تسللّ 72 مليون منشوراً مُضلّلاً عبر فيس بوك وإنستغرام في 3 أشهر من يوليو إلى سبتمبر 2020، أي بمعدل 810 ألف منشوراً مضلّلاً كل 24 ساعة فقط.
استحوذت المنشورات التي احتوت على ألفاظ الكراهية والعنصرية والتمييز على نسبة %39 من إجمالي تلك المنشورات المضلّلة حيث نُشر على فيس بوك 22.1 مليون منشوراً و6.5 مليون منشوراً على إنستغرام، تلتها في الترتيب المنشورات المضمّنة ألفاظ ورسومات تحض على العنف لتبلغ نسبتها %23 من إجمال تلك المنشورات، حيث كان عددها 19.2 مليون على فيس بوك و4.1 مليون على إنستغرام, وجاءت في المرتبة الثالثة المنشورات ذات المحتوى الذي يتضمن عُريًا للأطفال واستغلالهم جنسيًا بنسبة %18.3 كان نصيب فيس بوك منها 12.4 مليون منشوراً ومليون منشوراً بُثّ من خلال إنستغرام، واحتلّت المنشورات المتضمنة محتوى يحض على التحرش والتنمر المرتبة الأخيرة بنسبة %8.3 بمجموع 3.5 مليون منشوراً على فيس بوك و2.6 مليون على إنستغرام. (التقرير السابع لإنفاذ معايير المجتمع – نوفمبر 2020).
ربما تكون نسبة تلك المنشورات المُضلّلة – في رأي البعض – قليلة وغير مؤثرة مقارنة بأعداد مستخدمي هاتين الوسيلتين التي بلغت 2.7 مليار مُستخدم نشط شهرياً بالنسبة لفيس بوك مقابل مليار مستخدم لإنستغرام. إلا أن ناقوس الخطر يدُق إذا علمنا أن نسبة الزيادة التي طرأت في أعداد تلك المنشورات ذات المحتوى غير المشروع هي %24 مقارنة بالربع الثاني من ذات العام، فإذا استمرت تلك النسبة في اضطراد كل 3 شهور، لا نحتاج سوي 12 عام تقريباً وربما أقل بالتزامن مع زيادة عدد المستخدمين ليصل عدد هذا النوع من المنشورات إلى مليار منشوراً، أي إلى ثُلث المستخدمين آنذاك، الأمر الذي قد ينعكس – بما لا يدع مجال للشك – على ثقتهم في تلك الوسائل وما تتضمنه من محتوى.
في المقابل شهد الربع الثاني من 2020 عدد 59 مليون منشوراً مضللاً، 22.5 مليون منها كان لمحتوى يحضّ على الكراهية على فيس بوك و3.2 مليون على إنستغرام، بنسبة %44 من إجمالي تلك المنشورات بين شهر إبريل إلى يونيو، تزامنت تلك الزيادة في منشورات الكراهية والعنصرية والتمييز مع حادث مقتل “جورج فلويد” المواطن الأمريكي الأسود في مايو 2020 على يد رجل شرطة. بينما استحوذت المنشورات التي تحضّ على العنف على 15.5 مليون منشوراً على فيس بوك و3.1 مليون على إنستغرام، أما المنشورات التي احتوت على عري للأطفال واستغلالهم جنسياً كان عددها 9.5 مليون على فيس بوك ونصف مليون على إنستغرام، وكان العدد الأقل للمنشورات المضلّلة لتلك التي احتوت على ألفاظ ورسومات وتعبيرات التنمر والتحرش والمضايقة حيث بلغ عددها 2.4 مليون على فيس بوك و2.3 مليون على انستغرام.
