لم تنخفض نسبة المتسربين من التعليم بعد 24 عاماً إلا بواقع 38% فقط، حيث بلغت عام 2023 أكثر من 242 مليون مقابل 388 مليون عام 2000، ولم تتجاوز نسبة 6% بعد عقد من الزمان، حيث سجلت 257 مليون ونصف مليون تقريباً عام 2013 مقابل عام 2023. كما لم تكن أعداد المتسربين من التعليم في الدول منخفضة الدخل هي الأعلى طوال 24 عاماً كما هو متوقع قياساً على ظاهرة الارتباط بين التسرب من التعليم والدخل، بل كانت الثانية في الترتيب على مستوى الشرائح الأربعة، حيث بلغ متوسط شريحة الدخل المتوسط الأدني حوالي 63% وهي الأعلى عدداً طوال الفترة، في حين كانت نسبة متوسط اعداد دول الدخل المنخفض 21%، تلتها دول الدخل المتوسط الأعلى 14%، وأخيراً دول الدخل المرتفع 2%. ليكون الفرق 89% بين متوسط أعداد المتسربين من التعليم بين دول أدني وأعلى شريحة (منخفضة الدخل والدول مرتفعة الدخل)، و 96% بين متوسط دول الشريحة ذات الأعداد الأعلى(الدخل المتوسط الأدني) و بين دول الدخل المرتفع. ومن اللافت أن الفرق بين متوسط أعداد المتسربين لإجمالي الفترة في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى تفوق على أعداد دول الدخل المنخفض طوال الفترة بنسبة تقرب من 33%، وهو ما خالف الترتيب المنطقي لهاتين الشريحتين على مستوي الشرائح الأربعة، إذ كان من المتوقع أن تتفوق أعداد دول الدخل المنخفض على دول الدخل المتوسط الأدنى، إلا أن النسبة كسرت القاعدة وأصبحت الاستثناء في هذا التصنيف.
وقد تبين من آخر بيانات تم تجميعها من تقديرات اليونسكو https://uis.unesco.org/en/home#tabs-themes_tab-center-1 – بشأن المُتسَربين من مراحل التعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي، من عام 2000 حتى عام 2023 ضمن دول العالم المُصنَفة بحسب شرائح الدخل الأربعة: الدول منخفضة الدخل، الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى، الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، والدول مرتفعة الدخل، بأن شريحة الدخل المتوسط الأدنى هي الشريحة ذات أعلى أعداد لم تلتحق بالتعليم خلال الفترة الزمنية كلها مقارنة بباقي الشرائح، وقد اتسمت بانخفاض تدريجي ثابت بلغ 57%، كان ملحوظاً بصفة خاصة خلال العقد الأول من 2000 حتي 2010، ثم استمر في التباطؤ حتى 2023، فقد سجلت أعداد المتسربين عام 2000 أكثر من 250 مليون طفل وشاب حتى وصلت لحوالي 141 مليون متسرب عام 2023.
في حين أن معدلات الدول منخفضة الدخل تأرجحت خلال الـ24 عام ما بين الصعود والهبوط، لكن في نهاية الفترة غلبت سمة الارتفاع على هذه الشريحة بنسبة 83% مقارنةً بين أول الفترة عام 2000 وآخر الفترة عام 2023، حيث كان المتسربين من التعليم حوالي 58 مليون متسرب عام 2000 حتى عام 2014 ثم بدأت في الارتفاع مجددا حتى عام 2023 وبلغت ما يقرب من 70 مليون طفل وشاب، وهي الشريحة الوحيدة التي ارتفعت فيها أعداد المتسربين من بين الشرائح الأخرى.
والملاحظ أيضاً أن معدلات أعداد الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى تفوقت على الدول منخفضة الدخل في الفترة ما بين 2000 حتى 2003 فقط، ثم استمرت في انخفاض محدود حتي 2023، وبشكل عام فإن هذه الشريحة تميزت بالانخفاض العام بلغ حوالي 40%، حيث كان عدد غير الملتحقين بالمدارس عام 2000 أكثر من 70 مليون، ثم هبط الى 27 مليون متسرب عام 2023. وفي المقابل كان الانخفاض في الأعداد سمة شريحة الدول مرتفعة الدخل طوال الفترة بلغ نسبته حوالي 40% عام 2000 مقارنةً بعام 2023، وسجلت الأرقام حوالي 10 مليون طالب و4 مليون طالب على التوالي.
