منذ العام 1995 وحتى الآن، أي ما يعادل 28 عامًا، طاف حول العالم بغرض السياحة والسفر ما يتجاوز 3.7 مليار إنسان، بعضهم طاف برًا أو جوًا أو بحرًا، ولبث في مقصده السياحي ما يزيد على ليلة أو يوم، وبعضهم سافروا من أجل قضاء ليلة بنهارها، أو نهارًا واحدًا فقط، وبعضهم اختار الطواف في رحلات بحرية بأكثر من مكان، على متن باخرة أو سفينة، تقف في هذا الميناء أو ذاك ليلة بنهارها أو لمجرد النهار فقط، وبدأت الكتلة البشرية المتحركة بغرض السياحة بـ 824 مليونًا و531.3 شخصًا في العام 1995، وظلت تواصل التضخم والزيادة حتى تجاوزت 2 مليارًا و37 مليونًا في 2019، قبل أن يوجه لها وباء كورونا ضربة قاصمة، ويهبط بها إلى 654 مليونًا و36 ألفًا في العام 2020، ويجعلها تصارع حتى تبلغ 904 ملايين و825 ألفًا في العام 2022.
رصد مركز “جسور” رحلة الصعود المتتالي ثم الهبوط المفاجئ بعد كورونا في حجم أعداد المسافرين حول العالم بغرض السياحة خلال الفترة استنادًا إلى آخر تحديث طرأ على قاعدة بيانات السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، ويمكن عرض نتيجة هذا الرصد على النحو التالي:
فيما يتعلق بالعدد الإجمالي للمسافرين بغرض السياحة حول العالم والذي تعبر عنه قاعدة بيانات الأمم المتحدة بـ “عدد الوافدين” بغرض السياحة في المقاصد السياحية المختلفة، يلاحظ أن البداية كما سبقت الإشارة كانت بما يربو قليلًا على 824 مليونًا و531 سائحًا في العام 1995، وفي العامين التاليين تصاعدت الأرقام حتى تجاوزت المليار و749 مليونًا في العام 1997، ثم طرأت موجة هبوط خلال السنوات الخمس التالية، 1998 – 2002، حيث ظلت الأرقام تتراجع بصورة متوالية لتصل إلى أدنى حد لها في العام 2002، لتقف عند مليار و30 ألفًا تقريبًا.
كانت هذه أدنى نقطة مقارنة بما جاء بعدها حتى بلوغ حركة السفر ذروتها القصوى في العام 2019، فخلال هذه الفترة الممتدة لـ 17 عامًا، كان الاتجاه السائد هو الارتفاع حتى وإن حدث تذبذب بسيط في بعض الأعوام، ففي العام 2003 ارتفع الرقم ليصل إلى مليار و278 مليون سائح، واستمر التصاعد المتوالي حتى عام 2006 الذي سجل ما يربو قليلًا على مليار ونصف مليار شخص، لتحدث في الأعوام الأربع التالية موجة تراجع قصيرة طفيفة هبطت بالرقم إلى مليار و400 ألف شخص في العام 2011، ليعود بعدها المستوى إلى ما كان عليه في العام 2006.
بدءًا من العام 2012 وحتى العام 2019 اتخذت أعداد المسافرين بغرض السياحة اتجاهًا تصاعديًا يميل إلى ارتفاعات واضحة متوالية، جعلت الرقم يكسر حاجز المليارين في العام 2019 بالغًا ذروته القصوى خلال فترة الرصد كاملة.
مع تفشي وباء كورونا تلقت حركة السفر بغرض السياحة ضربة قاصمة للغاية، حيث انخفض الرقم إلى ما يربو قليلًا على 400 ألف مسافر فقط بدلًا مما يزيد على 2 مليار في العام الذي سبقه، ثم بدأت صناعة السفر بغرض السياحة تستعيد بعض أنفاسها في العام التالي 2021 وتخطت الـ 700 ألف شخص، ثم تواصل تصحيح المسار وتتخطى الـ 900 ألف شخص في العام 2022، وهو أحدث رقم منشور حتى الآن عن حركة السياحة بقاعدة البيانات.
