انطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55 حاملاً شعار “نصنع المعرفة.. نصون الكلمة”، في مركز مصر للمعارض في التجمع الخامس، بمشاركة 1200 دار نشر من 70 دولة، و 5250 عارضاً، فضلاً عن تنظيم 550 فعالية يقدّمها البرنامج الثقافي الموازي.
وافتتح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي المعرض، الخميس، بحضور عدد من الوزراء والسفراء، ومحافظ القاهرة، وهيلدا كليمتسدال، سفيرة النرويج، ضيف شرف المعرض، وحشد من الإعلاميين والناشرين.
وقال رئيس الوزراء في كلمته، “يعدّ هذا الحدث الثقافي أحد أهم الجسور التي تربط الثقافة المصرية بغيرها من الروافد العربية والعالمية، ويمثّل امتداداً للدور التنويري الذي لطالما أسهمت به مصر، لذا تحرص الدولة على رعاية المعرض وتوفير السبل التي تضمن له التنظيم الجيد”.
وتفقّد مدبولي أجنحة المعرض ودور النشر المشاركة، واستمع إلى آراء وتجارب العارضين، كما زار جناح دولة النرويج، والهيئة المصرية العامة للكتاب، ومركز أبوظبي للغة العربية.
يوم للثقافة الفلسطينية
من جانبها أكدت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، أن معـرض القاهـرة للكتـاب “أنـار عبـر تاريخـه العريـق عقـولاً مصريـة وعربيـة، وأسـهم في بنـاء فكـر أجيـال عدّة”.
أضافت: “نتطلع أن تكون هذه الـدورة متفرّدة بهويتهـا، فقد بُـذل جهـد كبير، وسـخّرت الدولـة الإمكانات كافة لدعم المعرض”.
وأعلنت الكيلاني عن تخصيص يوم للتراث والثقافة الفلسطينية “احتفاء بفلسطين وتاريخها وأدبائها”.. فضلاً عن برنامج فني يشمل 104 عروض على مدار أيام المعرض في مسرَحي بلازا 1، وبلازا 2، خارج القاعات الرئيسة، تبدأ من الثانية عشرة ظهراً.
ولفتت إلى “ثراء البرنامج الثقافي الذي يجمع قامات ثقافية وفنية من مصر والعالم، يشاركون في ندوات ومؤتمرات تراعي التنوّع والتعددية الثقافية والفنية”.
بوستر المعرض.. روح الفن القديم
في إطار الانشغال بسؤال الهوية، جاء بوستر المعرض معبّراً عن روح الفن المصري القديم، وصمّمه الفنان أشرف رضا، أستاذ الفنون الجميلة، وتصدّر التصميم نحت بارز للمعبودة “سيشات”، إلهة الحكمة والمعرفة والكتابة في مصر القديمة، تظهر وهي ممسكة بقلم الكتابة ترسم على صحيفة نخل، وتحمل فوق رأسها شعاراً سباعي الأذرع، مع دمج التكوين بالخط العربي.
ضيف الشرف
تحلّ النرويج ضيف شرف المعرض هذا العام ببرنامج خاص، يضمّ مجموعة من المبدعين في النرويج، لتعريف العالم العربي بالثقافة النرويجية، إلى جانب أدب الطفل هناك.
ومن بين الأدباء النرويجيين المشاركين: تيرجي تيفيدت مؤلف كتاب “عن النيل”، وجوستاين غاردر، والكاتبة لين ستارلسبيرج، كما يحتفي البرنامج بأديب جائزة نوبل النرويجي يون فوسه، ويخصّص يوماً كاملاً لمناقشة مؤلفاته، فضلاً عن الاحتفاء بهنريك إبسن “أبو المسرح النرويجي”.
وقالت سفيرة النرويج لدى القاهرة هيلدا كليميتسدال: “يشرفنا أن نكون جزءاً من هذا الحدث المهم، مصر أم الدنيا، بتاريخها وثقافتها الفريدة، وألهمت العالم بالعلم والفنون منذ آلاف السنين”.
كما عبّرت عن سعادتها بزيارة صاحبة السموّ الأميرة ميته ماريت، زوجة ولي العهد لحضور المعرض برفقة وزير الخارجية.
