الأكثر تهديدا للحياة بين أشكال سوء التغذية: 7 دول عربية تتجاوز المتوسط العالمي في الإصابة بالهزال وجنوب آسيا الأسوأ

بحسب منظمة اليونيسيف فإن مرض “الهزال” هو الشكل الأكثر بروزاً وتهديداً للحياة من أشكال سوء التغذية خاصة الناجمة عن الجوع، وهو ينجم عن الفشل في منع سوء التغذية بين الأطفال الأشد ضعفاً. ويكون الأطفال المصابون بالهزال نحيفين بشدة ويكون نظام المناعة لديهم ضعيفاً مما يجعلهم معرضين لتأخر النمو، والإصابة بالأمراض، والوفاة”، يبلغ المتوسط العالمي لنسبة انتشار الهزال بين الأطفال دون سن الخامسة 6.7% في عام 2020، و 6.8% في عام 2022، أي ما يقرب من 45 مليون طفلاً.
والقضاء على هزال الأطفال أو تقليل نسبته عالميا وإقليميا يدخل ضمن الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الخاص بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة. ويعد هذا الهدف جزءًا أساسيًا من بناء عالم مستدام وعادل، يتمكن فيه الجميع من الحصول على الغذاء الكافي والمغذي والعيش بكرامة.
يحاول هذا التقرير تقديم إطلالة سريعة علي أوضاع مرض الهزال لدى الأطفال الأقل من خمس سنوات داخل الدول العربية مقارنة بالوضع العالمي، في الفترة بين 2000 و 2023، مع مقارنة أوضاع المرض في المناطق الجغرافية ببعضها البعض.
على مستوى العالم العربي، ينتشر الهزال بين الأطفال دون الخامسة بنسب متفاوتة، ففي عام 2000 تخطت 5 دول عربية نسبة المتوسط العالمي وهم؛ اليمن والسودان وسوريا وجزر القمر وليبيا بنسب 14.4% و13.7% و10.8%، 9.9%، 8.1%. بحسب بيانات مؤشر الجوع العالمي 2023.
تفاقمت الظاهرة في عام 2008 لتزيد نسبة الهزال بين الأطفال دون الخامسة بأكثر من 2% لكل دولة من الدول العربية الخمسة المذكورة، وأضيف عليهم مصر بنسبة بلغت 9.5% كذلك سلطنة عمان بنسبة بلغت 7.5%. ليزداد عدد الدول العربية التي حازت أكبر عدد من الأطفال المصابين بالهزال إلى 7 دول عربية.
وفي عام 2015، انخفض الهزال بين الأطفال دون الخامسة بنسب ضئيلة تراوحت بين 14.3% في الصومال و6.5% لليبيا، مع عدم توفر بيانات بالنسبة للسودان، وبالتالي تظل قائمة الدول العربية السبعة كما هي من حيث اتساع دائرة هزال الأطفال.
أما في عام 2023 استحوذت الصومال على النسبة الأكبر من الأطفال دون الخامسة المصابين بالهزال وهي 19.3%، تلتها اليمن بسنبة 15.6%، ثم جزر القمر 13.3%، ليبيا 8.8%، سلطنة عمان 7.8%، مصر 7%.
في المقابل حازت بعض دول الخليج العربي كالبحرين وقطر والإمارات والكويت على أقل نسب هزال بين الأطفال دون الخامسة لتتراوح بين 1.2% إلي الـ 3% وما دونها، يضاف اليهم الأردن وتونس في الفترة بين 2000 حتى 2023.
وعلى مستوى المناطق الجغرافية؛ شهدت 3 مناطق جغرافية نسب تتساوى أو تزيد على المتوسط العالمي لهزال الأطفال دون الخامسة، بينما حازت 4 مناطق جغرافية نسب أقل من هذا المتوسط.
وتعد منطقة جنوب آسيا هي الأسوأ الإطلاق لانتشار أعلى نسبة من الطفال المصابين بالهزال فيها مقارنة بباقي المناطق الجغرافية الستة الأخرى، في كل سنة من سنوات الرصد الأربعة حيث بلغ متوسط نسبة هزال الأطفال دون الخامسة فيها 8.94% في عام 2000، و11.34% في 2008، و11.81% في 2015، و12.89% في العام الأخير وهو 2023.
