ماذا لو انقطع الإنترنت عن العالم …خسارة 51 مليار دولار كل 24 ساعة ..

يخسر العالم قرابة 2,2 مليار دولار كل ساعة ينقطع فيها الإنترنت، تلك الشبكة العنكبوتية التي أصبحت شريان الحياة فيم نعيشه اليوم من عصر رقمي بامتياز، أي ما يجاوز 51 مليار دولار كل 24 ساعة بحسب أحدث بيانات لمنصة ” netblocks” في عام 2023، والتي ترصد معدلات وتداعيات انقطاعات الإنترنت في العالم. تبدو هذه الأرقام مثيرة للقلق خاصة إذا تصورنا انقطاع الإنترنت على العالم لمدة أكثر من ذلك كما لو كانت شهر أو سنة أو انقطاع مدى الحياة! وفي هذا المقال نرصد الدول ذات الاقتصاد الأكثر تضرراً والشركات التي تتجمد والقطاعات التي قد تزول إذا انقطع الانترنت عن العالم.
8 دول هم الأكثر تضرراً
تشير البيانات أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون الدولة الأكثر تضرراً على الإطلاق في حالة انقطاع الانترنت كلياً إذ أنها ستخسر قرابة 7,3 مليار دولار عن كل يوم ينقطع فيه الإنترنت، ويعكس هذا الرقم الاعتماد الهائل للاقتصاد الأمريكي على البنية التحتية الرقمية، بالإضافة إلى تضخم مستخدمي الإنترنت لديها والذي يتجاوز عددهم 312,3 مليون مستخدم أي نسبة 96% من سكانها تقريباً، فضلاً عن كونها موطن لأهم الشركات التكنولوجية في العالم. تليها في المرتبة الصين والتي ستتحمل خسارة كبيرة تزيد على 5,8 مليار دولار عن كل يوم ينقطع فيه الإنترنت لديها، والذي يستخدمه أكثر من 905 مليون من إجمالي 1.4 مليار نسمة. كما يُتوقع أن تخسر كذلك المملكة المتحدة ما مقداره 2,7 مليار دولار يومياً حال انقطاع الإنترنت لتحل في المرتبة الثالثة، ثم كل من اليابان بمقدار 1.9 مليار وإسبانيا بمقدار 1.5 مليار دولار وهولاندا 1.1 مليار دولار، وأخيراً وألمانيا والهند بمقدار يزيد على مليار دولا رلكل منهما عن كل يوم ينقطع فيه الإنترنت.
بخلاف الدول الثمانية المذكورة، هناك 21 دولة رصدت منصة “netblocks” حجم خسارتها اليومية ولكنها كانت أقل من مليار دولار عن كل يوم ينقطع فيه الانترنت، ومن بين قائمة تلك الدول جاءت دولة عربية وحيدة وهي الإمارات العربية المتحدة والذي يتوقع أن تخسر أكثر من 500 مليون دولار عن انقطاع الإنترنت كل يوم. كما هو موضح بالجدول رقم(1)
10 شركات قد تتجمد
تُظهر البيانات مدى تأثر الشركات القائمة على التكنولوجيا بانقطاع الإنترنت سواء المتعلقة بالبرمجيات أو وسائل التواصل الاجتماعي أو التجارة الإلكترونية أو بالأمن السيبراني، وذلك لكونها تعتمد بشكل أساسي على البنية التحتية الرقمية في جميع عملياتها، بدءًا من التصميم والتطوير وصولًا إلى التسويق والمبيعات والخدمة للعملاء، وغيرها. وتشير البيانات بأن شركة أمازون- Amazon يتوقع أن تخسر ما يزيد على 1,019 مليار دولار كل 24 ساعة، وتعتمد أمازون بشكل أساسي على الإنترنت في جميع عملياتها، من التسويق إلى البيع والتسليم، وحتى الخدمات السحابية التي تقدمها لشركات أخرى، فأي انقطاع في الإنترنت يعني توقف شبه كامل لهذه العمليات. وما تخسره شركة امازون يمثل أكثر من ضعف ما يتوقع أن تخسره شركة ألفابت- Alphabet وهي الشركة الأم لشركة جوجل والتي من المرجح أن تخسر ما