2 مليار دولار خسارة يومية للعالم بحلول 2030 حال فشله في تقليل الإنبعاثات

ترجمة: نهال زكى

المصدر: موقع ناشيونال جيوجرافيك

كتب:  ستيفن ليهي

في 5 نوفمبر 2019

سيتعرض مستقبل البشرية لـ”معاناة إنسانية غير مُتخيَلة” بسبب إهدار الدول لأهداف “اتفاقية باريس” والتي بموجبها قدمت 184 دولة تعهدات بخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030، بيد أن أغلبها يبدو غير كافٍ للحفاظ على درجات احتباس حرارى عالمي أقل من 3.6 درجة فهرنهايت، أى ما يعادل 2 درجة مئوية. وفقًا للجنة تكونت من علماء المناخ على مستوى العالم، فإن بعض أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون في العالم لن تفي بتعهداتها، بل ستستمر في زيادة انبعاثاتها.

ويحذر تقرير هذه اللجنة تحت عنوان «الحقيقة وراء تعهدات اتفاقية باريس للمناخ»، من أنه بحلول عام 2030، سيتكلف العالم، نتيجة الفشل في الحد من الانبعاثات، ما لا يقل عن 2 مليار دولار يوميًا من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأحداث المناخية التي تفاقمت بسبب تغير المناخ بفعل الإنسان. علاوة على أن أحداث وأنماط الطقس ستعمل علي تفاقم آثار الضرر بصحة الإنسان وسبل العيش والغذاء والماء، فضلاً عن الآثار السلبية علي التنوع البيولوجي. وقد اتفقت كل دولة على «بذل جهود طموحة لمكافحة تغير المناخ»، وفقًا للنص الوارد في الاتفاقية.
يقول السير «روبرت واتسون»، الرئيس السابق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والمؤلف المشارك للتقرير الذي فحص عن كثب 184 تعهدًا طوعيًا بموجب اتفاقية باريس: «تحتاج الدول إلى مضاعفة التزاماتها لتخفيض الانبعاثات المستهدفة لعام 2030 مرتين وثلاث لكي تتماشى مع أهداف باريس» وأضاف خلال مقابلة بأنه: «لدينا التكنولوجيا والمعرفة لخفض الانبعاثات، ولكن ما ينقصنا هو سياسات ولوائح قوية بما يكفي لتحقيق ذلك». أما «في الوقت الحالي، فيسير العالم نحو زيادة في درجات الحرارة تقدر بـ 3 و 4 درجات مئوية (5.5 و 7 فهرنهايت) بحلول نهاية القرن»، وهو ما سيفضي إلى خطر إثارة ردود فعل الطبيعة التي تتمثل في الذوبان الهائل للتربة الصقيعية أو فناء مساحات كبيرة من الغابات، مما قد يؤدي إلى مزيد من ارتفاع درجات الحرارة التي لن يمكن السيطرة عليها، وقد إطلق العلماء علي هذه الظاهرة «سيناريو Hothouse Earth أو ارتفاع حرارة الأرض»، حيث ترتفع مستويات سطح البحر من 30 إلى 200 قدم (10 إلى 60 متراً) فتتحول أجزاء كبيرة من الكوكب الي أراضي غير صالحة للحياة.
ولتغيير هذا المستقبل، ينبغي الوصول إلى الهدف المناخي لاتفاقية باريس ألا وهو تقليل الحرارة لأقل من 2 درجة مئوية، كما يجب خفض صافي الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول العقد المقبل والي الصفر بحلول منتصف القرن، كما عبّر خبير اقتصادي الطاقة «نيبويسا ناكيسينوفيتش»، الرئيس التنفيذي السابق للمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA) في النمسا.
ومع ذلك، وجد تحليل التقرير السابق الإشارة اليه أن ما يقرب من %75 من التعهدات الـ 184 المستهدفة حتي عام 2030 غير كافية، نظراً لأن الصين والهند- أول ورابع أكبر مصدر للانبعاثات- سيتسببان في قدر أعلي من الانبعاثات بحلول عام 2030. أما الولايات المتحدة ثاني أكبر الدول المسببة للانبعاثات، فإن تعهدها لا يُعوَل عليه بل هو موضع شك بالنظر إلى انسحاب إدارة ترامب من الاتفاقية. كما أن روسيا، خامس أكبر مصدر للانبعاثات، لم تكلف نفسها عناء مجرد تقديم أية تعهد. في حين تعهد الاتحاد الأوروبي، ثالث أكبر مصدر للانبعاثات، بخفض الانبعاثات بنسبة %40 على الأقل بحلول عام 2030 ومن المتوقع أن يصل إلى خفض بنسبة %60 تقريبًا.
يقول «واتسون» إن من مميزات هذا التقرير هو أنه يُسهل التمييز بين الدول الرائدة وتلك المتأخرة، فنحن نشهد بالفعل تأثيرات واسعة نتيجة لتغيّر المناخ، لهذا فانتظار الأفعال سيقودنا إلي درجات أعلى من الاحتباس الحراري وسيضعنا أمام تأثيرات أسوأ».
ويقول عالم المناخ «بيل هير»- المُساهم في مركز «تعقب العمل المناخي»، الذي يقوم بالتحليل العلمي للتعهدات وسياسات المناخ في مركز «تحليلات المناخ» في برلين- إن التقرير -الذي نشر من قبل «الصندوق البيئي العالمي» وهو منظمة غير ربحية تركز على إتاحة المعلومات حول علوم المناخ على أمل إلهام الناس للضغط علي الحكومات لاتخاذ أجراءات عملية من أجل المناخ- يقدم «قدر أخر من الأدلة القوية المستندة إلى العلم لتبرير» دعوات الجمهور للحكومات والشركات لاتخاذ إجراءات علي نطاق أكبر. ويشير إلى أن الدول الفقيرة لا يمكنها تقليل الانبعاثات بنسبة كبيرة دون التمويل والدعم الفني الذي وعدت به منذ فترة طويلة الدول الغنية في العالم. ويتفق معه «واتسون» قائلاً إن الدول الصناعية تسببت إلى حد كبير في مشكلة المناخ ويجب أن تدعم البلدان الأقل نمواً، «نحن بحاجة إلى كل فرد على متن الطائرة لحل هذه المشكلة».
يجب على جميع البلدان زيادة الجهود وتَقبُل بأن صافي الانبعاثات العالمية يجب أن تصل إلى صفر بحلول عام 2050 بل وتتخذ خطوات هامة جدًا لتحقيق ذلك، كما يقول «نيكلاس هون» من «معهد نيو كلايميت لسياسة المناخ والاستدامة العالمية» في ألمانيا. مما يعني تحسينات كبيرة في كفاءة الطاقة، مع إغلاق 2400 محطة فحم واستبدالها بمصادر الطاقة المتجددة خلال العقد المقبل. وهو ما سيكون ليس فقط ممكناً، بل فعالاً أيضاً من حيث التكلفة. والجدير بالذكر، أن التقرير توصل الي أن 250 محطة جديدة لتوليد الطاقة بالفحم علي مستوي العالم قيد الإنشاء حالياً. وتعقيباً علي هذا الأمر يقول جيمس مكارثي، أستاذ علم المحيطات بجامعة هارفارد: «يحتاج القادة إلى تبني سياسات جديدة لإغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة والخالية من الكربون».

المصدر