بلاغات رسمية أمام الانتربول حول 530 من آثار مصر المسروقة … ماذا تعلم عنها

بلاغات رسمية أمام الانتربول حول 530 من آثار مصر المسروقة … ماذا تعرف عنها

في صباح الثاني من نوفمبر 2024 كانت أرقام قاعدة بيانات الشرطة الدولية ( الانتربول) تقول أن عدد البلاغات الخاصة بالآثار المصرية المسروقة، التي يجري تداولها في سوق تجارة الاثار غير المشروعة حول العالم حاليا بلغ 532 بلاغا، كل منها يتضمن 19 بيان يتعلق بالأثر المسروق، كالاسم والوصف والمعلومات الخلفية والفترة الزمنية والفئة والشكل والوسيط المصنوع منه الأثر والمادة المستخدمة، والعمق والقطر والارتفاع وموقع الصنع والنص الموضوع على الأثر كعلامة والوزن والعرض ومكان التوقيع وحالة التوقيع وصورة الأثر ، وفي اليوم نفسه كانت صفحة الاثار المصرية المعروضة في متاحف العالم المختلفة بموسوعة ويكيبيديا تقول أن هناك 54 متحفا حول العالم تحوز وتتعرض قطعا اثرية مصرية ، من بينها 39 متحفا تعرض 733 الفا و100 قطعة ، و 15 متحفا آخر يعرضون أو يملكون عددا غير محدد من القطع.                                                       يرجى الانتظار قليلا لحين ظهور البيانات التفاعلية

وإذا كانت القطع الموجودة والمعروضة في المتاحف انتهي امرها وانكشف سرها وباتت معروضة مستقرة في اماكنها بحكم الامر الواقع، سواء خرجت من مصر بصورة مشروعةأو عبر السرقة والاحتيال وغيرها من الطرق غير المشروعة،فإن الـ532 قطعة الواردة في بلاغات الانتربول لا تزال في طورالقضايا الساخنة الغامضة،فهي اختفت من أماكنها داخل مصر، وصنفت على أنها مسروقة ولم تظهر بعد، ووجودها علي لائحة الانتربول يعني أنها محل تعقب ومطاردة من السلطات المصرية والانتربول، ومجرد ظهورها بأي مكان يعني ظهور طرف خيط يمكن ان يقود الى سارقيها.
وبسبب حالة الغموض والترقب التي تلف هذه القطع، قرر مركز “جسور ” إلقاء الضوء على القطع الاثرية الواردة في هذه البلاغات، فأعد ونشر هذه الدراسة التحليلية، كإسهام فى تسهيل متابعة والتعرف على هذه القطع، عند دخولها في عمليات عرض أو بيع أو شراء، واعتمد جسور علي قاعدة بيانات الانتربول ، كونها قاعدة البيانات الوحيدة على المستوى الدولي التي تحتوي على معلومات شرطية وأمنية معتمدة عن القطع الفنية المسروقة والمفقودة، وتتناول الدراسة القطع المبلغ بسرقتها من ثلاث زوايا، الفئة التي ينتمي إليها الأثر، والمادة المصنوع منها، والفترة التاريخية التي ينتمي اليها، وفي كل زاوية يتم استعراض بقية بيانات الأثر من شكل ومواصفات وابعاد وصورة.

فئات الآثار المسروقة: اكثر من النصف تماثيل وما يناهز الربع سيراميك

تعكس الآثار المصرية الجوانب المختلفة والمتنوعة في حياة المصريين القدماء، عبر العصور المختلفة، بدءا من فترة ما قبل التاريخ ثم عصور الفراعنة، والعصر اليوناني والروماني والبطلمي والقبطي والاسلامي بفتراته المختلفة منذ الفتح وحتي نهاية العصر العثماني، وفي كل تلك العصور جسدت الآثار حياة المصريين، بما في ذلك ديانتهم، فنهم، علومهم، حياتهم اليومية، وحتى حروبهم، وبالتالي تعددت فئات وأنواع الآثار المصرية، فكان منها الأيقونات والتماثيل التي تجسد الآلهة والرموز الدينية المختلفة، واللوحات الجدارية: التي تزين جدران المعابد والمقابر، والتماثيل والمنحوتات التي تُظهر الفراعنة والشخصيات البارزة، والأعمال المعدنية والمجوهرات: مثل الأقراط والقلائد الذهبية المزخرفة، والكتابات والنصوص التي تعبر عن الأدب والفكر المصري، والمخطوطات والبرديات: التي تحتوي على نصوص دينية وأدبية وعلمية، والنقوش المنحوتة على الجدران والأحجار، والتي تحكي القصص التاريخية والأحداث الهامة، والأدوات المنزلية مثل الأواني الفخارية وأدوات الطبخ، والأدوات الزراعية مثل المحاريث والأدوات التي استخدمت في الزراعة، والملابس والأقمشة والملابس المحفوظة التي تعكس أنماط النسيج والحياكة، والأسلحة مثل السيوف والدروع والرماح، والأدوات الطبية المستخدمة في الطب القديم والجراحة، كالمشارط والملاقط المستخدمة في الطب القديم، والأدوات الفلكية التي استخدمها المصريون لدراسة النجوم والكواكب، والرموز مثل العنخ (مفتاح الحياة) والخاتم الشهير الذي يمثل الأبدية، والأدوات الشعائرية مثل أواني القرابين وأدوات الطقوس الدينية، والفسيفساء أو الأعمال الفنية المصنوعة من قطع صغيرة من الزجاج أو الحجر، والأسرّة والكراسي المصنوعة بدقة، ,أدوات الصيد والملاحة، والقلائد المصنوعة علي شكل قطع فنية رائعة من الذهب والأحجار الكريمة، والتمائم ومنها الجعران ذلك التميمة الفرعونية الشهيرة التي كانت تُستخدم للرمز للحماية والبركة، والأوشبتي وهي تماثيل صغيرة كانت تُدفن مع الموتى لخدمتهم في الحياة الآخرة، ,تماثيل الحيوانات التي كانت تعتبر مقدسة، مثل تماثيل القطط (باستت)، والأواني والجرار مثل جرار كانوبية التي كانت تستخدم لحفظ أحشاء الموتى بعد التحنيط، وأواني الطقوس: الأواني المستخدمة في الطقوس الدينية مثل تقديم القرابين، وغير ذلك الكثير.