بيد أن تلك المقارنة التي عقدناها بين الربع الثاني والثالث من 2020، والتي نجم عنها زيادة مُعدل المنشورات المضلّلة بنسبة %24 تقتصر فقط على منشورات الكراهية والعنف واستغلال الأطفال والتنمر على وجه الخصوص، إلا أن حجم المنشورات المضللة بصفة عامة لا يقف عند هذا الحد، الأمر الذي قد يتضاعف معه معدل الزيادة في السنوات المقبلة. فعلى سبيل المثال بلغ عدد المنشورات المضللة التي احتوت على معلومات خاطئة عن فيروس كوفيد19- المستجد – سواء ما تعلق بالتشكيك في حقيقة وجوده أو طريقة مكافحته أو المصل المرتقب – 7 ملايين منشوراً على فيس بوك حتى أواخر شهر يونيو، فضلاً عن ملاحظات تحذيرية أُرفقت بـ 98 مليون منشورأ لمعلومات مشكوك فيها حول الفيروس. أضفْ إلى ذلك المنشورات التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية المزيفة، ونظيرتها التي تعزز الانتحار، فضلاً عن المنشورات المضلّلة المؤثرة على نتائج العملية الانتخابية في أكثر من دولة على مستوى العالم وغيرها.
ورغم أن إدارة فيس بوك وإنستغرام قد حذفت هذا الكم الكبير من المنشورات ذات المحتوى غير المشروع، إلا أنه لا زال هناك تحديات جمّة تقع على عاتقهما، لعلّ أهمها سرعة الوصول للمنشور المضلل، وسُرعة التحقق من مدى مطابقته للسياسات المعلن عنها من قبلهما أم لا، خاصة مع تعدد لغات العالم التي بلغ مجموعها 7000 لغة عالمية حيّة ربما يصدر المنشور بأي منها، في الوقت التي تراجع شركة فيس بوك محتوى منشوراتها بـ 50 لغة فقط. الأمر الذي تكون به تلك الشركات الكبرى مدعوّة للإنفاق بكثافة على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوريها لتعزيز فُرص الرقابة على محتوى تلك البرامج والتطبيقات بطريقة استباقية فعّالة.
لا شك أن السياسات التي أعلنتها شركة فيس بوك – والتي كان آخر تحديث لها في سبتمبر 2020 – تحد بشكل كبير من تعاظُم انتشار المنشورات المضللة، والتي استهدفت من خلالها منع الضرر المُحتمل من خلال حذف المنشورات وتعطيل الحسابات التي تدعو للتهديد أو العنف حتى ولو بطرق غير جادة، فضلاً عن حذف المحتوى الذي يدعم أو يُناصر – بأي صورة من الصور – الأنشطة الإرهابية والاتجار بالبشر وعمليات القتل الجماعي وغيرها من جرائم الكراهية. وقد أعلنت الشركة ذاتها أنها خصصت 35 ألف موظف يضّطلعون بالعمل على ذلك لتحقيق أمن وسلامة المحتوى.
ولعلّ ما يُعزز تلك السياسات امتثال شركة فيس بوك للقانون المحلي، وكأن الأخير يربو عليها من حيث التدرج، ففي الفرض الذي يُنشر فيه محتوى ينتهك قانون محلي لدولة ما، لكنه لا يتعارض مع معايير المجتمع الخاصة وسياسات شركة فيس بوك، فإن الأخيرة تَمثُل وتُذعن لرغبة الدولة وتقوم بحذف المنشور غير القانوني بالنسبة لها، وربما يؤكد ذلك ما طرأ من زيادة في حجم البلاغات عن المحتوى المخالف للقوانين المحلية على مستوى العالم والتي بلغت نسبتها ٪40 في أول 6 أشهر من 2020، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. (تقرير الشفافية الصادر عن شركة فيس بوك للنصف الأول من 2020).
على الجانب الأخر لا يجب ان تغفل تلك الشركات الكبري دورها التوعوي والتثقيفي الذي من السهل أن تمارسه على جموع مُستخدميها، ولعلّ أصرخ مثال على ذلك تقصّي المصادر الرسمية والموثوق في بياناتها بالنسبة لأعداد ضحايا فيروس كورونا المستجد وإشعار المستخدمين بها حتى لا يقعوا في شَرَك بيانات وهمية عن أعداد المصابين أو المتوفين أو غير ذلك.
جدير بالذكر أن أعداد المنشورات المضللة تتضاعف بالقدر الذي تتعدد به وسائل التواصل الاجتماعي، فإذا كان كل ما ذكرناه ينصب على وسيلتين فقط وهما فيس بوك وانستغرام، فكيف يكون الوضع بالنسبة للوسائل الأخرى كتويتر، وسناب شات، ويوتيوب، وواتس آب، وبرنترست، ولينكد إن ؟!!.