الولايات المتحدة تستهدف 350 مليار دولار من واردات الصين تقريباً،والأخيرة تستهدف حوالي 100 مليار دولار من الصادرات الأمريكية.

ترجمة نهال زكي

أوائل عام 2018، رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على عدد كبير من المنتجات المستوردة مثل: الغسالات والألواح الشمسية والصلب والألمنيوم، بدون الإشارة الي منشأ هذه المنتجات، لكن سرعان ما أتضح أن السياسات التجارية الأمريكية كانت تستهدف الصين. ثم قامت الولايات المتحدة بزيادة التعريفة الجمركية على آلاف المنتجات الواردة من الصين بين 2018-2019، مستهدفة ما يقرب من 350 مليار دولار من وارداتها. وفي المقابل أصدرت الصين عدة حزم من الرسوم الجمركية، مستهدفة حوالي 100 مليار دولار من الصادرات الأمريكية. وأخيراً في يناير 2020، وقع الطرفان اتفاقية لوقف أية زيادات جديدة فيما يخص التعريفة، بينما ظلت التعريفة الحالية سارية خلال 2021.

في فبراير 2018، قررت لجنة التجارة الدولية الأمريكية، بعد تحقيقات أقيمت فيما يخص المادة 201 (من قانون التوسع التجاري لعام 1962) أن الواردات من منتجات الألواح الشمسية والغسالات قد ألحقت الضرر بالمُنتِجين المحليين، فتم فرض تعريفات وقائية على دفعات استهدفت أول دفعة منها منتجات بعينها من دول منشأ عديدة. بعدها بوقت قصير، تم فرض تعريفات إضافية على الصلب والألمنيوم بناءً على تحقيقات وزارة التجارة فيما يخص المادة 232 (من نفس القانون المشار إليه أعلاه)، استهدفت العديد من الدول من بينها الصين، مع إعفاء بعض الاقتصادات الكبيرة (مثل الاتحاد الأوروبي وكندا). رداً على ذلك، فرضت الصين وشركاء تجاريون آخرون تعريفات إضافية بصفة انتقامية.
وقد تلاحقت العديد من دفعات زيادة التعريفة في ظل الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، في أغسطس 2017، بدأت الولايات المتحدة تحقيقًا بموجب المادة 301 ضد الممارسات التجارية الصينية، وفي 22 مارس 2018، اتهم مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة الصين بممارسات تجارية غير عادلة ما بين النقل القسري للتكنولوجيا إلى الشركات الصينية وسرقة الملكية الفكرية. بناءً عليه، رفعت الولايات المتحدة التعريفة على الصادرات الصينية على خمس دفعات في يوليو 2018، وأغسطس 2018، وسبتمبر 2018، ويونيو 2019، وسبتمبر 2019 – لحق كلٍ منها زيادات «انتقامية» من قبل الصين. ثم ألغت الولايات المتحدة والصين الدفعة السادسة من الرسوم الجمركية في ديسمبر 2019 في انتظار اتفاقية «المرحلة الأولى». وبمجرد توقيع الاتفاقية في يناير 2020، أقر الجانبان بخفض الرسوم الجمركية المقررة بدفعة سبتمبر 2019 بمعدل النصف، في حين ظلت التعريفات سارية اعتبارًا من سبتمبر 2021.
أما من حيث المقدار، فرضت الولايات المتحدة (وشركاء تجاريون آخرون) تعريفات جمركية على %17.6 من نسبة وارداتها لعام 2017. أما عام 2016، فقد قُدِرَت الواردات بحوالي %15 من نسبة الناتج المحلي الإجمالي، لذلك رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على تعاملاتها الاستيرادية بما يعادل %2.6 من الناتج المحلي الإجمالي، مع زيادة متوسط الرسوم من %3.7 إلى %25.8. فيما يتعلق بالتصدير، كان رد الشركاء التجاريون فرض رسوم بلغت %8.7 من نسبة صادرات عام 2017. وقد قُدِرَت الصادرات عام 2016 بحوالي %12 من نسبة الناتج