عند تحليل البلاغات التي تلقتها الشرطة الدولية ” الانتربول” حول الآثار المصرية المسروقة، تبين الأنواع والفئات الواردة بها تمثل عينة بها الكثير من التصنيفات السابقة، وأول ما كشف عنه تحليل البلاغات المسجلة لدى الانتربول أن الآثار المبلغ عن سرقتها مقسمة إلى ثماني فئات، هي علي التوالي التماثيل والآثار المصنوعة من السيراميك، والقطع المتنوعة، والمنحوتات والقطع المتفرقة والمجوهرات والمنسوجات والأدوات الزجاجية، وفي المرتبة الأولى جاءت التماثيل التي شكلت ما يزيد علي نصف الاثار المبلغ عن سرقتها، وضمت هذه الفئة تماثيل مختلفة في احجامها ومقاساتها والمواد المصنوعة منها، حيث تم الإبلاغ عن سرقة 279 تمثالا تمثل 52.7% من البلاغات المسجلة لدي الانتربول، وفي المرتبة الثانية جاءت قطع السيراميك الاثرية التي يبلغ عددها 127 قطعة تمثل 24% من المسروقات، وفي المرتبة الثالثة جاءت قطع اثرية مصنفة علي أنها متنوعة الفئة ويبلغ عددها 34 قطعة تمثل 6.4% من البلاغات، ثم المرتبة الرابعة قطع اثرية في صورة منحوتات يصل عددها الي 26 قطعة تمثل 4.9% ، تليها في المرتبة الخامسة مجموعة آثار مصنفة علي أنها متفرقات يبلغ عددها 25 اثر تمثل 4.7% ، وفي المرتبة السادسة تأتي المجوهرات الاثرية، حيث ابلغ عن سرقة 22 قطعة مجوهرات تمثل 4.16% من اجمالي البلاغات، وفي المرتبة السابعة تأتي قطع المنسوجات الاثرية المبلغ عن سرقتها، ويبلغ عددها 9 قطع تمثل 1.7%، وفي المرتبة الثامنة والأخيرة، جاءت الأدوات الزجاجية الاثرية، حيث جري الإبلاغ عن سرقة 7 أدوات تمثل 1.32%، وفيما يلي استعراض تفصيلي لكل فئة من هذه الفئات علي حدة:
التماثيل
تُعتبر التماثيل من أهم مظاهر الفن والعمارة في مصر القديمة، حيث كانت تعبر عن الثقافة والدين والسلطة. وكانت تصنع من مواد متنوعة مثل الحجر الجيري، الجرانيت، الشست، الذهب، والعاج. اختيار المادة كان يعتمد على الغرض من التمثال والمكان الذي سيتم وضعه فيه، و تتنوع التماثيل من حيث الحجم، من الصغيرة التي كانت تستخدم كتمائم شخصية، إلى التماثيل العملاقة التي تحرس المعابد والمقابر، والتماثيل الفرعونية مشهورة بالدقة في التفاصيل والواقعية. كانت تظهر عادة بتفاصيل دقيقة للوجوه والأجسام، مع اهتمام خاص بتوضيح العضلات والملابس والزينة.
بتحليل بيانات ومواصفات التماثيل المبلغ بسرقتها داخل قاعدة بيانات الانتربول، تبين أنها مقسمة الي عشرة فئات فرعية، تتصدرها فئة التماثيل المصنوعة على هيئة انسان، وعددها 151 تمثالا، يشكلون نحو 54.1% من التماثيل المبلغ بسرقتها، وبمزيد من التدقيق وجد أن 48 تمثالا من هذه التماثيل هي تماثيل حجرية، و33 منها عبارة عن تماثيل خشبية ـ و26 تمثالا من الطين، و27 تمثالا من السيراميك، بالإضافة الي 8 تماثيل برونزية، و7 من الجص وتمثالان نحاسيان.
النوعية التي احتلت المرتبة الثانية هي التماثيل المصنوعة على هيئة حيوانات، وبلغ عددها 46 تمثالا، تشكل 16.4% من اجمالي التماثيل المبلغ بسرقتها، من بينها 18 تمثالا خشبيا و 9 تماثيل حجرية، و 9 من السيراميك و 4 ينية، وثلاثة من البرونز وواحد من الجص، واثنان غير متاح بيانات عن مادة الصنع.
النوعية الثالثة من التماثيل كانت المصنوعة على هيئة اقنعة، وبلغ عددها 37 قناعا يمثلون 13.6% من اجمالي التماثيل المبلغ بسرقتها، وتوزعوا على 18 قناعا طينيا و16 قناعا من الجص وقناعا حجريا، وقناع من الذهب وقناع من الياقوت وقناع من الخشب.
النوعية الرابعة كانت تماثيل من السيراميك وعددها 11 تمثالا تشكل 3.9% من اجمالي التماثيل المبلغ بسرقتها، وكان من بينها 4 تماثيل من السيراميك الخالص، وتمثالان من السيراميك والحجر، وتمثال من السيراميك والقماش، وتمثال من السيراميك والمرمر وتمثال من السيراميك والنحاس، وتمثال من السيراميك والخشب وتمثال من السيراميك والبرونز.
النوعية الخامسة تماثيل مصنوعة على هيئة عناصر معمارية، وعددها 11 تمثالا تشكل 3.9% من اجمالي التماثيل المبلغ بسرقتها، وتضم ثمانية تماثيل من الحجر، وواحد من الخشب وواحد من النحاس وواحد بلا بيانات.
النوعية السادسة تماثيل مصنفة على أنها ثلاثية الابعاد، وعددها عشرة تمثل 3.5% من التماثيل المبلغ بسرقتها، من بينها 5 حجرية، وواحد من الجص، وواحد من الخشب وواحد من السيراميك وواحد من الطين وواحد من النحاس.
النوعية السابعة كانت التماثيل المصنفة على أنها من نوعية النقش البارز، وعددها 9 تماثيل تشكل 3.23% من اجمالي التماثيل المبلغ بسرقتها، من بينها 5 تماثيل حجرية وتمثال خشبي واثنان من السيراميك وواحد من الطين.
يضاف للفئات السابقة تمثالان من التماثيل المتعددة الألوان، وتمثال برونزي مصنف على أن انه من التماثيل المصبوبة، وتمثال برونزي مصنف على أنه منحوت ثلاثي الابعاد.
آثار السيراميك
تجسد الآثار السيراميكية الفرعونية جانبا مهما من فنون وإبداعات المصريين القدماء، فأشكالها تتنوع ما بين الأوعية والأكواب والأطباق، بالإضافة إلى الأشكال الفنية الصغيرة مثل التماثيل والألعاب للأطفال، وكان الشكل يعتمد على الاستخدام المقصود من القطعة، وتصميماتها غالبا ما كانت مزخرفة بنقوش وزخارف هندسية، بالإضافة إلى الرسوم التصويرية التي تصور الحياة اليومية، النباتات، والحيوانات. بعض القطع كانت مزينة بألوان زاهية، بينما كانت قطع أخرى تظل بدون تلوين، وتدل الاثار السيراميكية على أن صناعة السيراميك الفرعونية تتطلب مهارة عالية وحرفية دقيقة، حيث كان الفنانين يهتمون بالتفاصيل الدقيقة والزخارف المعقدة،
أما التصنيع فكان ييتم بتقنيات متنوعة، مثل التدوير، الضغط، والتصنيع اليدوي. بعد تشكيل القطعة، كانت تجفف في الشمس أو تُخبز في أفران خاصة، ثم يتم تلوينها بألوان زاهية باستخدام مواد معدنية مثل النحاس لصنع الأزرق والأخضر، والحديد لصنع الأحمر والأصفر، وحملت الاثار السيراميكية رموزا دينية وآلهة، فيما استخدمت قطع أخرى في الأنشطة اليومية مثل الطهي والشرب، وفئة ثالثة كقطع جمالية، ونقل القصص والاحداث المهمة، والعديد منها استخدم كوسيلة للتبادل التجاري، حيث كانت تُعتبر سلعًا قيمة يتم تداولها بين الناس وحتى مع الثقافات الأخرى.

