تتجه ظاهرة طول العمر عالمياً نحو ازدياد عدد الأشخاص الذين سيبلغون سن 60+ (الستين فأكثر) لما يقرب من 2 مليار شخصاً بحلول منتصف القرن الحالي، وتصل النسبة أحياناً الي %40 في الدول التي تشهد نسبة مرتفعة لعدد كبار السن مقارنة بأعداد الشباب مثل اليابان. غير أن هذه الظاهرة والتي تمثل واحدة من أهم الفرص المتاحة لقطاع الأعمال، هي الأقل فهماً واستيعاباً من قبل الشركات الكبيرة والصغيرة في كل مكان.
تتجه ظاهرة طول العمر عالمياً نحو ازدياد عدد الأشخاص الذين سيبلغون سن 60+ (الستين فأكثر) لما يقرب من 2 مليار شخصاً بحلول منتصف القرن الحالي، وتصل النسبة أحياناً الي 40% في الدول التي تشهد نسبة مرتفعة لعدد كبار السن مقارنة بأعداد الشباب مثل اليابان. غير أن هذه الظاهرة والتي تمثل واحدة من أهم الفرص المتاحة لقطاع الأعمال، هي الأقل فهماً واستيعاباً من قبل الشركات الكبيرة والصغيرة في كل مكان.
وطبقاً لـ “المنتدى العالمي الأول للاقتصاد الفضي”، الذي استضافه التحالف العالمي لكبار السن (GCOA) والحكومة الفنلندية التي تولت رئاسة الاتحاد الأوروبي، فإن قيمة “الاقتصاد الفضي” المتاح للشركات في جميع أنحاء العالم تبلغ 17 تريليون دولارًا أمريكيًا.
وفي عام 2020، ظهرت جائحة COVID-19 التي أدت الي مكوث أولئك الذين يبلغون 60 عامًا فأكثر في بيوتهم لفترات أطول من تلك التي استغرقها الأصغر سناً نظراً لاحتمالية تعرضهم بشكل أكبر للآثار السيئة للفيروس، و في هذه الأثناء ازدهر سباق الاستهلاك الالكتروني الذي كان بالكاد يمكن تصور تطوره قبل بضع سنوات. فالفئة العمرية الأكبر سنًا تلعب إذاً دورًا هاماً يوازي أي من الأدوار الجوهرية الفاعلة في التحول العالمي للأسواق.
ما وراء الخدمات الصحية عن بُعد: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و”الاقتصاد الفضي”
لم تعد التكنولوجيا مقترنة فقط بالرعاية الصحية- بما في ذلك وسائل الاتصال والزيادة الهائلة في اللجوء الي الرعاية الصحية عن بعد والتطبيب عن بُعد، حيث بات من الشائع زيارة الطبيب عبر الإنترنت لتجنب التعامل المباشر بين الأفرد بعضهم البعض في المستشفيات ومكاتب الرعاية الصحية المتخصصة العامة والخاصة- وإنما بالأمور الحياتية التي أصبحت تمارس بطرق أكثر اختلافاً وسرعةً. فلقد أصبحنا نرى الآن علي سبيل المثال احتفال شخص بالغ من العمر 70 عامًا بعيد ميلاده عن طريق Zoom ، أو عشرات الآلاف من حفلات العشاء الافتراضية التي يقيمها الأصدقاء ذو الفئة العمرية الأكبر سنًا، أو الأعداد الكبيرة من الأشخاص التي تعدت أعمارهم الـ 80 الذين يتسوقون عبر الإنترنت من خلال Amazon باستخدام PayPal أو يستخدمون مواقع التعلم عن بُعد. وعلي الرغم من حداثة هذه الممارسات، إلا أنه مما لا شك فيه أنها ستعمل علي تغيير كيفية أداء الأسواق لخدمتنا جميعًا إلى الأبد، لا سيما كبار السن الذين اعتادوا على أنماط مختلفة من المعاملات المالية والاقتصادية.
إن المجالات المرتبطة بالاقتصاد الفضي العالمي، بما في ذلك الرعاية المنزلية للمسنين؛ الحالات والعلاجات والأدوية المرتبطة بالعمر؛ والابتكارات المتعلقة بالادخار والإنفاق والتقاعد، قد تزايدت وازدهرت بالفعل أثناء الوباء لتتحول الي نشاطات اقتصادية الكترونية يومية. وهذا ما يجعل افتتاح القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) التي ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات في الأمم المتحدة أمراً حقيقياً ومثيراً ؛ وفي عامها الخامس عشر، ولأول مرة على الإطلاق سيكون للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، مسار حول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكبار السن.
لم تعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إذاً مقتصرة فقط علي الفئة العمرية من السكان الأصغر سناً، ولكنها مرتبطة فعلياً بالاقتصاد الفضي. فلئن كان هذا الاتجاه صائباً في خطة القمة العالمية لمجتمع المعلومات منذ مشاركتهم في منتدى الاقتصاد الفضي GCOA والاتحاد الأوروبي في فنلندا، فسيصبح أكثر أهميةً الآن في أعقاب COVID-19.
