في غضون 14 عاماً ( 2010 ـ 2023)، تضاعفت نسبة السيارات الكهربائية من إجمالى السيارات الجديدة التي تدخل سوق السيارات عالمياً نحو 179 ضعفاً عند المقارنة بين النسبة في بداية هذه الفترة الزمنية ونهايتها، ففي عام 2011 كانت النسبة 0.1% للسيارات الكهربائية مقابل 99.9% للسيارات العاملة بالوقود الأحفوري بمختلف أشكاله، وفي 2023 كانت النسبة 18% للسيارات الكهربائية الجديدة مقابل 82% لسيارات الوقود الجديدة، ما يعني أن السيارات الكهربية الجديدة التي تدخل السوق سنوياً جنباً إلي جنب مع السيارات الجديدة الأخرى، قد تحولت من شبح أو شهاب ضوء نادر الظهور، وصعب أو شبه مستحيل أن يرى بالعين المجردة بكل أسواق العالم، إلي منتج قابل للرصد والملاحظة في أي وقت بأكثر من 33 دولة حول العالم، علي رأسها النرويج التي بات نحو 93% من السيارات الجديدة التي دخلت سوقها في العام 2023 كهربائية، ما يعني أن سيارات الوقود الأحفوري في النرويج تأخذ طريقها نحو الندرة ثم صعوبة الرؤية بالعين المجردة.
وفقا للبيانات التي عمل عليها مصدر جسور، هناك أربعة مسارات يمكن من خلالها رصد التوسع والنمو في السيارات الكهربائية الجديدة التي تدخل الأسواق العالمية جنبا الي جنب مع السيارات التقليدية الجديدة، المسار الأول هو نسبة السيارات الكهربائية من اجمالي السيارات الجديدة حول العالم، والثاني نسبتها في الدول الأربع الأعلى في استخدام السيارات الكهربائية، وهي النرويج وايسلندا والسويد وفنلندا، والثالث نسبتها في الـ 33 دولة الأكثر امتلاكا واستخدامها للسيارات الكهربائية الجديدة، وأخيرا نسبتها في بقية دول العالم.
لو نظرنا للبيانات الخاصة بالمسار الأول، سنجد أنه في العام 2010 لم يكن هناك ظهور يذكر للسيارات الكهربائية ضمن السيارات الجديدة التي دخلت الأسواق، وكانت النسبة تكاد تكون صفر في ذلك العام، ثم حل العام 2011 ليكون هو العام الذي بذرت فيه البذرة الأولى للسيارات الكهربائية ضمن السيارات الجديدة التي دخلت الأسواق في ذلك العام، حيث ظهر بالأسواق العالمية عدد من السيارات الكهربائية الحديدة يمثل 0.1% من اجمالي السيارات الجديدة.
خلال السنوات الخمس التالية، ( 2012 ـ 2016) راحت هذه البذرة تنمو بصورة متسارعة من حيث المعدل، وقليلة من حيث النسبة، حيث ارتفعت من 1.% في 2011 الي 0.9% في 2016، ما يعني ان النسبة تضاعفت بنحو تسعة أضعاف، لكنها ظلت أقل من 1 % من اجمالي السيارات الجديدة.
شكل العام 2017 علامة مميزة في مسيرة السيارات الكهربائية الجديدة، ففي ذلك العام لم تعد النسبة كسر عشري أي أقل من 1% كما كان معتادا في السنوات السبع السابقة، بل أصبحت 1.4% أي تجاوزت الواحد الصحيح، وخلال الفترة من 2018 الي 2023، ظل معدل النمو في نسبة السيارات الكهربائية الجديدة يتضاعف سنويا تقريبا، حتي باتت السيارات الكهربائية الجديدة تشكل 18% من اجمالي السيارات الجديدة التي دخلت أسواق العالم في ذلك العام، ولو نظرنا الي متوسط النمو الإجمالي السنوي في نسبة السيارات الكهربائية الجديدة طوال فترة الـ 14 سنة المشار إليها سنجده يدور حول 3.9%.
في المسار الثاني الخاص بالدول الأربع الأعلى استخداما للسيارات الكهربائية، وهي ( النرويج ـ ايسلندا ـ السويد ـ فنلندا) بحسب الترتيب التنازلي من حيث نسبة السيارات الكهربائية الجديدة من اجمالي السيارات الجديدة عموما، سنجد أن النسبة في النرويج شهدت نموا متسارعا، وقفزت من صفر تقريبا في 2010 لتصبح واحد صحيح في 2011، ثم 29 % في 2016، ثم 93% في عام 2023، بمتوسط نمو سنوي قدره 40% وهو متوسط يعادل اكثر من عشرة اضعاف متوسط النمو المسجل علي مستوى العالم، وفي المركز الثاني جاءت ايسلندا بنسبة بلغت 71% في العام 2023، وبمتوسط نمو سنوي بلغ 28%، وفي المركز الثالث السويد بنسبة بلغت 60% في العام 2023، وبمتوسط نمو سنوي 16%، وفي المركز الرابع فنلندا بنسبة 54% في العام 2023، وبمتوسط نمو سنوي قدره 12%.
تكشف البيانات عن أن هناك قائمة تضم 33 دولة، حققت فيها السيارات الكهربائية الجديدة حضورا مميزا ومؤثرا وقابلا للملاحظة أمام السيارات التقليدية الجديدة، وبلغ فيها متوسط النمو السنوي نحو 6.3% خلال فترة الـ 14 عاما المشار اليها، وفى هذه الدول تحولت نسبة السيارات الكهربائية الجديدة من الكسر العشري أي اقل من 1%، إلي الواحد الصحيح في عام 2014، أي قبل بقية دول العالم الأخرى بنحو عامين، وبلغت النسبة بها 23.6% في العام 2023، مقابل 18 % لبقية دول العالم، أي ما يزيد علي النسبة العالمية بنحو 30% ، وبلغ متوسط النمو السنوي بها 6.3% مقابل 3.6% للعالم.
في المسار الأخير تأتي بقية دول العالم ( اكثر من 150 دولة) إما لا تزال شديدة الفقر في السيارات الكهربائية الجديدة أو خالية منها تقريبا ، وإجمالا لم تكسر نسبة السيارات الكهربائية الجديدة بها حاجز الكسور العشرية وتصبح واحدا صحيحا او اكثر إلا في العام الماضي 2023، حيث بلغت النسبة 1.5%، وقبل ذلك تراوحت النسبة بين 0.0003% في 2011، و0.67% في 2022، أما متوسط النمو السنوي العام فبلغ 0.22% وهي ارقام هزيلة للغاية أما متوسط النمو العالمي العام الذي بلغ 3.9%، والنسبة من الإجمالي في العام 2023 التي بلغت 18%.
نخلص من تشخيص المسارات الأربعة السابقة الي أن المعقل الرئيس للسيارات الكهربائية الجديدة هو الدول الاسكندنافية وايسلندا، التي حققت فيها السيارات الكهربائية الجديدة حضورا طاغيا يكاد يمحق السيارات التقليدية، ثم تليها في ذلك بقية دول أوروبا وامريكا الشمالية والصين، وهي الدول التي تقود مجموعة الـ 33 التالية، بعدما ارتفعت بها نسبة السيارات الكهربائية الحديثة الي ما يتجاوز الربع، أما باقي دول العالم فهي لا تزال على الحافة، ولم تقبل بعد علي السيارات الكهربائية، والمحتمل أنها ستساق اليها كرها لتلحق بالركب، كما هو شانها المعهود مع الكثير من التقنيات والتطورات الأخرى.
الرئيسية نشرة رقم عدد يوليو 2024