حققت قناة السويس وضعية الأداء الأقوى مقابل قناة بنما فيما يتعلق بحجم الحمولات المارة عبر كل منهما، فبحسب التحليلات التي قام بها مركز “جسور” للبيانات الرسمية الصادرة عن الهيئتين الرسميتين للقناتين بشأن الحمولات المارة عبر القناتين، فإن الوزن الإجمالي للناقلات التي عبرت قناة السويس خلال الفترة الزمنية من عام 2010 حتى عام 2022 بلغ 14 مليار و130 مليون طن، بينما بلغ 5 مليارات و99 مليون طن، أي بزيادة قدرها 36٪ لصالح قناة السويس كفترة اجمالية، وبلغ الفارق ذروته في عام 2020 بنسبة قدرها 40٪ عام 2020 وهبط إلى أدنى نقطة له في عام 2014 بنسبة قدرها 34٪.
تعمل القناتان على دعم تدفق التجارة العالمية من خلال تقصير طرق التجارة،وقد استفادت ناقلات المحيطات من هذا الواقع حيث زادت سفن الحاويات بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية نظراً لأن السويس أوسع وأعمق بكثير من قناة بنما، وبالتالي يمكنها التعامل مع السفن ذات السعة الأكبر. واستمرت سفن الحاويات في النمو من حيث الحجم. وحالياً تتعامل قناة السويس مع ما يقرب من 10٪ من الشحن العالمي، مقابل 6٪ لبنما، وتختلف فيما بينهما من حيث الأسواق التجارية التي تخدمها وأوزان الحمولات بالنسبة لأنواعها.
وقد لوحظ من متابعة البيانات أن أداء القناة الذي تبرزه العائدات السنوية وأعداد الناقلات والحاويات للبضائع المختلفة المارة بقنوات العبور لا تنعكس بالضرورة على أوزان حمولات هذه البضائع نظراً لطبيعة كل منهما من حيث المساحة التي تشغلها بالناقلات، وفى هذا السياق فإن غاطس العبور المسموح به في قناة السويس يبلغ 66 قدما، ما يجعل القناة قادرة على استقبال السفن حتى حمولة 240 ألف طن ساكن، وعلى استيعاب 61.2٪ من إجمالي حمولات الأسطول العالمي لناقلات البترول بحمولة كاملة، و 92.7٪ من إجمالي حمولات الأسطول العالمي لسفن البضائع الصب بحمولة كاملة، و100٪ من إجمالي حمولات الأسطول العالمي لسفن الحاويات وحاملات السيارات وسفن البضائع العامة.
وخلال الفترة ما بين عامي 2010-2022، شهدت حركة العبور بالقناة تقدم عام في إجمالي أوزان الحمولات التي استقبلتها، باستثناء تراجع طفيف قدره حوالي 1٪ خلال الأعوام 2013 و2016 و2020، مقابل ثبات نسبي خلال الأعوام من 2014 و2015 و2019 بمتوسط زيادة قدرها تقريباً 3٪، اتسمت بارتفاعات واضحة في حاويات البضائع العامة وناقلات الغاز المسال، وحاملات الدحرجة أو “الرورو RORO” وناقلات الكيماويات وسفن المسافرين عام 2015، وناقلات السوائل والغاز المسال وسفن المسافرين عام 2019. في حين كانت الزيادة الواضحة خلال عام 2017 و2021 بارتفاع قدره 10٪ و17٪ على التوالي، عززها عام 2017 زيادة نسب حاملات السوائب الجافة وناقلات الكيماويات والحاويات وسفن المسافرين. وأخيراً زيادة قدرها 7٪ عام 2022.
في المقابل فإن عمق الغاطس في قناة بنما يتغير بتغير مستوى المياه العذبة بالبحيرات المغذية لها خاصة بحيرة جاتون، حيث يتراوح عمق الغاطس بين 50 قدما في حالة المناسيب المرتفعة، و43.5 قدما في حالة المناسيب المنخفضة في مواسم الجفاف، وفى حين يبدو هذا وكأنه تغيير طفيف، إلا أنه يستتبعه تقليص حمولة بعض سفن الحاويات بنسبة 40%.
