متوسط عدد الكوارث الدولية سنوياً 586 في الـ 24 عاماً الأخيرة وذروته 793 في 2005 بواقع 4.6 %

خلال الـ 24 عاما الماضية، بدءا من 2000 وحتي 2024، وقعت بالعالم 16 ألفا و62 كارثة صنفت على أنها “كارثة دولية”، كان من بينها 14661 كارثة مذكور تاريخ وقوعها علي وجه التحديد، و1401 تاريخ وقوعها غير محدد بدقة، ووفقا للتحليلات التي أجراها مركز جسور علي التطور السنوي في أعداد الكوارث ذات التاريخ المحدد فقط، فإن هذه الفئة من الكوارث بلغت ذروتها في العام 2005 الذي شهد فيه العالم 793 كارثة، وهبط العدد إلى أدني مستوي له في العام 2024 الذي وقعت فيه 446 كارثة، وطوال هذه الفترة ضمت الكوارث عشرة أنواع، كانت كوارث السفر الجوية والبحرية والبرية أكثرها على الإطلاق، بواقع 3949 كارثة، تمثل 26.9% من إجمالى الكوارث الدولية خلال هذه الفترة، تليها كوارث الفيضانات التي بلغت 3869 كارثة بواقع 26.4 % من الإجمالي.
هذا إجمالا ما كشف عنه التحليل التاريخي للإحصاءات الواردة بقاعدة بيانات الكوارث الدولية، وعلى المستوى التفصيلي أمكن رصد العديد من الملامح في هذا الشأن كما يلي:
ـ من حيث التطور السنوي في أعداد الكوارث، يلاحظ أنه في نقطة البداية عند العام 2000 كان عدد الكوارث 702 كارثة في ذلك العام، واتخذ الامر اتجاها تصاعديا من عام لآخر بعد ذلك حتى بلغ الذروة القصوى في العام 2005، حينما قفز الرقم بنحو 90 كارثة، ليبلغ الرقم 793 تمثل 5.4% من الإجمالي.
في السنوات التالية تبدل الوضع وكان الاتجاه العام في أعداد الكوارث تنازليا، مع بعض التذبذب الطفيف، فبعد العام 2005 ولمدة 4 سنوات ظل العدد في حالة هبوط متواصل حتي بلغ 554 كارثة في العام 2009، قبل ان يصعد الي 607 في العام 2010 ثم يعود للاتجاه الغالب وهو الهبوط في 2011، ويستمر في الهبوط حتي يبلغ 479 كارثة في العام 2020، ثم يسجل ارتفاعا طفيفا في العام 2021 ويبلغ 571، ثم يعود للهبوط مرة ثانية، ويبلغ ادنى معدل له على الإطلاق في العام 2024 بواقع 446 حادثة، وهو رقم يمثل حوالي نصف الرقم المسجل في نقطة الذروة عام 2005، وأقل قليلا من نصف العدد المسجل في عام البداية في 2000.
وعلى الرغم من أن الاتجاه العام نحو الهبوط كان السمة الأغلب في العدد الكلي للكوارث، إلا أن الامر اختلف بنسب متفاوتة من نوعية كوارث لأخرى، فمثلا في الفئات الثلاث الأكثر بروزا، عكس التطور في أعداد كوارث السفر التي تحتل القائمة، ميلا نحو الهبوط، اكبر من الهبوط الملحوظ في العدد الإجمالي، ونجد ذلك متجسدا في أن عدد كوارث السفر قد انخفض من 258 كارثة في العام 2000 إلى 94 كارثة في العام 2024، كما يلاحظ أيضا أن الميل للهبوط اتصف بالزيادة المستمرة، ولم يحدث به تذبذب إلا في العام 2011 حينما ارتفع العدد الي 174 كارثة، مقارنة بـ 151 كارثة في العام 2010ـ وفي العام 2014 حينما ارتفع الي 143 كارثة مقارنة بـ 135 كارثة في العام 2013، وفيما عدا ذلك كان الهبوط المتوالي هو السمة السائدة في باقي السنوات.
