7265 كتاباً مترجماً الى العربية خلال ربع قرن بنسبة %58 من الانجليزية و%16 من الفرنسية

ترجمة نهال زكي

مستخلص من بحث كتبه Richard Jacquemond عام 2017، بعنوان «حركة الترجمة بين الفرنسية والعربية منذ الثمانينيات: انعكاس للعلاقات الثقافية»

إن قوائم الأعمال المترجمة التي تقوم بتجميعها الدول العربية من “فهرس اليونسكو للترجمة- Index Translationum” والذي يُعنى بتحليل نشاط الترجمة الدولية منذ الثمانينيات، هي قوائم غير مكتملة لم تتمكن فعلياً غير دولتين عربيتين فقط من تغذية بياناتها بها هي مصر بعدد 3502 ترجمة عربية مسجلة منذ عام 1979، والثانية سوريا بعدد 1772 عمل مترجم. وتبدو هذه الأرقام أقرب ما يكون للواقع حيث يمكن رصدها من خلال الملاحظة المباشرة ومٌطالعة فهارس الناشرين في كلا الدولتين. بالمقابل، فإن لبنان، الذي يعتبر أكبر مركز للنشر العربي جنباً إلي جنب مع مصر، غائباً تمامًا بسبب نقص الإيداع القانوني، ومن ثم لا يذكر الفهرس إلا 78 ترجمة عربية فقط منشورة في لبنان منذ عام 1978. في حين أنه منذ ستينيات القرن الماضي، عدد الترجمات التي تنشر في لبنان هو -على الأقل -نفس العدد الذي تصدره مصر.

وقد ركزت إحدى الدراسات الاستقصائية (قامت بها السفارة الفرنسية في بيروت 2004-2005) على الترجمات من الفرنسية المنشورة في لبنان منذ 1980، حيث سجلت أكثر من 1500 ترجمة. وفي مسح آخر عن النشر في المغرب رٌصِدت 426 ترجمة عربية من 1985 إلى 2003، مقابل 24 فقط مدرجة في «فهرس اليونسكو للترجمة» خلال نفس الفترة. وسجلت دراسة عن الإصدارات السعودية خلال 1980-1993 عدد 412 ترجمة، بينما «فهرس اليونسكو» لم يحتوِ إلا على 57 ترجمة فقط للفترة نفسها.
ومنذ نهاية الاحتكار الثنائي المصري-اللبناني للكتاب العربي والظهور التدريجي منذ السبعينيات للنسخة الوطنية في معظم دول المنطقة، تنوَع مشهد النشر العربي بشكل كبير، وبالتالي صَعُب الحصول على معلومة دقيقة عن الإصدارات الحقيقية بما فيها الكتب المترجمة. ليكون المتاح هو تقييم لترتيب 2000 ترجمة يتم نشرها سنويًا على الأقل على المستوى العربي منذ بداية القرن الـ 21، بما في ذلك النسخ وإعادة الطبع. في حين تعرض السنوات الأخيرة من «فهرس اليونسكو» من 2000 إلى 2003 إجمالي 2334 ترجمة عربية، أي بمتوسط 558 ترجمة سنوياً.
المقارنة الأخرى المثيرة للاهتمام هي أول أربع سنوات من «الفهرس» (1980-1983)، حيث سجل 745 ترجمة عربية، أي متوسط 186 ترجمة سنوياً، مما يعني تضاعف الترجمات الذي سجلها «الفهرس» ثلاث مرات على مدار عشرين عامًا. وإن كانت البيانات غير كاملة، إلا أنه مازال يكشف عن تقدُم يبدو متوافقاً مع واقع السوق. فمن ناحية، لا يوجد ما يشير إلى أن نقل البيانات من الدول العربية إلى فهرس اليونسكو قد تحسن منذ الثمانينيات. ومن ناحية أخرى، يأتي التضاعف في عدد الترجمات على خلفية الزيادة الحادة في الإصدارات على مستوى العالم العربي، وهي زيادة مرتبطة في المقام الأول بتنوع مراكز الإصدار.
وإذا تأملنا الواقع الحالي للترجمة من العربية إلى اللغات الأوروبية العالمية وخاصة الفرنسية، قد لا يكون «الفهرس» أداة يمكن الاعتماد عليها كلياً، نظرًا لأنه تم الاستعانة بقوائم «المكتبة الوطنية الفرنسية- BNF» أو مثيلاتها، التي توضح أن المساواة الظاهرية بين الترجمات من اللغة الأجنبية وعددها 9038 ترجمة، والترجمات الي اللغة الاجنبية وعددها 9113، قد توحي بأن اللغة العربية في حالة تبادل ثقافي متساوٍ، إلا أنه في الواقع وهم، نظراً للفجوة الكبيرة في تجميع الإحصاءات.
الترجمة من الفرنسية إلى العربية
لا يمكن تفسير الضعف النسبي للترجمة إلى اللغة العربية بشكل قاطع، نظراً لتوافر بعض مصادر البيانات عن حركة الترجمة بين الفرنسية والعربية على مستويات مختلفة.
لتحليل إحصائيات «فهرس اليونسكو»، من الضروري أولاً تحييد الاستثناءات: حتى عام 1991، كانت الروسية تمثل %31.7 من الترجمات العربية المدرجة في «الفهرس» (1329 من أصل 4191 إصدار)، لكن معظم هذه الترجمات نُشرت في الاتحاد السوفيتي (1172 من 1329، أي %88.2). فإذا استخلصنا من الإحصائيات الترجمات المنشورة في الاتحاد السوفيتي، سنلاحظ ثبات نصيب اللغتين الفرنسية والإنجليزية معًا: حوالي %75 من الترجمات، والربع المتبقي تتقاسمه اللغات الأخرى. لكن نسبة اللغة الفرنسية ضمن الـ %75 ليست في صالحها، حيث انخفضت من %20.7 إلى %12.4.


