أسواق المال تفقد 30% من قيمتها تحت ضربات كورونا

جمال محمد غيطاس

في وقت مبكر من العام الحالي ، كانت الأسواق المالية مدعومة بشعور واسع من التفاؤل على خلفية السياسات النقدية الداعمة، وانخفاض التوترات التجارية، وعلامات مؤقتة على الاستقرار في الاقتصاد العالمي. لكن مع انتشار كورونا عالميا، بدأت أسعار الأصول والسلع الخطرة في الانخفاض بسرعة غير مسبوقة في حين ارتفعت أسعار الأصول الآمنة، مثل الذهب وسندات الخزانة الأمريكية، ومع إعادة تقييم المستثمرين للأثر الاقتصادي لكورونا، شهدت أسواق الأسهم أسرع انخفاض في التاريخ، حيث خسرت حوالي 30٪ من القيمة السوقية في غضون أسابيع، لتتجاوز سرعة عمليات البيع، ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008-2009.
تم في هذا التقرير تجميع للبيانات الخام المتعلقة بأداء 20 من مؤشرات البورصات وأسواق الاسهم العالمية، خلال الفترة من الاول من يناير وحتي 13 مايو، وذلك من خدمة موقع «ياهوو» المالية، وتم اعتبار القيم المسجلة لهذه الاسهم في الاول من يناير، هي نقطة الاساس في التحليل، التي يتم رصد التغير بالصعود أو الهبوط في الأسهم استنادا إليها، وبتحليل هذه البيانات، تبين أن أبرز التغيرات التي شهدتها البورصات واسواق المال خلال هذه الفترة كانت كالتالي:
أولا: بالنسبة مجموعة مؤشرات البورصات الدولية، التي تضم 7 بورصات دولية شملتها عينة الدراسة، تبين ما يلي،:
ـ هبط مؤشر البورصة اليابانية، ومؤشرها الرئيسي «نايكي» بمعدل 2% خلال شهر فبراير، ثم تدهور بشدة ليصل إلي أدني معدل له في مارس، حيث فقد 19.7% من قيمته مقارنة بنقطة الاساس في يناير، قبل يبدأ رحلة تحسن بطيئة وطفيفة، ويقلص الفقد في قيمته الي 18.8 % خلال شهر ابريل، ثم 15.1% من حتي يوم 13 مايو.
ـ هبط مؤشر البورصات الآسيوية الرئيسي بمعدل 3.2% خلال فبراير مقارنة بنقطة الاساس، ثم تدهور أكثر وفقد 16.7% من قيمته خلال مارس، قبل ان يقلص الفقد الي 15.9% خلال ابريل، ثم الي 14.1% خلال النصف الأول من مايو.
ـ سجل مؤشر البورصات الاوروبية ارتفاعا طفيفا خلال فبراير، ثم تراجع في مارس، وفقد 22.7% من قيمته مقارنة بنقطة الأساس، ثم واصل هبوطه خلال شهر ابريل، ليبلغ الفقد في قيمته 24.8%، مقارنة بنقطة الاساس، ثم تراجع بشدة ليفقد 100% من قيمته في 13 مايو، مقارنة بنقطة الاساس في يناير، لتكون الاسهم الاوروبية هي الأكثر تأثرا علي الإطلاق بوباء كورونا، مقارنة بغيرها.
ـ هبط مؤشر بورصة هونج كونج بنسبة 3.5% خلال شهر فبراير، مقارنة بنقطة الاساس في يناير، ثم واصل هبوطه ليفقد 14.6% من قيمته خلال مارس مقارنة بيناير، وخلال شهر ابريل تصاعد الفقد قليلا ليصل الي 14.9%،، ولم يتحسن الوضع كثيرا خلال مايو، حيث ظل المؤشر فاقدا لـ 14.6% من قيمته مقارنة بيناير.
ـ فقد مؤشر بورصة موسكو 2.2% من قيمته خلال فبراير، ثم تصاعد الفقد الي 21.4% خلال مارس، ثم تراجع الفقد الي 17.4% خلال ابريل، ثم بدأ يتدهور مرة اخري، خلال مايو، حيث ارتفع الفقد الي 15.8%، وذلك كله مقارنة بنقطة الاساس في يناير.
ـ سجل مؤشر البورصة الكورية انخفاضا قدره 1.6% خلال فبراير، ثم تصاعد الفقد الي 18.9% خلال مارس، ثم حدث تحسن طفيف خلال شهري ابريل ومايو، حيث تراجع الفقد الي 17.4% و15.8% خلال هذين الشهرين علي التوالي.
ـ هبط مؤشر بورصة تايلاند بصورة سريعة نوعا ما خلال فبراير، مقارنة بالمؤشرات الاخرى في عينة الدراسة، حيث فقد 6.3% من قيمته خلال فبراير، ووصل الفقد الي ذروته خلال مارس، حيث بلغ 26.5% مقارنة بقيمته في نقطة الاساس في يناير، ثم طرأ عليه بعض التحسن، وتراجع الفقد الي 22% خلال ابريل، ثم تواصل التحسن، وتراجع الفقد الي 18.9% خلال مايو.
ثانيا: في مجموعة مؤشرات الأسواق المالية، تم في العينة تتبع كل من مؤشر عائدات الخزانة الامريكية لأكثر من عشر سنوات، ومؤشر سوق ابو ظبي للأسواق المالية، وتبين أن مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية سجل ارتفاعا طفيفا خلال شهر فبراير بنسبة 0.7%، لكنه هبط بشدة خلال مارس وفقد 20.2% من قيمته المسجلة خلال يناير، ثم طرأ عليه بعض التحسن خلال ابريل، وتراجع الفقد الي 16%، ثم تواصل التحسن خلال مايو، وتراجع الفقد الي 12.5% من قيمته خلال نقطة الأساس في يناير.