تضمنت فئات الآثار المسروقة فئة بكاملها تم تصنيفها علي آنها أثار سيراميك بالأساس، ودخل في تصنيعها مواد أخري، بلغ عدد الآثار المصنفة تحت هذه الفئة 127 اثرا كما سبق القول، احتوت علي فئات ثلاث فئات فرعية، في مقدمتها المزهريات وكان عددها 60 مزهرية، ب58 منها مصنوعة من السيراميك والطين، واثنتان مصنوعتان من السيراميك الخاص، والفئة الثانية عبارة عن أواني متنوعة الاستخدام، وعددها 47 آنية، دخلت عناصر اخري في تصنيعها الي جانب السيراميك، 30 منها دخل فيها الطين و10 الحجر و5 المرمر وواحد البرونز وواحدة سيراميك، والفئة الثالثة صنفت علي أنها ذات اشكال وهيئات اخري، وعددها 20 قطعة اثرية، 15 منها مصنوعة من السيراميك والطين و5 من السيراميك.
القطع المتنوعة والمتفرقات
في هذه الفئة ظهرت 34 قطة تحت اسم المتنوعة، كان من بينها 28 قطعة اثرية تحت اسم اخري، وضمت 11 قطعة من السيراميك و4 قطع حجرية، و4 طينية و4 عظمية، و3 خشبية وواحدة نحاسية وواحدة غير متاح بيانات عن مادة صنعها، وأضيف لهذه الفئة أيضا قطعتان اثريتان عبارة عن نقوش حجرية ونقوش طينية، فضلا عن تابوتين وختم ومومياء.
ظهر فيها أيضا 25 قطعة تحت اسم المتفرقات، كان بينها 4 غليون من الطين، واثنتان من الأدوات العلمية والقياسية المصنوعة من الزجاج، وآلة موسيقية من الخشب، ووثيقتان غير متاح مادة صنعهما، ومنبر مسجد، ورسم على قطعة من القماش، فضلا عن قطعتين من الفضة وقطعة من العاج واثنتين من الخشب واثنتين من الحجر واثنتين من الجص وواحدة من البرونز.
اللوحات
تُعتبر اللوحات الأثرية الفرعونية من أهم الأدوات الفنية والتوثيقية التي استخدمها المصريون القدماء للتعبير عن ثقافتهم وتاريخهم، فاللوحات كانت تُصنع من مواد متعددة تشمل الحجر الجيري، الجرانيت، الخشب، والجص. كانت تُزين بتقنيات الحفر، النقش، والتلوين، وتراوحت احجامها من الصغيرة التي كانت تُستخدم لأغراض شخصية أو دينية، إلى اللوحات الضخمة التي كانت تُزين جدران المعابد والمقابر، واستخدم في تلوينها مواد تأتي من مصادر طبيعية مثل المعادن والنباتات. الألوان الزاهية مثل الأحمر، الأزرق، الأخضر، والأصفر كانت شائعة وتُعبر عن معاني رمزية، وكانت تُصمم بعناية كبيرة وتتضمن نقوشًا معقدة تصور مشاهد من الحياة اليومية، الطقوس الدينية، والمعارك الحربية، والعديد من اللوحات كانت اشبه بسجل يوثق أحداثًا تاريخية مهمة مثل الانتصارات العسكرية، المعاهدات، والمشاريع الكبيرة مثل بناء الأهرامات. وبعضها كان يعكس الحياة اليومية للمصريين القدماء. كانت تصور مشاهد من الزراعة، الصيد، الاحتفالات، والأنشطة المنزلية، ومن أبرز اللوحات الفرعونية لوحة نارمر التى تعتبر واحدة من أشهر اللوحات الأثرية التي تعود إلى فترة ما قبل الأسرات. تصور اللوحة الفرعون نارمر وهو يوحد مصر العليا والسفلى، وتُعبر عن القوة والسيطرة، ولوحات المعابد مثل تلك الموجودة في معبد الكرنك والأقصر، التي تصور الانتصارات العسكرية والطقوس الدينية، ولوحات المقابر: مثل اللوحات الموجودة في مقبرة توت عنخ آمون، التي تصور مشاهد من حياته اليومية وطقوس الدفن.
تضمنت قاعدة بيانات الانتربول بلاغات بسرقة 26 لوحة، منها 12 لوحة من الجص و7 من الخشب و2 من الطين و2 من السيراميك و2 من الجص وواحدة غير متاح بيانات عن مادة صنعها.
المجوهرات
تُعد المجوهرات من بين أروع وأغنى الإبداعات الفنية التي خلفتها الحضارة المصرية القديمة. تُعبر هذه المجوهرات عن الجمال والفن والقوة والرمزية في الوقت ذاته، فكانت تُصنع من مواد فاخرة مثل الذهب، الفضة، النحاس، والأحجار الكريمة مثل اللازورد، الفيروز، العقيق، والزمرد. الذهب كان يُفضل بشكل خاص لأنه لا يصدأ ويرمز إلى الأبدية، وأشكالها تتنوع بين العقود، الأساور، الخواتم، الأقراط، والتيجان. كان التصميم يتضمن رموزًا دينية وملكية وزخارف هندسية ونباتية، ومن حيث التصنيع استخدم المصريون القدماء تقنيات متقدمة مثل التطريق، الصب، الصياغة، والتطعيم بالأحجار الكريمة. وبعض القطع كانت تُزين بألوان زاهية باستخدام تقنيات التلوين بالمينا، ومن أبرز المجوهرات الفرعونية خاتم توت عنخ آمون: أحد أكثر القطع شهرة، مصنوع من الذهب ومزين بالأحجار الكريمة، وعقد نفرتيتي: مصنوع من الذهب ومزين بالأحجار الكريمة، يعكس الجمال والرفاهية ومكانة الملكة في المجتمع المصري القديم، وتميمة الجعران، التي كانت تُصنع بأشكال وأحجام مختلفة، تُستخدم كرموز للحماية وإبعاد الشر وجلب الحظ.
وبالنسبة لبلاغات السرقة الخاصة بالمجوهرات، تضمنت بيانات الانتربول 22 بلاغا، كان من بينها 17 بلاغا عن قطع من المجوهرات والحلي المصنوعة من الذهب والفضة، كان من بينها 3 مجوهرات حجرية و8 ذهبية خالصة و7 سيراميكية و2 نحاس، بالإضافة لقطعتين مصنوعتين من الذهب والفضة على هيئة أدوات منزلية.
المنسوجات والأدوات الزجاجية
كانت المنسوجات الفرعونية تُصنع غالبًا من الكتان، نظراً لأنه كان متاحاً بكثرة وكان يُعتبر مادة فاخرة. كان الكتان يُغزل ويُنسج بأحجام وأنسجة مختلفة اعتمادًا على الغرض من النسيج، وتُزين بصبغات طبيعية مستخرجة من النباتات والمعادن. الألوان الزاهية مثل الأحمر، الأزرق، الأصفر والأخضر، أما التصميمات فكانت تتضمن نقوشاً وزخارف هندسية، ورسومات نباتية وحيوانية، بالإضافة إلى الرموز الدينية. أما الملابس الملكية فكانت مزينة بأكثر الزخارف تعقيدًا.
اما الأدوات الزجاجية الفرعونية فكانت من الزجاج المُلون بالمعادن الطبيعية مثل النحاس (للأزرق) والحديد (للأصفر)، وتشمل الأكواب، الأطباق، الأوعية، والعقود والديكورات، وتصنع باستخدام تقنيات النفخ والصب والتقطيع. كانت بعض الأدوات تُزين بنقوش دقيقة وألوان زاهية لتعزيز جمالها، وفي أغلب الأحوال كانت تُعتبر قطعاً فنية تُعبر عن الجمال والرفاهية.
وفي هذه الفئة تلقى الانتربول 9 بلاغات عن مسروقات أثرية نسيجية، من بينها 6 قطع من الملابس، وقطعتان من القماش المطرز وسجادة اثرية، أما الأدوات الزجاجية الاثرية المبلغ بسرقتها فهي عبارة عن سبع أدوات من بينها 4 مزهريات وثلاث قطع مصنفة ضمن أدوات أخرى.

