العربية لغة الـ 12 مليون مفردة:%1.2 من محتوى الإنترنت و%5.2 من مستخدميها

جمال محمد غيطاس

في اليوم العالمي للغة العربية، تبرز ثلاثة أرقام تلخص حالها علي الإنترنت، الأول هو 12 مليون، ويمثل عدد المفردات أو الكلمات المتفردة غير المكررة التي أمكن إحصاؤها في اللغة العربية، والثاني 1.2 وهو النسبة المئوية للمحتوى المنشور على الإنترنت باللغة العربية، والثالث 5.2 وهو النسبة المئوية للناطقين بالعربية من بين إجمالي مستخدمي الشبكة حول العالم، وذلك بحسب الإحصاءات الواردة في النسخة العربية لمدونة “جو دادي https://ar-ae.godaddy.com/blog”
احد اكبر مواقع الاستضافة علي الشبكة، وموقع https://w3techs.com المتخصص في إحصاءات الانترنت عالميا.

وحينما نقترب قليلا من هذه الأرقام، ونبحث في سياقها العام، سنلاحظ أن مفردات اللغة العربية المتفردة تعادل 20 ضعف المفردات المتفردة غير المكررة في اللغة الإنجليزية والبالغة 600 ألفا فقط، و 96 ضعف المفردات المتفردة في اللغة الفرنسية والبالغة 125 ألفا، و92.3 ضعف المفردات المتفردة في اللغة الروسية والبالغة 130 ألفا، وهذه الأرقام تعكس مدى اختلاف تجربة إنتاج محتوى عربية مقارنة بغيره من المحتوى المكتوب باللغات الأخرى، لان الغني والتنوع والثراء الفائق في المفردات المتفردة، يعني أنه يمكن الاستفادة باللغة في انتاج محتوى متنوع وثرى أيضا، على اعتبار أن ثراء وكثرة المفردات المتفردة يعني، ثراء وكثرة اللبنات الأساسية المطلوبة في تكوين الكلمات والجمل والفقرات والنصوص الطويلة والقصيرة المطلوبة لإنتاج المحتوى، على مستوى الثقافة والادب والترفيه والإعلام والتعليم وتسويق المنتجات والخدمات والتجارة الالكترونية وغيرها، واستخدام الكلام للوصول لمختلف شرائح المستهلكين والمستخدمين بطريقة متنوعة وجاذبة ومختلفة.
بيد أن الأرقام الخاصة بالمحتوى المنشور باللغة العربية، وعدد مستخدمي الشبكة الناطقين باللغة العربية تؤكد للوهلة الأولى، أن التفوق الساحق للغة من حيث الثراء الذاتي، لم يترجم إلي محتوى وحضور على الشبكة بالثقل والغني والتنوع نفسه، سواء من حيث نسبة المحتوى المنشور بالعربية، أو المستخدمين الناطقين بالعربية.
في هذه السياق، تشير الأرقام الواردة في الجدول رقم «1» حول أوضاع المحتوى المنشور على الإنترنت من حيث لغة النشر في الأول من ديسمبر الجاري إلي أن هناك 11 لغة تسيطر علي %92.5 من المحتوى المنشور على الإنترنت، تأتي في مقدمتها اللغة الإنجليزية بنصيب %63.6، وفي المركز الثاني الروسية 7%، والثالث التركية %3.9، والرابع الإسبانية %3.7، والخامس الفارسية %3.5، والسادس الفرنسية %2.5، والسابع الألمانية %2 والثامن اليابانية %1.9 والتاسع الفيتنامية 1.9% والعاشر الصينية %1.3 والحادي عشر العربية %1.2.
يلاحظ من الجدول أيضا أن اللغة الإنجليزية هي المهيمنة علي المحتوى المنشور بالإنترنت خلال العقد الماضي 2011 ـ 2021، وتحتل المركز الأول حيث استحوذ المحتوى المنشور بها على حصة بلغت %56.03 كمتوسط عام خلال تلك الفترة من إجمالي المحتوي المنشور عبر الإنترنت، تليها في ذلك اللغة الروسية بحصة قدرها %6.24 كمتوسط عام، فيما سجل المحتوى المنشور باللغة التركية نفسه باعتباره الأسرع نموا خلال السنوات الأخيرة، فبعدما كان المحتوى المنشور باللغة التركية يستحوذ علي %1.4 فقط في العام 2011 جاعلا اللغة التركية في المركز الحادي عشر، سجل قفزات ملحوظة بدءا من العام 2019، حيث تضاعف حجمه تقريبا خلال هذا العام وقفز من %1.2 2019 إلى 2.2 % في يناير 2020، الأمر الذى أدى لتقدم اللغة التركية من المركز الثاني عشر الي المركز التاسع، ثم واصل المحتوي المنشور بالتركية نموه القوي خلال العام 2020، ورفع حصته الي %3.6 في يناير 2021، لتتقدم اللغة التركية مرة أخرى وتحتل المركز الرابع ، وبحلول ديسمبر 2021، كان المحتوي المنشور بالتركية قد رفع حصته الي %3.9، ناقلا اللغة التركية من المركز الرابع الي الثالث، بعد كل من الإنجليزية والروسية، ليصبح هو الأسرع نموا على الإطلاق خلال أعوام 2019 و2020 و2021.
بعد اللغات الثلاث السابقة ـ الإنجليزية والروسية والتركية، تأتي كل من الإسبانية والفارسية والفرنسية والألمانية واليابانية والفيتنامية والصينية، بحصص تتراوح بين %2.5 و%1.3، قبل أن تأتي اللغة العربية في مركزها الحادي عشر بحصة %1.2.
لو نظرنا إلى الأرقام الخاصة باللغة العربية خلال العقد الماضي، 2011 ـ 2021، سنلاحظ أن حجم المحتوى المنشور باللغة العربية على الإنترنت وصل ذروته في العام 2011 حينما بلغت نسبته %1.6 من إجمالي المحتوى المنشور علي الشبكة، وساعتها احتل المركز التاسع بين المحتوى المنشور باللغات الأخرى، وتراجع إلى ادنى مستوى له في يناير 2019، حينما بلغ %0.60 من إجمالي المحتوى المنشور علي الشبكة، واحتل المركز السابع عشر بين اللغات الأخرى، وفي بداية الشهر الحالي ـ ديسمبر 2021 ـ تحسن الوضع لكنه لم يتجاوز الذروة المحققة في العام 2011، وتوقفت نسبة المحتوى المنشور باللغة العربية عند %1.2، واحتل المركز الحادي عشر بين اللغات الأخرى، وكان المتوسط العام لحصة المحتوى المنشور باللغة العربية خلال هذه الفترة %0.98 من إجمالي المحتوى العالمي على الإنترنت، ومتوسط ترتيبه بين اللغات الأخرى هو المركز الثالث عشر
وبالنسبة لعدد مستخدمي الشبكة من الناطقين باللغة العربية، تشير إحصاءات الجدول رقم «2» إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت الناطقين بالعربية بلغ 237 مليونا و418 ألفا و349 خلال الفترة من 2000 الي 2021 كمتوسط عام، وهذا الرقم يعادل %5.2 من إجمالي مستخدمي الانترنت حول العالم كمتوسط عام خلال الفترة نفسها، أما معدل النمو في عدد المستخدمين الناطقين بالعربية خلال الفترة نفسها فبلغ %9348 كمتوسط عام، وبالنسبة للغة المفضلة لدى هؤلاء المستخدمين، وجد أن اللغة العربية هي المفضلة لتصفح الانترنت لدى %62 من المستخدمين في مصر ولبنان والإمارات والسعودية، مقارنة بحوالي %38 يفضلون اللغة الإنجليزية، ويتوقع أن يصل عدد الناطقين باللغة عربية عموما الي 447 ملينا و572 الفا و891 بنهاية 2021.


