25 صندوقاً لمكافحة أضرار تغيّر المناخ بتمويل 30 مليار دولار مقابل 11.4 نفقات

اتجهت المؤسسات الدولية المانحة مؤخراً نحو دعم وتعزيز تمويل الدول وبخاصة النامية منها، بغية تمكينها من مكافحة التغير المناخي عبر صناديق مخصصة تُسخّر جهودها لدفع الدول إلى تقييم مخاطر التغير المناخي لديها ووضع ما يتناسب معها من تدابير لمواجهته، إذ تتطلب تلك المخاطر جهودًا مشتركة للتصدي لها، الأمر الذي أصبح معه تعزيز التمويل وتعزيز قدرات الدول في هذا الصدد جزء من المنظومة العالمية للحد من التغير المناخي.
رصدت بيانات (تمويل المناخ العالمي – climate fund update) ما مجموعه 25 صندوقاً عالمياً بحصيلة تمويلية إجمالية تجاوزت 30 مليار دولار، تعمل تلك الصناديق عن طريق توجيه التمويل إلى الدول النامية من خلال القروض والمنح والتمويل المشترك والتدابير الأخرى، ويغطي التمويل المقدم من الصناديق مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك مشروعات الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، والبنية التحتية المناخية، والحفاظ على الغابات، والتشجير، والتكيف مع التغير المناخي، وتحسين إدارة المياه، وتعزيز القدرات والتكنولوجيا النظيفة، وغيرها من المشروعات.
وبحسب ترتيب الصناديق من حيث حجم حصيلة تمويلاتها، نجد أن صندوق المناخ الأخضر (GCF-1) اعتلى ترتيب مجموع الصناديق الأخرى بحصيلة تمويلية قدرت بـ 6,523.6 مليون دولار، وهو صندوق تمويل دولي تم إنشاؤه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) لدعم مشاريع التكيف والتخفيف من تغير المناخ في الدول النامية، ولعل أهم انجازات هذا الصندوق أنه وافق على أكثر من 100 مشروع في أكثر من 100 دولة.
وفي المرتبة الثانية جاء صندوق التكنولوجيا النظيفة (CTF) الذي بلغت حصيلته التمويلية 5,752.8 مليون دولار، وتم إنشاء الصندوق في عام 2008 كجزء من البنك الدولي والمؤسسة الدولية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية لمكافحة التغير المناخي. ويهدف الصندوق إلى توفير التمويل والدعم التقني لتعزيز التكنولوجيا النظيفة في الدول النامية، وذلك من خلال تمويل مشاريع وبرامج تركز على تطوير ونشر التكنولوجيا النظيفة والمستدامة. يتركز الصندوق على عدة قطاعات رئيسية مثل الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، والزراعة المستدامة، وإدارة النفايات، وتحسين كفاءة الطاقة في الصناعة.
وفي المرتبة الثالثة حل صندوق المناخ الأخضر IRM) GCF IRM) بحصيلة تمويلية بلغت 5,134.6 مليون دولار، وما يميز هذا الصندوق أنه أنشأ هيئة مستقلة بداخلة (IRM) لتلقي ومعالجة الشكاوى من الأشخاص أو المجتمعات المتضررة أو المهددة بالتأثر بالمشاريع المناخية التي يقوم بتمويلها.
وجاء مرفق البيئة العالمية (GEF7)، وصندوق أقل البلدان نمواً، والبرنامج التجريبي للمرونة المناخية (PPCR) في الترتيب الرابع والخامس والسادس على التوالي من حيث الحصيلة التمويلية والتي تجاوزت المليار دولا لكل صندوق منهم. في المقابل تذيل الترتيب 4 صناديق لم تتجاوز حصيلتهم التمويلية 100 مليون دولار وهم صندوق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وصندوق غابات حوض الكونغو (CBFF)، والشراكة من أجل جاهزية السوق، ومبادرة صندوق الكربون الحيوي من أجل المناظر الطبيعية المستدامة للغابات (صندوق الكربون الحيوي ISFL).
أنفقت جميع الصناديق الـ25 المخصصه لتمويل مشروعات المناخ، ما مقداره 11.4 مليار دولار، وتشير البيانات ان هناك علاقة طردية بين الحصيلة التمويلية لكل صندوق ونفقاته، ويقصد بالنفقات أو المصروفات، الاتفاقيات التي تُبرم بين صناديق المناخ والدول أو المنظمات التي تتلقى تمويلًا من هذه الصناديق، وتتنوع النفقات أو المصروفات إلى أولا: منح وهي لا تتطلب سدادًا لقيمة التمويل. ثانيا: قروض وهي تتطلب سدادًا لأصل التمويل بالإضافة إلى فوائد يحدد قيمتها كل صندوق.
ثالثا: ضمانات القروض ويضمن الصندوق سداد القروض في حالة تخلف المقترض عن السداد. رابعا وأخيرا: الاستثمارات وهو تمويل يتم تقديمه من الصندوق مقابل حصة ملكية في المشروع المناخي.
وبالنظر للتطور السنوي للحصيلة التمويلية لصناديق المناخ مقابل نفقاتها نجد أنها كانت متساوية لبعضها البعض في الـ5 سنوات الأولى من فترة الرصد أي من 2003 حتى 2008، حيث كانت تنفق الصناديق كامل حصيلتها التمويلية على مشروعات المناخ. بينما تدفقت التمويلات في الاعوام اللاحقة مقابل انخفاض في النفقات أو المصروفات، وربما يرجع ذلك لالتزام الدول المانحة وشعورها بالمسؤولية تجاه قضية المناخ لتعبر عن ذلك من خلال تمويل الصناديق العالمية المعنية بتلك القضية، في المقابل تحتاج هذه المشروعات إلى وقت لتنفيذها داخل الدول المتلقية. وشهد عام 2021 أكبر فجوة بين حصيلة تمويلات الصناديق والتي بلغت 3,771.1 دولار مقابل نفقات لم تتعد 262.2 مليون دلاور فقط كما هو موضح بالشكل رقم(2).
ومن حيث التوزيع الجغرافي للتمويل والانفاق علي مشروعات صناديق التمويل المناخي بغرض التصدي للمشكلات والاضرار البيئية بحسب تصنيف البنك الدولي، نجد أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى استحوذت على النصيب الأكبر من تمويل المشروعات المناخية بإجمالي 7,207.2 مليون دولار باعتبارها هي المنطقة الأكثر تضررا جراء التغير المناخي، ولحقتها في الترتيب منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بإجمالي تمولات بلغ قيمته 6,329.4 مليون دولار، ثم جاءت في الترتيب الثالث منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بمجموع تمويلات سجل 4,845.3 مليون دولار، في المقابل استحوذت كل من منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أقل حجم تمويلات لمشاريع المناخ مقارنة بالمناطق الجغرافية الأخرى.
تجدر الإشارة أخيرا إلى أنه على الرغم من الاعتراف المتزايد بأهمية مكافحة التغير المناخي، إلا أن التمويل المتاح لتنفيذ الإجراءات والمشاريع المتعلقة بالتغير المناخي ربما لا يفي بالحاجة الفعلية، ووجود نقص في التمويل يمكن أن يؤثر سلبًا على قدرة الدول على تنفيذ تدابير التكيف والاحتواء على التغير المناخي. الأمر الذي أضحى معه زيادة التمويلات المتاحة لمكافحة التغير المناخي أمرًا ضروريًا لتعزيز الجهود العالمية في هذا المجال، ما يتطلب ذلك التزامًا دوليًا قويًا لتوفير الموارد المالية اللازمة وتعزيز التعاون الدولي في تحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي.