%22.4 من الشباب خارج فئات القوى العاملة والتعليم والتدريب (NEET) عام 2020.

نهال زكي

شهد عام 2020 عالمياً أكثر من 1 الى 5 شباب (22.4%) من إجمالي عدد الشباب (الذكور والإناث) الذين تتراوح أعمارهم بين 15-24 سنة، خارج دائرة العمل والتعليم والتدريب، فيما يسمى بمؤشر NEET. ومن بين المنتميين الي فئات هذا المؤشر يوجد 2 من كل 3 (67.5%) من الإناث، أي بمعدل 1:2 (إناث الى ذكور).  بينما من الإجمالي العام للشباب الذكور يوجد 1 من كل 7 (14.0%) من المحسوبين ضمن المؤشر، مقابل 1 من كل 3 (31.2%) من إجمالي الإناث.

وقد أدت المخاوف العالمية بشأن الأعداد الكبيرة من الشباب خارج مجالات العمالة والتعليم والتدريب، الي اعتماد نسبة الـمؤشر كجزء من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، كمعيار للتقدم نحو الهدف رقم 8.6 من الخطة. ومع ذلك، فإن الإنجازات المحققة حتى الآن ليست مشجعة. ففي عام 2015، عندما تم تحديد الهدف، قُدِر معدل NEET العالمي بنسبة 21.7%؛ في حين أن النسبة ارتفعت الي 22.4% عام 2020 (الشكل رقم 1). وعلى الرغم من وجود الكثير من الإنجازات غير المُحَققة بعد، فقد كان هناك عدد من التغييرات المشجعة في حجم وتوزيع المؤشر على مر السنين.

فئات المؤشر في بعض الدول: أظهرت دراسة SIDA أن أعلى معدلات المؤشر توجد في رواندا والهند، بينما تظهر الفجوات الأكبر بين الشباب من الذكور والإناث في المملكة العربية السعودية والهند وإثيوبيا.

أما في دول الاتحاد الأوروبي، فسجلت البرتغال أدنى معدل بالمؤشر وأصغر فجوة بين الجنسين بنسبة 1 إلى 1 بين الذكور والإناث.

 

التباين في فئات المؤشر: بالبحث الدقيق في ثنائية الفئات غير النشطة والعاطلة عن العمل في الـمؤشر، وجِدَ أن الفئة غير النشطة على وجه الخصوص متباينة الي حد كبير؛ فهناك العديد من الأسباب التي قد تجعل الشباب الذي لا يعمل أو يدرس أو يتدرب لا يبحث بهِمة عن وظيفة، فقد لا يرغبون في الوظيفة لأسباب مختلفة، أو قد يكون لديهم عقبات في الحصول على وظيفة، أو ليس لديهم الوقت الكافي، أو بسبب الإعاقة، و/أو قد لا تكون هناك وظائف مناسبة متاحة.

وبالتالي تم تقسيم مجموعة “غير النشطين أو غير المشاركين” بالمؤشر إلى أربع فئات تشمل “المُحبَطين”، و”ذوي المسؤوليات الأسرية”، و”ذوي الإعاقة”، ومجموعة “أخرون” وهي شديدة التباين فيما بينها تضم كل الشباب المدرجين ضمن الـمؤشر وغير المصنفين في مجموعات أخرى، وتم ضم فئة خامسة لهذه المجموعة وهي “العاطلين عن العمل”، لتصبح تصنيفات  المؤشر خمس فئات يمكن الاستعانة بها بفاعلية لفهم طبيعة هذه الظاهرة(NEET) في بعض الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط والتي تتوفر عنها بيانات واضحة (الشكل رقم 5)، وقد تم إضافة الى هذا الرسم الشباب في مجال العمل والتعليم وذلك لإعطاء رؤية كاملة عامة لحالة الشباب.

وبالرغم من وضع جميع العاطلين عن العمل معًا في فئة واحدة، فإن أكبر فئة فرعية من إجمالي المؤشر تظل فئة الشباب ذوي المسؤوليات الأسرية، والتي تتصدرها الشابات، وهو ما يفسر الفجوة الكبيرة السابق الإشارة اليها أعلاه بين الشابات والشبان في معدلات المؤشر. ومن ناحية أخرى، انخفض تقدُم أعداد الشابات ذوات المسؤوليات الأسرية في كل مكان منذ الأزمة العالمية. وكان الانخفاض الأكبر في مصر حيث تراجع معدل الشابات غير النشطات بسبب المسؤوليات الأسرية من 39.8% إلى 24.4%، وفي كوستاريكا (من 17.5% إلى 12.0%)، مقارنةً بالهند حيث سجل الانخفاض أقل من 3 درجات مئوية فقط بين عامي 2005 و2018 (من 46.6% إلى 43.8%). وفي مصر، يرجع الانخفاض في أعداد الإناث المدرجات في الـمؤشر بسبب انخفاض معدل فئة الشابات ذوات المسؤوليات الأسرية إلى التشجيع الواسع النطاق لالتحاق الإناث بالتعليم.

