سريلانكا وامريكا وليبيريا الدول الثلاثة الاكثر تبرعا بالوقت في 15 عاما

لا تقل قيمة الوقت عن قيمة المال في كل الاحوال، بل قد تساويه أحياناً، لذا فإن تطوع الأشخاص بوقتهم لمساعدة الغير هو في حد ذاته تبرع يضاهي التبرع بالمال، واستنادا لهذه الحقيقة، اهتم تقرير العطاء العالمي بقضية التبرع بالوقت لصالح الغير، واعتبرها من مؤشرات القياس المهمة للعطاء، وفي هذا السياق توضح بيانات التبرع بالوقت التي قام مركز جسور بمراجعتها وتحليلها أن هناك عدة دول تصدرت أعمال التبرع بالوقت عالميا، وحافظت علي مكانتها في هذا المجال طوال الـ 15 عاما الماضية، وجاء في مقدمتها سريلانكا والولايات المتحدة وليبيريا، الذين جاءوا في المراتب الثلاث الأولى، أما عالميا فتشير البيانات إلي أن مستوى انتشار ثقافة التبرع بالوقت تراوح ما بين 19٪ و22٪ في القترة يين 2009 و2020، ثم ارتفع الى 23٪ و24٪ يين 2021 و2023.
علي المستوي التفصيلي لأوضاع التبرع بالوقت ، رصد جسور ثلاث ظواهر اساسية، هي قائمة الدول العشر الأوائل التي حافظت علي مستوي عال من التبرع بالوقت، ثم مجموعة الدول التي حدثت فيها تراجعات وانحدارات عنيفة في مستوها، ومجموعة الدول التي حدث بها صعود استثنائي يشبه القفزات.
قائمة العشرة الأوائل
أولهم كان السريلانكيون الذين لم يخرجوا من المراكز العشر الأولى ألا عام 2020، لذا حققوا الترتيب 6 في المتوسط العام، ثم الولايات المتحدة وليبيريا (8) لكلِ منهما، ونيوزيلندا 10، وطاجكستان وبوتان 12 لكلِ منهما، الفلبين 14، تركمنستان 15، كينيا وأستراليا 16 لكلِ منهما، وتشاركت كلِ من اندونيسيا وايرلندا وميانمار المركز الـ 17، وأخيراً منغوليا 18.
مجموعة الانحدارات العنيفة
على الرغم من أن تركمنستان من ضمن أفضل 10 دول من حيث المتوسط العام للترتيب، إلا أنها هبطت من الترتيب الأول خلال 5 سنوات (من 2009 الى 2013) الى 66 في 2014، ثم استعادت ترتيبها الأول في 2015، لتعاود السقوط الى 42 و18 في 2016 و2017 على التوالي، ويرجع هذا الى إلغاء ما يسمى بـ “تطوع يوم السبت” خلال عام 2014 بموجب تعليمات إلزامية، وهو اليوم المخصص للتطوع وأداء أعمال غير مدفوعة الأجر بدول الاتحاد السوفيتي السابق. ولنفس السبب تراوح ترتيب أوزباكستان في المراكز العشر الأولى يين 3 و10 خلال 2009 -2015، ثم تراجعت للمراكز يين 40 و97 خلال 2015- 2023. أما جمهورية افريقيا الوسطى فقد كانت في الترتيب الثالث في 2010، ثم انسحبت الى 68 و78 في السنتين التاليتين، حتى وصلت الى 53 و43 في 2017 و2018 على التوالي.
ولم تختلف عنهم ميانمار كثيراً، حيث احتلت المراكز الثلاث الأولى يين 2013 و2016، ثم هبطت بعدها الى المراكز يين 22 و36، حتى انحدرت بشدة الى المركز 86 في 2023، بسبب أزمة “الروهينجا” والمشاكل الداخلية التي قلصت من قدرة ورغبة شعب ميانمار على العطاء والتبرع بأوقاتهم.
مجموعة الصعود الاستثنائي
زادت نسب تطوع الأشخاص بوقتهم في بعض الدول بل وارتقت الي المراكز العشر الأولي في سنة آو سنتين بعد أن كان ترتيبها متأخراً جداً في أغلب السنوات، مثل الهند التي صعدت الى المراكز 6 و10 في 2020 و2023 على التوالي بعد ترتيب تراوح يين 113 و34، وباراغواي حصلت على الترتيب 7 مرة واحدة في 2011 وباقي المراكز انحصرت يين 120 و31. ومثلها سنغافورة وجورجيا وتشاد.
