بين دولة تمشي منفردة بخطى واثقة وتحافظ على الصدارة، ودول تكافح وتطور أداءها تدريجياً بخطى ثابتة لتنافس على المراكز المتقدمة، ودول تتأرجح ما بين الصعود و الانخفاض، ودول أخرى خارج المنافسة. تشكلت الفئات الأربع للدول العربية في مؤشري البنية التحتية والجمارك، سواءً في الدرجة أو الترتيب خلال آخر 16 عاماً من 2007 حتى 2023.
الفئة الأولى تحتلها الإمارات العربية المتحدة بجدارة على مدار فترة الرصد، والفئة الثانية جاءت فيها قطر، والبحرين، والكويت، وعًمان، والسعودية و مصر. والثالثة تونس والجزائر ولبنان وجزر القمر، والأردن، والمغرب وجيبوتي. والرابعة سوريا، العراق، السودان، ليبيا، موريتانيا، اليمن، والصومال.
و استناداً الى البيانات الأولية، تم رصد أداء الدول العربية ومقارنتها بعضها البعض عبر المؤشرين ، مع عرض ترتيبها ودرجاتها عالمياُ بالجداول.
ولمعرفة قيمة هذا الأداء، تم ابراز أهمية المؤشرين في سياق تقييم الأداء اللوجستي حيث يقيم البنك الدولي أداء كلا المؤشرين على مقياس من 1 إلى 5، بحيث يكون 1: منخفض جدًا/ ضعيف جدًا، 2: منخفض، 3: متوسط، 4: مرتفع، 5: مرتفع جدًا / جيد جدًا. ولكل منهما وزن بين المؤشرات الست المكونة للمؤشر العام للأداء اللوجستي، حيث تأتي البنية التحتية مع التتبع والتعقب في المرتبة الثانية بوزن 0.4133، بعد مؤشر جودة وكفاءة الخدمات اللوجستية (0.4168)، والجمارك في المرتبة الثالثة بوزن 0.4105، ثم التوقيت والشحن الدولي بأوزان 0.4021 و0.3931 على التوالي.
البنية التحتية:
يُقيّم جودة كلاً من “البنية التحتية الصلبة” مثل الموانئ والسكك الحديدية والطرق ، و”البنية التحتية غير المادية” والمتمثلة في تكنولوجيا المعلومات والمنصات الرقمية التي تسمح بتتبع الشحنات وتعقبها. ولجودة البنية التحتية تأثيرٌ كبير على تكلفة الخدمات اللوجستية وموثوقيتها، حيث أشارت دراسةٌ إلى أن زيادةً 10% في مؤشر جودة البنية التحتية يؤدي إلى زيادةٍ تتجاوز 50% في التجارة البحرية. ومن ثَمَ كلما ارتفعت جودة البنية التحتية، زادت قدرة أي دولة على ربط المُصنّعين والمستهلكين بالأسواق العالمية، مما يؤثر على صادراتها.
الجمارك:
ويقيس كفاءة وشفافية عملية التخليص من حيث سرعة وبساطة الإجراءات الجمركية، ومدى سهولة الحصول على المعلومات المتعلقة بالتغييرات التنظيمية، بالإضافة الى مدى تكرار طلب المدفوعات غير الرسمية. أي أن الإجراءات الجمركية غير الفعّالة تتسبب في تأخيراتٍ وزيادةً في التكاليف، ما يُعد عائقًا مباشرًا أمام التجارة. لذا تُعدّ كفاءة الجمارك العامل الأهم في تقييم الدول المستوردة بمؤشر أداء الخدمات اللوجستية.
أداء مكتسح يتصدر القائمة العالمية:
الترتيب الأول بلا منازع عربياً، استحقته الإمارات العربية في مؤشري الجمارك والبنية التحتية على مستوى 21 دولة عربية خلال آخر 16 عاماً. وعالمياً، جاءت في مؤشر الجمارك ضمن قائمة أول 15 دولة خلال الأعوام ما بين 2016 و2023، وكان أفضل ترتيب لها (12 عالمياً) عام 2016، وأقل ترتيب (25) عام 2014، ما يعني أنها قفزت 13 ترتيب في عامين فقط.
وكان أداءها العام عالمياً أفضل في مؤشر البنية التحتية حيث تدرج ترتيبها ما بين التاسع عام 2023 و18 في 2007 باستثناء عام 2014 وكان ترتيبها 21 عالمياً.
