ما بين الازدهار والانهيار وعودة التعافي: 23 تريليون دولار نفقات السياحة الوافدة عالمياً خلال 28 عاماً

خلال الـ 28 عاما الماضية، أنفق السائحون حول العالم ما يزيد قليلا علي 23 تريليون دولار، كان من بينها 21.3 تريليونا بنسبة 87% انفقت على السلع والخدمات، و 3.4 تريليونا بنسبة 13% انفقت على الانتقال الى مقاصدهم السياحية والعودة منها، وطبقا لقاعدة بيانات منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة فإن إنفاق هذه الأموال تم وفق نمط تصاعدي خلال الفترة من 1995 حتي 2022، وبلغ ذروته عام 2019 بإجمالي حوالي 1.5 ترليون دولار، حتي أصيب العالم بشلل في جميع مجالات الحياة اليومية وعلى رأسها السياحة والتنقل بين الدول بسبب وباء كورونا، ما أدى الى هبوط حاد في الإنفاق السياحي بلغ 62% في 2020 و57% في 2021. ثم انتعشت السياحة مجدداً في 2022 وعاودت نفقات السياح في الارتفاع بنسبة 164%.
يرصد المقال التالي أداء الدول والتحولات في الترتيب العالمي خلال 4 فترات الذروة، الركود، التعافي والأزمات، مع تحليل للأداء العربي.
نفقات السفر مقابل الانتقالات الخارجية
تشمل نفقات السياحة مصاريف رحلة السائح داخل بلد الزيارة على السلع والخدمات والتنقلات الداخلية وخلافه، بالإضافة الى تذاكر تنقلاته الخارجية من بلده الى بلد الزيارة من تذاكر تم شرائها من شركات بلد الزيارة، علاوة على الضرائب والرسوم في الموانىء الجوية أو البرية أو البحرية، وتوضح البيانات أن نفقات السفر داخل بلد الزيارة بوجه عام تفوق نفقات التنقلات الخارجية بمتوسط 84% تقريباً، أي أن السائح ينفق حوالي 16% على مصاريف انتقاله إليها.
سجل عام 2018 أعلى نفقات للتنقل بلغ 191 مليار دولار، جاء بعده 2019 وسجل 188 مليار دولار. وبالطبع كانت أقل النفقات عامي 2020 وبلغت حوالي 67 مليار وهو أدني مما بدأت به مصاريف السياحة أول الفترة. و2021 بإجمالي 76 مليار دولاراً أمريكياً، ما يعادل المصاريف عام 2002.
الأكثر دخلاً بين أفضل 35 دولة
أعلي إيرادات من السياحة خلال الفترة (1995-2022) حققتها الولايات المتحدة بإجمالي 199 مليار دولار تقريباً في 2019 قبل كورونا، وثاني أعلى إيرادات على مستوى الفترة حققتها الولايات المتحدة أيضاً وبلغت حوالي 137 مليار دولاراً عندما عاودت السياحة نشاطها بعد الوباء في 2022.
المرحلة الأولى ذروة النمو 2019
وهو العام الذي حققت فيه السياحة الدولية أفضل إيرادتها خلال الفترة. لكنها لم تكن الأفضل لكل الدول حيث تراجعت إيرادات الولايات المتحدة (الأولى عالمياً) 1% عن 2018، وجاءت أسبانيا في المركز الثاني بفارق 60% تقريباً عن الأول بخسارة 2% عن 2018، ثم فرنسا بفارق 20% عن أسبانيا و68% عن الولايات المتحدة وبخسارة 3%. أما الدول من المركز الرابع حتى الثامن فقد حققت نمواُ في الإيرادات عن 2018 وهي بالترتيب تايلاند بفارق بسيط عن فرنسا 6% لكن بمكاسب 6% عن إيرادتها في 2018، وبالمثل المملكة المتحدة بفارق 71% عن الولايات المتحدة و2% عن تايلاند ومكاسب 4%، تلتها إيطاليا 75% عن المركز الأول و15% عن الخامس، ثم اليابان واستراليا بفارق 77% عن الأول ومكاسب 9% و1% على ا لتوالي. والمراكز من التاسع الى الثاني عشر ألمانيا والأقليم الصيني ماكو، والصين، وتركيا، بفروق عن المركز السابق لكلٍ منها تراوح ما بين 12% و3%، وبفارق ما بين 71% و83% عن الولايات المتحدة.
