16.3 مليار ساعة قضاها المُستخدمون أمام تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، حيث بلغ عدد تنزيلات هذا النوع من التطبيقات 4.6 مليار تنزيلاً في عام 2020. ربما تكون هذه الأرقام غير مُفاجئة إذا ما علِمنا أن مُستخدمي الهواتف الذكية وعددهم 6.6 مليار عالمياً أنفقوا ما مقداره 3.8 تريليون ساعة في 2021 أمام شاشات الهاتف المحمول، أي بمعدل 4.8 ساعة يومياً للفرد الواحد، والذي جرى تنزيل 230 مليار تطبيقاً خلاله وفق تقرير أوضاع الهاتف المحمول “ App Annie State of Mobile 2022”.
إلا أن المُلفت حقاً هو معدّل النمو الذي لحق تنزيلات تطبيقات الخدمات المصرفية على وجه الخصوص، والذي بلغ نسبته %45 في 2020 عن العام الذي سبقه. لا شك أن جائحة كورونا كان لها الأثر البالغ في غزو التكنولوجيا لقطاع الخدمات المصرفي ودفعه نحو ترسيخ المعاملات البنكية عن بُعد لاسيما عبر تطبيقات الهاتف المحمول، فضلاً عن عوامل أخرى لعلّ أهمها السهولة والسرعة والأمان في إتمام المعاملات.
12 خدمة مصرفية مجانية عبر التطبيقات
بلغت قيمة سوق الخدمات المصرفية العالمية عبر تطبيقات الهاتف المحمول 715.3 مليون دولاراً في 2018 ومن المتوقع أن تصل إلى مليار و825 مليون دولار بحلول عام 2026، مُسجلة معدل نمو سنوي مركب قدره %12.2 في الفترة من 2019 إلى 2026 بحسب تقرير «Mobile Banking Market». ورغم أن حزمة الخدمات المصرفية عبر تطبيقات الهاتف المحمول في الغالب تكون أقل من نظيرتها المقدمة عبر الموقع الإلكتروني للبنك أو المؤسسة المالية، إلا أن هناك 12 خدمة عادةً ما تُقدم بدون مُقابل ويُمكن تقسيمها إلى 3 أنواع من الخدمات وهم؛ أولاً معلومات عن الحساب: وتشمل إطلاع العميل على كشوفات حساب لمدة محددة قصيرة، تنبيهات بشأن نشاط الحساب، مراقبة الودائع والسحوبات، الوصول إلى بيانات القروض، الوصول إلى كشوفات حسابات البطاقات الائتمانية. ثانياً معاملات مالية: كتحويل الأموال بين حسابات العميل المرتبطة، التحقق من الإيداع، دفع الفواتير. ثالثاً دعم فني: كبيان مواقع الصرّاف الآلي، حساب القروض، طلبات دفتر الشيكات والبطاقات، تبادل الرسائل وتقديم الشكاوى ومتابعتها. أما الخدمات الأخرى لا تكون مجانية وإنما يستفيد البنك بعمولة نظير إتاحتها ولعلّ الأكثر شيوعاً منها هي تحصيل الشيكات البنكية من خلال التطبيقات باستخدام المسح الضوئي على الشيك أو من خلال تصويره، كذلك تحويلات الأموال لطرف ثالث والوصول إلى سوق الأوراق المالية وغيرها من الخدمات.
وبحسب دراسة أجرتها شركة «Data Innovation Inc» المتخصصة في أبحاث سوق صناعة الهواتف المحمولة فإن الخدمة المصرفية الأكثر شيوعًا عبر التطبيقات هي التحقق من أرصدة الحسابات، حيث استفاد من هذه الخدمة %82 من العملاء، بينما يفحص %50 منهم معاملاتهم المرسلة إلى بطاقة الائتمان، واستخدم %40 من العملاء خدمة تحويل الأموال بين حساباتهم في نفس البنك، بينما استفاد %29 من خدمة دفع الفواتير.
