وقع ما يقرُب من نصف الكوارث العالمية في 3 مناطق جغرافية فقط من مجموع 17 منطقة جغرافية حول العالم، حيث تجاوز عددها 8000 كارثة في الفترة من 2000 إلى 2024، بحسب قاعدة بيانات الكوارث العالمية، وهذه المناطق هي أولا منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمجموع 3497 كارثة، ومنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بمجموع 2367 كارثة، وأخيراً منطقة جنوب آسيا بمجموع 2146 كارثة، في المقابل وقع قُرابة 8050 كارثة عالمية في 14 منطقة جغرافية مختلفة، الأمر الذي قد يثير التساؤل حول العلاقة بين المنطقة الجغرافية وكوارث عالمية بعينها.
تُشير البيانات أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء كانت الأكثر عرضة لثلاثة أنواع من الكوارث على وجه التحديد، وهم الفيضانات والأوبئة وحوادث السفر سواء بفعل الإنسان أو بفعل الطبيعة، والتي استحوذت على ما نسبته 76% من مجموع الكوارث التي وقعت فيها خلال فترة الرصد، ووزعت الكوارث على النحو الآتي: 876 فيضاناً، و1214 حادثة سفر، و570 وباء. بينما كانت منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أكثر عرضة لكل من العواصف والأعاصير التي بلغ عددها 450 عاصفة وإعصار، والفيضانات التي بلغ عددها 740 فيضاناً، وحوادث السفر حيث وقع فيها 542 حادثة سفر، من ثم بلغ مجموع تلك الكوارث الثلاث 1732 كارثة من إجمالي 2367 كارثة وقعت في هذه المنطقة، أي بنسبة 73%. اشتهرت منطقة جنوب آسيا كذلك بالكوارث ذاتها، وهي حوادث السير التي بلغت 654 حادثة، والفيضانات التي تجاوزت 560 فيضاناً وأخيرا العواصف والأعاصير والتي بلغت 229 عاصفة وإعصار، ليكون عدد الكوارث الثلاثة في فترة الرصد الممتدة لنحو 24 عاما هي 1447 من مجموع 2146 كارثة حلت بهذه البقعة الجغرافية.
وإذا كانت المناطق الجغرافية الثلاثة الآنف ذكرهم في التصنيف الأعلى من حيث اعداد الكوارث العالمية، فقد جاء في التصنيف المتوسط منطقتين منتميتين لقارة واحدة وهي قارة آسيا إلا أنهما كانتا مختلفتين من حيث أعداد وأنواع الكوارث العالمية، الأولى هي منطقة شرق آسيا التي وقع فيها 1839 كارثة لتأتي في الترتيب الرابع عالميا من حيث أكثر المناطق الجغرافية التي تعرض لكوارث عالمية، وشهدت هذه المنطقة 153 زلزالاً وهو العدد الأكبر مقارنة بباقي المناطق الجغرافية في العالم، كذلك تعد هذه المنطقة هي الأكثر عرضة للحرائق حيث وقع فيها ما مجموعة 111 حريقا، وتعرضت كذلك لأكبر عدد من الانفجارات بمجموع 308 انفجارا، وهو يمثل تقريباً 50% من الانفجارات التي وقعت حول العالم في المناطق الجغرافية الأخرى خلال فترة الرصد، وشهدت هذه المنطقة كذلك أكبر عدد للحوادث الصناعية وهو66 حادثة من مجموع 102 حادثة صناعية حول العالم. أما المنطقة الجغرافية الثانية هي منطقة جنوب شرق آسيا، والتي تعرضت لأكبر عدد من البراكين حيث بلغ عددها 47 بركاناً من مجموع 130 بركانا حول العالم، كما تعرض لعدد كبير من الفيضانات والعواصف والأعاصير والذي تجاوز عددها 950 مجتمعين. كما هو موضح بالجدول المرفق.
وفي التصنيف الأدنى من المتوسط لأعداد الكوارث العالمية بحسب المنطقة الجغرافية، جاءت منطقة أمريكا الشمالية كسادس أكثر المناطق الجغرافية من حيث اعداد الكوارث بمجموع 811 كارثة، استحوذت الفيضانات والعواصف والأعاصير على 67% منها، والحرائق على 13,5%، وحوادث السفر على 8,5%، ووزعت النسبة المتبقية وهي 11% على باقي الكوارث الأخرى كالزلازل والبراكين والانهيارات والانفجارات والأوبئة والموجات الحارة والباردة وغيرها، غير أن هذه المنطقة لم يرصد فيها وقوع أي حادث صناعي. تدخل كذلك منطقة شرق أوروبا ضمن هذا التصنيف الأدنى من المتوسط حيث بلغ عدد الكوارث فيها 704 كارثة لتأتي في الترتيب السابع عالمياً، وتعرضت هذه المنطقة لـ 51 انفجارا، و67 حريقا، و150 حادث سفر، و180 فيضانا، و88 عاصفة واعصار، و73 موجة باردة، ولم تشهد هذه المنطقة براكين.
وفي التصنيف الأدنى جاءت منطقتي بولينيزيا، وميكرونيزيا، بأقل عدد من الكوارث العالمية، حيث وقت في بولينيزيا ما مجموعه 42 كارثة فقط 24 منها عواصف، ولم تشهد أي براكين، أو انهيارات أو حوادث صناعية او موجات حارة او باردة. أما ميكرونيزيا لم تشهد سوى وقوع 38 كارثة 21 منها عواصف وأعاصير و7 حالات جفاف، ولم تشهد هي الأخرى أية براكين او انهيارات أو حرائق أو حوادث صناعية او موجات بارة أو حارة.
يُلاحظ مما سبق، أن هناك تفاوتا كبيرا بين المناطق الجغرافية في اعداد وأنواع الكوارث العالمية، فالكوارث لا تتوزع بشكل عشوائي على سطح الكرة الأرضية، بل تتركز في مناطق معينة تتميز بظروف بيئية واجتماعية واقتصادية محددة. كما يلاحظ أن الفيضانات والعواصف والأعاصير وحوادث السفر هي أكثر الكوارث العالمية شيوعاً مما يعكس تأثير تغير المناخ وزيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، كما لم تخلُ أي منطقة جغرافية من الـ17 منطقة محل الرصد من وقوع أوبئة أو جفاف ولكن بأعداد ونسب أقل. لوحظ كذلك أن الزلازل والبراكين تنشط في مناطق معينة، مثل منطقة شرق آسيا، بسبب طبيعتها الجيولوجية.
أخيراً، تتبدى أهمية تلك الإحصاءات والأرقام والبيانات في ضرورة إجراء دراسات متخصصة بغية تحديد العوامل الدقيقة التي تجعل بعض المناطق أكثر عرضة للكوارث من غيرها، وتطوير نماذج إحصائية يمكنها التنبؤ بحدوث الكوارث وتحديد المناطق الخطرة، ووضعها عين الاعتبار حال التخطيط العمراني لتقليل الأضرار المتوقعة.