وسارت معدلات مراحل التعليم على نفس نهج الترتيب والارتفاع والانخفاض الذي تم ملاحظته على مستوى شرائح الدخل، وكانت أكبر نسب للمتسربين من التعليم من الإجمالي، أولاً للذين لم يلتحقوا بالتعليم الثانوي من الذكور والإناث 47% بإجمالي 3 مليار و241 مليون شاب، ثم المرحلة الابتدائية 30% بإجمالي 2 مليار و68 مليون طفل، وأخيراً المرحلة الإعدادية 22% أي مليار و514 مليون مراهق.
وإذا تتبعنا ترتيب أعداد المتسربين من التعليم، نجد أنه من الممكن تقسيم القائمة الى ثلاث مجموعات، الأولى هي أعلى أعداد على مستوى البيانات تنتمي لنفس شريحة الدخل وهي الدول ذات الدخل المتوسط الأدني بجميع المراحل الدراسية للذكور والإناث: حيث ترأس القائمة الشباب من الذكور والإناث بالدول ذات الدخل المتوسط الأدني بالمرحلة الثانوية بعدد مليار و88 مليون للذكور، ومليار و58 مليون للإناث، تلاهم بالمرحلة الابتدائية بنفس شريحة الدخل الذكور 633 مليون و755 الف، و597 مليون و895 الف أنثى، ثم بالمرحلة الإعدادية الذكور 466 مليون و827 الف، والإناث 447 مليون و335 الف.
أما المجموعة الثانية فهي مزيج من الذين لم يلتحقوا بالتعليم بكلاً من شريحتي الدول ذات الدخل المنخفض، والدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، حيث تبادلا المراكز بينهما، على سبيل المثال تصدرت أعداد غير الملتحقين بالابتدائي من الإناث بالدول منخفضة الدخل بأكثر من 315 مليون طفلة، ثم 301 مليون ونصف مليون شاب بالدول ذات الدخل المتوسط والاعلى، لحقهم في الترتيب 279 مليون ذكر لم يلتحقوا بالابتدائي بالدول منخفضة الدخل، و 269 مليون شابة لم تلتحق بالثانوي بالدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، وهكذا حتى نصل الى أقل عدد في هذه المجموعة وهي المراهقون المتسربين من الإعدادي بالدول ذات الدخل المتوسط الأعلى.
وإذا انتقلنا للمجموعة الثالثة، نجد أنها تشمل المتسربين من الذكور والإناث بالمراحل التعليمية المختلفة بالدول مرتفعة الدخل فقط وهي تبدأ من أكثر من 46 مليون شاب ذكر لم يلتحق بالثانوي، وتنتهي بعدد 11 مليون مراهقة لم تلتحق بالإعدادية.
و بالتالي يتبين من هذه التقديرات أنه على غير المتوقع للسيناريو السائد الذي قد يفترض ان أعداد الإناث المتسربات من التعليم تتخطى أعداد الذكور، لم تحافظ معدلات المتسربين الذكور مقارنةً لإقرانهم الإناث على الثبات بالمراحل الثلاث للتعليم المدرسي، حيث جاوزت أعداد المتسربين من التعليم الابتدائي والثانوي إجمالي أعداد المتسربات من نفس المراحل بشرائح الدخل الأربعة، فقد سجل إجمالي أعداد الذكور المتسربين من التعليم الابتدائي مليار و38 مليون متسرب مقابل مليار و30 مليار للإناث، وفي المرحلة الثانوية بلغت أعداد المتسربين مليار و635 مليون ذكر، مقابل مليار و606 أنثى. في حين تعدت أعداد الإناث المتسربات من المرحلة الإعدادية (762 مليون) أعداد أقرانهم من الذكور 752 مليون.
الرئيسية نشرة رقم عدد إبريل2024