أما مؤشر عائد الخزانة ذات العشر سنوات، فكان أسوأ حالا، حيث فقد 14.4% من قيمته خلال فبراير، ثم ازداد الأمر سوءا خلال مارس، وفقد 50.8% من قيمته المسجلة في يناير، ثم ارتفع الفقد الي 62.8% خلال شهر ابريل، ثم استطاع ايقاف التطور المستمر في خسائره، خلال مايو، وحقق بعض الصمود، بعدما تراجع الفقد الي 61.8% من قيمته المسجلة في يناير.
ثالثا: بالنسبة للتغير في قيمة بعض المؤشرات القطاعية الرئيسية، فإن المؤشرات التي جري تحليلها تشمل مؤشر ناسداك الخاص بقطاع تقنية المعلومات، ومؤشر السلع، الخاص بالقطاعات السلعية الزراعية والتجارية، ومؤشر مورجان ستانلي، لأسواق آسيا، ومؤشر داو جونز الامريكي العام، وبالتحليل اتضح ما يلي:
ـ ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 2% خلال شهر فبراير، مقارنة بقيمته المسجلة كنقطة أساس في يناير، لكنه هبط بشدة خلال مارس، وفقد 15.8% من قيمته المسجلة في يناير، لكن سرعان ما استعاد توازنه، وخفض الفقد الي 10.2% فقط خلال شهر إبريل، ثم الي 3.5% خلال النصف الأول من مايو، ما يدل علي أن قطاع تقنية المعلومات استطاع استيعاب الصدمة المترتبة علي الوباء سريعا، ويعود بقوه لوضعه الطبيعي، مع توقعات بمزيد من النمو.
ـ لم يتأثر مؤشر السلع تقريبا خلال شهر فبراير، وظل علي قيمته المسجلة كنقطة اساس في يناير، لكن خلال شهر مارس خسر 19.1% من قيمته، ثم بدأ يستعيد توازنه خلال شهر ابريل، وخفض الفقد الي 15.7%، واستمر في التحسن خلال مايو، وحدث تقليص للفقد مرة اخري، وبلغ 12.3%.

