التأديب العنيف يعصف بـ 68% من أطفال العالم.. و82% من العنف بأفريقيا جنوب الصحراء

يتعرض طفلان مـن كل 3 أطفـال للعقـاب العنيف في المنزل، ويعود ذلك بالأساس إلي أن واحدة من كل 4 أمهات ومقدمي الرعاية يعتبرن أن العقاب البدني ضروري لتربية الأطفال، وهذا ليس واحدا من المعتقدات الاجتماعية السائدة في العديد من الثقافات القائمة علي استخدام أساليب عنيفة في تربية الأطفال، خاصةً بين الذكور حيث يُتوقع من الأولاد أن يظهروا صلابة وقدرة أكثر على تحمل الألم أو القسوة دون ضعف أكثر من الفتيات. ونتيجة لهذه المعتقدات اصبح هناك 1.6 مليار طفل يتعرضون لعقاب عنيف من قِبل مقدمي الرعاية في المنزل. وحوالي 1.2 مليار طفل للعقاب البدني، وتزداد هذه الأرقام في بعض الأماكن كالمناطق الرييفية والمخيمات.
للوصول الي فهم أعمق لهذه الظاهرة، قام مركز “جسور” بتحليل استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة اليونيسيف على عينة في 102 دولة من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، أتضح منها أنه خلال آخر 8 سنوات (من 2016 الى 2024) تعرض أكثر من 70% في المتوسط من الأطفال (من 1 الى 14 سنة) عالمياً للتأديب العنيف من قبل ذويهم أو القائمين على رعايتهم. وتظهر البيانات أن غانا سجلت أعلى المعدلات عالمياً لانتشار ظاهرة التأديب العنيف بنسبة 94%، بينما تتفوق جغرافياً أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على باقي مناطق العالم.
ووفقاً لتعريف اليونيسيف فإن التأديب العنيف يعكس معدلات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و14 عامًا والذين تعرضوا لأي شكل من أشكال التأديب العنيف (الاعتداء النفسي و/أو العقاب البدني. وقسمت البيانات الأولية لمعدل التأديب العنيف العام وهو المتوسط المرجح الذي يعكس النسبة المئوية لجميع الأطفال (ذكوراً وإناثاً) الذين تعرضوا للعنف، وليس مجموع أو متوسط لنسبتي الذكور والإناث، بالإضافة الى معدلات التأديب العنيف للذكور والإناث كلٍ على حدى. وصنفت الممارسات التأديبية العنيفة الى أربعة أنواع:
1- العدوان النفسي: الصياح أو الصراخ على الطفل، أو نعته بالغبي أو الكسول أو ما شابه
2- العقاب البدني أو الاعتداء الجسدي: هز الطفل، صفعه أو ضربه باليد أو أي أداة على أي منطقة بجسده.
3- العقاب البدني الشديد: ضربه أو صفعه على وجهه أو رأسه أو أذنيه بعنف.
4- التأديب غير العنيف: حرمانه من الامتيازات، شرح سبب خطأ السلوك، إعطاء الطفل شيئًا آخر ليفعله، عدم القيام بأي من السلوكيات العنيفة المذكورة أعلاه.
وبتصنيف قائمة التأديب العنيف بحسب المنطقة الجغرافية لكل دولة، أتضح أن أعلى معدلات التأديب العنيف شهدتها أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 82% مثلتها 30 دولة، تلتها منطقة شرق آسيا والمحيط الهادىء بنسبة 74% بعدد 16 دولة، ثم منطقتي جنوب آسيا (6 دول)، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 73% لكلاً منهما بعدد 13 دولة. ثم 64% و63% لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (21 دولة)، وشرق أوروربا وآسيا الوسطى (16 دولة) على التوالي.
كما أتضح أن معدلات التأديب العنيف منتشرة بين الذكور والإناث على حدٍ سواء، وتكاد تكون متشابهة بجميع المناطق، فقد سجلت معدلات الذكور درجة أو درجتين مئويتين فقط أعلى من المعدل العام، بينما معدلات الإناث أقل من المعدل العام بدرجة أو درجتين مئويتين، وأقل من الذكور من درجتين الى خمس درجات مئوية – شكل 1.
وأحتلت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قائمة أعلى 10 دول تنتشر بها ظاهرة التأديب العنيف بنسبة 91% على مستوي العالم، مُثِلَت بعدد 7 دول تتراوح المعدلات بها بين 94% و 89%، بدءاً بغانا، مروراً بتوغو، ونيجيريا، وجمهورية افريقيا الوسطى، وبوروندي، وغامبيا، انتهاءاً بغينيا. أما شرق آسيا والمحيط الهادىء فتضم كيريباتي، وساموا. والدولة العاشرة هي فلسطين من منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. وجميعهم يخضع فيها الذكور أكثر من الإناث للتعنيف في التنشأة، ما عدا كيراباتي التي تتعرض فيها الإناث للتعنيف بنسبة 92.4% مقابل 91.8% للذكور وهي نسبة لا تذكر .
مثلت الدولة العربية 14 دولة تنتشر بها الظاهرة بنسبة 75% في المتوسط، وهي بالترتيب فلسطين 90%، سوريا 89%، اليمن 86%، الجزائر 84%، مصر83%، تونس والعراق 81%، موريتانيا 80%، الأردن 75%، جيبوتي 72%، جزر القمر 67%، السودان 64%، لبنان 57%، وقطر 38% أي أقل من فلسطين بنسبة 58% تقريباً. واختلف نمط انتشار الظاهرة بين الذكور والإناث بالدول العربية قليلاً، حيث تعدى الفرق أحياناً 6 درجات مئوية لصالح الإناث، مثل لبنان، و5 درجات في تونس، و4 درجات في الأردن وجزر القمر وفلسطين، أما في باقي الدول فتبدو المعاملة متقاربة بين الجنسين حيث يتقلص فيها الفرق بدرجات تتراوح بين 0-3 درجات مئوية.
ومع سوء هذه الظاهرة، إلا أنها قد لا تكون بنفس سوء باقي أنواع العنف ضد الأطفال الذي يتنامى سنوياً، والمتمثل في العنف الرقمي أو الإعتداء النفسي عبر الإنترنت، والعنف السياسي، والعنف الجنسي وغيرهم، خاصةً وأنه في عام 2024 خضع 6.2 مليون طفل ممن تعرضوا للعنف في 110 دولة على خدمات صحية وإرشاد اجتماعي وعدالة وإنفاذ قانون، مما يعتبر زيادة قدرها 36% عن عام 2023.