وأكدت السفيرة أن “هذه المشاركة رفيعة المستوى، تُعدّ دليلًا على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين، وفرصة مهمّة لتقديم الأدب النرويجي في مصر والعالم العربي، بما يعزّز العلاقة بين البلدين، ويسهّل التواصل بين صُنّاع النشر في مصر والنرويج، بهدف تعزيز عملية الترجمة بين اللغتين النرويجية والعربية”.
وبحسب السفيرة، فإن برنامج النرويج في المعرض “يهتمّ بقضايا الاستدامة، وتغيّر المناخ، والبيئة، والمساواة بين الجنسين، ويمتدّ طوال أيام المعرض، مع التركيز على أعمال مؤلف نرويجي كل يوم، فضلاً عن الاهتمام الخاص بأدب الطفل بمشاركة المؤلفين والرسامين”.
شخصية المعرض
اختارت إدارة المعرض اسم عالِم المصريات الراحل سليم حسن (1893 – 1961)، شخصية المعرض، واسم الكاتب الراحل يعقوب الشاروني (1931 – 1923)، شخصية معرض كتاب الطفل، للاحتفاء بهما ضمن البرنامج الثقافي الذي يُقام في 7 قاعات، وصالة كاملة لكتب وأنشطة الطفل، وأماكن للفنون الحرّة.
وستتم خلال الفعاليات مناقشة موضوعات متعلقة بسؤال الهوية ومنها: الحضارة ضمير الإنسانية، الهرم سر اكتشفته التكنولوجيا الحديثة، فضلاً عن قضايا مستقبلية مثل: الحوار الوطني المستمر، مستقبل الصحافة الورقية، وخريطة السكان في مصر إلى أين؟
وتحتضن القاعة الدولية ندوات عربية ودولية منها: دانتي شاعر المتوسط- مختارات شعرية لعشرين شاعرة أميركية حازت جائزتي نوبل و”بوليتزر”، وأمسيات لمبدعين عرب مثل زهران القاسمي، وسعود السنعوسي، وعلي جعفر العلاق.
أما قاعة “الصالون الثقافي” فتحتفي بالعديد من القامات المصرية مثل: نجيب محفوظ، ويحيى حقي، وميلاد حنا، وعلي رضا، وفؤاد المهندس، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وحامد ندا.
وتشهد قاعة “فكر وإبداع” مناقشة 26 كتاباً فكرياً منها: الذكاء الاصطناعي في دراما السينما والتلفزيون والمنصّات، رجال عاشوا ألف عام، المسرح الشعري، والأدب الشعبي الأفريقي، إضافة إلى 26 كتاباً إبداعياً بين القصّة والرواية.
200 شاعر
وتستضيف قاعة الشعر، مجموعة من الأمسيات الشعرية لشعراء العامية والفصحى المصريين والعرب والأجانب، إذ يبلغ عدد الشعراء المشاركين أكثر من 200 شاعر.
كما يقدّم البرنامج الثقافي مجموعة عروض فنية تفاعلية، وعروضاً تراثية بالتعاون مع جميع قطاعات وزارة الثقافة، ومنها الهيئة العامة لقصور الثقافة، دار الأوبرا المصرية، المركز القومي لثقافة الطفل، وأكاديمية الفنون.
80 ألف متر مربع
أكد أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب – الجهة المنظّمة للمعرض – أن الدورة الحالية تُقام على مساحة 80 ألف متر مربع، بإجمالي خمس صالات للعرض، تستوعب 1200 دار نشر، من 70 دولة فيما بلغ عدد العارضين 5250.
وأكد استمرار التعاون بين المؤسسات القومية لدعم المشروع الثقافي المصري، والإعلان عن جوائز أفضل الكتب لعام 2023، برعاية البنك الأهلي. مشدداً على تحقيق رؤية مصر 2030، في تعزيز الشراكات المؤسسية والمجتمعية، مثل: مبادرة “دويّ” مع المجلس القومي للمرأة لتمكين الفتيات وتوصيل أصواتهن، واستمرار مبادرة “وعي” مع وزارة التضامن الاجتماعي.
