يزخر عالم الشركات العائلية بالعديد من التباينات الحادة فيما يتعلق بالإيرادات، فالأرقام تقول أن الأمر لا يتعلق بالعدد الذي يوجد منها هنا أو هناك، بل يتعلق بقدرة كل شركة ومن ورائها العائلة التي تملكها علي توليد العائدات، والدليل على ذلك ان هناك 12 شركة فقط استطاعت تحقيق ضعف ما حققته 292 شركة عائلية عملاقة اخري، والبعض منها قفز بإيراداته لتلامس حاجز المائة مليار دولار سنويا، فيما ظل العشرات من حوله يحومون حول الخمسة مليارات عائدات سنويا، ولا يتوقف التفاوت عند شركة أو مجموعة شركات واخري، بل نراه أيضا علي مستوى منطقة جغرافية مقابل منطقة أخرى، ويثبت ذلك أن الشركات العائلية العملاقة مجتمعة حققت في العام المالي 2022 إيرادات تقدر بنحو 10 تريليونات و 313 مليار دولار امريكي، كان من بينها 9.1 تريليون دولار في 3 مناطق جغرافية فقط حول العالم، وكان نصيب الولايات المتحدة وحدها 30% من الإيرادات بواقع 2.9 تريليون دولار.
عند النظر الي الشركات العائلية العالمية العملاقة من منظور الإيرادات، سنلحظ علي الفور حالة التفاوت في قيمة الإيرادات ببعض المناطق في مقابل غيرها، ووفقا للتحليل الذى اجراه مركز جسور فإن منطقة غرب أوروبا التي تضم 20 دولة بها 304 شركة، حققت إيرادات بقيمة تعدت 3.8 تريليون دولار أي حوالي 37% من الاجمالي العالمي، تلتها بفارق بسيط إيرادات 179 شركة في أمريكا الشمالية والمتمثلة في دولتين فقط هما الولايات المتحدة وكندا والتي تجاوزت 3.2 تريليون دولار أي 31.6% من الإجمالي، وحققت 169 شركة في 12 دولة بشرق آسيا والمحيط الهادىء ما قدره 2 تريليون دولار بنسبة 19.6% من الإجمالي. في حين تزيلت المجموعة الثانية المكونة من باقي الخمس مناطق، شركة واحدة بكل دولة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وهما جنوب افريقيا ونيجيريا بقيمة إيرادات بلغت 9.5 مليار دولار (0.1% فقط من الإجمالي) أي بفارق أكثر من 400% أقل من أعلى منطقة وهي غرب أوروبا. سبقتها بفرق بسيط 38 شركة في 12 دولة بمنطقتي شرق أوروبا وآسيا الوسطى، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بنسب 1.5% و1.6% على التوالي. تقدمت عليهم الهند وحدها بمنطقة جنوب آسيا بعدد 21 شركة، و41 شركة في 5 دول بمنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسب 4.1% و4.4% على التوالي.
بمزيد من التحليل تبين أن هناك 19 دولة يزيد عدد الشركات العائلية العملاقة بها على 10 شركات، وحققت مجتمعة 9.1 تريليون دولار أي حوالي 89% من إجمالي الايرادات عالمياً، وتضم هذه الدول دولتي أمريكا الشمالية الولايات المتحدة وكندا، و9 دول بغرب أوروبا- هي ألمانيا، فرنسا، سويسرا، المملكة المتحدة، إيطاليا، النمسا وبلجيكا. و4 بشرق آسيا والمحيط الهادىء هي هونج كونج، كوريا الجنوبية واليابان. ودولتان من 5 دول بأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وهما المكسيك والبرازيل. ودولة واحدة من 4 دول بشرق أوروبا وآسيا الوسطى وهي روسيا. ودولة واحدة بجنوب آسيا وهي الهند التي تمثل المنطقة في التصنيف كله.