ـ فقد مؤشر مورجان ستانلي آسيا عدا اليابان 3.2% من قيمته خلال فبراير، وارتفع الفقد الي 16.7% خلال مارس، ثم تراجع الي 15.9% خلال ابريل، ثم 14.1 خلال مايو، وذلك كله مقارنة بنقطة الاساس في يناير.
ـ كان مؤشر داو جونز هو الاكثر هبوطا وفقدا للقيمة بين مجموعة المؤشرات القطاعية، فخلال فبراير فقد 1.2% من قيمته المسجلة كنقطة اساس في يناير، وفي مارس بلغ الفقد 21.6%، وهي نقطة لم يبلغها اي من المؤشرات القطاعية الأخرى، ثم تراجع الفقد الي 19.3% خلال ابريل، وهي أكبر من أكبر قيمة فقد مسجلة بين المؤشرات القطاعية الاخرى بعينة الدراسة، ثم تراجع الفقد الي 17.2% خلال مايو، وهي نسبة تجعل داو جونز المؤشر الأقل قدرة علي الإطلاق في استعادة خسائره خلال فترة الدراسة.
رابعا: بالنسبة للتغير في مجموعة مؤشرات المعادن الاساسية، شمل التحليل التغير في مؤشر كل من الذهب والفضة والنحاس والبترول الخام، وكانت النتائج كالآتي:
ـ لم يتأثر مؤشر الذهب مطلقا بأزمة كورونا، بل استفاد منها في تدعيم قيمته من شهر لآخر، فخلال فبراير ارتفعت قيمة مؤشر الذهب بنسبة 7.6%،، مقارنة بشهر يناير، ثم تراجع الارتفاع الي 2.1% خلال مارس، ثم قفز الي 31.3% خلال ابريل، وواصل القفز وبلغ 48.3% خلال مايو، واقتصرت هذ الحالة علي الذهب فقط، بينما عانت المعادن الأخرى من تراجع واضح في القيمة، ما يدل علي ارتفاع الإقبال علي اقتناء الذهب كمخزن للقيمة خلال فترة الازمة وما بعدها.
ـ كان مؤشر البترول الخام هو أكبر الخاسرين علي الإطلاق في مجموعة المعادن التي دخلت ضمن عينة الدراسة، حيث فقد 11.4% من قيمته خلال فبراير، ثم تدهور بشدة ليفقد 45.3% من قيمته خلال مارس، ثم يصل لأسوأ مستوي من الخسائر وفقد القيمة خلال ابريل، حيث فقد 67.9% من قيمته المسجلة كنقطة اساس في يناير، ثم بدأ يشهد بعض التحسن خلال مايو، مع تراجع الفقد الي 60% من قيمته في يناير.

ـ استطاع خام الفضة الصمود خلال فبراير، وسجل ارتفاعا في قيمته بنسبة 6.2%، لكنه تراجع خلال مارس، وفقد 13.9% من قيمته المسجلة كنقطة اساس في يناير، وواصل التراجع خلال ابريل، وبلغ الفقد 16.8%، ثم بدأ يشهد تحسنا طفيفا في مايو، مع تقليص الفقد الي 14.4%.
ـ شهد مؤشر خام النحاس حالة مختلفة، فهو لم يستطع تحقيق المكاسب كالذهب، أو الصمود لفترة قصيرة كالفضة، بل بدأت خسائره علي الفور في فبراير، لكنه في المقابل لم يهوي بشدة كما حدث في البترول الخام، وفي هذا السياق تشير الأرقام إلي أن مؤشر النحاس فقد 0.6% من قيمته خلال فبراير، ثم ارتفع الفقد ليصل الي 17% في مارس، ثم يتراجع الي 16% خلال ابريل، ليتوقف عند 15.7% خلال مايو، ما يعطي الانطباع بأن حركة تداول النحاس أكثر بطء وركودا من الفضة والذهب معا.