مقداره 481,8 مليون دولا يومياً، وفي الترتيب الثالث للشركات الأكثر تضررا بسبب انقطاع الإنترنت شركة دي جي دوت كوم – JD.com وهي واحدة من أكبر شركات التجارة الإلكترونية في الصين والعالم، وتشتهر بتركيزها على المنتجات عالية الجودة والخدمات اللوجستية الفعالة. تأسست الشركة في عام 1998، وقد تطورت بشكل كبير لتصبح قوة رئيسية في سوق التجارة الإلكترونية العالمية، والتي يتوقع أن تخسر أكثر من 301 مليون دولار كل 24 ساعة ينقطع فيها الإنترنت، وجاءت فيس بوك في الترتيب الرابع من حيث حجم الضرر الذي يتوقع ان تتعرض له والخسارة التي تتتحملها نتيحة قطع الإنترنت لمدة يوم كامل متواصل والتي قدرت بأكثر من 226 مليون دولار، تراوحت حجم الخسارة للشركات الست الأخريات بين 148 مليون دولار بالنسبة لشركة علي بابا- Alibaba، و56,6 مليون دولار بالنسبة لشركة -Paypal المعنية بالدفع الإلكتروني. كما هو موضح الجدول رقم(2).

3 قطاعات قد تزول
القطاع الأول وهو قطاع التجارة الإلكترونية، والذي يعتمد بشكل رئيسي على الإنترنت والخدمات الحوسبية، إذ يؤدي انقطاع الإنترنت إلى توقف المبيعات تماماً، كذلك توقف سلاسل الإمداد حيث يتم إدارة المخزون وتتبع الشحنات عبر الإنترنت.
القطاع الثاني وهو الخدمات المالية عبر الإنترنت eBanking، والآخذ في الصعود حالياً، إذ يعتمد كلياً على الشبكة العنكبوتية ويتيح للعملاء إجراء معاملاتهم المصرفية المختلفة مثل التحويلات البنكية، ودفع الفواتير، وشراء الأسهم، وغيرها الكثير، وذلك باستخدام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية عبر الإنترنت، كما يؤدي انقطاع الإنترنت توقف التداول في الأسواق المالية نهائياً.
أما القطاع الثالث وهو الترفيه والاتصالات حيث تعتمد وسائل التواصل الاجتماعي والبث المباشر للأفلام والموسيقى والرياضة على الإنترنت بشكل كامل، وتوقف الإنترنت يعني توقف تام لهذه الخدمات.
بالإضافة إلى القطاعات الثلاثة الآنف ذكرها، فإن هناك قطاعات أخرى قد تتأثر بانقطاع الإنترنت ولكنها لن تزول وإنما ستعود للطرق التقليدية، لاسيما خدمات الحكومة الإلكتروية مثل دفع الفواتير وتجديد الرخص، والتي تتوقف عند انقطاع الإنترنت، فضلا عن الخدمات اللوجستية والنقل الذي من شأن انقطاع الأنترنت أو يوقف خاصية تتبع الشحنات ما قد يؤثر على التأخير ف التسليم.
تتأثر كذلك الخدمات الصحية، وتعود لنظامها التقليدي مع صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية عن بعد عبر الإنترنت لتقديم الاستشارات الطبية وتشخيص الأمراض. وهو ما يصدق كذلك على قطاع التعليم عن بعد عبر الإنترنت لتقديم الدروس والتفاعل مع الطلاب.
ختاماً، إذا كان العالم يتعرض لخسارة قدرها 51 مليار دولار عن كل يوم ينقطع فيه الإنترنت فمفاد ذلك أن حصيلة الخسارة في السنة الواحدة مقدراها 18,615 تريليون دولار وهو يمثل حوالي 17% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2023 والمقدّر بـ 105 تريليون دولار بحسب بيانات البنك الدولي، وهي نسبة ليست ضئيلة وتعكس مدى أهمية وجود واستمرار الإنترنت في حياتنا الأمر الذي أضحى معه الإعتراف بحق الوصول إلى الإنترنت حقاً من حقوق الإنسان.