تضخمت نسبة هزال الأطفال كذلك في منطقتي شرق آسيا والمحيط الهادئ، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وبعد أن كان متوسطها 6.38% للأولي و6.07% للثانية في عام 2000، بلغ متوسطها 9.28% لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، و9.79% لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 2023، ليلامس متوسط الزيادة 3% في 23 عاماً.
في المقابل شهدت منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أقل نسب نمو في متوسط الأطفال دون الخامسة المصابين بالهزال والنحافة، لتتدرج من 2.44% في عام 2000، ثم تنخفض إلى 2.21% في عام 2008، ثم ترتد مرتفعة إلى2.57% في عام 2015، وتبلغ أقصاها في العام الأخير ليكون متوسط نسبتها 2.93% من إجمالي الأطفال دون الخامسة.
وتعد منطقتى شرق أوروبا وآسيا الوسطى وغرب أوروبا، في الترتيب الثاني عالمياً من حيث أقل متوسط نسبة أطفال المصابين بالهزال دون الخامسة من عمرهم، حيث تراوح متوسط النسبة بين 2.99% في عام 2000 و4.69% في عام 2023 في منطقة شرق أوروبا وآسيا الوسطى، ولم يختلف متوسط النسبة كثيرا في منطقة غرب اوروبا الذي تراوح بدوره بين 2.5% في عام 2000، و4.94 في عام 2023. كما هو موضح بالجدول المرفق.
وبمقارنة عام 2000 وهو العام الأول للرصد بالعام الأخير وهو 2023، نجد أن نسبة الهزال تتصاعد وتتفاقم في المناطق الجغرافية كافة بنسب متفاوتة بلغ اقصاها في منطقة جنوب آسيا، وأدناها في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
يتناسب ارتفاع حالات الهزال عالمياً بصورة كبيرة طردياً بالفقر والجوع، حيث أن الأسر ذات الدخل المنخفض والظروف الاقتصادية القاسية لديها صعوبة في توفير الغذاء الكافي والمتوازن لأطفالها، مما يعرضهم لخطر الهزال. يُعد نقص وسوء التغذية كذلك من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الهزال لدى الأطفال، ما يؤثر سلبًا على نمو الطفل وتطوره الجسماني والعقلي، ويعزز من فرص الهزال وضعف النظام المناعي وزيادة الاحتمالات لإصابة الأطفال بالأمراض.
تؤثر الأحداث العالمية الجارية بلا شك على احتمالية اضطراد زيادة نسب الهزال عند الأطفال دون الخامسة سواء كانت متعلقة بالنزاعات والصراعات المسلحة الدائرة في شرق المتوسط والغزو الروسي الأوكراني وما صاحبها من الاضظراب في سلاسل الإمتداد وزعزعة استقرار التجارة الدولية عالمياً، ما يضاعف من فرص احتمالية زيادة نسب الهزال لدى الأطفال دون الخامسة عالمياً.
ولتحجيم هذه النسبة والحد من تفاقمها، يتطلب من الدول ذات الاقتصادات الكبيرة وكذلك المنظمات الدولية المعنية لا سيما منمة الفار واليونيسيف وغيرهما اتخاذ خطوات جادة وفعالة لبلوغ هذا الهدف باعتباره أحد أهم اهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولعل أهم هذه الخطوات
زيادة دعم برامج الأمن الغذائي في الدول النامية لضمان حصول الأطفال على الغذاء المطلوب الآمن. كذلك ضرورة توفير الدعم المالي للعائلات الفقيرة لمساعدتهم على توفير احتياجات أطفالهم الأساسية وهو ما يتطلب تضافر الجهود الدولية مع الجهود الوطنية للدول من خلال قنوات التضامن الاجتماعي. يضاف إلى ذلك ضرورة التوعية والتثقيف الغذائي لتعليم العائلات كيفية توفير التغذية السليمة لأطفالهم وذلك من خلال دعايا ومبادرات وإعلانات تجوب وسائل الاتصال المسموعة والمرئية. وأخيرا ضرورة توفير الدعم النفسي للعائلات لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط النفسية التي تواجههم في الفترة التي يعانون فيها من هزال أطفالهم.