أما الإمارات العربية فقد مثلت الدول العربية في القائمة، وجاءت في المركز 13 بفارق 10% عن تركيا، و85% عن الولايات المتحدة. ومن الدول العربية أيضاً السعودية في المركز 27 بفارق 92% عن المركز الأول وبمكاسب 19% عن 2018، ثم مصر في المركز 29 بفارق 93% عن الولايات المتحدة، بمكاسب 12% عن العام السابق.
الركود 2020 و2021
الدول التي حافظت على ترتيبها بالإضافة الى الولايات المتحدة كانت إيطاليا التى ظلت على المركز السادس في 2020 ثم نزلت السابع في 2021، في حين حافظت تركيا على مركزها الـ 12 في 2020 لكنها صعدت للـسادس في 2021، أما باقي الدول فإما اختلف مركزها درجات قليلة أو تراجعت بشدة مثل تايلاند واليابان اللتان أصبحتا في المركز 28 و29 على لاتوالي في 2021، بينما كانتا في المركز 4 و7 على لاتوالي في 2019.
من الدول العربية التي تأثر دخلها من السياحة سلباً، لكن تَحسَن ترتيبها، الإمارات، ومصر والمغرب. فقد صعدت الإمارات للمركز السابع، لكن بخسارة قدرها 36%عن 2019. ثم ارتقت الى المركز الخامس في 2021 بمكاسب تقدر بأكثر من29% عن 2020. كما تقدمت مصر مركزاً واحداً في 2020 بخسارة 66% عن 2019، وأرتقت 6 مراكز أخرى لتصل للترتيب 21 في 2021 بمكاسب قدرها 102%. في حين أن المغرب التي كانت في المركز 38 في 2019، تقدمت للترتيب 34 في 2020 بخسارة قدرها 53%، وبنفس الإيرادات تراجعت مركزاً واحداً في 2021. أما السعودية فتراجعت 4 مراكز ووصلت للترتيب 31 في 2020 بخسارة 75% عن 2019، وفي 2021 تراجعت 5 مراكز أخرى ووصلت للترتيب 36 بخسارة 6% فقط.
بداية التعافي 2022
هو عام القفزات سواء بالنسبة للترتيب أو الإيرادات، وأهمهم دول جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا التي عوضت خسائرها الفادحة فبعد أن كان دخلها 78 مليون دولار في 2021 أصبح 6.3 مليار دولار أى بنمو تجاوز 7000% بل تقدمت من المركز 58 الى 35، وكذلك إندونيسيا التي حققت نمواً قدره 1190% في عام واحد وصعدت من الترتيب 56 الى 34، والفلبين 596%، وسنغافورة 187% وتقدمت 10 مراكز.
أما السعودية قفزت للمركز العاشر وحققت نمواً ملموساً بصعودها 26 مركزاً، والأهم أن إيرادتها زادت في عام واحد بنسبة 515% عن عام 2020، و143% عن عام إزدهار السياحة عالمياً (2019). كما حققت المغرب نمواً قدره 136%، مع نزولها مركزاً واحداً. أمامصر فقد تقدمت في الترتيب الى 21 وبمكاسب قدرها 38%. ولم يُسجل للإمارات أية بيانات.
فترة الأزمات 2023-2025
على الرغم من التضخم الذي ضرب العالم وسط النزاعات الدولية المسلحة، خاصةً شرق أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، إلا أن إحصاءات منظمة السياحة تشير الى أن حال الدول لم يكن على قدم المساواة عام 2024 حيث انتعشت منطقة آسيا والمحيط الهادىء بنمو 85% عن 2019 و66% عن 2023. بينما استعادت الأمريكتان 97% من السائحين عن 2019. والشرق الأوسط 29%، وأوروبا 6%، وأخيراً افريقيا 1% فقط، أما الربع الأول من 2025 فقد شهد نمواً قدره 5% مقابل نفس الفترة من 2024، و3% عن 2019.
نخلص مما سبق أن الأداء المميز لبعض الدول مثل إندونيسيا وماليزيا والسعودية والإمارات جعل آسيا مركزاً جذب سياحي بعد الجائحة. كما أن الدول النامية أظهرت قدرة علي التعافي أسرع من بعض الدول الأوروبية.