المحلي الإجمالي، لذا فرض الشركاء التجاريون رسوم على الصادرات تعادل حوالي %1 من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، مع زيادة متوسط الرسوم الجمركية من %7.7 إلى %20.8. لذلك استهدفت الرسوم الجمركية المفروضة من قبل الولايات المتحدة والصين واردات وصادرات تصل إلى %3.6 من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. ورفعت الصين الرسوم الجمركية على حوالي %11 من الواردات، واستهدفت الولايات المتحدة حوالي %18 من صادراتها (Chang et al. 2021). مع حصص الواردات والصادرات من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 البالغة %17.9 و%19.7 على التوالي، أثر الصراع التجاري على معاملات تعادل حوالي %5.5 من الناتج المحلي الإجمالي للصين. كما أعاقت الصين وصول الولايات المتحدة إلى أسواقها من خلال خفض الرسوم المفروضة على الدول الأولى بالرعاية (MFN) لحوالي %10 من وارداتها.
وبالمقارنة، رفع تشريع Smoot-Hawley لعام 1930 (قانون حماية سياسات التجارة داخل الولايات المتحدة) متوسط التعريفات الجمركية من %34.6 إلى %42.5 على الواردات الخاضعة للرسوم الجمركية التي كانت تعادل %1.4 من الناتج المحلي الإجمالي، وبالمقابل رفع العديد من شركاء التجارة الخارجية أيضاً الرسوم على السلع الواردة من الولايات المتحدة (كندا، التي شكلت %20 من صادرات الولايات المتحدة، رفعت الرسوم الجمركية على ثلث الصادرات الأمريكية إلى كندا؛
Irwin 1998 and Irwin 2017 . وهكذا، من خلال قياس الناتج المحلي الإجمالي الذي تستهدفه التعريفة، يبدو الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أكثر وضوحاً من رسوم Smoot-Hawley. وهناك طريقة أخرى لقياس حجم الصراع التجاري وهي النظر الى شرائح المنتجات المستهدفة بالتعريفة، حيث تم استهداف ما يقرب من ثلثي المنتجات المستوردة والمصدرة التي تنتمي إلي الأكواد ذات العشرة أرقام بزيادات في التعريفة (Fajgelbaum et al.، a2021)، بينما رفعت Smoot-Hawley الرسوم الجمركية على %27 من المنتجات الخاضعة للرسوم (Irwin، 2017).
بالطبع، يختلف سياق الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين اختلافًا جوهريًا عن تعريفات Smoot-Hawley، حيث تم إطلاق هذه التعريفات على خلفية الكساد الكبير، في حين بلغ النمو الحقيقي العالمي عام 2017 %3.7 (صندوق النقد الدولي، 2018). كما إن طبيعة العولمة اليوم مختلفة تمامًا، ولا سيما من خلال حجم التجارة ومكوناتها، خاصةً أن ثلثا التجارة العالمية حالياً عبارة عن سلع وسيطة (Johnson and Noguera، 2012؛ Antràs and Chor، 2021). وقد لا تؤثر اليوم الزيادة العامة للتعريفة على الأسعار التي يتحملها المستهلك النهائي فحسب، بل تؤثر أيضًا على تكاليف الشركات التي تستخدم تلك السلع كمدخلات للإنتاج. وقد فرضت الولايات المتحدة رسوم جمركية على %67 من المدخلات الوسيطة المستوردة والسلع الرأسمالية من الصين (تمثل %62 من إجمالي الواردات الصينية المستهدفة)، وفرضت الصين تعريفات جمركية على %67 من السلع الوسيطة والرأسمالية من الولايات المتحدة (تمثل %81 من واردات الولايات المتحدة المستهدفة). (Bown 2021).

المصدر: مستخلص من بحث صادر عن المكتب القومي للبحوث الاقتصادية (الولايات المتحدة) بتاريخ: سبتمبر 2021

الباحثان: Pablo Fajgelbaum – Amit Khandelwal