من بين 17 منطقة جغرافية عالميا، تأتي منطقة استراليا ونيوزيلندا على رأس القائمة باعتبارها الأكثر إقبالا علي تعاطى وإدمان المخدرات حيث يقبل 4.5% من سكانها على تعاطى وادمان المخدرات، وتستهلك هذه المنطقة حصة تقترب من 16% من المخدرات المتداولة في السبع عشرة منطقة، تليها منطقة أمريكا الشمالية التي يبلغ فيها معدل الإقبال على التعاطي 3.9% من عدد السكان، بحصة استهلاك تقدر بنحو 14% من إجمالي المناطق، وهذه المعدلات في المنطقتين ترتفع بما يقارب الضعف أو يزيد عن المتوسط العالمي العام للإقبال علي تعاطي وإدمان الفئات الثماني الرئيسية للمخدرات والبالغ نحو 2%، وفي كل الأحوال كان مخدر القنب هو الأعلى من حيث الانتشار والتعاطي عالميا، وسجل انتشاره مستوي قياسي في المنطقتين حيث
لو ألقينا نظرة من قريب علي بيانات الانتشار الجغرافي للمخدرات عالميا، من حيث التعاطي والادمان، سنجد أنه على مدار السبع سنوات السابقة من 2016 حتى 2022 سجل المتوسط الإجمالي العام- لانتشار 8 أصناف الأكثر تداولاً من المخدرات في 17 منطقة جغرافية حول العالم نسبة 2% من السكان التي تتراوح أعمارهم ما بين سن 15 الى 64 عاماً، و قد جاء على رأس قائمة نسبة انتشار المخدرات بين السكان بين 2016 و2022 على مستوى المناطق الجغرافية، منطقة استراليا ونيوزيلندا والمقدرة بـ 4.5% من حيث المتوسط الإجمالي العام لجميع أصناف المواد المخدرة، ونسبة 16% كحصة من بين المناطق الجغرافية السبعة عشر، حيث ينتشر بها القنب بنسبة 12.8% كمتوسط وبمعدل أعلى 6 مرات عن الافيون الاصطناعي والبالغ في المتوسط 2.4%.
وجاءت أمريكا الشمالية في المركز الثاني بنسبة 3.9% للمتوسط الإجمالي لكل الأصناف، وبنسبة 14% من حيث المناطق، لكنها شهدت أعلي متوسط نسبة انتشار للقنب على مستوى العالم (13.8%). تلتها ثلاث مناطق متقاربة في نسب الانتشار وهي منطقتي جنوب أفريقيا و غرب ووسط أفريقيا ومنطقة الشرق الأدنى والشرق الأوسط/جنوب غرب آسيا (2.4%، 2.2% و2.1%) على التوالي من حيث المتوسط الإجمالي، أما حصتهم بين المناطق فقد بلغت 8% لمنطقتي إفريقيا، و7% للثالثة. ثم في المراكز من السادس الي التاسع، مناطق البحر الكاريبي، و أوروبا الغربية والوسطى، و شرق أفريقيا، و شمال أفريقيا فقد بلغ متوسط نسبة الانتشار بهم 1.9%، 1.8%، 1.7% و 1.5% على التوالي، في حين كانت حصة كل منهم 7% للأولى، و6% للثانية والثالثة، و5% للرابعة، كما هو موضح بالشكل 2. وأخيراً في المراكز من العاشر الى السادس عشر تراوحت نسب الانتشار بين 1.2% الى 0.4% بدءاً من أمريكا الجنوبية، مروراً بجنوب آسيا، وجنوب شرق أوروبا، وأمريكا الوسطى، ومنطقة آسيا الوسطى وما وراء القوقاز، وأوروبا الشرقية، ومنطقة شرق وجنوب شرق آسيا. أم منطقة ميلانيزيا فقد تزيلت القائمة حيث أن القنب هو نوع المخدر الوحيد المنتشر بين السكان بنسبة 5.1% على مدار السبع أعوام.
