بلغ عدد ضحايا الزلازل عالمياً نحو 10 ملايين و465 ألفاً، و342 ضحية بين متوفين ومصابين ومفقودين، في الفترة الزمنية من بعد الميلاد حتى القرن الذي نَحياهُ الآن وهو القرن الـ 21، وتراكم هذا الرقم الضخم على مدار أكثر من 2000 عاماً بمتوسط يزيد على 5 ألاف ضحية سنوياً، لأنه كان ولا يزال من الصعب على أجهزة الرصد المتخصصة توقع حدوث الزلازل قبل وقوعها بمدة كافية تُمكّن الناس من الهرب إلى ملاذ آمن أو حتى مجرد تفاديه.
بحسب البيانات المرصودة بلغ إجمالي عدد وفيات الزلازل في الفترة الزمنية المذكورة نحو 7 ملايين و715 ألفاً و565 متوفياً، بنسبة 74 % من إجمالي الضحايا، بينما بلغ عدد المصابين مليونان و703 ألفاً و939 مصاباً، وفي الأخير فُقِد نحو 45 ألفاً و838 شخصاً بنسبة أقل من 1 % من إجمالي الضحايا، كما هو موضح بالشكل رقم (1).
لا يدخل في هذه البيانات ارقام الضحايا التي خلفها زلزال تركيا وسوريا في فبراير 2023، الذي صُنِف “بالمدمر” لبلوغ قوته 7.8 درجة على مؤشر ريختر، والذي أودى بحياة أكثر من 51 ألف شخصاً، وأصاب أكثر من 123 ألف مصاباً، فضلاً عن عدد كبير من المفقودين لازال البحث عنهم جارياُ حتى كتابة هذه السطور.
على مستوى المناطق الجغرافية، فالبيانات تشير إلى أن الزلازل امتدت لكل بقاع العالم تقريباً إلا أن هناك مناطق ارتفعت فيها أعداد الضحايا بشكل ملحوظ بخلاف مناطق أخرى، فبالنظر لعدد الوفيات نجد أنها تركزت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث وقعها فيها 40% من إجمالي الوفيات، تلاها في الترتيب منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي بنسبة 32 %، ووُزِعَت النسبة المتبقية وهي 38 % على المناطق الجغرافية بنسب متفاوتة أعلاها هي شرق أوروبا وآسيا الوسطى، ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، غرب أوروبا، جنوب آسيا، أمريكا الشمالية، وأدناها هي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. كما هو موضح بالجدول رقم(1).
أما بالنسبة لتوزيع المصابين حسب المنطقة الجغرافية نجد أن 58 % من إجمالي المصابين في الفترة الزمنية المرصودة كانوا في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي وهي أعلى حصيلة لمصابي الزلازل عالمياً بإجمالي مليون و563ألفا و365 مصاباً، رغم أنها لم تكن كذلك في نسبة الوفيات فيها والتي لم تتعد 32 % من إجمالي الوفيات عالمياً. حلّت منطقة جنوب آسيا الترتيب الثاني من حيث عدد مصابي الزلازل عالمياً لتبلغ 398 ألفاً و872 مصاباً بنسبة 14.7 %، وجاءت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الترتيب الثالث حيث أصيب فيها 347 ألفاً و79 شخصاً، وهو ما يُمثل 12.8 % من إجمالي مصابي الزلازل رغم أن المنطقة ذاتها وقع فيها أكبر عدد من الوفيات. تلتها منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي والتي بلغت حصيلة مصابي الزلازل فيها 319 ألفا و374 مصاباً بنسبة 11.8 % من إجمالي المصابين، أخيراً تشاركت المناطق الجغرافية الأربعة الأخرى في أعداد مصابي الزلازل بنسبة قليلة بلغت 2.7% فقط لكل من غرب أوروبا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا جنوب الصحراء. كما هو موضح بالشكل رقم(2).
وهذا يعني أنه وإن كان هناك قرينة لزيادة المصابين في المنطقة الجغرافية التي يزداد فيها عدد الوفيات، إلا أن هذه القرينة ليست قاطعة أو حتمية، فأغلب الزلازل متوسطة الشدة قد لا يتخلف عنها متوفين بقدر ما تسببه من أعداد إصابات كبيرة.
