مجموع 99% في الثانوية العامة قد لا يكفي للالتحاق بكليات القِمة

محمود سلامة

قد لا يكفي اليوم مجموع 99% في الثانوية العامة للالتحاق بالكليات صاحبة المعدلات العليا التي يطلق عليها مجازاً كليات القمة، ففي الإمارات يُشترط بالإضافة إلى مجموع الثانوية العامة، أن يجري الطالب اختباراً إلكترونياً معيارياً يسمى (EmSAT) لتقييم مدى امتلاكه المهارات والمفاهيم التي تتناسب مع طبيعة الكلية المراد استكمال دراسته بها. كما قد تعقد بعض الكليات اختباراً داخلياً للطلاب المتقدمين بالإضافة لاختبار (EmSAT) أو عوضاً عنه، فعلى سبيل المثال يُشترط للقبول في كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة الإمارات العربية المتحدة، أولاً؛ أن يكون الحد الادنى للمعدل العام 90% في شهادة الصف الثاني عشر (الثانوية العامة). ثانياً: تحصيل 1100 درجة في اختبار الإمارات القياسي (EmSAT) لمادة الكيمياء أو الأحياء أو ما يعادلها أو اجتياز اختبار الكلية، بالإضافة إلى تحصيل900 درجة لمادة اللغة العربية. ثالثاً، اجتياز اختبار (MCQ) من خلال الأسئلة متعددة الخيارات، أو الحصول على درجة 491 في اختبار(MCAT) ويهدف هذا الاختبار تحديداً إلى قياس مدى استعداد المتقدمين لمواجهة تحديات كلية الطب. أخيراً، اجتياز المقابلة الشخصية.

وقد استبدلت وزارة التربية والتعليم الإماراتية منذ عام 2015 المسار العلمي والمسار الأدبي للثانوية العامة المعمول به في مصر إلى الآن، بأربعة مسارات مُستحدثة تتناسب مع متطلبــات اقتصــاد المعرفة التي ترنو إليه الدولة، وهي: أولاً: المسار العام: الذي يتيح لطلابه الالتحاق بالكليات في التخصصات والصحية والهندسة التطبيقية والعلوم التطبيقية والعلوم الإدارية والإنسانية. ثانياً: المسار المتقدم: ويتيح لطلابه القبول المباشر في كليات الهندسة والطب والعلوم الطبيعية داخل وخارج الدولة. ويكمن الفارق الأساسي بين هذين المسارين فــي كثافــة المــواد العلمية التي يدرسها الطلبة، حيث يحصل طلبــة المســار المتقــدم على إعــداد مُكثّف في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء. ثالثاً:المسار المهني (التخصصي):وهو برنامج وطني يؤهل إلى الحصول على شهادة الإمارات للتعليم التطبيقي ”EmCAL” في تخصصات (ريادة الأعمال، صيانة الهندسة الكهربائية والميكانيكية، الترفيه والسفر والسياحة، التكنولوجيا، الخدمات اللوجيستية،الإعلام التطبيقي، إدارة الأحداث، الصحة والرعاية الاجتماعية، البيئة والصحة والسلامة). رابعاً: مسار النخبة: وهو برنامج العلوم والرياضيات المُتقدِّم وصُمم هذا المسار خصيصاً للطلاب المتفوقين أكاديمياً.
وفي السعودية، يتم التفاضل بين الطلاب على أساس النسبة الموزونة، وهي عبارة عن نسبة مئوية من علامات الشهادة الثانوية، ونسبة مئوية أخرى من اختبار القدرات، بالإضافة إلى نسبة مئوية ثالثة من الاختبار التحصيلي المُعدّ من قبل المركز الوطني للقياس والتقويم بغية الوقوف على مهارات الطالب وتقييمها. تقوم كل جامعة بجمع النسب الثلاثة لإخراج النسبة التي يتم التفاضل عليها، وقد تفرض كل منها نسب مختلفة، فبعض الجامعات تحدد 60% للشهادة الثانوية، و20% لاختبارات القدرات، و20% للاختبار التحصيلي، وهذه النسب تختلف من جامعة لأخرى. من ثم فإن مجموع الطلاب في الثانوية العامة ما هو إلا جزء من منظومة اختبارات متكاملة، بل ربما يكون صاحب الوزن الأقل للوقوف على حقيقة مستوى الطالب وتكوينه الذي يدعم قبوله واستمراره في كلية بعينها، فعلى سبيل المثال تشترط كلية الطب جامعة الملك عبد العزيز نسبة تراكمية حدها الأدني 90% في الثانوية العامة في مسار العلوم الطبيعية، إلا أن هذه النسبة وزنها لا يتجاوز 30%، إذ يشترط فضلاً عن ذلك خضوع الطالب لاختبار القدرات، وللاختبار التحصيلي، بحيث يكون وزن الإختبار الأول 30%، أما الثاني40%. وأخيراً، اجتياز المقابلة الشخصية المطلوبة. من ثم فلو كانت نسبة الطالب في الثانوية العامة تتجاوز 90% لن تفِ بالقبول في كلية الطب دون تحصيل باقي النسب المشروطة.
وفي مصر، فالقاعدة العامة أن الشرط الوحيد للقبول في الجامعات هو مُعدل نجاح الطالب في الثانوية العامة، الذي يعتمد في تحديده علي القدرة الاستيعابية للكليات، فارتفاع شرائح المجاميع ينعكس بدوره على تحديد النسبة المئوية لقبول هؤلاء الطلاب الجدد الذي بلغ عددهم هذا العام 676 ألف طالباً، وتتبدى هذه الظاهرة بجلاء مزامنةً مع ارتفاع نِسب النجاح العامة إلي 81.5% للمسارين الأدبي والعلمي، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2016 كما هو موضح بالشكل رقم (1). بل هي النسبة الأعلي كذلك مقارنة ببعض الدول العربية الأخرى لا سيما المغرب التي كانت نسبة النجاح بها 79.62%، والأردن التي لم تتجاوز نسبة النجاح فيها عن 56.5%، وتونس التي سجلت أقل نسبة نجاح في الثانوية العامة بلغت 27.73%، أمّا الإمارات ارتفع متوسط نسبة النجاح فيها لـ ـ86.38%، فالمسار العام كانت نسبة نجاح طلابه 77.43%، و87.82% للمسار المتقدم، و93.91% لمسار النخبة، كما هو موضح في الشكل رقم (2).


