تعد جزيرة تايوان واحدة من “الدرر الاقتصادية” الواضحة في الاقتصاد العالمي الحالي، حيث ترتفع بها الكفاءة الاقتصادية والمالية والاجتماعية الي درجة عالية، خاصة عند مقارنة مستوى الموارد المحلية الأساسية، من البشر والمساحة والثروات الطبيعية، بحجم الناتج المحلي الإجمالي ونوعية الحياة والدخل والتعليم والخدمات الصحية، وطبيعة الدور الذي تلعبه على الساحة الاقتصادية العالمية، كما ونوعا.
فبحسب إحصاءات 2021، المسجلة عن تايوان في قاعدة بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الاونكتاد http://unctadstat.unctad.org»، يعيش في تايوان حإليا، 23.860 مليون نسمة، في مساحة من الأرض تبلغ 35 الفا و410 كيلو مترا مربعا، 79% منهم في مناطق حضرية، و21% في مناطق ريفية، وتبلغ قيمة الناتج المحلى الإجمإلي لهؤلاء البشر والأرض التي يعيشون عليها ما يعادل 783 مليار و853 مليون دولار امريكي في العام، وينمو الدخل المحلى الإجمإلي بمعدل 5.65% سنويا، فيما يبلغ النمو في مؤشر الأسعار 1.82%، وفى العام 2021 بلغ معدل النمو في صادراتها 28.9%، والنمو في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 1.3% من اجمإلي الناتج المحلي، فيما أصبح أسطولها البحري التجاري يستحوذ علي 0.334% من اجمالى حجم الاسطول التجاري العالمي، أما العملة المحلية (الدولار التايواني) فمتوسط سعر صرفها خلال 2021 بلغ نحو 28.24 أمام دولار امريكي.
وفيما يتعلق بأوضاع الناتج المحلى الإجمإلي مقارنة بأوجه الانفاق، تقول البيانات أنه في العام 2020 شكل الاستهلاك العائلي 48.6% من الناتج المحلى الإجمإلي، والإنفاق الاستهلاكي العام للحكومة 14%، وإجمإلي تكوين رأس المإلي 23.7%، والصادرات 58.5% والواردات 44.9%.
من المراجعة التي قام بها مركز جسور، للبيانات التفصيلية الخاصة بالاقتصاد التايواني بقاعدة بيانات الاونكتاد خلال الـ 17 سنة الماضية (2005/2012)، تبين أن الاقتصاد التايوانى سجل نموا متسارعا منذ 2005 وحتي الآن، فقد قفز بالناتج المحلى الإجمإلي لشبه الجزيرة من 374 مليار دولار في عام 2005، إلي 783 مليار و853 مليون دولار في عام 2021، ما يعني أن الجزيرة تمكنت من مضاعفة ناتجها المحلى الإجمإلي بما يناهز الضعف تقريبا، وخلال هذه الفترة الزمنية تعرض الاقتصاد التايواني لانتكاسة واحدة في العام 2010 حينما تراجع الناتج المحلى الإجمإلي إلي 281 مليار و144 مليون دولار، وإن كانت البيانات تشير إلي ان معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمإلي كان 5.38% في العام 2005، ارتفع إلي 10.25% في العام 2010، قبل ان يعود للانخفاض مرة اخري ويحقق 5.65% في العام 2021.
انعكس هذا الأداء القوى على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمإلي، الذي ارتفع من 16 الفا و409 دولار في العام 2005 إلي 32 الفا و852 دولار في العام 2021، أي ارتفع بما يناهز الضعف أيضا، وترافق مع ذلك استقرار واضح في سعر صرف العملة المحلية خلال الـ 17 عاما المذكورة، حيث تراوح سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار بين 32.179 من الدولار في العام 2005، و28.024% من الدولار في العام 2021.
مع هذا الأداء، كان طبيعيا أن تحقق تايوان لنفسها وجها اقتصاديا قويا في عالم التجارة الدولية، ففي العام 2005 حققت صادرات قدرها 432 مليار و198 مليون دولار، وواردات 182 مليار و198 مليون دولار، محققة بذلك فائضا في الميزان التجاري العام قدره 249 مليار و584 مليون دولار، واستمر الأداء القوى حتي العام 2021،حينما بلغت الصادرات 447 مليار و693 مليون دولار، والواردات 382 مليار و101 مليون دولار، بفائض في الميزان التجاري بلغ 65 مليار و592 مليون دولار في العام 2021، وتشكل هيكل التجارة التايوانية من 93% سلع مصنعة، و7% سلع أخرى.
فيما يتعلق بالقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، استطاعت تايوان خلال السنوات المذكورة أن تجعل من نفسها منطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ففي العام 2005 بلغت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الوافدة إليها 11 مليار و625 مليون دولار، ارتفعت إلي أكثر قليلا من 24 مليار دولار في عام 2010، ثم هبطت قليلا إلي نحو 23 مليار دولار في 2015، وبسبب الوضع السياسي وتصاعد حدة التوتر حول مصير الجزيرة خلال السنوات الأخيرة، تراجع معدل تدفق الاستثمارات الخارجية بصورة لافتة إلي ما دون المليار دولار في العام 2021، وفى المقابل ظلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشرة المغادرة أو التي خرجت من الجزيرة عند حدود معقولة خلال العقد الأول من القرن الحإلي، حيث بلغت نحو 6 مليارات في العام 2005، وهبطت الى ادني مستوي لها في العام 2010 حينما بلغت نحو 574 مليون دولار فقط، لكنها تصاعدت إلي 14 مليار و709 مليون في العام 2015، ثم نحو 10 مليارات في العام 2021.
ومن الملامح البارزة في اقتصاد تايوان، أنه يعتمد بصورة كبيرة على القطاعات الاقتصادية الحديثة والمتقدمة، خاصة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وقطاع الخدمات، وفي هذا السياق تشير البيانات إلي أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات استحوذ على 32.81% من اجمإلي الصادرات التايوانية في العام 2005، وارتفعت هذه النسبة إلي 34.6% في العام 2010، ثم إلي 39.37% في العام 2015، ثم إلي 51.47% في العام 2021، وعلى صعيد الواردات، استحوذ هذا القطاع علي 21.73% من واردات تايوان في 2005، ثم 19.56% في 2010، ثم 21.39% في 2015، قبل ان تقفز النسبة إلي 30.21% في العام 2021.
أصبح قطاع الخدمات هو الآخر من القطاعات المهمة في تجارة تايوان، ففي العام 2005 بلغت صادرات الخدمات ما قيمته 18 مليار و137 مليون دولار، والواردات 32 مليار و457 مليون دولار، بعجز في الميزان التجاري للخدمات بلغ 14 مليار و320 مليون دولار، وفي غضون السنوات التإلية، تطور قطاع الخدمات التايواني بصورة مضطردة من سنة لأخرى، وبحلول العام 2021، كانت تايوان قد تمكنت من بناء صناعات خدمية، حققت لها صادرات قدرها 52 مليار و36 مليون دولار، مقابل واردات قدرها 39 مليار و562 مليون دولار، مما جعل الميزان التجاري للخدمات يحقق فائض قدره 12 مليار و474 مليون دولار.