جذور النزاع حول جزيرة تايوان، هي بالأساس سياسية وعقائدية واستراتيجية بالنسبة للأطراف الثلاثة للنزاع، الجزيرة التي تري نفسها كيانا مستقلا، والصين التي ترى نفسها البلد الأم صاحبة الحق في الولاية عليها، والولايات المتحدة التي تجبرها مصالحها على أن تكون الداعم الأول لوضعها المستقل، ومثل هذه الوضعية تكفى نظريا لتطور النزاع ودخوله مرحلة الصراع المسلح، لكن حتي هذه اللحظة لم تنطلق الطلقة الأولى للحرب، وهنا تحديدا يبرز الوجه الاقتصادي للنزاع، فأولاً جزيرة تايوان واحدة من “الدرر الاقتصادية” الواضحة في الاقتصاد العالمي الحالي، التي لا يمكن لأى من أطراف النزاع المباشرة أو ما حولهم التضحية بها بسهولة، وثانياً فإن كل خلافات السياسة والعقائد والاستراتيجيات، لم تستطع أن تقضي على الشراكة الاقتصادية الفعلية بين تايوان والصين، الذين يعدان من الناحية الاقتصادية حلفاء من الدرجة الأولى، وثالثاً أن أمريكا وغيرها من دول العالم، لا تطيق ولا تتحمل بسهولة أعباء نزاع يمكن أن يؤدى في اليوم التالي إلي شل حركة نصف أسطول السفن التجارية للحاويات ونحو 90% من سفن الشحن العملاقة، وإحداث هزة في العالم الرقمي نتيجة اضطراب امدادات نحو 92% من امدادات الشرائح الالكترونية المتقدمة، وبالتالي يمكن القول أن قوة الاقتصاد لا تزال حتي هذه اللحظة من العوامل المهمة القادرة على كبح جماح الحرب، لكن يظل السؤال الذي بلا إجابة … إلى متى؟
بعيدا عن الأبعاد السياسية والاستراتيجية للازمة.. يعالج مركز جسور في نشرته لهذا الشهر ثلاثة من ملامح الوجه الاقتصادي للنزاع، وهي اقتصاد تايوان، ثم تجارتها البينية مع الصين والولايات المتحدة، وأخيرا التداعيات الاقتصادية الدولية للنزاع حال نشوبه.