باستثناء الحالة الخاصة للروسية، فإن الفرنسية هي اللغة الوحيدة التي تراجعت بشكل ملحوظ. والسؤال هل التغيُر المسجل بالـ «الفهرس» سيتم تأكيده أو تعديله ببيانات أكثر اكتمالاً؟ بالنسبة للبنان، الغائب إلى حد كبير عن الفهرس، يُلاحظ للوهلة الأولى- لا سيما من قوائم الناشرين- انخفاض نسبي في نصيب اللغة الفرنسية لصالح اللغة الإنجليزية.


مكانة الفرنسية تبعاً للدولة:
من المعلوم أن الفرنسية كلغة مصدر تتفوق على اللغة الإنجليزية في دول المغرب العربي. في المغرب (غير مذكورة في الجدول السابق)، الفرنسية هي لغة المصدر لـ %87.5 من الترجمات العربية البالغ عددها 539 والمجمعة من قِبل MS Janjar خلال الفترة 1955-2003. وفي المشرق، مع الأسف لا توجد بيانات دقيقة عن النسب الفرنسية-الإنجليزية في لبنان، باستثناء قوائم الناشرين التي تشير إلى استمرار سيطرة اللغة الفرنسية على الإنجليزية، مع تقلص الفجوة بينهما في السنوات العشر أو الخمسة عشر الماضية. أما في سوريا، تفوقت اللغة الإنجليزية بمعدل الضعف على نظيرتها الفرنسية التي اعتُبِرت لغة المصدر الأولي للترجمات العربية حتى الثمانينيات. وكان من البديهي أن تهيمن اللغة الإنجليزية كلغة مصدر أولي في باقي الدول المذكورة في الجدول كونها ثقافات ناطقة بالإنجليزية. وأغلب الظن أن هذه الهيمنة كانت ستكون أقل توطداً في مصر، حيث اجتهد الفرنسيين لترسيخ ثقافتهم لإحباط النفوذ البريطاني، إلا أن نصيب الفرنسية في الترجمات بها أقل من الأردن والكويت.
الكتب المترجمة من الفرنسية إلى العربية
في الوقت الذي لا يتعدى نصيب الأدب في الترجمات من العربية ثلث الأعمال المترجمة عربياً، يمثل هذا النشاط %50 في السوق العالمية، وهو ما يؤكد الاتجاه «النفعي» لسوق النشر العربي. أما فيما يتعلق بالترجمات من الفرنسية، فقد زادت حصة الأدب، التي تعادل تلك الموجودة في جميع اللغات الأصلية في بداية الفترات الأولي والثانية (%38 و%36على التوالي)، ووصلت إلى %56 في الفترة الثالثة ما بين 2000-2005.

المصدر