مع الطلقة الأولى للحرب: اضطراب حركة 50% من سفن الحاويات وتعطل إنتاج 92% من الرقائق المتقدمة و 70% من شرائح المحمول

مخاطر الحرب في تايوان

مع خروج الطلقة الأولى للحرب علي تايوان، ستكون حركة 50% من سفن الحاويات، و90% من حركة السفن العملاقة حول العالم مُعرضّة للاضطراب ثم التعطّل ثم الشلل التام، بالتزامن مع اضطراب في إنتاج 92% من الرقائق الذكية واشباه الموصلات الأكثر تقدماً، و70% من شرائح الهواتف المحمولة الذكية، و35% من وحدات التحكم الدقيقة المخصصة للسيارات، و80% من اللوحات الأم للحاسبات المحمولة، و60% من أجهزة بناء الشبكات حول العالم، ما يعني عملياً أن حركة الاسطول التجاري العالمي ستتعرقل بصورة مؤثرة، فيما ستتعرض قنوات تغذية وتحديث الأذرع الأساسية لمنتجات ومعدات العالم الرقمي لجفاف مفاجئ ثم ضمور سريع قد يقودها إلي الشلل.
هذه بعض ملامح الكابوس الاقتصادي المتوقع أن يحدث حال اندلاع نزاع عسكري حول جزيرة تايوان، وفقا لما قدّمته العديد من المصادر ومراكز البحث والتفكير حول العالم، مثل بوابة الحكومة التايوانية، وتقرير الاتحاد الأوربي لعام 2021، وفوكس بيزنس، ومؤسسة Beroe.
تم بناء سيناريو ما بعد اندلاع النزاع، استنادا إلي وضعية تايوان في الاقتصاد العالمي، وكونها أولاً مركزاً محورياً للعديد من الصناعات والمنتجات الحيوية العالمية، ومركزاً حصرياً وحيداً للبعض منها، مثل الأجيال الجديدة من الرقائق الالكترونية الأكثر تقدماً، وثانياً أن النزاع العسكري سيؤدى حتما الي تعطّل أو توقف حركة الملاحة في مضيق تايوان، الذي يمثل واحداً من أهم ممرات التجارة الدولية عالمياً، حيث مر من خلاله عام 2021 نحو نصف الأسطول العالمي من سفن الحاويات و 90% من أكبر السفن في العالم من حيث الحمولة، ومن ثم فإن تعطله أو توقفه يعني اضطراب مؤكد في حركة 50% من سفن الحاويات و90% من سفن الحمولة العملاقة الأكبر حول العالم.
وفيما يلي نسرد بعض ملامح الكابوس الاقتصادي المتوقع حال اندلاع الحرب حول الجزيرة:
التجارة الضائعة
سيتمثل التأثير الاقتصادي الأكثر خطورة في اضطرابات سلاسل توريد أشباه الموصلات والصناعات التحويلية، حيث تنتج تايوان 92% من الرقائق الذكية الأكثر تقدما في العالم (بقياس أقل من 10 نانومتر)، بالإضافة إلى ما يقرب من ثلث إلى نصف الإنتاج العالمي من الرقائق الهامة الأقل تطوراً. في حين ينتج TSMC (مَسبك الرقائق الرائد في تايوان) 35% من وحدات التحكم الدقيقة للسيارات في العالم و 70% من شرائح الهواتف الذكية عالمياً. كما أنها تهيمن على إنتاج الرقائق لوحدات معالجة الرسومات المتطورة في أجهزة الكمبيوتر والخوادم. ومن المتوقع أن يضيع على صناعات الرقائق التايوانية حوالي 1.6 تريليون دولار من الإيرادات سنويا الحصار، علاوة على أن 80% من حصة السوق العالمية من أجهزة الكمبيوتر المحمولة واللوحات الأم، و60% من أجهزة الشبكة في العالم يتم تصنيعها من قبل تايوان. كما أنها تنتج 73% من رقائق المعالجة المتقدمة ذات حجم أقل من سبعة نانومتر.
