سيدور عالم تقنية المعلومات في العام 2021، حول رقمين، الأول هو 5 تريليونات دولار يتوقع أن تخصصها الدول والحكومات والمؤسسات والأفراد حول العالم، للإنفاق علي التقنية ومنتجاتها ونظمها وأدواتها طوال العام الجديد، والثاني هو 50 مليون خبير ومتخصص، يملكون خبرات ومهارات متفاوتة، ويشكلون قوة العمل الضاربة، بهذا القطاع، تخطيطا وتصميما وإبداعا وانتاجا وتصنيعا وإدارة وتدريبا وتشغيلا، وسيعمل اجتماع الرقمين معا، علي المضي قدما في موجة التحول الرقمي التي تضرب المجتمعات بكل انحاء الأرض، وتفرض علي الجميع تغييرات، يتكيف معها ويفوز بها القليلون، ويتعرض لتحدياتها وأخطارها الكثيرون.
هذان الرقمان أمكننا استنباطهما من مراجعة قاعدة بيانات رابطة «كوب تي آي أية»، أو رابطة صناعة تكنولوجيا الحوسبة comptia.org المعنية برصد وتتبع أوضاع صناعة المعلومات حول العالم، والثانية بيانات وتقارير اثنتين من أكبر المؤسسات الدولية المتخصصة في بحوث واستشارات صناعة تقنية المعلومات، وهما جارتنر gartner.com واي دي سي idc.com ، حول حالة تقنية المعلومات خلال العام الجديد.
وفقا للبيانات المتاحة من هذه المصادر فإن الإنفاق المتوقع علي صناعة تقنية المعلومات خلال العام الجديد يتوقع أن يكون في حدود 5 تريليونات دولار، أو خمسة آلاف مليار دولار، ومن الناحية الجغرافية، سيتوزع هذا الرقم بنسب مختلفة عالميا، حيث ستكون ركيزته الأساسية داخل الولايات المتحدة، التي يتوقع أن تنفق وحدها %33 من هذا المبلغ، وينفق %2 منه في كندا، و%5 بأمريكا الجنوبية، و%19 في أوروبا الغربية، و%3 في اوروبا الشرقية، و5% في افريقيا والشرق الأوسط، و%14 في جنوب شرق اسيا، و%7 في اليابان، و%11 في استراليا.
ومن الناحية القطاعية سيكون %12 من هذا المبلغ من نصيب البرمجيات والتطبيقات، و%23 ينفق علي الأجهزة والبنية التحتية، و%21 علي نظم المعلومات وخدمات الاعمال، و%19 علي التقنيات الجديدة البازغة، و%26 علي خدمات الاتصالات، وداخل كل قطاع من هذه القطاعات الرئيسية، سيكون هناك احتياجات حرجة أو أكثر أهمية، ففي قطاع البنية التحتية، توقع %75 من المشاركين في استطلاعات الرأي أن يكون التركيز علي الشبكات، و%59 قالوا أن الحوسبة السحابية ستكون الأكثر انفاقا، فيما قال %55 بإدارة الحاسبات الخادمة، و%44 توقعوا خدمات الدعم و%36 لإدارة الأجهزة المحمولة و %20 لإنترنت الأشياء و%15 لنظم لينكس.
أما قطاع البرمجيات، فقال %62 من المبحوثين أن الانفاق سيذهب الأساس ألي خبرات المستخدم، و%60 توقعوا الانفاق علي توكيد الجودة، و%42 توقعوا الانفاق علي منهجية التطوير اثناء التشغي «ديفوبس»، و%26 التطبيقات المحمولة و%25 الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
وفي أمن المعلومات، ذهبت %68 من التوقعات للإنفاق علي الامتثال للقواعد، و%66 لتدريب وتعليم القوي العاملة، و%64 لتحليل المخاطر، و%55 لتحليلات أمن المعلومات، و%47 لاختبارات الاختراق.
وعلي مستوي التوجهات العامة، سيدخل مبلغ التريليونات الخمس، إلي بيئة عمل تسودها عشرة توجهات خلال عام 2021، التوجه الأول أنه لن يكون هناك «وضع طبيعي» يمكن الاستناد إليه أو ضمان وجوده خلال العام، بسبب تداعيات وباء كورونا، والثاني أن نمط الحوسبة السحابية سيكون هو الملك السائد، سواء علي صعيد الإنفاق، أو توليد العائدات، والثالث أن المؤسسات ستستعي لتوظيف التقنية من اجل الاستجابة بصورة اسرع واعمق للتغيرات التي يفرضها المستهلك، والرابع أن ديناميكيات وآليات العمل داخل الأسواق والمؤسسات سوف تصبح أكثر توازنا مما كانت عليه خلال 2020، والخامس أن التقنيات الجديدة البازغة، كإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة والجيل الخامس للمحمول، سوف تجد طريقها بقوة إلي بيئات العمل، إلي جانب حلول الاعمال التقليدية التي تقدمها تقنية المعلومات، والسادس أن مستوي الثقة صفر، سيكون هو الأساس الذي يشكل مبادرات أمن المعلومات، والسابعة أن موفرو الخدمات المدارة سوف يقومون ببناء خبرات أمن معلومات أكثر عمقا، والثامن ان صناعة التقنية ستخضع لمزيد من التنظيم والقوانين الجديدة، والتاسع أن الحلول ونظم الإدارة والتشغيل المعتمدة علي نظم محادثات الاعمال الفورية، ستقود مهارات الاعمال لمحترفي تقنية المعلوماتـ والعاشر والأخير أن المؤسسات والشركات ستتوسع في وضع أهداف عامة تسعي لمزيد من التنوع والتغيير.
