شَهِد مخزون السيارات الكهربائية عالمياً قفزة كبيرة في الأعوام الـ14 الأخيرة، فبعد أن كان عددها 20 ألف و400 سيارة فقط في عام 2010، بلغ نحو 40 مليون سيارة في عام 2023، أي زاد بمعدل 200 ضِعف في فترة الرصد، ومؤشر مخزون السيارات الكهرربائية يقصد به عدد السيارات الكهربائية الموجودة على الطرق والمستخدم فعلياً، وهو رقم يتغير باستمرار مع بيع سيارات جديدة وخروج السيارات القديمة من الخدمة، أي أن مخزون السيارات الكهربائية هو إجمالي المبيعات المتراكمة مطروحًا منه السيارات التي خرجت من الخدمة. وتشمل السيارات الكهربائية كل من السيارات التي تعمل بالبطارية بالكامل (BEVs) وهي التي تعتمد كليًا على بطارية كهربائية للحركة، ولا تحتوي على محرك احتراق داخلي، كذلك السيارات الهجينة (HEVs) وهي التي تعمل بمحرك كهربائي ومحرك احتراق داخلي معًا.
تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن التضخم الذي طرأ على مخزون السيارات الكهربائية لم يكن بوتيرة واحدة، وإنما ارتفع تدريجياً، حيث نما ببطئ منذ عام 2010 حتى عام 2016، ليرتفع من 20 ألف و400 سيارة إلى أكثر من 2 مليون سيارة، أي بزيادة 100 أضعاف تقريباً في خلال 6 سنوات فقط، غير أن مخزون السيارات الكهربائية شهد قفزة كبيرة بداية من عام 2017 التي تجاوز فيها أعداد السيارات 3 مليون سيارة حتى 2023، ليبلغ عددها في العام الأخير نحو 40 مليون سيارة كهربائية على الطرق حول العالم، ولعلّ مخزون السيارات الكهربائية بلغ أقصاه بين عامي 2022 و2023، إذ أضيف فيه نحو 14 مليون سيارة عالمياً وهو أكثر من ضِعف مجموع مخزون السيارات في الـ 7 أعوام الأولى من فترة الرصد أي بين عامي 2010 وعام 2018 الذي بلغ حينها المخزون 7 مليون سيارة تقريباً. كما هو موضح في الشكل رقم(1).
تجدر الإشارة إلى أن منحنى أعداد السيارات الكهربائية المستخدمة على الطرق لم يتعرض لأي انخفاض خلال فترة الرصد، وبالإضافة لتك الزيادة المضطردة سنوياً، يُتوقع أن تظل الزيادة مستمرة مستقبلاً ولكن بوتيرة أعلى ليجوب في شوارع العالم ما يُجاوز 230 مليون سيارة بحلول عام 2030 بحسب وكالة الطاقة الدولية(IEA). وترجع هذه الزيادة المضطردة في مخزون السيارات الكهربائية عالمياً إلى مجموعة من العوامل لعلّ أهمها توجه دول العالم إلى اتباع سياسات الحدّ من معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة لمكافحة تغيّر المناخ، ففي عام 2023، وفّر استخدام المركبات الكهربائية أكثر من 220 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالمياً مقارنة بـ 80 مليون طن في عام 2022. يُضاف إلى ذلك التحسينات المستمرة التي شهدتها بطاريات السيارات الكهربائية بفضل البحث والتطوير التكنولوجي وبخاصة في إعادة تدويرها، وسرعة شحنها، ففي عام 2023، ارتفع مخزون الشحن العام بنحو 40%، وشكلت الشواحن السريعة على وجه التحديد 35% من مخزون الشحن العام بحلول نهاية العام وتجاوزت بذلك معدلات نمو الشواحن البطيئة. انخفضت كذلك أسعار البطاريات بنحو 14% في عام 2023 مقارنة بعام 2022 وجاء ذلك بالتبعية لانخفاض أسعار جميع المعادن الرئيسية المستخدمة في البطاريات، مثل الكوبالت والجرافيت والمنجنيز، ما ينعكس بطبيعة الحال على انخفاض أسعار السيارات الكهربائية مقارنة بغيرها.
وعلى مستوى الدول استحوذت الصين على أكثر من 50% من مخزون السيارات الكهربائية في العالم بأكثر من 21 مليون سيارة في عام 2023، وبالمقارنة مع العام الأول لفترة الرصد وهو 2010 نجد أن الصين قد حققت طفرة في هذا المجال إذ كان مخزون سياراتها الكهربائية حينها 1,940 سيارة فقط. وتجدر الإشارة إلى أن الصين هي محور انتاج بطاريات هذه السيارات عالمياً حيث استحوذت على 77٪ من الإجمالي العالمي لانتاج البطاريات في عام 2022 بقدرة تصنيعية تكافئ 900 جيجاوات/ساعة، وتُعد الصين موطنًا لستة من أكبر 10 شركات تصنيع بطاريات في العالم. في المقابل شكّلت الدول الأوروبية (بما في ذلك الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) 14% فقط من قدرة تصنيع البطاريات العالمية في عام 2022، والتي بلغ مخزونها من السيارات الكهربائية نحو 11 مليون و200 ألف في 2023 لتأتي في المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين في حجم مخزون السيارات الكهربائية فيها، وفي الترتيب الثالث جاءت الولايات المتحدة الأمريكية بمخزون مقداره 4 ملايين و800 ألف سيارة والتي استحوذت على 6% فقط من انتاج بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، ويبدو أن هناك علاقة طردية قوية بين قدرة الدول على انتاج البطاريات وحجم المخزون لديها، من ثم سيطرت الصين على أعلى مُعدل لمخزون السيارات الكهربائية عالمياً في عام 2023، تلتها قارة أوروبا بأكملها بنسبة 28%، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 12%، بينما تقاسمت باقي دول العالم ما نسبته 6% فقط من إجمالي مخزون السيارات الكهربائية. كما هو موضح في الشكل رقم(2).
ختماً؛ يشير الواقع أنه رغم تفاقم مخزون السيارات الكهربائية المستخدمة عالمياً، إلا أنها لازالت تمثل نسبة ضئيلة مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود، إذ يتوقع أن يستحوذ على 5% فقط من السيارات عالمياً في 2030، كما أنها ستوفر نحو 4.2 مليون برميل من النفط فقط وهو ما يعادل 4% من الطلب العالمي في العام ذاته. يضاف إلى ذلك أن الطاقة الكهربائية المستخدمة لشحن تلك السيارات ومكونات السيارات ذاتها يتم انتاجها من الفحم والغاز والبتروكيماويات وهو ما يشير إلى الاعتماد الأساسي للطاقة الأحفورية على حساب الطاقة الجديدة والمتجددة. ليظل انتاج السيارات الكهربائية في مهده، وتظل التكنولوجيا المرتبطة بها أرض خصبة للبحث والتطوير.
الرئيسية نشرة رقم عدد يوليو 2024