مواد التصنيع : الفخار يعلو على الذهب …. والسر عبقرية الفراعنة

11 مادة تصنيع أعلاها الطين والحجر

يُسرق العمل الثقافي لقيمته التراثية المُعبرة عن تاريخ الحضارة التي عاش فيها على مر قرون، وليس لقيمة المادة التي صُنع منها، خاصةً وهذه القرون شهدت ملايين من البشر من مختلف الأعراق والملل والهويات عاشوا وأبدعوا وماتوا، لكن أعمالهم بقيت تحكي عنهم. وليس أدل على ذلك إلا أن يكون 71% من إجمالي 531 قطعة -مسروقة من مصر ومُبلغ عنها رسمياً ومُسجلة في قائمة الأنتربول للمسروقات التاريخية والثقافية الدولية- من المواد الطينية والحجرية بمشتقاتها من الطين الحرارى والخزف والفخار والسيراميك والجبس/ الجص، ومجموعهم 378 قطعة-، في حين أن المعادن النفيسة من الذهب والفضة، والمعادن الأقل قيمة مثل النحاس والبرونز لم تمثل غير 7% فقط، تلك المعادن التي تكتسب في أعراف وتقدير تاريخنا المعاصر القيمة المادية الأعلى والأغلي ويتكالب عليها العالم بأثره. وهي ظاهرة تستحق التأمل عندما نضع المشهدين متقابلين، أحدهما لقطع قديمة من الطين او الحجر مازالت صامدة عبر آلاف الحقب التاريخية تُباع وتًشترى بمبالغ طائلة تُضاهي (إن لم يكن أكثر) تلك المصنوعة حديثاً الآن من الذهب أو الفضة أو الأحجار الكريمة.
و تشترك هذه المواد المشتقة من الطين والحجر ومشتقاتهم في قائمة المسروقات، في صنع أنواع شائعة من الآثار التاريخية وهي الخزفيات والأواني الفخارية بأنواعها (الأباريق، الأطباق، المزهريات وخلافه)، وتماثيل الآلهة والشخصيات القديمة، وتماثيل شابتي الجنائزية، وطائر أبو منجل المقدس في وضعيات مختلفة، والتي تحوي دلالات وعقائد تاريخية شائعة في العصر الفرعوني، بالإضافة الى اللوحات المنقوشة، والتمائم، والأقنعة، وحتي بعض الحُلي.
أما الخشب فاعتمد عليه المصريون على مر العصور التاريخية المختلفة بشكل كبير ، خاصةً في العصر الفرعوني القديم حيث اُستخدِم في صُنع التوابيت وقواعد التماثيل، كما اُستخدم في العصر القبطي والاسلامي في صناعة الأبواب والمشربيات والمنابر في المساجد.
واللافت للنظر أن المعادن النفيسة مثل الذهب والفضة، أو حتى الأقل قيمة مثل النحاس والبرونز ، لم يكن لها تواجد حقيقي في قائمة المسروقات إلا في زخرفة ونقوش العمل الفني الذي صُنع أساساً من أحجار أو خزف او خشب، إلاعدد لا يذكر من الحُلي، أي أنها كانت مادة إضافية لم يُعتمد عليها بشكل أساسي. وهو ما يدعو للتساؤل عن سبب عدم ورود القطع النفيسة من الذهب في القائمة بالرغم من أن الذهب كان بالنسبة للمصريين القدماء يعتبر من المُقدسات واستخدم بكثافة في منحوتاتهم.

