يشكل الجوع عاصفة من الألم والعار تسري بين بني البشر، فمن حيث الوضع الصحي والجسماني هو سلسلة ألم مزمنة متصلة الحلقات، تبدأ بنقص التغذية الذي يقود للهزال والتقزم، وغيرها من المهالك الغذائية والصحية التي تسهم بقوة في الوصول الي نقطة النهاية بالوفاة البطيئة ، ومن حيث المنطق الإنساني والقيمي والأخلاقي هو عار يجسد الفجوة الصارخة بين البطون المتخمة في غرب أوروبا ومناطق العالم المتقدمة، والخاوية المتيبسة في إفريقيا وجنوب آسيا وامريكا اللاتينية والشرق الأوسط وغيرها، ومما يؤسف له أن هذه العاصفة المكونة من الألم والعار عادت لتزداد توحشا خلال السنوات الأخيرة، وراحت تتمدد وتتصاعد باضطراد بكل مناطق العالم، مؤكدة تراجع وفشل العالم والبشرية في السيطرة عليها، ويكفي أن نعلم أن نسبة الوفيات التي لها علاقة بالجوع بين وفيات الأطفال دون سن الخامسة ارتفعت من 3.3% في العام 2000 الي 7.3% في العام 2021، أي ارتفعت بما يزيد علي 100%.
لمعرف ملامح ومحطات عاصفة العار والآلام المزمنة المسماة بالجوع، قام مركز جسور بمراجعة البيانات الواردة في قاعدة بيانات ( مؤشر الجوع العالمي GHI) https://www.globalhungerindex.org، وفق آخر تحديث اجري علي المؤشر في نهاية 2023، وهو مؤشر يرصد حالات التقزم بالعالم من عام 1998 الى عام 2022، ويقسمها لأربعة فترات زمنية تغطي كلٍ منها 7 سنوات ويشار الي كل فترة بالفترات 2000، 2008، 2015 و2023، وبناء علي التحليلات التي تمت، يقدم جسور ثلاثة تقارير يحاول من خلالها رصد السمات الأساسية حالة الجوع في العالم، وهي حالات الإصابة بنقص التغذية كنسبة من العدد الإجمالي للسكان، وحالات الإصابة بالهزال ، وحالات الإصابة بالتقزم بين الأطفال دون سن الخامسة.