هناك ثمن لندرة المياه، إذ يمكن أن تتسبب في تقلص الناتج المحلي الإجمالي للدول ذات الدخل المرتفع بنسبة 8% في المتوسط بحلول منتصف القرن، وبانخفاض يصل إلى 15% في الدول الفقيرة، وفقاً لتحليل جديد، اعتبر أن الدعم الحكومي الذي يشجع على الإفراط في استهلاك المياه، يُعد من العوامل الأكثر تأثيراً في تفاقم الأزمة.
وأوضح التقرير، الذي أصدرته الأربعاء اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه، أن نحو 3 مليارات شخص، وأكثر من نصف الإنتاج الغذائي العالمي، يعيشون في مناطق تعاني من تفاقم نقص المياه. وتُعد المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مثل جنوب أوروبا وشمال شرق الصين وشمال غرب الهند، الأكثر عرضة للخطر.
وقالت نغوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية والرئيسة المشاركة للجنة، إن “هذه النتائج مهمة للغاية”.
يأتي هذا التقرير قبل انعقاد قمة التنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة لعام 2024، المعروفة بـ”كوب 16″ (COP16)، والتي ستُعقد في كولومبيا لمناقشة حماية الحياة البرية والموائل الطبيعية.
وأسفرت القمة السابقة عن اتفاق 195 دولة على حماية واستعادة ما لا يقل عن 30% من أراضي ومياه الأرض بحلول عام 2030، مما يزيد من أهمية حماية الغابات في ضوء نتائج التقرير الجديد.
تفاقم الأزمة
يحدث ذلك، نظراً لأن إزالة الغابات والتغيرات في استخدام الأراضي يمكن أن تعرقل أنماط هطول الأمطار، مما يزيد من تفاقم ندرة المياه.
وبحسب مؤلفي التقرير، فإن أفقر 10% من سكان العالم يعتمدون على مصادر مياه برية لتأمين أكثر من 70% من احتياجاتهم السنوية من الأمطار، مما يجعلهم الأكثر تضرراً من آثار إزالة الغابات.
إلى جانب الأسباب التقليدية مثل إزالة الغابات وتغير المناخ، يُرجع التقرير تفاقم أزمة المياه إلى مشكلة أقل شهرة، وهي الدعم الحكومي الذي يشجع على الإفراط في استهلاك المياه.
يشير التقرير إلى أن “المياه غالباً ما يتم إدارتها بشكل سيئ بسبب الحوافز المشوهة والسياسات غير الملائمة”. فعلى سبيل المثال، أدى دعم المحاصيل الشرهة للمياه مثل القطن وقصب السكر إلى تشجيع زراعتها في مناطق جافة مثل جنوب آسيا والشرق الأوسط، وهما من أكثر مناطق العالم جفافاً.
يكشف التقرير أن ما لا يقل عن 550 مليار دولار يتم إنفاقها سنوياً على إعانات زراعية مضرة بالبيئة عالمياً. وتواجه الزراعة خطر فقدان نحو 13.2 كيلومتر مكعب من المياه الجوفية سنوياً بسبب هذه الإعانات المشوهة، وللمقارنة، يستخدم القطاع الزراعي في الولايات المتحدة حوالي كيلومتر مكعب من المياه سنوياً.
ترشيد الدعم الحكومي
قال الباحثون: “يجب إعادة توجيه الإعانات الضخمة الحالية، التي تساهم في الإفراط في استخدام المياه وتدهور البيئة، نحو حلول لتوفير المياه، وحماية واستعادة النظم البيئية للمياه العذبة، وضمان الوصول إلى مياه نظيفة للمجتمعات الضعيفة”. كما يمكن أن يساعد إعادة التفكير في تسعير المياه في تخفيف بعض المخاطر المحتملة.
وأضاف رئيس سنغافورة، ثارمان شانموغاراتنام، وهو أحد رؤساء اللجنة المشتركة: “على الرغم من أن العالم ليس مستعداً بعد للحديث عن سعر عالمي للمياه، إلا أنه ينبغي لكل بلد التحرك نحو تسعير واقعي يأخذ في الاعتبار ندرة المياه محلياً”.
وفقاً لدراسة أجرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عام 2022، فإن الدورة الهيدرولوجية العالمية باتت غير متوازنة، بفعل تغير المناخ والأنشطة البشرية الأخرى. وأكد الباحثون في اللجنة على ضرورة تغيير المسار لتجنب تفاقم الأزمة.
واختتم شانموغاراتنام بالتحذير قائلاً: “كل المجتمعات ستتأثر”.
المصدر: الشرق للأخبار