل منهما، يعمل بها الذكور ما بين 47 ساعة و42 ساعة، والإناث ما بين 44 و38 ساعة، وهي عدد ساعات أكثر من المنطقة السابقة.
والخلاصة، أن الفجوة بين المعايير الدولية والواقع العملي ما زالت قائمة، فبينما حافظ العالم على متوسط قريب من المعيار (41 ساعة للذكور و37 للإناث)، لا تزال مناطق مثل جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء – تعمل بما يفوق الحد الأقصى الموصي به.
 

 