احتوت القائمة الخاصة بالآثار المصرية المسروقة على إجمالي 531 أثر، تم تصنيعها من 17 مادة اساسية وفرعية قام مركز جسور باستخلاصها من البيانات الأولية الواردة من قائمة الانتربول وعرضها بالأعداد والنسب المئوية. وكما يتضح من الجدول الأول أن:
المواد الأساسية التي اُستُخدِمت هي:
1ـ الطين (166 قطعة)
2ـ الحجر (110 قطعة)
3ـ السيراميك (73 قطعة)
4ـ الخشب (70 قطعة)
5ـ الجص والجبس (29 قطعة)
6ـ البرونز (16 قطعة)
7ـ النحاس (13 قطعة)
8ـ الذهب والزجاج والمرمر تراوحت أعداد القطع بها ما بين 9 و8 و6 قطع على التوالي.
9ـ باقي عدد القطع ما بين 5 الي 1 قطعة فقد استخدم في تصنيعها القماش ( قطع5)، العظم (4قطع)، الفضة والحرير والمخمل قطعتين لكلا منهما، العاج والياقوت (قطعة لكلا منهما)
10ـ القطع الـ 12 التي لم يتم رصد المادة المصنوع منها في البيانات الأولية، فقد تم استنتاجها بحسب باقي البيانات الواردة لكل قطعة، وتتراوح ما بين الورق، والحجر/ السيراميك، والخشب، والجبس.
11ـ المواد الفرعية: وهي تُعبر بدقة أكثر عن جميع المواد التي استخدمت في تصنيع الأثر وليس المادة الغالبة أو الأساسية فقط، ومنها الكتان، القطن، الصفيح والفولاذ، الرخام، الاحجار الكريمة وشبه الكريمة، البورسلين، الماجوليكا، التيراكوتا.
وفيما يلي استعراض بعض التفاصيل والخلفيات لكل مادة من مواد التصنيع بحسب معدل انتشارها بين القطع المسروقة:
1ـ الخزف والفخار والطين والتيراكوتا والسيراميك والرخام والبورسلين: وتضمنت هذه الفئة ما يلي:
أـ الطين والتراكوتا: وهي المادة الأكثر استخداما في القائمةً، وتم الاعتماد عليها في انتاج التماثيل والمنحوتات المتمثلة في الأواني الفخارية والحاويات المزخرفة والمنقوشة والملونة وأحياناً والمطلية بالذهب. و”التيراكوتا” أو الطين الحراري هو المصطلح المُستخدم عادةً في المنحوتات المصنوعة من الفخار والطين، والأواني مثل أواني الزهور، وبلغ عدد القارورات والمزهريات 56 مزهرية مختلفة الأشكال، والأطباق والأباريق 16 إبريق معظمها من العصر اليوناني الروماني، و11 طبق، و 18 قناع جنائزي ينتمي جميعها للفترة ما بين 1600-1500 قبل الميلاد من منطقة “قبة الهوا”* المعروفة بـ”مقابر النبلاء “بمدينة أسوان Tombs of the Nobles، بالإضافة الى الألواح التي تحمل نقوش بارزة وهيروغليفية ورسومات للآلهة، علاوة على تماثيل “شابتي”، وتماثيل الآلهة المختلفة، وتلك المحفورة على شكل آدمي، أو على شكل أجزاء من جسد الإنسان.
ب ـ الحجر: بحسب القائمة، اُعتمد عليه في نحت تماثيل صُنعت من الرخام والحجر الجيري والجرانيت والطين الحراري، والحجر الرملي تُمثل الآلهة مثل أوزوريس أو جيهوتي وأميرة العمارنة، وشخصيات شوابتي، ورأس أو جذع إنسان او جزء من جسم إنسان، بالإضافة الى ألواح عليها نقوش هيروغليفية أو يونانية، وأنصاف حيوانات وطيور مثل “طائر أبو منجل IBIS”، والجعران Scarab . وتتنوع أشكال منتجات الأحجار مع إضافة مواد وعناصر أخرى اليها مثل البرونز ، والخشب، والمرمر، والذهب.
ت ـ السيراميك/ الفخار/ الماجوليكا: ومادة “الماجوليكا” معروفة باللاتينية باسم “تيراسيجيلاتا” Terra Sigillata)، وهي نوع من الفخار أو الخزف المصقول مع طلاء معدني يعطي تأثير تقزح لوني يتم انتاجه بواسطة أكاسيد معدنية في طبقة نهائية مزججة، تمر بمرحلة ثانية في درجة حرارة منخفضة في أفران خاصة. وأبرز ما يمثل هذه المادة في قائمة المسروقات هي أنها تنتمي الي العصر المصري القديم، وتغلب عليها التمائم (حوالي 26 تميمة) معظمها على شكل عين “وادجيت”، والآلهة “بيس” و”باخت” و”بتاح”، وأشكال قطط، بالإضافة الى الجعران، والحُلي مثل الخواتم والقلائد، وشخصيات “شابتي” الجنائزية.
ث ـ الجص والجبس: استخدم في 29 قطعة أثرية مسروقة، أكثر من نصفها ينتمي للعصر اليوناني الروماني وهم 16 قناع.
الجص في التاريخ الفرعوني القديم: اتبع الفنان المصري القديم طرق التصوير على الجص بأن يكسى الجدار بطبقة من الجص أو الطين ثم يطلى فوقها بالألوان الأرضية المذابة في الماء على أن يوضع الطلاء قبل أن يتم جفاف هذه الألوان حتى يتشرب الجص باللون أثناء جفافه، وبذلك يتفادى تساقط الطلاء.
وفى العصر القبطى: ساد التصوير بألوان الأكاسيد “الفرسك” على الحوائط المغطاة بطبقة من الجبس امتداداً للطريقة التى تواترت من العصور السابقة فى مصر. وقد ظهر استخدام الفسيفساء منذ بداية القرن الرابع الميلادى الذي زينت به معظم حوائط الكنائس.
وفي العصور اليونانية الرومانية: ساد وانتشر فن “الفسيفساء”، (وهى عبارة عن زخرفة سطحية تصنع عن طريق تثبيت قطع صغيرة اوفصوص ذات الوان مختلفة بعضها الى بعض علي طبقة من الجص او الأسمنت مكونة علاقات شكلية جمالية . وتعتبر الفسيفساء بصفة اساسية زخرفة معمارية حيث استخدمت لزخرفة الأرضيات والجدارن والأسقف في العمائر المختلفة.
2 ـ الخشب: تنوعت القطع المصنوعة من الخشب في القائمة بصفة اساسية بين تماثيل شابتي على هيئة شخصية “يويا” بعدد 12 قطعة، أو عدد كبير من توابيت مومياوات، بالإضافة الى التماثيل الخشبية لرؤوس إنسان- بعضها من خشب الأرز-، وتماثيل لـ”توت عنخ آمون Tutankhamun “، علاوة على الأبواب الخشبية المزخرفة والمنابر والأبواب الخشبية التي تعود للعصر الإسلامي. أما باقي القطع فكان الخشب يمثل فيها القاعدة الخشبية لتماثيل الآلهة، وتماثيل “أبو منجل” التي امتزجت بالبرونز، أو المطلية بالذهب.
3ـ المعادن النفيسة وغير النفيسة (الذهب والفضة والبرونز والنحاس): 40 قطعة هو اجمالي عدد القطع المصنوعة من الذهب والفضة والبرونز والنحاس في القائمة، أو أن تكون مادة إضافية في صنع هذه القطع. وهذا العدد القليل الذي وإن كان يبدو إيجابي، إلا انه لا يدعو للارتياح، إذا تم الاخذ في الاعتبار احتمالات ألا تكون كل القطع من المعادن النفيسة قد تم الابلاغ عنها رسمياً.
أ ـ الذهب:
انحصرت عدد القطع الـ 9 المصنوعة من الذهب في القائمة بين قلائد وأساور وخواتم وأقراط المرصعة بالاحجار الكريمة، وقناع واحد مصنوع بالكامل من الذهب الخالص ينتمي الى الحقبة الرومانية اليونانية. غير أن تاريخ الذهب حافل في تاريخ الفنون المصرية:
ب ـ النحاس والبرونز: عـرف المصـرى زمـن ماقبـل الأسـرات النحـاس فلـزاً طبيعيـاً، ثـم عـرف كيـف يسـتخلص هـذا الفلـز مـن معادنـه وأهمهـا المالاكيـت Malachite و الأزوريـت Azurite، فكانـت مصـر مـن اوائـل الـدول التـى دخلـت حضـارة النحـاس ،وتوسـعت فـى اسـتخراج خامـات النحـاس مـن شـبه جزيرة سيناء من مغارة سرابيط الخادم Serabit El-Khadim. كذلك استخرجت خامات من الصحراء الشرقية جهات “ام سميوكى” و”أ بوسويل”. ، واستخدم النحاس سلاحاً للجيش وأدوات معيشية وتماثيل. 
4ـ الأقمشة والمنسوجات (كتان وحرير ومخمل وقطن):
العدد الضئيل الثابت في قائمة الانتربول هو عبارة عن مناشف او حصائر، و سجاد من المخمل، وترجع جميعها الى العصر العثماني، والنتيجة، صحيح أن الأعمال التاريخية الفنية التاريخية جزء لا يتجزأ من التراث والثقافة، لكن ليس لقيمتها المادية، وإنما للمعاني والدروس المستفادة منها التي ماتزال تتحدث بكل حياة عن العمل الشاق المبذول فيها، والقدرات اللانهائية لاستغلال موارد الطبيعية الخام وتطويعها، والإبداع العقلي والذهني والمهارات غير المسبوقة لإنسان عاش في وقت لم يحظى بأية آلات حديثة متقدمة ولا تكنولوجيا متقدمة تساعده، أو تؤدي عنه جزء من عمله، بل وأحياناً تحل محله، مثلما يحرص عليه في العصور الحالية، فتتلاشى مواهب البشر، وتخور قواهم العقلية والجسدية بسبب عدم استغلالها، ومن ثَمَ لا يبقى لهم أية أثر. أيهما إذا يستحق صفة الحداثة والتقدم.

