تُقدر القيمة السوقية لأفضل الشركات الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي بنحو 81 مليار دولار وعددها 7 شركات، تلك التي تضمنتها قائمة أفضل 100 شركة ناشئة في عام 2022، وفق قاعدة بيانات موقع “فالوري” العالمية المتخصصة في تصنيف الشركات الناشئة (https://www.failory.com/unicorns-list)، وتلقت هذه الشركات 5.2 مليار دولار تمويلات وفق آخر تحديث للبيانات المعروضة بالقاعدة.
تصنف قاعدة بيانات “فالورى” شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة السبع ضمن فئة شركات “اليونيكورن”، حيث تُظهر البيانات أن الشركات السبع تم تأسيسهم بين عامي 2012 و2016 عدا شركة واحدة وهي (Automation anywhere) أُسست في عام 2003.
يُلاحظ من الناحية الجغرافية أن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها نصيب الأسد في قائمة أفضل شركات اليونيكورن بمجموع 57 شركة من قائمة أفضل 100 شركة ناشئة مصنفة، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على شركات الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص، حيث استأثرت منفردة كموطناً للشركات السبع وهم (Databricks، Tempus، Scale AI، Gong، Argo AI، Automation anywhere، DataRobot) والذين يتنوع مجال عملهم بين الذكاء الاصطناعي والتحليلات والتعلم الآلي والروبوتات وغيرها.
هذا لا يعني أن الدول الأخرى ليس لديها شركات ناشئة في المجال ذاته، لكن الاختلاف الذي يجعلها لا تتدخل في قائمة “اليونيكورن” أن قيمتها السوقية تعدت مليار دولار ولكن في مدة تزيد على ال10 سنوات، أو لا تزال حديثة النشأة ولم تتجاوز قيمتها المليار دولار بعد، أو كانت شركات مساهمة أي طُرحت للاكتتاب العام وتم تداول أسهمها في البورصات كشركات Facebook و Google وشركة Open AI أيضاً التي أطلقت خدمة المحادثة المطورة عبر الروبوت ChatGPT في نوفمبر 2022، ولاقت استحساناً من كثير من المستخدمين الذي بلغ عددهم 100 مليون مستخدم في الشهر الأول للتطبيق، لتصل قيمتها السوقية إلى 29 ميار دولار ولكنها لا تدخل في القائمة لاعتبارها من شركات المساهمة المطروحة في البورصة وليس من الشركات الخاصة.
بقاء الشركات الناشئة كشركة خاصة يُحقق العديد من الفوائد لاسيما التركيز على الإستراتيجية طويلة الأجل بدلاً من الأرباح الفصلية قصيرة الأجل، والاحتفاظ بالميزة التنافسية التي تأتي من عدم الكشف عن تفاصيل الأعمال وبخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتقليل الوقت والموارد التي تنفقها الإدارة على الأنشطة التي تواجه المساهمين إذا ما طُرحت في البوصة بغرض تحويلها إلى شركة مساهمة، وأخيراً حماية المستثمرين من عمليات الاستحواذ العدائية التي قد تنال هذه الشركات المُبتدئة.
وعلى الرغم من هذه الفوائد الجمّة إلا أن عدد قليل منها تبقى شركات خاصة إلى أجل غير مسمى لرغبتها في النمو من ناحية، أو لتجاوز الشركة الحد الأقصى لعدد المساهمين المسموح به ككيان خاص من ناحية أخرى، لذا تضطر إلى طرح أسهمها للاكتتاب وهو ما قد يُعرضها في كثير من الأحيان إلى خفض سعر أسهمها كذلك تكون مجبرة على الافصاح عن بياناتها المالية.
بالرجوع إلى قائمة “اليونيكورن” نجد أن هناك 6 شركات ناشئة في الذكاء الاصطناعي تراوحت قيمتها السوقية بين 6.3 و8.1 مليار دولار، بينما بلغت قيمة شركة Databricks منفردة ما مقدراه 38 مليار دولار، وهي أنشئت في عام 2013 بتمويلات بلغت قيمتها 557.15 مليون دولار فقط، وهي تضطلع في مجال عملها بالتحليلات، وتطوير الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات، والتعلم الآلي، والبرمجيات.
جدير بالذكر أن العلاقة بين حجم التمويلات والقيمة السوقية ليس معتبراً فلا يمكن القول بوجود علاقة طردية بينهما بحيث تزداد القيمة السوقية بارتفاع معدل التمويل والعكس صحيح أيضاً، ويظهر ذلك بجلاء عند مقارنة حجم التمويلات مقابل القيمة السوقية لشركتي DataRobot، و Tempus اللتان مُنحا أكثر من مليار دولار لكل شركة منهما في المقابل لم تتجاوز القيمة السوقية للأولي 6.3 مليار دولار ، و الثانية 8.1 مليار دولار. كما هو موضح بالجدول. بينما شركة Databricks منحت نصف مليار دولار فقط في المقابل وصلت قيمتها السوقية إلى 38 مليار دولار كما سبق القول.
هناك إذن معايير محددة لتحديد القيمة السوقية للشركات الناشئة لا علاقة لها بمقدار ما تلقته من تمويلات، على سبيل المثال وضوح أهداف ورؤية الشركة، أهمية المنتج، منحنى توقعات الربح المالي، القيمة السوقية للشركات المماثلة، احتضانها لعلامات تجارية كبرى، الخبرة التي يتمتع بها المؤسسون، وغيرها من المعايير. هذا ليس معناه ان حجم التمويلات لا تتأثر بالقيمة السوقية، بل تعتبر في حد ذاتها عاملا مهما لجذب التمويل الملائم لمشروعاتها.
تُظهر البيانات كذلك أن الشركات التكنولوجية بشتى انواعها استحوذت على 90% من قائمة أفضل 100 شركة ناشئة “يونيكورن” وكان لها نصيب الأسد من حيث قيمتها السوقية، فعلى سبيل المثال تجاوزت القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا المالية 328 مليار دولار موزعين على 14 شركة ناشئة تخطت تمويلاتهم 19 مليار دولار، كذلك بلغت القيمة السوقية لشركات التجارة الإلكترونية الناشئة 287 مليار دولار وعددهم 17 شركة، أما شركات الأمن السيبراني الذي بلغ عددهم 7 شركات فقط كانت قيمتهم السوقية 54.20 مليار دولار.
يتبدى مما سبق أن الشركات الناشئة أيا كان مجال العمل التي تعتنقه فإن حجمها يتضاءل كثيرا مقارنة بالشركات المعنية بالتكنولوجيا سواء من حيث القيمة السوقية أو التمويلات وهو ما يثير الانتباه نحو ما سوف تنبئ عنه الأيام القادمة من قفزات تكنولوجية متتالية لاسيما في الذكاء الاصطناعي، ولعلّ ذلك يبرر قول رجل الاعمال الشهير “إيلون ماسك” مؤخراً بأن عدد مشغلات الذكاء الاصطناعي أي الروبوتات الذكية قد يتجاوز عدد البشر في المستقبل القريب.