أما بالنسبة لحصيلة المفقودين والتي صُنِفَت الأقل لكونها لم تتجاوز 50 ألفاً فإنه لم يتوفر بشأنها بيانات في أول 1500 عاماً، والبيانات المتاحة التي تم رصدها كانت من بداية القرن الـ 16 حتى القرن الـ21، والحال نفسه بالنسبة لرصد المصابين باستثناء منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي.
بيد أن ارتفاع الضحايا في منطقة جغرافية بعينها لا يعني فقط تعرض هذه المنطقة إلى أكبر عدد من الهزات الأرضية بل ربما العكس، وإنما هناك معايير أخرى يتعين أخذها في الاعتبار لا سيما شدة الزلزلال وقوته، تماسك البنية التحتية وكفاءتها، التحوّط وسرعة اتخاذ الإجراءات الملائمة، وغيرها من المحاذير التي تتناسب مع طبيعة هذه الكارثة.
توزيع ضحايا الكوارث الطبيعية في الـ 20 عاما الأخيرة
لا تُعد الزلازل النوع الوحيد من الكوارث الطبيعية المسببة للخسائر البشرية على كوكب الأرض، بل يزاحمها 8 أنواع اخري من الكوارث الطبيعية، هي (الجفاف، درجة الحرارة القصوى، الفيضانات، الانهيار الأرضي، الانحدار الجماعي الجاف، العواصف، البراكين النشطة، الحرائق) وبحسب تقرير “الكوارث في أرقام 2021” الصادر عن مركز أبحاث وبائيات الكوارث والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فإن مجموع الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية مجتمعة قد بلغ نحو 782 ألفاً و873 وفاة، في الفترة بين (2001 حتى 2021)، من بينها 458 ألفاً و46 وفاة بسبب الزلازل، تمثل 58.5 % من إجمالي الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية ككل، وتحتل بذلك المرتبة الأولي بينها جميعا، أي أن الزلازل منفردة حصدت أرواح ما يقرب من ثلثي المتوفين جراء الكوارث الطبيعية خلال الفترة المشار إليها، وتوزع الثلث الأخير بنسب متفاوتة على الكوارث الطبيعية الثمانية الأخرى، حيث سجلت العواصف ثاني أعلى معدل في حصد الأرواح البشرية ولكن بفارق كبير عن الزلازل لتبلغ 127 ألفاً و180 متوفياً بنسبة 16.2 % من إجمالي وفيات الكوارث الطبيعية، وفي المرتبة الثالثة تسبب ارتفاع درجات الحرارة القصوى في وفاة 105 ألفاً و252 شخصاً بسنة 13.4 %، أما الفيضانات جاءت في الترتيب الرابع لتودي بأرواح 66 ألفا و363 متوفياً. أما الجفاف تسبب في وفاة 12 ألفا و708 إنساناً ليأتي خامساً. في المقابل سُجل أقل عدد وفيات لظاهرة “الانحدار الجماعي الجاف” لتبلغ 37 حالة وفاة فقط، وتعني جيولوجياً “حركة التربة وحطام الصخور عمودياً نحو الأسفل استجابةً لسحب الجاذبية وهي ظاهرة تؤدي إلى الغرق التدريجي لكوكب الأرض”، أما الحرائق سجلت 1052 حالة وفاة، وارتفعت معدلات الوفاة قليلأ لتبلغ 1153 حالة بسبب البراكين النشطة، وأخيرا الانهيارات الأرضة التي سجلت 11 ألفاً و82 حالة وفاة. كما هو موضح بالشكل رقم(3).
تشير هذه الأرقام بلا أدنى شك إلى أن الزلازل هي أعتى الكوارث الطبيعية من حيث خطورتها على حياة الإنسان لحصدها أكبر نسبة من الخسائر البشرية مقارنة بالكوارث الطبيعية الأخرى. ولعلّ ذلك مَردّه صعوبة وربما استحالة معرفة أين ومتى سيحدث الزلزال بدقة بشكل أشبه لرصد حالات الطقس رغم ما وصلت إليه البشرية من تكنولوجيا الأمر الذي يشير إلى أن العالم لازال في حاجة ماسة إلى البحث والتحري والتنقيب نحو الآلية التي تمكنه من ذلك لتفادي هذه الخسائر البشرية الفادحة.