خلفيات حول المسروقات

قبة الهوا

معروفة أيضاً باسم “قبة أبو الهوا”. وهي مجموعة من المقابر الصخرية فى منحدرات التلال على الضفة الغربية لنهر النيل بأسوان من الطرف الشمالى لجزيرة “إلفنتين” التى تطل على النيل ببانوراما ساحرة تكشف روعة مدينة أسوان . ترجع المقابر الخاصة بحكام الأقاليم وكبار رجال الدولة من الدولة القديمة إلى الدولة الوسطى . أما موقع هذه الجبانة فقد ظل مستخدماً منذ الدولة القديمة حتى العصر اليونانى وأُطلق عليه اسم قبة الهوا نسبة إلى ضريح أحد الأولياء المسلمين وهو ضريح الشيخ “على أبو الهواء ” والموجود أعلى قمة الجبل فوق المقابر. (المصدر: وزارة الآثار والسياحة المصرية).

“شابتي” “شوابتي” “أوشابتي”: مجيب نداء الخادم الميت: “ها أنا ذا “

بعد اختفاء عادة دفن تماثيل الخدم فى المقابر، تحولت التماثيل الخاصة بالخدم إلى “أوشابتى” والتى أصبحت تؤدى وظيفة مزدوجة، وهى تجسيد الميت وخدمته معاً، ولم يكن هناك أوشابتى واحد بل تعددت حتى وصل عددها بعدد أيام السنة، ثم تضاعف العدد مثل ما كشف عنه فى مقبرة الملك “سيتى الأول” وكان هناك تمثال ٢ أوشابتى على شكل رئيس عمال ” خدم ” وهو يعين على كل عشرة تماثيل أوشابتى ، وأصبحت هذه التماثيل من ضروريات الأثاث الجنائزى داخل المقابر، حيث أنها تمثيل لتجسيد دائم للمومياء وكانت توضع فى المقبرة للقيام بالأعمال الضرورية فى العالم الآخر. وسميت هذه التماثيل فى اللغة المصرية القديمة بــ”شوابتى¢ ¡ ·ñ¨ شابتى – Sbty – ، والتى اصبحت فيما بعد ” أوشبتى ” wSbty ، والمعنى الأصلى للكلمة غير معـروف علـى وجـه الدقة، وربما يرتبط باسم “شجرة البرسـيا – tree – Persea “وبالمـصرية القديمـة “شاواب SwAb -، ولكن فى الدولة الحديثة أصـبح الـشكل السائد للكلمة “أوشبتى wSAbty “بمعنى “مجيب” وذلك لمواءمة وظيفتها فـى الإجابـة على النداء بدلاً من الميت ،حيث كان المفروض أنه عندما ينادى على الميت كـان الأوشابتى يقوم بالرد قائلاً : ها أنا ذا. 