ثمة ملمح آخر يخص أوضاع المحتوى المنشور باللغة العربية على الإنترنت أشار إليه أحدث تقرير لموقع كراود انليزر Crowd Analyzer حول المحتوى المنشور بالشرق الأوسط، وجاء به أن غالبية المستخدمين في مصر والأردن والمملكة العربية السعودية استخدموا اللغة العربية لنشر المحتوى الخاص بهم والتغريدات حول مجال التكنولوجيا المالية، فيما كان الوضع معكوسا ببعض البلدان الأخرى على رأسها الإمارات، التي يتم نشر %81 من المحتوى الصادر عنها باللغة الإنجليزية، وذلك فيما يتعلق بمحتوي وسائل التواصل الاجتماعي، و%59 في المحتوى المتعلق بالتجارة الالكترونية.
وفي مجال المحتوى المنشور علي الموسوعات المفتوحة، وفي مقدمتها موسوعة ويكيبيديا، تبين أن النسخة العربية من الموسوعة تأتي في المرتبة السادسة عشرة حاليا بين قائمة لغات العالم، بعد أن كانت في المرتبة رقم 49 في عام 2004، والمحتوى العربي علي ويكيبيديا يمثل %0.82 من إجمالي المحتوي المتاح فيها.
يمكن القول في النهاية أن الأرقام السابقة تكشف عن أن وضعية اللغة العربية على الإنترنت هي وضعية «ازمة»، فلا الغني والثراء الذاتي كلغة، عكس نفسه في محتواها كما ونوعا، ولا الناطقين بها أوفوها حقها من الاستخدام والتفعيل والوفاء، لأن شريحة كبيرة منهم عرب وناطقين بالعربية، لكنهم يتعاملون أغلب الوقت في محتوي منشور بغير العربية، سواء عند الإضافة والنشر، أو عند البحث والاستهلاك.