تتعب الشعوب وتكد ساعية لتحقيق حلم الرفاهة، فتزرع وتصنع وتنتج وتتاجر وتبدع وتفكر وتبدع فيما تقدمه من منتجات وخدمات، ثم تأتي الحكومات والسلطات فتفرض ضرائب ورسوم ودمغات وغرامات واشياء أخري علي مجمل هذه الأنشطة من جانب الشعوب، لتحقق ما يعرف بالعائدات الحكومية، التي يطلق عليها أيضا الإيرادات العامة لتستخدمها فيما يعرف بالإنفاق العام الذي يفترض أن يتم وفق ضوابط وشروط تحددها الدساتير والقوانين، وأحياناً تقسو أو تتوسع الحكومات في جباية العائدات الحكومية، فترتفع نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي للشعب أو الدولة، وأحيانا تميل الحكومة للتقليل من الجباية وخفض الضرائب فتقل عائداتها، ويحدث التوسع والانكماش وفق رؤي ونظريات اقتصادية وسلطوية عدة، لكن في النهاية تظل العائدات الحكومية ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، ومصادر الحصول عليها من الأمور المهمة التي تحظي بقدر كبير من الاهتمام والدراسة والرصد، حتي أن الأمم المتحدة خصصت لها قاعدة بيانات مستقلة، قام ببنائها ويشرف علي تنظيمها وتحديثها المعهد العالمي لبحوث الاقتصاد الإنمائي التابع للأمم المتحدة (UN-WIDER عبر موقعه
https://www.wider.unu.edu، وهذا الشهر اصدر المعهد تحديثا جديداً علي قاعدة البيانات، وقام مركز جسور بمراجعته وتحليل وتصنيف البيانات الواردة به، ليقدم التقارير الثلاثة في نشرة هذا الشهر، التي تعالج ظاهرة الإيرادات الحكومية من منظور التعريف والتقسيم الموضوعي لمصادرها، ثم المنظور التاريخي عبر تطورها خلال الـ 40 سنة الماضية، وأخيراً المنظور الجغرافي من حيث وضعيتها في مناطق العالم المختلفة.