الفن يعلو على المادة: السرقات في الآثار الخشبية والنسيجية 3 أضعاف الذهبية والفضية

من المعلوم أن سرقة ونهب وتهريب والاتجار في الآثار التاريخية والتربح منها بالبيع لهواة اقتناء الآثار، يكون بدافع قيمتها الفنية والثقافية والتاريخية بغض النظر عن قيمة المواد المصنوعة منها، بعبارة اخري يمكن القول أن المادة المصنوع منها الأثر التاريخي ليست وحدها ما تمنحه قيمته الثقافية والتاريخية ولا حتي المادية التي قد تدفع لسرقتها. وتؤكد هذه الفرضية البيانات التي قام مركز جسور بتحليلها من عينة مأخوذة من البلاغات التي نشرها الانتربول، حيث تبين من التحليلات أن السرقات التي تعرضت لها الآثار المصنوعة من الخشب والنسيج والقماش تمثل 32% أو ثُلث العينة الاسترشادية- وعددها 1066 قطعة، وعدد هاتان المادتان 176 و167 قطعة على التوالي، أغلبها سُجل في أوروبا (79 قطعة للخشب، و68 قطعة للقماش) وأمريكا اللاتينية (27 قطعة للخشب، و50 قطعة للقماش). في حين أن نسبة القطع المصنوعة من الذهب والفضة 12% فقط (8% للذهب و4% للفضة) أى نصف وربع نسبة الخشب و القماش- (بواقع 82 قطعة للذهب، 35 قطعة منها في أوروبا، والفضة 46 قطعة، 26 قطعة منها في أوروبا، و 13 في أمريكا اللاتينية)، أما نسبة الأحجار الكريمة فلم تتعدى 3% من إجمالي العينة، أي أن المعادن النفيسة والثمينة ليس لها الغلبة.
ومن بين هذه القاعدة تمت المقارنة لعينة قدرها 2% فقط في محاولة للتعرف على طبيعة وقيمة الآثار والمقتنيات الثمينة التي تتنقل يومياً- من موطنها الأصلي- بين الدول المختلفة لينتهي بها الأمر في أحد المتاحف العالمية الشهيرة في أوروبا، أو أمريكا، أو في منازل الأثرياء عن طريق الشبكات الدولية للاتجار في الآثار. ومن بين البيانات التي تم استخلاصها من قاعدة بيانات الانتربول هي المواد التي تم منها تصنيع المسروقات من الآثار التاريخية، والبالغ عددها 18 مادة، تم تقسيمها الى 5 شرائح بحسب أعداد القطع المسروقة لكلٍ منها وكانت كالتالي:
1- أكثر من 100 قطعة مصنوعة من الخشب والقماش بإجمالي 176 و167 قطعة لكلٍ منهما على التوالي بنسبة 17% و16%، وهما يُمثلان مُجتمعان 32% من إجمالي العينة.
2- من 99 الى 50 قطعة مصنوعة من الورق، والذهب، والأحجار، والبرونز بإجمالي 83، 82، 52، 50 قطعة، مقسمة ما بين 8% و5% لكلٍ منهم على التوالي، وتُمثل الأربع مواد 25% من الإجمالي.
3- من 49 الى 25 قطعة مصنوعة من الفضة، النحاس، الاحجار الكريمة، الرخام السيراميك، بإجمالي 46، 40، 33، 31، 30 قطعة على التوالي، نسبتها ما بين 4% و3%، وتُمثل مجتمعة 17% من الإجمالي.
4- من 24 الى 10 قطعة مصنوعة من الطين، صوف، زجاج، كرتون بإجمالي 24، 19، 14، و13 قطعة على التوالي نسبتها ما بين 2% الى 3%، يُمثل مجموعها 7% من الإجمالي.
5- أقل من 10 قطع مصنوعة من الحديد، الخيوط، والعاج بإجمالي 8، 8، و7 قطعة على التوالي وتمثل 3% من الإجمالي، بواقع 1% لكلٍ منهم.
أما الـ 17% الباقية فهي لقطع أثرية عددها 183 قطعة إما لم يتم التعرف على المادة المصنوعة منها، أو لم تُذكر من ضمن البيانات المُسجلة.
ومن حيث المناطق الجغرافية، كانت غرب أوروبا المنطقة الاكثر تسجيلاً للتراث الثقافي المسروق وهو 228 قطعة، في المركز الثاني منطقة شرق أوروبا وآسيا الوسطى بعدد 204 قطعة، والثالث أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 191 قطعة، والرابع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 149 قطعة، والخامس أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 191 قطعة، والسادس شرق آسيا والمحيط الهادىء 110 قطعة، والسابع جنوب آسيا 54 قطعة، وأخيراً في المركز الثامن أمريكا الشمالية 23 قطعة.
ومن ثمَ تم الربط بين أكبر عدد للقطع من كل مادة تم رصدها وفي كل من مناطق العالم الجغرافية الثمانية، استخلصنا من إجمالي 18 مادة، 13 مادة سَجَلت أكثر من 10 قطع، بالترتيب التنازلي، حيث:
– تربع الخشب والقماش على رأس القائمة بعدد 50 قطعة لكلٍ منهما في غرب أوروبا وأمريكا اللاتينية.
– ثم الورق والذهب بعدد 22، و20 قطعة على التوالي في نفس المنطقة وهي غرب أوروبا.
– يليها البرونز والصوف بعدد 17 قطعة لكٍ منهما في أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا.
– والحجر، والفضة، والسيراميك، والأحجار الكريمة، والرخام، والطين، فقد سجلت الأحجار في جنوب آسيا 14 قطعة، 13 قطعة من الفضة في أمريكا اللاتينية، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 12 قطعة من السيراميك، و11 قطعة من النحاس والأحجار الكريمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي شرق أوروبا وآسيا الوسطى، و10 قطع من الرخام في شرق أوروبا وآسيا الوسطى، وأخيراً 8 قطع من الطين في كلٍ من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى.
أي أن غرب أوروبا جاءت في المركز الاول بإجمالي 100 قطعة، تليها أمريكا اللاتينية بإجمالي 80 قطعة، ثم شرق أوروبا وآسيا الوسطى بإجمالي 38 قطعة، بعدها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإجمالي 31 قطعة، وأخيراً 14 قطعة في جنوب آسيا.
وعلى الرغم من أن قاعدة بيانات الأعمال الفنية المسروقة أداة رئيسية لمعالجة مشكلة الاتجار بالممتلكات الثقافية، نظراً لأنها قاعدة البيانات الوحيدة على المستوى الدولي التي تحتوي على معلومات مُعتمدة من الجهات الأمنية لكل دولة، والجهود المبذولة في هذا الشأن، إلا أن المواقع الأثرية مازالت تتعرض يوميًا لتحديات حرجة، نتيجة النهب والإتجار واستخراج الموارد الطبيعية، خاصةً أن الأضرار بالمواقع التاريخية يقلل من فرصة معرفة المزيد عنها، لا سيما و أنه بإزالة قطعة أثرية من موقعها، يفقدها قيمتها العلمية ولا يتبقى منها إلا قيمتها الاقتصادية.