المصدر: موقع “فوربس” FORBES
لقد شهد العقد الاول من القرن الحادي والعشرين أقصي درجات حرارة على الإطلاق على وجه الأرض، وفي السنوات الأخيرة، حطمت الدائرة القطبية الشمالية الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، مما أدى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وبالتالي تأثرت سواحلنا. وفقًا لأحدث تقرير لارتفاع مستوى البحر الصادر من “معهد ويليام وماري فيرجينيا للعلوم البحرية”، لا يقتصر الأمر على مستويات سطح البحر على طول سواحل الولايات المتحدة، فالسواحل ترتفع بمعدل أسرع من ذي قبل ويمكننا أن نتوقع ارتفاعها بمقدار نصف متر آخر بحلول عام 2050. وسيكون ذلك ارتفاعًا في مستوى سطح البحر بأكثر من 19 بوصة في أقل من ثلاثة عقود.
وقد قام الأستاذان “ريتشارد داوسون” و”آرون يسوديان” من كلية الهندسة بجامعة “نيوكاسل”، بتصنيف أكثر من 14000 مطار حول العالم من حيث مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر، مع الأخذ في الاعتبار مواقع المطارات وتعرضها لهبوب العواصف لمستويات البحر الحالية والمستقبلية. ونظر الفريق أيضًا في احتمال حدوث فيضانات من مستويات سطح البحر القصوى، وكذلك في كيفية تأثير المعيار الحالي للحماية من الفيضانات على الرحلات الجوية.
ووجد الباحثون أن ما يقرب من 270 مطارًا حول العالم معرض حاليًا لخطر الفيضانات الساحلية بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر. لأن ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين، والذي تهدف “اتفاقية باريس” إلى تداركه، من شأنه أن يعرض 100 مطار ليكون تحت مستوى سطح البحر و 364 مطارًا لخطر الفيضانات. أما إذا فشلت “اتفاقية باريس” وزادت معدلات درجة الحرارة العالمية بأكثر من درجتين مئويتين، فبحلول عام 2100، سيتعرض ما يقرب من 572 مطارًا للخطر.
وقد استعرض باحثو جامعة “نيوكاسل” الأسباب العديدة التي تجعل المطارات معرضة بشكل خاص لارتفاع مستوى سطح البحر، منها، موقع بعض المدن غالباً بالقرب من البحر، كما أنه في الكثير من الأحيان يتم أيضاً بناء المطارات التي تخدم تلك المدن في مناطق منخفضة. وكانت المبررات العملية لتلك الأسباب: أنه من الأسهل ببساطة العثور على مساحات كبيرة مناسبة من الأرض المسطحة في المناطق المنخفضة، حيث تقلل مسارات الإقلاع والهبوط من مخاطر الاصطدام. ونتيجة لذلك، تم بناء العديد من المطارات على الأراضي الرطبة الساحلية المٌستصلحة، والمستنقعات، والسهول الفيضية.
ويشير “داوسون” و”يسوديان” إلى بحث صدر عام 2019 من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والذي أظهر مدى سرعة ارتفاع مستويات سطح البحر على طول غالبية الشواطئ في العالم، وبناءً عليه، فهما يفترضان أن المخاطر على المطارات المنخفضة ستزداد حتماً.
ووفقًا لنموذج الباحثين، فإن المطارات العشرين الأكثر تعرضًا لخطر تغير المناخ تقع في مناطق جنوب شرق وشرق آسيا، ويتصدر القائمة مطار Suvarnabhumi في بانكوك (BKK) ومطار Wenzhou Longwan (WNZ) في الصين. وبوجه عام، فإن الصين تمتلك أكبر عدد من المطارات المصنَفة ضمن أفضل 20 مطارًا بالعالم، بما في ذلك مطار Shanghai Hongqiao (SHA).
وفي أوروبا، يعتبر مطار Corvo في أرخبيل “جزر الأزور” البرتغالي الأكثر عرضة للخطر، يليه مطار Bremen في ألمانيا. أما في المملكة المتحدة، فمطار London City هو الأكثر عرضة للخطر. وإذا تمت إزالة جميع وسائل الحماية من الفيضانات، فإن مطار Amsterdam Schipol (AMS) سيكون معرضاً لأعلى المخاطر، لكنه يستفيد حاليًا من الحماية ضد الفيضان المحتمل حدوثه منذ 10000 عام.
وفي الولايات المتحدة، مطار Louis Armstrong في نيو أورلينز، ومطار Nightmute في ألاسكا، ومطار Key West في فلوريدا، علاوة علي اثنان من المطارات الرئيسية الثلاثة في منطقة مدينة نيويورك – مطار La Guardia ومطار Newark Liberty – وجميعها مصنفة ضمن أكثر 100 مطار في العالم معرضًا للخطر.
وهذه الظاهرة لا تؤثر على السواحل فقط، حيث أن ارتفاع مستوى سطح البحر لا يؤثر علي المطارات الفردية فحسب، بل يهدد الصناعة ككل. وقد أعرب البروفيسور “داوسون” أن: “المطارات الساحلية ذات أهمية أكثر من غيرها في شبكة الخطوط الجوية العالمية، وبحلول عام 2100 ستكون ما بين 10٪ و 20٪ من جميع المسارات معرضة لخطر التوقف. وبالتالي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يشكل خطراً جسيماً على حركة الركاب والشحن العالمية، مقترناً بتكلفة ضخمة نتيجة الضرر والتوقف عن العمل”. وأكد الفريق أن ما يقرب من خمس مسارات للسفر الجوي يمكن أن تتضرر.
ويتوقع الباحثون أن تختفي بعض المطارات الساحلية الإقليمية الأصغر من الخريطة لأنه لن يكون من المُجدي مالياً عندئذٍ إنقاذها. كما يرى العالِمان أن بعض المناطق ستتأثر بشكل كبير أكثر من غيرها لأن المطارات “توفر شريان حياة اقتصادي واجتماعي وطبي مهماً بالنسبة لها”.
وعلي النقيض، فإنه عادةً ما تكون المطارات الرئيسية محمية بشكل جيد وغالباً ما يكون لديها فرص أفضل للحصول علي وسائل تمويل للتكيف مع تغير المناخ. لكن بروفيسور “داوسون” يرى أن: ” تكلفة التكيف ستكون متواضعة في ضوء الإنفاق العالمي الذي يُصرف على البنية التحتية”.
أما الأكثر ضعفاً وعُرضةً للمخاطر فهي المطارات الساحلية التي يبلغ عددها ما يقرب من 1000 مطار وهي تلك التي تدير خمسة طرق تجارية أو أقل. ويضيف “داوسون”: “في بعض المواقع، لن تصمد بعض المطارات بسبب معدل ارتفاع مستوى سطح البحر، بالإضافة الي قصور الموارد الاقتصادية أو محدودية المساحة المخصصة للمواقع البديلة لهذه المطارات”.