طائر أبو منجل” أو “طائر إيبيس “

أحد الطيور البحرية، التي قدسها المصريون القدماء، وكان اكتشاف جبانة “تونة الجبل” الموجودة في مركز ملوي بمحافظة المنيا، والتي تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، أكبر دليلا على قدسيته، فقد عُثر داخلها على سراديب دفن بها الآلاف من مومياواته، والتي وجدت محنطة ومكفنة بلفائف الكتان، بنفس الطريقة التي يُكفن بها البشر، ووضعت داخل توابيت من الحجر أو الفخار. وتشير النقوش القديمة أن المصريين وضعوا لهذا الطائر قانون خاص، فكل من يسئ التصرف معه عليه أن يواجه حكما بالإعدام. وقد بدأ تقديس هذا الطائر منذ بداية عصر الأسرات وحتي العصر الروماني، فكان رمزا للإله جحوتي المعروف بإسم “تحوت”، وهو إله القمر والحكمة والطب، الذي عُرف بسيد الكلمة المقدسة، حيث تنسب إليه اختراع فن الكتابة. أظهرت بعض فقرات نصوص الأهرامات أهمية طائر أبو منجل في عصر الدولة القديمة، حيث ذكر ارتباطه بإله الشمس “رع”، واصفة إياه بإنه أحد الربين اللذان رافقا “رع” في رحلته عبر السماء، فكان الإله “رع” يعبر النهر السماوي على جناح أبو منجل “تحوت”. كما ظهر أبو منجل في مناظر المحاكمة الإلهية، التي تصاحب نصوص كتاب الموتي، وهو يقف أمام الميزان، الذي يزن فيه قلب المتوفي، ويدون نتيجة الميزان، ما أضفى علي الإله تحوت سمة العدالة والإستقامة.

الأحجار في مصر القديمة

اقتطع قدماء المصريين كـتلا كبيرة وصغيرة منه وبنوا بها اهرامات ومعابد ونحتوها على شكل أوانى وأوعية.
والحجر الرملي تجلى استخدامه في آثار معابد الأقصر والكرنك Karnak والقرنة Kurna والرمسيوم Ramesseum وفيلة Pjilae، ودير المدينة Deir el-Medina ، ومدينة هابو ، وإدفو وكوم أمبو.
بُني من الجرانيت تماثيل ومسلات ونعوش، وكُسيت به جدران وأسقف لكثير من الأبنية.
غرب مدينة “توشكى” بها أشهر الأحجار التي لم يُعثر على مصدر له إلا بها فقط ، ومنها تم صُنع ما يُعرف بتماثيل “ديوريت خفرع” Khafre Enthroned .
أما “الألابستر” أو “المرمر” فقد نحتت منه التماثيل هائلة الحجم وكذلك التحف الصغيرة الدقيقة جداً على حدٍ سواء.
وفي العصر الروماني: اختار الرومان حجر احمر اللون أطلقوا عليه “السماق الامبراطوري Imperial Porphyry ” منتشر في سلسلة جبلية عالية في مدينة الغردقة، وصنعوا منه أعمدة ولوحات حائطية قاموا بتصديرها في انحاء الامبراطورية الرومانية والبيزنطية، وفي العصور المبكرة من الحضارة المصرية كانت قطع الفخار تُزخرَف بأشكال حيوانات وحليات هندسية ونباتية ملونة.

الفترة الزمنية: العصر الفرعوني اكبر الفترات يليه البطلمي والروماني

تُعد الآثار المصرية من أهم الكنوز الثقافية والتاريخية في العالم، حيث تعكس حضارة عريقة تمتد لآلاف السنين. ومع ذلك، تعرضت هذه الآثار للسرقة والتهريب على مر العصور، مما أدى إلى فقدان جزء كبير من التراث المصري. تنوعت الأثار المصرية المسروقة التي أُبلغ عنها للإنتربول بين أكثر من حقبة زمنية، والعبرة هنا بتاريخ القطع المسروقة لا بتاريخ سرقتها، والتي يعود بعضها للعصر الفرعوني، وأخرى للعصر البطلمي، وغيرها للعصر الروماني، حتى العصر الحديث، ونتناول فيما يلي المسروقات بحسب كل عصر من العصور؛
أولا: العصر الفرعوني: العصر الفرعوني، المعروف أيضًا باسم الحضارة المصرية القديمة، هو فترة تاريخية تمتد من حوالي 3100 قبل الميلاد إلى 332 قبل الميلاد. تميزت هذه الفترة بحكم الفراعنة، الذين كانوا يُعتبرون ملوكًا وآلهة في نفس الوقت، وكانوا يحكمون مصر القديمة التي تركزت على ضفاف نهر النيل. ووزع هذا العصر الي ثلاث فترات على النحو التالي: الدولة القديمة في الفترة (2686-2181 ق.م)، وتميزت هذه الفترة ببناء الأهرامات الكبرى، ثم الدولة الوسطى (2055-1650 ق.م)، وتميزت هذه الفترة بازدهار في الفنون والأدب، ثالثا الدولة الحديثة (1550-1069 ق.م) وهي فترة الإمبراطورية المصرية وازدهارها العسكري.
بلغ عدد المسروقات المصرية المدرجة على قائمة الإنتربول والتي تعود إلى العصر الفرعوني نحو 104 قطعة أثرية مختلفة، تنوعت بين أقنعة جنائزية، ومزهريات، ولوحات، وتمائم، وجعور، وغيرها من التماثيل الآلهة والقطع الأثرية الأخرى. تعود 19 منها إلى عام 1800 قبل الميلاد وهو يمثل حوالي 18.2% من إجمالي المسروقات في العصر الفرعوني، بينما يعود 16 منها إلى الفترة بين 1500 الي 1600 قبل الميلاد وهو ما يمثل نحو 15.3%، كما تعود11 قطعة أثرية إلى الفترة الزمنية 1390-1352 قبل الميلاد بنسبة 10.58% من إجمالي المسروقات في العصر الفرعوني. في المقابل سرق حوالي 58 قطعة أثرية تعود لأزمنة مختلفة في العصر الفرعوني حتى 2134 قبل الميلاد. ويتضح من التوزيع الزمني أن السرقة لم تقتصر على فترة معينة أو لأسرة بعينها، بل امتدت عبر العصور المختلفة من العصر الفرعوني، وهو ما يبرز خصوصية تلك الأثار والرغبة في سرقتها نظرا لقيمتها التاريخية.
ثانيا: العصر اليوناني الروماني: وهو فترة تاريخية تمتد من حوالي 332 قبل الميلاد إلى 395 ميلادي، وتشمل الفترة التي خضعت فيها مصر لحكم الإغريق ثم الرومان، وقد تأثرت مصر بشكل كبير بالثقافة اليونانية، حيث انتشرت اللغة اليونانية وأصبحت اللغة الرسمية للإدارة والتعليم. أضيفت إلي الثقافة اليونانية العناصر الرومانية في الفن والعمارة والقانون.
بلغ إجمالي عدد القطع الأثرية المسروقة المبلغ عنها للإنتربول، والتي تعود إلى العصر اليوناني الروماني نحو 232 قطعة أثرية، تنوعت بين أباريق فخارية، وتماثيل بعض الآلهة كأوزوريس وإيزيس وسخمت وهاثور، فضلاً عن مجموعة كبيرة من رؤوس التماثيل والأقنعة والمباخر، والمزهريات والمصابيح.
تجدر الإشارة أنه تخلل هذه الحقبة الزمنية العصر البطلمي، وتشير البيانات أن هناك قطعة أثرية واحدة سرقت يرجع تاريخها إلى هذا العصر، كما تجدر الإشارة هذا العصر امتاز بالتفاعل الثقافي والتجاري الكبير، حيث اندمجت الثقافات اليونانية والرومانية مع التراث المصري القديم.