ويرجع هذا الى العديد من الأسباب أولها ميناء جبل علي في دبي الذي تُعد كفاءته سببًا رئيسيًا لارتفاع تصنيف الإمارات في مجال البنية التحتية، فهو أكبر ميناء صناعي في العالم وأكثر الموانئ ازدحامًا في الشرق الأوسط، ويتيح مناولة أكبر سفن الحاويات في العالم، بالإضافة الى مطار دبي الدولي الذي يتيح التكامل بين ميناء جبل علي ومطار دبي وورلد سنترال عبر ممر لوجستي مخصص نقل البضائع من البحر إلى الجو في غضون ساعات، علاوة على المنطقة الحرة لجبل التي تجذب آلاف الشركات العالمية لإنشاء مراكز توزيع إقليمية لها في الإمارات، مستخدمة منصات إلكترونية تتيح التصريح عن البضائع وتخليصها إلكترونيًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
تطوير وعمل دءوب للمنافسة على الصدارة:
وجاءت بعدها عربياً قطر التي صعدت في البنية التحتية من المركز السابع عامي 2007 و2010، الي المركز الثاني من 2012 حتي 2023. أما الجمارك، فقد تأرجح ترتيبها ما بين الثاني والثالث والرابع بدءاً من 2012.
وعالمياً، اجتهدت قطر في تطوير البنية التحتية تدريجياً ، حيث صعدت من المركز 55 في 2007 الى 19 في 2023، أي 36 مركزاً خلال 16 عام، و10 مراكز خلال آخر تسع سنوات. لكنها لم تحافظ على نفس الأداء في الجمارك، حيث كان ترتيبها أقل وتأرجح ما بين الصعود والهبوط وكان أفضل أداء في 2012 بترتيب 21، وأسوأهم (99) في 2010.
وفي تلك الأثناء، كانت البحرين تنازعها على المركز الثاني في الأداء الجمركي حتى حصلت عليه في 2023، والثالث في البنية التحتية نفس العام صعوداً من الثامن في 2018. ثم دخلت الكويت المنافسة حتي ارتقت للمركز الثالث في 2023 والرابع في 2018 و2016 في الجمارك والثالث في البنية التحتية. ثم عُمان التي نافست على المركز الخامس في 2023 و2016، والثالث في 2018 الجمارك والرابع في 2023 في البنية التحتية، تلتها مصر في الترتيب الخامس في 2023، وفي الجمارك أحتلت المركز السادس في 2023 و2016 والخامسة في 2014 في الجمارك.
تأرجح في الأداء مع السعي للتقدم:
بعض الدول لم يكن أداءها الجمركي ثابتاً على مدار سنوات الرصد، وبعضها كافح لتحسين الأداء مثل جيبوتي التى أرتقت للترتيب السادس والسابع في البنية التحتية أخر سنتين رصد، بعد أن كانت في المراكز 20، و17، و14، وفي الجمارك حققت الترتيب السابع في 2023 صعوداً من ال13. أما تونس مثلاً كانت الثالثة عام 2007 والثانية عام 2012 وهي القفزة الوحيدة بالنسبة لها حيث وثلت بعدها للترتيب 15 و17 و12 حتى 2018، بعد أن كانت درجاتها 2.8 و2.4 عامي 2007 و2010 على التوالي، لكنها تراجعت لمستوى أقل مما كانت عليه وسجلت 2.0 عامي 2014 و2016 ولم يكن لها بيانات عام 2023، ويرجع ذلك بشكل أساسي الى الاضطرابات السياسية التى واجهتها. ومن المفارقات أيضاً أداء لبنان حيث قُدِر بـ 3.3 عام 2010 لكنها ارتدت لنفس اداءها في 2007 (2.2)، ولم يتطور أداءها كثيراً في 4 سنوات الرصد التالية، إلا عام 2016 (2.7)، وليس تراجع أداء لبنان إلا انعكاسًا لعدة صدمات، بدأت بتعطيل طرق التجارة بسبب الحرب السورية والذي أعقبه الانهيار الاقتصادي الداخلي، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت جوهر البنية التحتية التجارية اللبنانية.
أما الدول في ذيل القائمة سواءً من حيث متوسط الترتيب أو التقييم في المؤشرين، فكانت الصومال، اليمن، ليبيا، السودان، والعراق وموريتانيا، والمحصلة أن أداء بعض الدول العربية في تطور وتطوير مستمر، لكن البعض الآخر يتأرجح أو يخفق.