مع هذه الطبيعة الخاصة لعمق الغاطس في قناة بنما، ارتفعت الحمولات بنسب تراوحت بين 5٪ وأقل من 1٪، وقفزة وحيدة عام 2017 سجلت 22٪. أما الاستثناء في النمو شهدته حمولات السنة المالية 2013 و2014 و 2016، التي انخفضت بواقع 3 درجات مئوية عن الأعوام السابقة وسجلت 320 مليون و326 مليون طن عامي 2013 و2014 على التوالي، بعد أن كانت 333 مليون طن و322 مليون طن و300 مليون طن في الأعوام 2012، 2011 و2010 على التوالي. ثم تلى الانخفاض صعود هادئ بنسبة 4٪ عام 2015 لتسجل الحمولات 340 مليون و800 الف طن عام 2015، لكن سرعان ما انخفضت مرة أخري عام 2016 لتسجل 330 مليون و700 الف طن، وكان هذا الانخفاض الأخير خلال آخر 12 عام، حيث تلاه أعلي معدل ارتفاع للقناة منذ 2010 بلغ حوالي 22٪ عام 2017 مقارنةً بعام 2016 وسجل 403 مليون و800 الف طن، وقد تزامن هذا الارتفاع الملحوظ مع الانتهاء من توسعة قناة بنما وإنشاء ممراً إضافياً في 2016 المسمى “بنامكس” لاستيعاب سفن الحاويات الأكبر حجمًا والتي أطلق عليها “نيوبنماكس”، وشهد نهاية نفس العام بدء تشغيل عبور حاملات الغاز الطبيعي المسال لأول مرة. وتوالت الزيادات في أوزان الحمولات التي تعدت توقعات هيئة ميناء بنما، وحققت عام 2018 ما يزيد عن 442 مليون طن مدفوعة بارتفاع في حركات مرور سفن الغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال بإجمالي 130 مليون طن- وهي أعلى حمولة بالنسبة لهاذين القطاعين عبرت القناة-، بالإضافة الي والحاويات وناقلات الكيماويات والسيارات، غير أن 62.8% من إجمالي البضائع العابرة للقناة كان متجهة من أو إلى الولايات المتحدة.
وقد تعادلت تقريباً نسبة زيادة الحمولات عام 2019 مع عام 2018 والتي كانت حوالي 10٪ أيضاً. أما عام 2020 فقد تأثر بالطبع من جائحة كورونا ولم يسجل غير 1٪ فقط من زيادة في الحمولات. ثم أنهت قناة بنما سنتها المالية 2021 بزيادة قدرها 8.7٪ مقارنة بالسنة المالية 2020 و 10٪ أعلى من الحمولة المسجلة في 2019، السنة المالية الأخيرة قبل الوباء، وعلى الرغم من اضطرابات سلسلة التوريد، زادت سفن الغاز الطبيعي المسال بنسبة 31.4٪ في الحمولة، وهو ما يمثل أكبر زيادة بين جميع القطاعات.
وزادت قناة بنما الطول الأقصى المسموح به للسفن التي تمر عبر أقفال نيوبناماكس وتم زيادة الغاطس ليبلغ 50 قدمًا، وهو أعلى مستوى مسموح به فيها. وأخيراً، لم يسجل عام 2022 أية زيادة تذكر حيث لم تتعد نسبة 0.4٪ عن 2021، مدفوعة بشكل أساسي بشحن الحاويات والبضائع السائلة (مثل الديزل والبنزين والمواد الهيدروكربونية الأخرى) تأثراً بزيادة الطلب من تشيلي ومجمعات التكرير في كاليفورنيا. ومع ذلك، كان هناك انخفاض في أحجام المواد السائبة الجافة والغاز الطبيعي المسال (LNG) نتيجة الصراع في أوكرانيا، مما أدى إلى تحويل الصادرات الأمريكية من آسيا إلى أوروبا، وهو تبادل شجعه هوامش الاسعار.