وفي حالة الفيضانات التي تمثل ثاني اكثر الكوارث حدوثا بعد كوارث السفر، كان الأمر مختلفا، فالفيضانات بدأت بـ 120 كارثة فيضان في العام 2000، وانتهت بالعدد نفسه في العام 2024، وفيما بين العامين كان التذبذب الملحوظ هو السمة الغالبة، فمثلا في العام 2001 كان العدد 127 وفي العام 2002 ارتفع الي 151، وفي العام 2004 انخفض الي 121، وفي العام التالي 2005 قفز إلى 185 وواصل القفز الي 210 في عام 2006، وبحلول 2017 كان قد انخفض وعاد سيرته الأولي ليسجل 121 كارثة، ثم يرتفع الي 172 في 2022 ويهبط مرة أخرى إلى 120 في العام 2024، وفي ضوء هذه الأرقام يمكن القول أنه في فئة كوارث الفيضانات حلت حالة التذبذب الملحوظ محل حالة الميل العام للهبوط التي برزت بوضوح في العدد الإجمالي وبصورة أوضح في حالة كوارث السفر،
في الفئة الثالثة الأكثر وقوعا وهي كوارث العواصف والأعاصير، كان العدد اكثر ميلا للاستقرار منه إلى الهبوط الملحوظ كما هو الحال في كوارث الطرق والتذبذب الواضح كما هو الحال في كوارث الفيضانات، آية ذلك أن الفارق بين اكبر وأصغر عددين تم تسجيلهما في كوارث الفيضانات خلال فترة الرصد كان نحو 47 كارثة، وهو الفارق بين العدد الأقل المسجل في عام 2019 وبلغ 92 ، ورقم 139 المسجل في العام 2023، وفي باقي السنوات كانت الفروق طفيفة إلى صغيرة، فمثلا كان الفارق بين عدد الكوارث عامي 2000 و2001 هو خمس كوارث، وبين عامي 2011 و2012 هو اربع كوارث، وبين 2018 و2019 ثلاث كوارث، وبين عامي 2020 و2021 اربع كوارث وهكذا.
يمكن ملاحظة السمات ذاتها في التطور السنوي لأعداد العديد من أنواع الكوارث الأخرى، مثل الزلازل والبراكين والأوبئة والحرائق كما هو موضح في الشكل المرفق، وفي حرائق الغابات مثلا، نلاحظ أن العدد محصور بين 16 حريقا كما هو الحال في العام 2014، و42 حريقا كما هو الحال في 2002، بمتوسط عام 21 حريقا سنويا، ولو نظرنا الي العام 2024 الذي انتهي بحرائق كاليفورنيا الضخمة الأخيرة، سنجده قد شهد اجمالا 38 حريقا، وهو عدد مساو للعدد المسجل عام 2023 و2022، واقل من المسجل في أعوام 2002 و2005 و2004 و2021.
بصورة عامة، تدلنا طبيعة التطور السنوي في هذه النوعيات من الكوارث، على أن الكوارث الأكثر علاقة بنشاط البشر وأخطائهم ( كوارث السفر والتنقل ـ الأوبئة) تميل للانخفاض والهبوط الواضح، والكوارث الطبيعية المحضة ( الفيضانات ـ العواصف والأعاصيرـ الحرائق ـ الزلازل ـ البراكين) إما تميل للهدوء والاستقرار، أو تميل لحالة من التذبذب الطفيف صعودا وهبوطا، لكنها لا ترتفع عن وتيرتها العامة، ما يعني أن غضب الطبيعة في هذه الحالات لا تنتابه تغيرات حادة كاسحة كما يتصور البعض، وإنما هو اقرب الى حالة من الاتزان، خاصة إذا ما تم النظر اليه عبر فترة زمنية معقولة الطول.