2.5 مليار حساب مصرفي نشط بحلول 2024
من المُقدّر أن يزداد استخدام الخدمات المصرفية عبر تطبيقات الهاتف المحمول بصفة خاصة والإنترنت بصفة عامة بشكل مضطرد بين عامي 2020 و2024، فبحسب (Statista) استخدم ما يصل إلى 1.9 مليار شخصاً في جميع أنحاء العالم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت سواء من خلال الموقع الإلكتروني أو التطبيقات الإلكترونية في 2020، وهو ما يُمثل %30.2 من جميع الأشخاص الذي لديهم حسابات بنكية على مستوى العالم، إذ أنه لا زال هناك 1.7 مليار إنساناً ليس لديهم حساب بنكي بحسب بيانات البنك الدولي. استحوذت أسيا وبالأخص دولتي الهند والصين على %50 من المستخدمين النشطين بمجموع 800 مليون مُستخدم نشط في 2020 ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ما يقرُب من مليار بحلول عام 2024 وهو العام الذي يُتوقع أن يصل فيه مجموع عدد العملاء النشطين إلى 2.5 مليار عميلاً على مستوى العالم.
الرغبة الجامحة من العملاء في استخدام التطبيقات الالكترونية، كذلك تداعيات جائحة كورونا، فضلاً عن التطور التكنولوجي الذي أصبح يضاهي سرعة الضوء، أدت إلى ظهور نمط جديد من البنوك لم نكن نعتاده من قبل وهو «البنوك الرقمية»، تلك التي تقدم الخدمات المصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة دون أن تلزم عملائها بالتواجد المادي أو زيارة أي فرع من فروعها في أي إجراء كان.
5 بنوك رقمية هي الأكبر عالمياً
بات التنافس محتدما بين شركات التكنولوجيا المالية الناشئة التي تُقدم وتُأمن الخدمات المصرفية الرقمية، فضلاً عن تدافع البنوك التقليدية نحو التحول الرقمي الكُلّي للاحتفاظ بعملائها من ناحية وللاستحواذ على أكبر عدد من العملاء الجدد من ناحية أخرى، فقد تجاوز عدد البنوك الرقمية عالمياً 400 بنكاً مُرشحاً للزيادة في الأعوام القادمة، بحجم سوق وصل إلى 8 تريليونات دولار أمريكي في عام 2020 ومن المتوقع أن تنمو بنحو %5 من عام 2021 إلى 10 تريليونات دولار بحلول عام 2027، وفقًا لتقرير« Global Market Insights Inc 2020».
خلت قائمة أكبر 5 بنوك رقمية كلياً من البنوك العربية، حيث جاءت في مقدمتها بنك Nubank في ساوباولو البرازيلية والذي استحوذ على 35 مليون عميلاً بحلول عام 2021، وقد يتخطى حاجز ال 50 مليون عميلاً في 2022، بعد أن كان عدد عملائه 6 مليوناً فقط في 2018 برأس مال بلغ 25 مليار دولار، ثم بنك Revolut الإنجليزي الذي استحوذ على 15 مليون عميلاً برأس مال بلغ 33 مليار دولار. وفي المرتبة الثالثة بنك Tinkoff الروسي الذي بلغ عدد عملائه 13 مليون عميلاً برأس مال 17 مليار دولار، تلاه في المرتبتين الرابعة والخامسة بنكيّ Chime وSofi بسان فرانسسكو بالولايات المتحدة الأمريكية ليستحوذ الأول على 12 مليون عميلاً برأس مال بلغ 14.5 مليار دولار، أما الثاني كان عدد عملائه 7.5 مليون عميلاً برأس مال بلغ 9 مليار دولار. أما في نطاق الدول العربية فتمركزت البنوك الرقمية في 4 دول فقط حتى الآن وهي السعودية والإمارات والبحرين والكويت، إلا أن حركة هذه البنوك لازالت تنمو ببطيء في المنطقة العربية.
أصبحت إذن كافة المعاملات المالية البنكية تتم بطريقة لحظية من خلال تطبيق إلكتروني على هاتف ذكي، الأمر الذي قد يُثير التساؤل مُستقبلاً حول الدور الذي سوف تضّطلع به البنوك التقليدية؟ إذ ربما نُفاجأ باختفائها تدريجياً وبخاصة مع ازدهار العملات الرقمية وشرعنة التعامل بها جزئياً.