كما سيتم الاحتفاء بإصدار 200 عنوان من مشروع “رؤية” للنشء مع وزارة الأوقاف، فضلاً عن مشاركة 94 وزارة ومؤسسة مصرية وعربية، منها المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”.
وشدّد بهي الدين على التزام المعرض “بدعم صناعة النشر والناشرين المصريين والعرب بشكل عام، إذ تمّ تخصيص جناح لدور النشر الناشئة التي لم تستوفِ شروط الاشتراك لجهة عدد الإصدارات”.
مبادرة الناشرين
رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد، أشاد بقرار “ضمّ الاتحاد إلى اللجنة العليا المنظّمة للمعرض، للتعبير عن وجهة نظر الناشرين العرب في المشاركة، وضمان عرض إصداراتهم المتنوّعة.
وأعلن رشاد عن مبادرة من أعضاء الاتحاد العرب تحت شعار “الجميع يقرأ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55″، بمنح خصومات تصل إلى 50% للقرّاء والهيئات والمؤسسات الثقافية.
خدمات رقمية
يستقبل المعرض زوّاره يومياً بين الساعة 10 صباحاً و8 مساءً، وتتيح الهيئة من خلال المنصّة الرقمية، خدمات عدّة من بينها: الحصول على تذاكر الدخول عن طريق اختيار عدد مرّات الحضور للمعرض، واختيار طرق الدفع المتاحة عن طريق تطبيقات الدفع الإلكترونية، مع الإبقاء على سعر رمزي للتذكرة بقيمة خمسة جنيهات. فضلاً عن إمكانية شراء الكتب إلكترونياً من خلال خدمات الدفع المتعددة، وتوصيلها عن طريق البريد المصري لأي مكان داخل مصر.
وعملت الهيئة على التحوّل الرقمي بالكامل، إذ بدأت بإجراءات مكننة خدمة الاشتراك في المعارض من الناشرين، عن طريق التقديم عبر المنصّة، ورفع بيانات دار النشر والكتب المشاركة ودفع رسوم الاشتراك إلكترونياً.
ومع إقامة المعرض في أقصى شرق القاهرة، خصّصت الدولة سبعة خطوط باصات تغطّي معظم مناطق القاهرة، بأسعار رمزية للتذاكر، للوصول إلى المعرض، أهمها ميدان عبد المنعم رياض في التحرير، وميدان الجيزة.
أدب الطفل
يحتفي البرنامج بأدب الطفل من خلال مشاركة المركز القومي لكتب الأطفال والشباب في أوسلو، فضلاً عن مجموعة من الأنشطة، والعروض الفنية “مسرح، أراجوز، عرائس، غناء، سيرك” وحفلات توقيع للمبدعين الصغار، وتكريم مسيرة أدبية أو فنية، وعروض كتب، وحكايات مع مبدعي المحافظات، وورش فنون تشكيلية، وورش حكي.
مؤتمر اليوم الواحد
استحدث المعرض هذا العام محور “مؤتمر اليوم الواحد” الذي يضمّ 6 مؤتمرات منها: تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع جامعة مصر المعلوماتية، ومؤتمر الترجمة عن العربية جسر للحضارة، بمشاركة وزارات الثقافة والأوقاف، ومؤتمر الملكية الفكرية.. حماية الإبداع في الجمهورية الجديدة، ومؤتمر استعادة طه حسين، ومؤتمر نازك الملائكة.
كما يحتفي المعرض بالعديد من المشروعات الثقافية الجديدة التي أطلقتها الهيئة وهي: “ديوان الشعر المصري”، و”استعادة طه حسين”، و”حكايات النصر”، و”عقول” الموجّهة إلى الشباب لتقديم أصحاب التجارب الرصينة في الفكر والآداب والعلوم.
ويواصل البرنامج المهني “برديات 3” نشاطه متضمّناً ندوات خاصة بصناعة الكتاب والنشر، إلى جانب برنامج “القاهرة تنادي”، الذي يستهدف مساعدة الناشرين والوكلاء والهيئات الثقافية من جميع أنحاء العالم، للوصول إلى الناشرين المصريين والعرب، والتواصل معهم أثناء المعرض.
المصدر: معرض القاهرة للكتاب الـ55 .. ينطلق بمشاركة 70 دولة | الشرق للأخبار (asharq.com)