تطور الأعداد خلال الـ 11 عامًا: 169 في 2013 قفزت لـ 191 في 2018 ثم تراجعت لـ 126 في 2023

وِفقًا لأحدث البيانات المتاحة بقاعدة البيانات الإحصائية لمنظمة التعاون الإسلامي (وسيسريك) https://www.sesric.org/، والتي قام مركز جسور بمراجعتها وتحليلها، فإن العدد الإجمالي للبنوك الإسلامية شهد ميلاً بدرجة واضحة نحو التراجع خلال الفترة من 2013 إلى 2023. فالبيانات تقول إن العدد المسجل بقاعدة البيانات بلغ 169 بنكًا في بداية الفترة، ثم صعد فيما يشبه القفزة ليصبح العدد 191 في العام 2018، ثم يبدأ التراجع حتى يبلغ 126 بنكًا فقط في العام 2023. وطوال هذه السنوات ظهر السودان كأكبر موئل للبنوك الإسلامية، بنصيب 37 بنكًا خلال السنوات السبع الأولى في الفترة المشار إليها، ارتفع إلى 38 بنكًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة من فترة الرصد.
مع المضي قُدمًا في قراءة وتحليل البيانات، يتضح أن البنوك الإسلامية قائمة وتعمل في 25 دولة، وأن العدد الإجمالي للبنوك الإسلامية بهذه البلدان اتخذ اتجاهاً تصاعديًا خلال الفترة من 2013 إلى 2018، حيث سُجّل 169 بنكًا في العام 2013، ثم ارتفع إلى 185 بنكًا في العام 2017، ليصل إلى ذروته القصوى في العام 2018 مُسجّلاً 191 بنكًا في 24 دولة.
تغير الوضع بدءًا من عام 2019، واتخذ اتجاهاً تنازليًا ظل سائدًا حتى العام 2023. ففي عام 2019 تراجع العدد بصورة واضحة، وهبط إلى 159 بنكًا، أي كان هناك نحو 30 بنكًا قد اختفى من على الساحة، إثر عمليات استحواذ وشراء واندماج وما شابه. وفي العام التالي تواصل الهبوط ليصل العدد إلى 189، ثم يصل إلى أدنى مستوى له وهو 126 بنكًا فقط.
لو نظرنا إلى توزيع هذه الأرقام على الدول المختلفة، سنجد أنه يمكن تقسيم قائمة الدول المالكة للبنوك الإسلامية إلى ثلاث فئات:
• الفئة الكبرى وتضم أربع دول هي السودان وإيران والعراق والبحرين، وتَراوح عدد البنوك بها بين 38 و17 بنكًا خلال فترة الرصد، بإجمالي عام 117 بنكًا في المتوسط، يمثلون نحو 46.5% من المتوسط العام لإجمالي عدد البنوك الإسلامية خلال هذه الفترة.
• الفئة الثانية (المتوسطة) وتضم ثماني دول هي ماليزيا وإندونيسيا والإمارات وبنجلاديش وتركيا والكويت وباكستان والمغرب، وتَراوح متوسط عدد البنوك فيها بين 16 و5 بنوك، والمتوسط العام للعدد الإجمالي بها 70 بنكًا، والمتوسط العام لحصتها من البنوك خلال هذه الفترة 37.1%.
• الفئة الثالثة (الصغرى) وتضم ثلاث عشرة دولة، هي لبنان والأردن والسعودية وقطر ومصر وفلسطين وليبيا ونيجيريا وبروناي وعُمان وكازاخستان وأفغانستان وقيرغيزستان، وتَراوح عدد البنوك بها بين 1 و4 بنوك، والمتوسط العام للعدد الإجمالي بها 35 بنكًا، والمتوسط العام لحصتها 16.4%.
وفي كل الأحوال، تعبر هذه الأرقام عن عدد البنوك فقط، بغض النظر عن قيمة أصول هذه البنوك أو قيمة التمويل الذي تقدمه، أو عدد المتعاملين معها، أو طبيعة الخدمات التي تقدمها.