ثالثا: العصر القبطي: والعصر القبطي هو فترة تاريخية في مصر تمتد من القرن الثالث الميلادي حتى الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي. يُعرف هذا العصر بالتحول الديني والثقافي الكبير الذي شهدته مصر، حيث انتقلت من الديانة المصرية القديمة إلى المسيحية القبطية. تطور الفن القبطي الذي يجمع بين الأساليب الفرعونية واليونانية الرومانية مع التأثيرات المسيحية، واستخدام الرموز المسيحية في النقوش واللوحات، مثل الصليب والسمكة، وبناء الكنائس والأديرة التي أصبحت مراكز دينية وثقافية واستخدام الطراز المعماري البيزنطي في بناء الكنائس. وتشير بيانات الإنتربول أن مجموع سرقات القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر القبطي بلغ عددها 12 قطعة أثرية تنوعت بين أقراط، وتماثيل مختلفة، وغطاء حاويات، وغيرها.
رصدت قائمة الإنتربول لبلاغات المسروقات من القطع الأثرية المصرية مجموعة أخرى من المسروقات التي يعود تاريخها إلى أكثر من حقبة زمنية، لا سيما في العصر الأموي بعد دخول الإسلام لمصر والتي تمتد من عام 661 ميلادي إلى 750 ميلادي والتي ازدهرت فيها الفنون الإسلامية، بما في ذلك العمارة والزخرفة، وسرقت قطعة أثرية يعود تاريخها للعصر الأموي وهي حجر محفور. كذلك سرقت قطعة أثرية واحدة وهي لوحة عليها كتابات كوفية يعود تاريخها إلى العصر الفاطمي.
رصدت القائمة ذاتها ما مجموعة 10 قطع أثرية مسروقة يعدو تاريخها إلى العصر العثماني الذي امتد من عام 1299 ميلادي إلى 1923 ميلادي، وازدهرت خلاله الفنون الإسلامية، بما في ذلك العمارة والزخرفة والخط العربي. تنوعت القطع المسروقة يبن زخارف وسجاجيد وأقمشة، وأحواض وأغطية ومناشف.
ومن بين المسروقات كذلك ما يعود تاريخها إلي العام الثامن هجرياً حيث رصدت قائمة الإنتربول قطعة واحدة تتمثل في نقق لمقبرة. كما سرقت قطعة واحدة في القرن الرابع عشر والخامس عشر وهي مقبض قرع باب مسجد. كما سرق طبق ولوحة عليها نقش باللغة العربية يعود تاريخهما إلى القرن الثامن عشر. كما سُرق ما مجموعه 9 قطع أثرية في القرن التاسع عشر أغلبها من الذهب تنوعت بين أساور وخواتم ذهبية، وأقراط وقلادات، ولعل أشهر ما سرق هو لوحة زهرة الخشخاش تُظهر اللوحة زهور الخشخاش 2010 الصفراء والحمراء في إناء، وهي مرسومة بالألوان الزيتية على قماش بحجم 54 سم × 53 سم، وهي المرة الاولى التي سرقت فيها هذه اللوحة قبل استعادتها وسرقتها مجددا في عام 2010، وهذه اللوحة تُعد من الأعمال الفنية الهامة التي تعكس نقطة تحول في أسلوب فان جوخ الفني.
أخيرا تشير قائمة الإنتربول لبلاغات القطع الأثرية المسروقة ان هناك 149 قطعة أثرية لم تحدد تاريخها ولأي عصر تنتمي، ولكنها محددة المعالم حيث تنوعت بين تمائم وتماثيل لآلهة مختلفة، وقلادات وألواح ورؤوس وزخارف ونقوش وأباريق.
تُظهر هذه البيانات أن سرقة الآثار المصرية لم تقتصر على فترة زمنية معينة، بل امتدت عبر العصور المختلفة، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذه القطع الأثرية وقيمتها التاريخية. يجب أن تكون هناك جهود مستمرة لاستعادة هذه القطع الأثرية المسروقة وحمايتها من السرقة في المستقبل، لضمان بقاء التراث المصري للأجيال القادمة.

مركز جسور للدراسات والاستشارات الثقافية والتنموية هو مركز يستهدف تقديم الاستشارات والدراسات في مجالات التعليم وسوق العمل والثقافة والقانون والإعلام واقتصادات المعرفة بوجه عام، وليس للمركز أي أنشطة أو أهداف أو اهتمامات سياسية أو حقوقية.