لا تولد الشركات الناشئة واليونيكورن في الفراغ، او في أي مكان كيفما اتفق، بلا لابد لها من “بيئة عمل” صديقة وداعمة وحاضنة، تضمن لها الميلاد أولا، ثم النمو السريع الضخم ثانيا، ثم الثبات والتطور طويل الاجل ثالثا، وطبقا لمؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة 2022 الصادر عن موقع “ستارت اب لينك https://www.startupblink.com، الذي يعد احد المواقع المتخصصة في متابعة وتقييم الشركات الناشئة واليونيكورن، فإن هناك نحو الف مدينة في 100 دولة يمكن اعتبارها البيئة الأكثر “صداقة” وملاءمة للشركات الناشئة واليونيكورن، لكونها تضم شركات ناشئة تطبق حلول مبتكرة مدعومة بالتكنولوجيا ولديها القدرة على التوسع، وابتكاراتها قد تكون منتجاً أو خدمة أو عملية أو نموذج عمل، لكن المعيار الأهم هو أن يكون الابتكار فريداً.
اعتمد المؤشر في حساب مدى صداقة بيئة العمل بهذه المدن للشركات الناشئة على ثلاثة معايير وهي:
أولاً الكم: ويشمل، عدد الشركات الناشئة، وعدد المؤسسات الداعمة التي توفر الموارد ووسائل للوصول إلى رأس المال، وبرامج الأعمال الداعمة بالتوجيه والتدريب أو ما يعرف بـ”مُسرِعات الأعمال”، وكذلك عدد المنصات التي تنظم الاجتماعات واللقاءات المتعلقة بنشاطات الشركات الناشئة.
ثانياً الكيف: ويتم حسابه طبقاً لتوافر عناصر أهمها جذب أكثر من 100000 كيان في الأنظمة البيئية (بما في ذلك عدد الزيارات وسلطة النطاق وقاعدة العملاء)، أفرع ومراكز البحث والتطوير لشركات التكنولوجيا الدولية، أفرع لشركات متعددة الجنسيات، إجمالي الاستثمارات الخاصة في آلاف النظم البيئية للشركات الناشئة، عدد الموظفين لكل شركة ناشئة، وغيرها.
ثالثا بيئة العمل: وتُحدد بناءً على عناصر مؤشر التنوع، سرعة وحرية الإنترنت، الاستثمار في البحث والتطوير، توافر الخدمات التكنولوجية المختلفة مثل بوابات الدفع والعملات المشفرة، عدد براءات الاختراع للفرد، مستوى إجادة اللغة الإنجليزية، وأفضل الجامعات بكل منطقة.
فيما يتعلق بالترتيب العام للمدن على مستوي 126 دولة، والذي يُقَيم طبقاً لمجموع الدرجات، تبين أن 257 مدينة بالولايات المتحدة الأمريكية وحدها بها شركات ناشئة من اجمالي 1000 مدينة، أي بنسبة 26٪ من عدد المدن الإجمالي بجميع الدول، وهي بذلك تحتل المركز الأول عالمياً، بفارق 3 أضعاف ونصف الدولة التي تليها وهي المملكة المتحدة بعدد 78 مدينة بنسبة 8٪ -وهي أيضاً ثاني وأخر دولة تتعدى عدد الخمسين مدينة في المؤشر، ثم الصين وكندا وأسبانيا وألمانيا والهند بنفس النسبة لكلاً منها (4٪) وبأعداد مدن تتراوح ما بين 43 الي 37.
وبالنظر الي ترتيب أول 100 مدينة، نجد أن مدن الولايات المتحدة التي تستحوذ على الترتيب الأول والثاني هما سان فرنسيسكو ونيويورك على التوالي، واللتين لم تتخليا عن مرتبتهما من 2020 حتى 2022، أما لوس انجلوس وبوسطن في الترتيب الرابع والخامس، فقد تأرجحتا بين مركزين أعلي وأسفل في العامين السابقين، وتتوسطهما لندن بالمملكة المتحدة في الترتيب الثالث، ثم تظهر المدن الصينية بكين وشنغهاي في الترتيب السادس والسابع، تليها بنجالور الهندية بالمركز الثامن. وبالرغم من وجود مدن أخري في القائمة مثل فرنسا وألمانيا وأستراليا، وكندا واليابان واسرائيل وروسيا والبرازيل (على سبيل المثال لا الحصر)، تظل الغلبة للمدن الأمريكية بنسبة 35٪.
بملاحظة قوائم الدرجات (الكم والكيف وبيئة الأعمال) لأول 100 مدينة، تبين أن 40 مدينة فقط تشاركت في فرز التقييمات الثلاثة مجتمعة، حيث تراوح ترتيب هذه المدن بين المركز 1 و77، بواقع 28 مدينة للولايات المتحدة، وثلاث مدن بألمانيا ومدينتان بكلاً من المملكة المتحدة وأستراليا، ومدينة واحدة لكلاً من الدنمارك والسويد وسويسرا وفنلندا وكندا.
ومن حيث درجات الجودة- وهي الأعلى على مستوي المؤشر مقارنةً بباقي الدرجات- تتصدر سان فرنسيسكو الأمريكية المرتبة الأولي بجدارة (510.4 درجة) بفارق يتعدى الـ 62٪ عن مثيلتها الأمريكية نيويورك (195 درجة)، ويظهر الفرق نفسه بين المدينتين على مستوي إجمالي الدرجات لتقييمات الثلاث، حيث يبعد المدينة الأولي (550 درجة) بفارق يتعدى مرتين ونصف تقريباً عن المدينة الثانية (217 درجة)، بينما تجاوز الفرق بين نيويورك ولندن (125 درجة والتي تليها في المركز الثالث) حوالي مرة ونصف. ويستمر الفارق الكبير بين الدرجات حتى يختفي بعد المركز السادس، ويقل بالتدريج حتي ينحصر بين 52- 9 درجات.
فيما يتعلق بالمدن العربية، ظهرت الامارات العربية في ثلاث مراكز بالترتيب العالمي من ضمنهما مركزان في قائمة أول 200 مدينة (دبي 61، ابوظبي 171 والشارقة 898)، ثم مدينة القاهرة بمصر في المركز 160، والسعودية جاءت في أربعة مراكز (الرياض 254، جدة 385، الدمام 563 ومكة 977)، والمغرب حصدت ثلاث مراكز أيضاً (الدار البيضاء325، أغادير 721، الرباط 991)، أما عواصم الأردن والبحرين وتونس ولبنان فقد تقدمت في قائمة أول 500 مدينة على مستوي العالم في المراكز 250، 329، 417 و464 على التوالي. وأخيرا، عواصم قطر والكويت والجزائر في المراكز 531، 736 و771 على التوالي.
بالنسبة لترتيب باقي دول العالم بقائمة 100 دولة التي احتفظت بمراكزها على مدار 3 سنوات من 2020 جاءت الولايات المتحدة في الترتيب الأول، ثم المملكة المتحدة، تليها إسرائيل، وأخيراً كندا في الترتيب الرابع. وفي الترتيبات الستة اللاحقة عام 2022، وتقدمت السويد درجة عن العام السابق لتحتل المركز الخامس، ثم المركز السادس تأخرت به ألمانيا درجة عن عام 2021، في المقابل صعدت سنغافورة ثلاث مراكز لتأتي بعد ألمانيا، ثم أستراليا في المركز الثامن بتحقيق درجة أعلي، تلتها فرنسا التي تقدمت 3 مراكز بالنسبة للعامين السابقين، وأخيراً تأخرت الصين في المركز العاشر بعد أن كانت في المركز السابع عام 2021.