3 طرق للتفكير في خطط استراتيجية بشأن التقدم في العمر
تم نشر مقال هام في جريدة Financial Times (FT) يعرض أسماء 100 شركة عالمية تعمل بالفعل على زيادة رأس مالها السوقي خلال الأزمة. وبينما تفكر كل شركة في كيفية مواصلة نجاحاتها ومنافسة نظيراتها لتكون ضمن قائمة أفضل الشركات أداءًا، تناست جميعها مجال شديد الوضوح والقوة ألا وهو تصميم وتنفيذ إستراتيجية موجهة للفئة المتقدمة في العمر، بالرغم من استفادة الكثيرين بالفعل من الاقتصاد الفضي، حتى في الوقت الذي يساهمون فيه في مضاعفة حجمه مرتان أو ثلاث مرات. وفيما يلي ثلاث طرق للتفكير في خطط إستراتيجية بشأن التقدم في العمر:
- التنوع العمري: إن الفئة العمرية من السكان من 60 إلى 100 سنة هي فئة بنفس حجم وتنوع الفئات العمرية الاخرى مثل تلك التي تتراوح ما بين 20 إلى 60 سنة. لذا فإن استراتيجية الأعمال يجب أن تراعي هذا العمر، وصحته ، وتنوعه الاقتصادي وتأثيره على المكاسب والحاجات والمطالب. وقد تكون فكرة صائبة أن يتم تعيين بعض من الأشخاص الذين ينتمون للفئة العمرية الأكبر سنًا ليكونوا جزءًا من فرق التصميم والتطوير والتسويق الخاصة بالشركات، وهو ما يوافق سياق التفكير في إدراج من هم في الثلاثينات بشكل مباشر ضمن الخطة الاستراتيجية للألفية الجديدة، أومثل أهمية الاستعانة بالنساء في مجالات التسويق الموجهة للجنسين للمساعدة على فهم وتنفيذ المنتج أو الخدمة التي يُروَج لها.
- ثقافة التقدم في العمر: عندما يستخدم الشخص البالغ من العمر 82 عامًا PayPal لشراء منتجات، أو يصبح الشخص ذو الـ 63 عامًا مقدم رعاية صحية للمسنين، أو يقوم الشخص البالغ من العمر 75 عامًا بتشغيل Zoom للعمل من المنزل، حينها نُدرك أن القوالب النمطية القديمة ليست إلا حواجز أمام استراتيجية النمو الخاصة بالشركات وتعيق الاستفادة من “الاقتصاد الفضي”. وبينما نكافح وباء COVID-19، تطلق منظمة الصحة العالمية مبادرة “عقد طول العمر الصحي”، كما تستهدف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مجتمعات كبار السن التابعة للمنظمة ضمن أهداف نموها الاقتصادي. فهذه الظاهرة لن تختفي إذاً، وتكمن أهميتها الحقيقية في أن تظل أحد محركات القيمة الاقتصادية، خاصةً وأننا ننتقل إلى المراحل التالية من COVID-19 ونعيد صياغة كيفية إعادة إشعال النشاط الاقتصادي المفقود خلال عام 2020.
- الابتكار: إن الابتكارات التي تجرى حالياً في شتي المجالات المختلفة من رعاية صحية، وخدمات مصرفية، وتجزئة، ونقل، وتعليم، وترفيه، قد لا تُنشر ضمن قائمة فاينانشيال تايمز لأحسن 100 شركة تزدهر في ظل الوباء، و قد تكون غالبًا غير معترف بها، ولكنها تستفيد من انفتاح هذه الفئة العمرية وسرعة استخدامها للأدوات والطرق المستحدثة لاستعمال الأشياء القديمة. هذا هو الجيل الذي شهد العديد من الابتكارات والتغييرات الاقتصادية والسوقية أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية. لقد اعتاد على ذلك وأصبح أكثر انفتاحًا ورغبة في تَبَني الأفكار الجديدة أكثر مما تخيل أصحاب الأفكار أنفسهم. إلى جانب أن تلك الفئة من السكان التي تتراوح أعمارهم بين 60 و 75 عامًا قد عاصرت التكنولوجيا لفترة طويلة جدًا، بالإضافة إلى هؤلاء الذين يبلغون من العمر 80 أو 90 عامًا من ذوي الاحتياجات المختلفة.
لهذا، أينما كانت الجهة التي تعمل فيها : Zoom, Alibaba, Amazon, Shopify ستساعدك الاستراتيجية الموجهة للفئة العمرية من المتقدمين في العمر بالقطع علي نجاح أعمالك وإدراج اسم شركتك ضمن أفضل 100 شركة في العالم.
مقال نشر بموقع الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) التابع للأمم المتحدة بتاريخ: 11/08/2020