عند تحليل أعداد البنوك على مستوى الدولة الواحدة في الفئة الكبرى، تبين أن دولة السودان صاحبة المركز الأول وأكبر عدد من البنوك الإسلامية، كان لديها 37 بنكًا إسلاميًا في بداية فترة الرصد عام 2013، يعملون في مختلف الأقاليم والمدن، ويمثلون 21.9% من إجمالي عدد البنوك الإسلامية المسجل في ذلك العام. وظل الحال كذلك حتى عام 2019، وفي عام 2020 ارتفع الرقم ليصبح 38 بنكًا، يمثلون 20.7%، ويظل العدد ثابتًا حتى نهاية الفترة. ولكن مع تغير النسبة من عام لآخر، حتى حل عام 2022 فكانت 21.7%، ليكون المتوسط العام لنصيب السودان من البنوك الإسلامية 19.2% خلال الـ 11 عامًا.
أما الدولة الثانية في القائمة (إيران)، فقد بدأت بـ 32 بنكًا في العام 2013، ارتفعت في العام التالي إلى 34 بنكًا، ثم ظل الرقم ثابتًا حتى عام 2018، ثم لم تظهر لها بيانات في قاعدة بيانات (سيسريك) بعد ذلك، ما يجعل المتوسط العام لحصتها في أعداد البنوك خلال فترة الرصد هو 10.2%.
أما العراق – الدولة الثالثة في القائمة – فليس لها بيانات خلال الفترة من 2013 إلى 2019، وتكشف بياناتها عن السنوات التالية أنه كان لديها 27 بنكًا في العام 2020، وظلت ثابتة كما هي حتى نهاية فترة الرصد، ما جعل المتوسط العام لحصتها في أعداد البنوك يبلغ 6.2%.
اتخذ الأمر وجهًا مختلفًا في دولة البحرين، التي جاءت بالمركز الرابع. ففي عام 2013 كان لديها 21 بنكًا إسلاميًا، وظل العدد ثابتًا حتى عام 2016، ثم ارتفع إلى 23 بنكًا في 2017، ثم بدأ العدد رحلة هبوط من عام إلى آخر، حتى حل عام 2023 وعدد البنوك قد انخفض إلى 14 بنكًا فقط، ما جعل المتوسط العام لحصة البحرين من عدد البنوك 11% خلال فترة الرصد بكاملها.
أما في فئة الدول المتوسطة العدد، فكان الاتجاه الغالب هو الاستقرار في عدد البنوك بكل دول المجموعة، فيما عدا بنجلاديش والمغرب. ففي ماليزيا على سبيل المثال، تَراوح العدد بين 9 بنوك كانت عاملة في 2013، و13 بنكًا في عام 2023، بحصة مقدارها 9.4% كمتوسط عام. وفي إندونيسيا تَراوح العدد بين 7 و10 بنوك، وظل الرقم ثابتًا عند 7 بنوك خلال الفترة من 2013 إلى 2018، قبل أن ينتقل يتذبذب بين 6 و10 خلال السنوات التالية. ولم يختلف الحال كثيرًا في كل من الإمارات وتركيا والكويت وباكستان.
أما بنجلاديش والمغرب، فيجمعهما أن البيانات الخاصة بهما تشير إلى أن عدد البنوك الإسلامية العاملة لديهما في 2023 أصبح صفرًا، بدلاً من ستة بنوك في عام 2022 في بنجلاديش، وثلاثة بنوك في عام 2021 بالنسبة للمغرب. ومن غير الواضح إن كان هذا نقصًا في البيانات، أم تصفية كاملة لوجود البنوك الإسلامية على أرض الواقع.
لم يختلف الأمر كثيرًا في الفئة الثالثة (الصغرى)، فهذه المجموعة تضم 13 دولة، تَراوح عدد البنوك الإسلامية بها بين 1 و4، كما سبقت الإشارة، وجميعها حافظ على قدر واضح من الثبات في العدد طوال فترة الرصد. ففي السعودية مثلاً، ظل العدد بنكين فقط طوال السنوات، عدا عامي 2019 و2023 اللذان ارتفع فيهما الرقم إلى ثلاثة. وفي مصر ظل العدد ثابتًا عند بنكين فقط. فيما كان الوضع مختلفًا في ثلاث دول هي لبنان وليبيا وكازاخستان، حيث أشارت البيانات إلى أن عدد البنوك الإسلامية في الدول الثلاث عام 2023 هو صفر. ومن غير الواضح هل هذا نقص في البيانات، أم وضعًا حقيقيًا على أرض الواقع.