فيما يتعلق بالتغير في حركة المسافرين ليلة واحدة بنهارها، تظهر الأرقام اتجاهًا مستمرًا نحو الصعود والارتفاع، بدءًا من سنة الأساس في العام 1995 وحتى سنة الذروة القصوى في العام 2016، ويتشابه هذا النمط من الارتفاع مع ما جرى رصده في الأرقام الخاصة بالعدد الكلي، مع اختلاف بسيط أن حركة السفر ليلة واحدة بنهارها لم تشهد في المنتصف موجة الهبوط الطفيفة التي شهدتها حركة السفر الكلي خلال عامي 1998 – 2003، وعلى صعيد الأرقام المحددة بدأت حركة مسافري ليلة واحدة بنهارها بما يربو قليلًا على 484 ألف مسافر في العام 1995، وبلغت ذروتها القصوى المسجلة في العام 2019 حيث تجاوزت الأعداد مليونًا و284 ألفًا، وبعد ذلك حدث الهبوط الحاد جدًا مع تفشي وباء كورونا وتراجعت الأعداد إلى ما يزيد قليلًا على 365 ألفًا، قبل أن تتصاعد خلال العامين التاليين وتتجاوز الـ 70 ألفًا في العام 2022.
أما فيما يتعلق بحركة المسافرين لنهار واحد، فكان نمط التغير السنوي متشابهًا مع التغير في العدد الكلي إلى حد التطابق تقريبًا، حيث شهد هذا النوع من السفر تصاعدًا في السنوات الثلاث الأولى، ثم موجة تراجع طفيفة في السنوات الخمس التالية، ثم تصاعدًا مستمرًا حتى سنة الذروة في 2019، ثم هبوطًا حادًا في 2020 ثم عودة للتعافي التدريجي في العامين 2021 و2022. وبالأرقام بدأت أعداد المسافرين لنهار واحد بما يربو قليلًا على 307 آلاف في العام 1995، ثم تصاعدت حتى تجاوزت الـ 400 ألف في العام 1997، ثم هبوط متتالٍ لعدة سنوات بلغ أدنى نقطة له في العام 2003، وكانت الأعداد نحو 300 ألف، ثم عودة إلى الصعود والارتفاع مرة أخرى وصولًا إلى ما يربو على 670 ألفًا في العام 2019، ثم هبوطًا حادًا إلى أقل من 300 ألف في العام 2020 ثم الارتفاع إلى 310 آلاف في العام 2021.
وأخيرًا لوحظ أن التغير في أعداد المسافرين عبر الرحلات البحرية اتخذ نمطًا مختلفًا عن الأنواع الثلاثة السابقة، الكلي والسفر ليلة بنهارها والسفر لنهار واحد، وتمثل هذا النمط في الميل إلى التصاعد الطفيف البطيء الذي يرسم حالة من الاستقرار الملحوظ معظم سنوات فترة الرصد، بل يبدو غير مؤثر في العديد منها، فالأعداد بدأت بنحو 127 ألفًا في العام 1995، واستغرق الأمر ثلاث سنوات حتى تتجاوز الـ 150 ألفًا، ولم تتخط المائتي ألف إلا بعد ست سنوات أي في العام 2000، واستمر الارتفاع على هذه الوتيرة البطيئة، ما جعل الأرقام تصل في سنة الذروة عام 2019 إلى أقل من نصف مليون بقليل، ثم تهبط في السنوات التالية إلى ما يقرب من مستوياتها المسجلة في بداية فترة الرصد، وتبلغ 120 ألفًا في العام 2020، ثم تصل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في العام 2021، حينما سجلت ما يربو قليلًا على 66 ألفًا فقط.