وتمثل تايوان وكوريا الجنوبية حوالي 63% و18% من إنتاج أشباه الموصلات في العالم بأسره، وأي عدوان عسكري في بحر الصين الجنوبي سيشل حوالي 80% من الطاقة الإنتاجية، مما سيزيد العبء على الطلبات المتراكمة لأجهزة الكمبيوتر الشخصية بسبب النقص الحالي في أشباه الموصلات.
يذكر أيضا أن انتاج تايوان من المواد الكيميائية يمثل حوالي 6-8%، وفي حال تأثره سترتفع الأسعار في حدود 10-14% نظراً لأن آسيا تعتمد في الغالب على استيراد معظم المواد الكيميائية.
خسائر الصين والعالم
ستتعرض تجارة الصين هي الأخرى لمشكلات جمّة، سواء بسبب تأثر حركة السفن، أو بسبب العقوبات التي يفترض أن توقع عليها بسبب الغزو، وبالتالي فإن استعداد البنوك لتقديم الائتمان للشركات التي تتعامل مع الصين في التجارة العالمية، قد ينخفض وسط الحصار، مما سيعطل أكثر من 270 مليار دولار في التجارة بين الصين وبقية العالم، وسيكون لهذا الامر تبعات عديدة.
ففي مجال الطاقة، الصين هي أكبر منتج ومستورد للفحم في العالم، قدرت واردتها من أستراليا بحوالي 32%، في حين تستورد حوالي 60% من الغاز الطبيعي المسال من أستراليا وقطر معاً، لذا سيؤدي الصراع بين الصين والولايات المتحدة إلى خفض الواردات من أستراليا وكندا وقطر. كما تمثل الصين حصة 97% من إنتاج رقائق السيليكون و79% من الخلايا الكهروضوئية منذ 2019. تمتلك الصين تسعة من أكبر 13 شركة لتصنيع وحدات الطاقة الشمسية على مستوى العالم. كما أنها تحتل المركز السابع من بين المراكز العشرة الأولى لمصنعي توربينات الرياح، بالتالي ستؤدي العقوبات إلى نقص بعض الطاقة المتجددة على مستوى العالم على المدى القصير والمتوسط.
وفي مجال الكيماويات، تستحوذ الصين على أكثر من 70 مليار دولار من صادرات المواد الكيميائية العالمية في 2020، وهي المحرك الرئيسي للطلب على معظم المواد الكيميائية خاصةً البتروكيماويات مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، وإذا حدثت أزمة، هناك احتمالات لرفع التعريفات الجمركية على الواردات بأثر رجعي، وازدياد فترات التوريد، أما المعادن، فتمثل الصين أكثر من 60% من الإمدادات العالمية لجميع المعادن، مما سيؤدي الى حدوث اختناق في بحر الصين الجنوبي وازدياد فترات التوريد.
تأثيرات أخرى
من المتوقع أيضا أن تكون هناك تأثيرات للنزاع علي دول ومناطق بعينها، فبالنسبة لليابان، قد يؤدي ضم الصين لتايوان إلى آثار سلبية على قطاع السياحة في بعض الجزر اليابانية. كما أن 40% من التجارة البحرية اليابانية تمر عبر بحر الصين الجنوبي، وإذا سيطرت الصين على تايوان، قد تفرض قيوداً على الشحن، مما يعوق النمو الاقتصادي لليابان. والصين هي أيضاً الشريك التجاري الرئيسي لليابان، في حال دعمها لتايوان، فإن الصين ستفرض عليها قيوداً تجارية.
وفي أستراليا سيؤثر التصعيد من قبل الصين على الصادرات الأسترالية، مثل الزراعة والتعدين، في حين ستعاني صناعات البيع بالتجزئة والبناء والصناعات التحويلية من فقدان الواردات الصينية، وفى الهند قد يعني دعم الهند لتايوان ارتباطا محتملا من شأنه أن يساعد الهند على إنشاء مصانع أشباه الموصلات، في حين ستخلق التوترات الحدودية القائمة بالفعل مع الصين، تأثر قطاع الكيماويات والأدوية في الهند.