شهد تمويل المشروعات التفصيلية للمناخ الأخضر قفزة كبيرة في الـ 8 سنوات الأخيرة ليتجاوز قيمتها 68 مليوناَ و546 ألفاً دولار، في عام 2023، أي ما نسبته %13من إجمالي التمويلات، مقابل 8 ملايين و252 ألفا و271 دولار، في عام 2015، أي ما نسبته %1.56فقط من إجمالي التمويلات في فترة الرصد والتي بلغت أكثر من 530 مليون دولار بحسب بيانات البنك الدولي لتقفز تمويلات هذه المشروعات 8 مرات بين عامي 2015 و2023. كما هو موضح بالشكل رقم 1.
ويقصد بتعبير «المناخ الأخضر»، النظام المناخي الذي يتسم بالاستقرار والتوازن بين العوامل الطبيعية والنظم البيئية، حيث أن مناط «المناخ الأخضر» هو تحقيق التوازن بين انبعاثات الغازات الدفيئة واستيعابها، وتحقيق الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة، ويهدف بدوره إلى تحقيق نمط تنمية يكون صديقًا للبيئة ويقلل من التأثيرات السلبية للأنشطة البشرية على المناخ والبيئة.
تمويل المشروعات التفصيلية للمناخ الأخضر، يعني قيمة التمويل الموجه لمشروعات محددة تهدف إلى التخفيف المباشر من التأثيرات السلبية لتغيّر المناخ وتحقيق الاستدامة البيئية بشكل مباشر، ويشمل هذا التمويل المبالغ المالية المُخصصة لمشروعات محددة مثل الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والبنية التحتية الخضراء، والزراعة المستدامة، وغيرها من المبادرات المرتبطة بالمناخ. بينما يشير مصطلح «اجمالي تمويل أنشطة المناخ الأخضر» إلى الإجمالي المالي للتمويل الموجه للأنشطة والمبادرات المتعلقة بالتغير المناخي والاستدامة البيئية بشكل عام، ويشمل هذا التمويل، تمويل المشروعات التفصيلية للمناخ الأخضر، كذلك تمويل الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية والمستثمرين الخاصين والمساهمات الطوعية.
وبالنظر للتطور السنوي لإجمالي تمويلات أنشطة المناخ الأخضر كافة، نجد أن أعلى معدل لها كان في عام 2015 حيث تجاوزت 3.8 مليار دولار، بينما بلغت أدناها في عام 2023 لتسجل 147 مليونا و310 آلاف دولار فقط، ولعلّ مرد ذلك أن عام 2015 هو العام الذي بدت فيه اتفاقية باريس للمناخ حيز التنفيذ من خلال مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين (COP21) تحت إطار الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، والتي تعهدت الدول الأطراف فيها بتعزيز التمويل المناخي للبلدان النامية، وتوفير موارد مالية بحجم 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020، وتعزيز مساعدة التكنولوجيا وبناء القدرات للبلدان النامية. غير أن التمويلات الإجمالية التي تحققت فعليا حتى عام 2023 بلغت 13 مليار دولار و155 مليون فقط.
وعلى مستوى التوزيع الجغرافي لتمويل مشروعات المناخ الأخضر الإجمالية والتفصيلية طبقا لتقسيم البنك الدولي، نجد أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبري استحوذت على نصيب الأسد من التمويلات الإجمالية للمناخ الأخضر التي تشمل تمويلات المشروعات التفصيلية والمبادرات والبرامج الحكومية وغيرها والتي بلغت أكثر من 4 مليارات دولار، تلتها في الترتيب منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بمجموع تمويلات 3.3 مليار دولار، وفي الترتيب الثالث عالميا حلت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ باستحواذها على 1.7 مليار دولار من إجمالي التمويلات، وفي الترتيب الرابع عالميا جاءت منطقة جنوب آسيا باستحواذها على ما يقرب من 1.7 مليار دولار، وفي الترتيب الأخير حلت توالياً منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأوروبا وآسيا الوسطى بمجموع تمويلات بلغ 1.1 مليار، و820 مليون دولار.