علي صعيد الاستثمار في التقنية بصفة عامة، تشير التوقعات إلي أن معدل النمو السنوي المركب للاستثمار في التحول الرقمي سيبلغ %15.5 خلال 2021، ومن المتوقع أن يقترب من 6.8 تريليون دولار أمريكي حيث تبني الشركات على الاستراتيجيات الحالية والاستثمارات ، لتصبح مؤسسات مستقبلية رقمية على نطاق واسع.
انطلاقة الانفاق والاستثمار علي هذا النحو، سيترتب عليها تغييرات مذهلة، حيث ستتحول المؤسسات الاقتصادية المسئولة عن %65 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلي الرقمنة، وبنهاية العام المقبل سيكون %60 من المؤسسات المصنفة ضمن اكبر 2000 مؤسسة عالمية، قد امتلكوا خرائط طريق لتحويل توجهاتهم الإدارية من العمليات إلي النتائج، وإنشاء نماذج تشغيل أكثر مرونة وابتكارًا وتعاطفًا. وسيبدأ خلال العام المقبل صعود المنصات الرقمية والأنظمة البيئية الممتدة. بحلول عام 2025 ، وبسبب الظروف العالمية المتقلبة ، سيستفيد %75 من قادة الأعمال من المنصات الرقمية وقدرات النظام البيئي لتكييف سلاسل القيمة الخاصة بهم مع الأسواق والصناعات والنظم البيئية الجديدة.
هذا المستوي من الإنفاق، بتوزيعاته الجغرافية والقطاعية وتوجهاته العشر، لن يعمل في بيئة عمل مواتية بالكامل، أو عدائية بالكامل، بل ستدعمه بعض العوامل الإيجابية التي ستحفز النمو وتولد العائدات، وفي الوقت نفسه سيواجه بعض العوامل السلبية، التي تضع في طريقه عقبات عديدة، تحد من قدرته علي توليد القيمة وتعظيم العوائد.
وفيما يتعلق بالعوامل المؤثرة علي النمو الإيجابي، وجدت المسوح والاستقصاءات التي نفذت بمعرفة خبراء بالجهات المشار إليها، وشارك فيها اكثر من ثلاثة آلاف من كبار خبراء التقنية ومحترفيها حول العالم، أن %59 من المشاركين يرون العوامل الإيجابية تتعلق بالاحتياطي المتبقي من أعمال العملاء الحاليين، و%47 وجدوا انها ترتبط بالنجاح في الوصول إلي شرائح جدد من العملاء، و%45 قالوا ان لها علاقة بتحسين العمليات الداخلية، و%44 ارجعوها الي بيع منتجات وخطوط أعمال جديدة، و%43 قالوا بتحسين المبيعات والتسويق، فيما رأي %37 أن العودة إلي أنماط التجارة العادية سيكون هو محفز النمو، وعلق %30 الأمر علي الإجراءات الحكومية.
أما العوامل الدافعة للنمو السلبي، فقال %77 أنها تتمثل في استمرار آثار وباء كورونا، و%67 في صدمات غير متوقعة، و%65 ارجعوها لقيام العملاء بتأجيل عمليات الشراء، و%25 توقعوا ان ترتبط بتقلص هامش الربح، فيما ارجعها %22 للاضطرابات التجارية والتعريفات الجمركية، و%17 لتكاليف العمالة ونقص المهارات.
وعلي الرغم من وضوح التوقعات المتعلقة برقم الخمسة تريليونات إنفاق، فلا يزال هناك هواجس من أن تتعرض الميزانيات المخصصة للتقنية لقدر من الضغط، والتقليص خلال العام، وفي هذا السياق رأي %19 ممن شملتهم المسوح أن الضغط المتوقع علي ميزانيات التقنية سيكون كبير إلي منخفض، و%25 أكدوا انه سيكون منخفض إلي خفيف، و%3 توقعوا انه سيكون عالي جدا، وقال %13 أنهم لا يعرفون مستوي الضغط المتوقع.