أما في كوستاريكا، فقد أدى زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم إلى انخفاض كلاً من معدلات توظيف الشابات من جهة وأعداد الإناث في المؤشر من جهة أخرى. وعلى النقيض، في الهند لم يؤدِ تضاعف التحاق الشابات بالتعليم (بالرغم من الترحيب به) إلى انخفاض كبير في نسبة الشابات المُدرجات في المؤشر بسبب المسؤوليات الأسرية.  وهذه الظاهرة ترجع إلى الانخفاض الملحوظ في نسب أعداد الشابات في الأعمال مدفوعة الأجر من 31.3% إلى 7.7% وهو ما يفسر، من بين أمور أخرى، أن خصائص وأسباب واثار تصنيفات الشباب بالمجموعات الفرعية الخاصة داخل المؤشر – ناهينا عن إجمالي عدد الشباب به- تختلف اختلافًا شديداً باختلاف الدول وطبقاً للعامل الزمني. ويعتبر التمييز بين فئتي العاطلين عن العمل وغير النشطين المنتمين الي نفس المؤشر أمرًا هاماً، لا سيما عند مناقشة الاستراتيجيات اللازمة لخفض معدلاته. وبالرغم من أنه في جميع الدول تقريبًا تزيد نسب بطالة الذكور عن نسب فئة الشباب غير النشط في المؤشر، فإن هاتين الفئتين الفرعيتين في الهند هما الأكثر استقطابًا مقارنةً بمثيلتيهما في الدول الأخرى التي شملها التقرير، حيث يشكل الذكور أكثر من 90%ٍ من فئة العاطلين عن العمل في الـمؤشر، بينما تمثل الإناث أكثر من 90٪ من فئة غير النشطين فيه.

على الرغم من أن نسبة الشابات في الهند اللائي خرجن من سوق العمل بسبب المسؤوليات الأسرية قد انخفض نسبياً خلال العقد الماضي- تمشيا مع الانخفاض العام في معدل الإناث المُدرجات بمجموعات المؤشر-، ظلت نسبة الشابات المشاركات في المسؤوليات الأسرية ثابتة عند 95% خلال نفس الفترة. وقد ارتفعت النسبة بين عامي 2000 و2005 من 93% إلى 95%. كما أظهرت الأبحاث التي أجرتها منظمة العمل الدولية مؤخرًا أن فئة البطالة ضمن مجموعات الـمؤشر في الهند تتركز بين الشباب الأفضل تعليماً وذوي الدخل الأسري المرتفع؛ بينما ترتفع نسب فئة غير النشطين في الـمؤشر للشابات الأكثر فقراً والأقل تعليماً. أما في الدول الأخرى ذات الدخل المتوسط ​​الأدنى، مثل رواندا أو كوستاريكا، تكون الفروق بين الجنسين في كلاً من المعدلات والتوزيعات عبر الفئات الفرعية أقل وضوحًا لكنها تظل قائمة. ففي رواندا، المُعدلات أعلى بنسبة 50% للشابات منها للشبان، و60% في كوستاريكا حيث يُترجم الفارق إلى أقل من 11 نقطة مئوية بقليل، وهو بالضبط الفرق بين حصص الشابات والشبان الذين يُرجِعون عدم مشاركتهم في القوى العاملة إلى مسؤولياتهم الأسرية.

وبعبارة أخرى، فإن الاختلاف في معدلات NEET بين الشباب والشابات في كوستاريكا يرجع إلى الفروق بين الجنسين في تحمل المسؤوليات الأسرية. وسواءً كنا متفقين أم لا مع مثل هذا التوزيع القائم على النوع الاجتماعي للمسؤوليات الأسرية، فالمغزى أنه له آثار مهمة في تطوير استجابة السياسات الفعالة.

 

الشكل رقم (1): توزيع الشباب غير المدرجين ضمن فئات القوي العاملة أو التعليم أو التدريب في العالم

الشكل رقم (5): فئات المؤشر الخمس للشباب بين 15-24 عام في بعض الدول قبل وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية

المصدر: من التقرير الفني رقم 3 الصادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (SIDA)