وكما هو متوقع، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية التصنيف العام من حيث الإيرادات وعدد الشركات، حيث حققت 161 شركة فقط ايرادات قيمتها 2.9 تريليون دولا- أي 28.7% من إجمالي الإيرادات و أكثر من 21% من إجمالي عدد الشركات. تلتها في الترتيب الثاني ألمانيا بفارق أقل من النصف تقريباً بقيمة 1.4 تريليون دولار لـ 103 شركة. جاءت بعدها الصين بقيمة حوالي 905 مليار دولار، ثم فرنسا بفارق حوالي 58% وقيمة 530 مليار دولار، وفي المركز الخامس سويسرا بإيرادات قاربت 428 مليار دولار. ثم كسرت الهند القاعدة التي اتبعتها اول 5 دول من حيث تطابق ترتيب الإيرادات والعدد، حيث جاءت في المركز السادس من حيث الإيرادات بقيمة 417 مليار لكن المركز العاشر من حيث عدد الشركات، كما حافظت كوريا الجنوبية واليابان والمكسيك على نفس ترتيب العدد والإيرادات. أما باقي الدول فاختلف ترتيبها بين المعيارين حيث تأرجحت بين ترتيب متقدم للعدد عن الإيرادات والعكس.
بالنسبة للمنطقة العربية والشرق الأوسط، حققت الـ 9 شركات العائلية العربية الواردة بالتصنيف مجتمعة ما قيمته 67.5 مليار دولار الدول بنسبة 0.7% فقط، وهي تنتمي لخمس دول عربية: 3 شركات مصرية تعمل في مجالات متنوعة من الطاقة والكهرباء والتعدين و تجارة التجزئة والتشييد والبناء والسيارات تقع في الترتيب 318، 539 و598، بالإضافة الى 3 شركات بالإمارات العربية المتحدة تعمل في الصناعات الغذائية وتجارة التجزئة ترتيبها 172 و269 و301. ثم شركة واحدة في كل من الكويت ترتيبها 185، وشركة سعودية ترتيبها 379، وشركة جزائرية ترتيبها 575 تعمل جميعها في نشاطات متنوعة وصناعات غذائية، وخدمات مالية.
قام “مركز جسور” بعمل تصنيف إضافي للبيانات بتقسيم الشركات من حيث أعلى وأدنى إيرادات الى 5 شرائح، الأولى تلك التي حققت إيرادات أقل من 5 مليار دولار، والشريحة الثانية بين 5 و10 مليار دولار، والثالثة بين 10 و50 مليار دولار، والرابعة بين 50 و100 مليار دولار، والخامسة أكثر من 100 مليار دولار. وقد أتضح أن الغلبة كانت للشريحة الثالثة والوسطى (بين 10 و50 مليار دولار ) حيث حققت 200 شركة من 35 دولة ما قيمته 3.9 تريليون، تصدرتها الولايات المتحدة، وألمانيا والصين وفرنسا وهولندا وكندا وسويسرا وكوريا الجنوبية والهند واليابان. تلتها الشريحة الخامسة والأعلى ( أكثر من 100 مليار دولار) وحققت فيها 12 شركة فقط من 4 دول ما مجموعه 2.2 تريليون دولار وهذه الدول هي الولايات المتحدة، وألمانيا وسويسرا والهند. ثم الشريحة الثانية والتي حققت بها 228 شركة من 44 دولة إيرادات تجاوزت 1.6 تريليون دولار، والشريحة الرابعة حققت 22 شركة 1.4 تريليون دولار، كانت على رأسها الولايات المتحدة، وألمانيا والصين وفرنسا واليابان وهونج كونج والمكسيك وبلجيكا والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية. وأخيراً، الشريحة الأولى والأدنى حيث حققت 292 شركة من 40 دولة 1.1 تريليون دولار، وأيضاً تصدرتها الولايات المتحدة وألمانيا والصين بالإضافة الى إيطاليا وسويسرا والمملكة المتحدة و فرنسا وهونج كونج والهند). وهو ما يشير الى أن العدد الأكثر للشركات حقق الإيرادات الأقل، وأن العدد الاقل للشركات حقق الترتيب الثاني من حيث الإيرادات (2.2 تريليون).