إذاً لم تعرف مصر نظام النسبة الموزونة كما في السعودية والإمارات اللّهم باستثناء إحدى عشر كلية تشترط اجتياز اختبار القدرات الخاص بكل منها للقبول فيها، ولكنها لا تدخل في نظام النسبة الموزونة الآنف بيانه وهم (كليات الإعلام – كليات الفنون الجميلة والتطبيقية – كلية التربية الموسيقية والفنية والنوعية والرياضية والكليات التابعة للجامعات التكنولوجية) .
وبإنزال شروط القبول على المتقدمين لكليات الطب – على سبيل المثال – نجد أن كثافة الطلاب الحاصلين على معدل عالي يتجاوز 98% في مصر بالإضافة لحجم القدرة الإستيعابية لهذه الكلية على مستوى الجمهورية هو معيار قبول الطالب فيها، دونما اختبار لقدراته أو استعداده لمتطلبات هذه الكلية، على خلاف الوضع في السعودية والإمارات اللذين يشترطان حصول الطالب على 90% إلا أن هذا المعدل لا يُعبّر بالقطع عن مدى استعداد الطالب لتحديات كليات الطب الأمر الذي يُوجب على الطلاب الاستزادة في المعرفة والإجادة للغات أجنبية حتي يكونوا على أهبة الاستعداد والتأهيل المطلوب. قِس على ذلك باقي الكليات الأخرى، الأمر الذي يظل معه التساؤل مطروحاً على طاولة النقاش، ما هو النظام التعليمي الأكثر تطوراً والأكثر اتساقاً مع تطور سوق العمل هل الذي يعتمد علي مجموع الثانوية العامة فقط، أم الذي يعتمد على اختبار القدرات والملكات والمهارات الشخصية فقط، أم ذلك النظام الذي يجمع بينهما؟