وبالنسبة “للقنب” المتربع على عرش المواد المخدرة في جميع أنحاء العالم لا سيما في المواقع الجغرافية التي شرّعت توريده وشراءه للاستخدام غير الطبي بطرق رسمية وقانوية، فإنه يقف على مسافة كبيرة جداً من الأصناف الأخرى، حيث بلغت نسبة انتشار القنب كمتوسط إجمالي عام بجميع المناطق خلال السبع سنوات 5.4% من إجمالي السكان ، أي بمعدل 4 مرات أكثر عن الصنف الذي يليه وهو الأفيون الاصطناعي أو شبه الاصطناعي والمنتشر بنسبة 1.3% بين سكان العالم، تلاه بفارق بسيط الأفيون الموصوف طبياً بنسبة 1%، ثم الميثامفيتامين 0.7%، ثم ثلاثة أصناف في نفس المرتبة وهم والكوكايين، الاكستازي والمنشطات الطبية بنسبة 0.6%. وأخيراً، الأفيون المشتق من الخشخاش بنسبة 0.4%.
ويبدو أن الجهود الحثيثة لانتشار “القنب” على مدى السنوات الماضية وخاصةً منذ عام 2020، أثمرت جهودها للأسف الشديد، حيث تم تخليق شبائه القنب من مادة موجودة به وهي “الكانابيديول (CBD)”، وقد تم بيعها في صور مختلفة منها مواد صالحة للأكل، أو عن طريق السجائر الإلكترونية. لكن الأكثر شيوعًا هي “دلتا -8-THC ” والتي أصبحت شائعة في بعض المواقع في الولايات المتحدة، بالإضافة الى مادة “هيكساهيدروكانابينول (HHC)” التي انتشرت في أوروبا الغربية. وفي كولومبيا ظهرت سلالة جديدة من الحشيش معدلة وراثيًا تحتوي على مستويات عالية من رباعي هيدروكانابينول (THC) تحت اسم “زاحف”، ومنذ ذلك الحين ظهرت في دول أخرى في أمريكا الجنوبية تحت أسماء مماثلة.
وبما أن المخدرات الاصطناعية لا تتطلب سوى مدخلات كيميائية رخيصة سهل الحصول عليها، دون الحاجة إلى مدخلات نباتية تتطلب مساحات واسعة من أراضي غير خاضعة لرقابة قانونية، فإن صناعتها تترعرع في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وتلك التي تتمتع بسيادة القانون القوية على حدٍ سواء، فقد تم اكتشاف عدد متزايد من المختبرات لإنتاج المنشطات، وعقاقير الاكتئاب، وغيرها من المشتقات الجديدة في آسيا الوسطى، وجنوب شرق آسيا، والشرق الأدنى والأوسط، وأفريقيا، وأوروبا، وأمريكا الشمالية التي لم ترتبط أزمة المواد الأفيونية فيها بزيادة كبيرة في عدد المتعاطين بقدر زيادة عدد الوفيات بسبب الجرعات الزائدة خاصةً من مادة “الفنتانيل”، حيث سجلت الوفيات 70 الف حالة من الفنتانيل من إجمالي 80 ألف حالة وفاة عام 2021. وتسير كندا في نفس الاتجاه من تزايد عدد الوفيات الناجمة عن جرعات زائدة من المواد الأفيونية الاصطناعية، وخاصةً “الفنتانيل”، حيث تم العثور عليه في 86% من العينات المأخوذة من الأشخاص المتوفين نتيجة جرعات زائدة من المواد الأفيونية.
ومن بين المواد الأفيونية الاصطناعية الشهيرة الأخرى، تم تصنيع “الترامادول” لعلاج الألم المتوسط والشديد، غير أنه أظهر تأثيرًا ملحوظاً على تحسين الحالة المزاجية، كما يؤدي تناول جرعات أعلى من العلاجية منه إلى نفس مفعول المورفين والمشتقات الأفيونية الأخرى. وقد تم رصد سوء الاستخدام غير الطبي للعقار في دول عديدة في شمال وغرب ووسط أفريقيا والشرق الأدنى والأوسط وجنوب غرب آسيا، غير أن المضبوطات في هذه المناطق تشير إلى أن النوع المتداول للأغراض غير الطبية غالبًا ما يكون منتجًا مزيفًا بجرعة أعلى من المنتج الصيدلاني. و من بين الدول التي تم فيها علاج لأشخاص عانوا من اضطرابات نتيجة لتعاطي الترامادول كانت نيجيريا.