الدول العربية
النسب البارزة في قائمة الدول العربية يظهر أغلبها آخر 5 سنوات في الرصد، أولها جزر القمر التي حققت متوسط درجات عام على مستوى الفترة قدره 26٪، كما حققت 40٪ نسبة تطوع في 2023 و32٪ في 2022، في حين لم تكن لها بيانات خلال الفترة 2013- 2021. جاءت بعدها في المتوسط العام ليبيا (25٪) وبالرغم من عدم انتظام بيانات السنوات المتاحة لها، إلا ان أعلى نسبة كانت 37٪ في 2012 أثناء الثورات والاضطرابات الداخلية في البلاد، كما سجلت 23٪ و25٪ آخر سنتين. والصومال والبحرين سجلتا 23٪ في المتوسط العام، إلا أن الأولي لا يوجد لها الا بيانات 3 سنوات فقط، أما البحرين فقد سجلت 30٪ و33٪ و26٪ في الأعوام 2014، 2017، و2023 على التوالي. ومن اللافت أيضاً نسب التطوع في الكويت في 2022 و2023، فبعد أن كانت آخر نسبة 11٪ في 2017، قفزت الى 37٪ و35٪ في 2022 و2023 على التوالي. وكذلك فعلت موريتانيا، حيث ارتفعت النسبة من 14٪ في 2017 الى 34٪ و29٪ في 2022 و2023 على التوالي. والمغرب تأرجحت النسب بها بشكل ملحوظ خاصةً يين 2020 و2023 حيث كانت 6٪، ثم صعدت لأكثر من الضعف 14٪ وانخفضت الى 8٪ ثم تضاعفت النسبة مرة أخرى وسجلت 16٪. أما باقي الدول العربية فيتراوح المتوسط العام بها يين 15٪ و5٪.
أما في عام 2024 تصدرت السودان قائمة نسبة المتطوعين من إجمالي السكان، والتي أظهرت أن الدول العشر الأولى بالمؤشر جميعها دول منطقة افريقيا جنوب الصحراء الكبرى وهي بالترتيب كينيا، موزمبيق، الكاميرون، ملاوي، أوغندا، ناميبيا، روندا، زامبيا، وساحل العاج. أما قائمة العشر دول الأولى من حيث متوسط ساعات التطوع لكل شخص، فقد ترأستها قطر من الدول العربية، وهي أيضاً إحدى الدولتين اللتين لا تنتميان الى منطقة افريقيا جنوب الصحراء الكبرى بجانب هولندا التي جاءت في المركز العاشر، بالإضافة الي نفس الدول في المؤشر الأول باستثناء السودان وموزمبيق.
وخلال العام نفسه 2024، تطوع حوالي 57٪ من السودانيين وهي أعلى نسبة عالمياً، بمتوسط 14.6 ساعة من وقت كلِ منهم، مقابل 27.5 ساعة- وهي الأعلى عالمياً- قضاها القطريون في العمل التطوعي- وفي أفريقيا تطوع كل شخص بمتوسط 14 ساعة، مقابل 6 ساعات فقط لكل شخص في أوروبا، و8 ساعات لكل شخص في أمريكا الشمالية. وعالمياً، تطوّع واحد من كل أربعة أشخاص (26٪)، بمتوسط 9 ساعات من وقت كل شخص سنوياً. كما أن 2 من كل 5 اشخاص – أو 39٪ من أفريقيا – تطوعوا في أعمال خيرية اغلبها تابعة لمؤسسات دينية يدعمها 35٪ من المتطوعين و14٪ من السكان.
نخلص مما سبق أن التطوع بالوقت غير مرتبط بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فقط، ويصعب ارجاعه الي سبب بعينه، فالدول الغنية المستقرة سياسياً قد تظهر على قدم المساواة مع تلك التي تعاني ظروف اقتصادية واضطرابات داخلية في بعض الأحوال، وغيرها من يعاني مشاكل خارجية وداخلية يأتي في الترتيب الأخير في القائمة.