أما فيما يتعلق بالمشروعات التفصيلية المحددة التي تخدم بشكل مباشر المناخ الأخضر نجد ان منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي الأكثر الاستفادة بالتمويلات المخصصة لهذا النوع من المشروعات بأجمالي 151 مليون دولار، وتلتها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمجموع 144 مليون دولار، ثم شرق آسيا والمحيط الهادئ باستحواها على ما يقرب من 91 مليون دولار، بينما لم تتجاوز المناطق الجغرافية الأخرى حاجز ال 50 مليون دولار كتمويلات لمشروعات نفصيلية للمناخ الأخضر. كما هو موضح في الشكل رقم 2.
ومن حيث نوع النشاط المؤثر في التغير المناخي فإن التمويلات توزعت على 6 فئات، كما هو موضح بالشكل رقم 4. وهم أولا: مشروعات الإطار الاستراتيجي (SF) واستحوذت على %12من إجمالي التمويلات، وهو مصطلح يشير إلى تمويل الدول لدفعها نحو تبني نهج شامل ومنهجي للتعامل مع قضايا التغير المناخي على المستوى الوطني أو الإقليمي من حيث السياسات والتدابير والأهداف والآليات اللازمة للتعامل مع التحديات المتعلقة بالتغير المناخي.
ثانيا: مشروعات التخطيط للتكيف المناخي، واستحوذت هذه المشروعات على ما نسبته %43من إجمالي التمويلات، وهي تستدف تقييم التأثيرات المتوقعة للتغير المناخي وتحديد الاحتياجات والفرص المتعلقة بالتكيف، وتطوير خطط وإجراءات لتعزيز المرونة والمقاومة للتغير المناخي داخل الدولة.
ثالثا: تمويل السلطات الوطنية المختصة شاملة برامج الدولة(SP, NDA, CP)، والتي استحوذت على %14من التمويلات، والذي يهدف نحو تعزيز سلطات وهيئات الدولة بغية تنفيذ مشروعات متعددة ومتنوعة للتكيف وتقليل الانبعاثات، بما في ذلك تحسين البنية التحتية المقاومة للتغير المناخي، وتعزيز الزراعة المستدامة، وتطوير الطاقة المتجددة، وتعزيز التوعية والتعليم حول التغير المناخي.
رابعا: مشروعات دعم كيانات الوصول المباشر (ES) والتي استحوذت على %3من إجمالي التمويلات، ويقصد بهذه الكيانات، الهيئات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات المحلية والإقليمية التي تعمل مباشرة على مواجهة التحديات المتعلقة بالتغير المناخي وتنفيذ إجراءات التكيف والحد من الانبعاثات. يهدف هذا التمويل إلى تعزيز قدرتهم على المشاركة والعمل الفعال في المبادرات والمشاريع المتعلقة بالتغير المناخي. وتتضمن أنشطة دعم كيانات الوصول المباشر تقديم التدريب والتوجيه الفني، وتسهيل الوصول إلى المعرفة والتكنولوجيا المتعلقة بالتغير المناخي، وتعزيز التواصل والشراكات بين الكيانات المعنية.
خامسا: برامج دعم الدولة، وسادسا: مشروعات أخرى متنوعه، واستحوذتا على ما نسبته %28مجتمعين.
ختاماً؛ تعزيز مشروعات المناخ الأخضر يقتضي حتماً زيادة التمويلات من الدول المانحة، سواء من خلال تعهدات جديدة أو من خلال إعادة تخصيص بعض التمويل المخصص لأنشطة أخرى، او على الأقل تنفيذ ما تعهدت به مسبقاً منذ عام 2015، إذ تشير البيانات ان التمويلات تنخفض سنوياً على عكس ما يجب أن يكون.
الرئيسية نشرة رقم عدد ديسمبر 2023