3 دول عربية صنفت الأفضل في أداء التغيُّر المناخي 2021

محمود سلامة

المغرب ومصر والسعودية صُنفت كأفضل الدول العربية أداءً في تغير المناخ، فيما خرج عن التصنيف باقي الدولة العربية في مؤشر أداء التغير المناخي2021 (CCPI)، حيث احتلت المغرب المرتبة 4، ومصر المرتبة 19، أما السعودية فقد أتت متأخرة في الترتيب لتُصنف الـ 57 من بين 58 دولة شملها المؤشر متضمنة دول الإتحاد الأوروبي. تمثل تلك الدول مجتمعة %90 من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بحسب الشبكة الدولية للعمل المناخي (CAN) والمعهد الألماني الجديد للمناخ (NewClimate).

تم تصنيف الدول العربية بناء على 14 مؤشرًا فرعياً موزعاً على 4 مؤشرات رئيسية وهي (الطاقات المتجددة، وانبعاثات الغازات الدفيئة، واستعمال الطاقة، والسياسة المناخية) بحيث تكون النسبة الموزونة لكل مؤشر رئيسي من الأربعة %20 فيما عدا انبعاثات غازات الدفيئة تكون نسبته الموزونة %40 لتكون عدد النقاط النهائية للمؤشر الكلي 100 نقطة.وفي العلاقة التباينية بين الـ 3 دول عربية كان مجموع نقاط المغرب 69.26 أما مصر 54.34 وأخيرا السعودية بمجموع نقاط 22.91 من 100 نقطة وفقاً للشكل رقم(1). أما على المستوى العالمي فسبقت المغرب بهذا الترتيب كل من النرويج التي حلت في المرتبة 5، وتشيلي التي جاءت في المرتبة 6، والهند وفنلندا التي احتلتا الترتيب 7و8 وكانت درجاتهم 65.45، 64.04، 63.97، 62.63 على التوالي. وسبقت مصر كل من فرنسا واندونسيا التي احتلتا الترتيب 20 و21. أما السعودية وإن تذيلت الترتيب إلا انها سبقت الولايات المتحدة الأمريكية التي أتت في الترتيب الأخير. وتجدر الإشارة إلى أنه لم تُصنّف أي دولة عبر العالم ضمن المراكز الثلاثة الأولى لعدم مطابقتها مع نسب المؤشرات الفرعية الأربعة، الذي مفاده الالتزام بأقصى درجات الإرادة السياسية والمجتمعية في حماية المناخ.


وتباينت تصنيفات الدول العربية الثلاثة في المؤشرات الفرعية الأربعة على النحو التالي، الشكل رقم (2)؛
انبعاثات الغازات الدفيئة
يستحوذ مؤشر انبعاثات الغازات الدفيئة على %40 من المؤشر العام نظرا لخطورته التي من شأنها تضخيم ظاهرة الاحتباس الحراري مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الهواء المحيط بالأرض. تسبب الغازات الدفيئة الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، والنفط، والغاز) رفع حرارة الأرض فضلاً عن ازدياد حدوث العواصف والفيضانات والجفاف وارتفاع منسوب المياه الذي يهدد أكثر من 680 مليون شخص (ما نسبته %10 من سكان العالم)، وهم قاطني المناطق الساحلية المنخفضة، ويُتوقع أن تصل أعداد ساكني تلك المناطق إلى مليار شخص بحلول عام 2050، بحسب اللجنة الدولية لتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. رصد مؤشر أداء تغير المناخ 2021 لمصر نسبة بلغت %33 وهي الأفضل بذلك في معالجة مشكلة انبعاثات الغازات الدفينة مقارنة بالمغرب التي بلغت نسبتها %29.35 وأخيرا السعودية بنسبة %5.98. من ثم تكون الدول مدعوة بشدة للتقليل من انبعاثات تلك الغازات إذعاناً لاتفاق باريس للمناخ الذي يلزم الدول المُصدقة عليه للحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة. 
الطاقة المتجددة
تمثل الطاقة المتجددة نسبة %20 من مؤشر أداء التغير المناخي2021، أيا كان نوعها سواء كانت طاقة شمسية أو رياح أو ماء أو غيرها، واستحوذت المغرب على نسبة %13.67 بينما تحصلت مصر على %2.17 أما السعودية كانت %5.83. ورغم النسبة الضئيلة التي حصلت عليها مصر في هذا القطاع إلا أنها اتخذت عدة تدابير مهمة لا سيما بإعفاء مكونات وقطع غيار نظم الطاقة المتجددة من الجمارك وضريبة المبيعات المقررة عليها للمشروعات الحكومية في عام 2011 فضلا عن إنشاء صندوق الطاقة المتجددة في ذات العام، باللإضافة إلى تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة من خلال تسهيل ألياتها، لتتطابق مع استراتيجية التنمية المستدامة لمصر «رؤية 2030»، والتي تتجه فيها لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة %20 في 2022 و %42 في 2030. أما السعودية فقد أنشأت في 2010 مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لتوسيع قدرة المملكة لإنتاج الطاقة المتجددة من المصادر المتاحة وهي (الشمس والرياح وحرارة باطن الأرض وغيرها)، كما تم إنشاء «مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة»، وتضمنت رؤية المملكة 2030 للتنمية المستدامة في المحور الخاص بالاقتصاد المزدهر إضافة 9.8 جيجا واط من الطاقة المتجددة للإنتاج المحلي بحلول 2023. أما في المغرب التي كان لها نصيب الأسد في نسبة الطاقة المتجددة مقارنة بالسعودية ومصر، فقد أنشأت معهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقة الجديدة في 2009، وفي 2010 أنشأت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية والتي تستهدف مضاعفة انتاجها من الطاقة المتجددة في 2030 لتصل إلى 6000 ميجا واط وهو ما صرحت به في ملخض الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 الصادرة في أكتوبر 2017.(تقرير الطاقة المتجددة، الإسكوا، الأمم المتحدة2019).
استعمال الطاقة
استعمال الطاقة هو مؤشر فرعي نسبته %20 كذلك من المؤشر العام، ويقصد به ما تحققه الدولة من وفورات في استخدامها سواء في القطاعات السكنية والصناعية أوغيرها، استحوذت مصر فيه على نسبة %13.89، وهى النسبة الأعلى مقارنة بالسعودية والمغرب، التي استحوذتا على 4.49 و 12.14 على التوالي. تنطوي كفاءة استخدام الطاقة وفق منظور البنك الدولي على منافع إنمائية أخرى بجانب خفض الانبعاثات، منها تحسين أمن الطاقة، وتقليل الضغط على الميزانيات الأسرية والوطنية، وزيادة اعتمادية شبكة الكهرباء، وزيادة التنافسية، وتحسين العمليات في المجالات الحيوية كالتعليم والصحة، وتضطلع بعض الدول العربية لا سيما مصر بترشيد استخدام الطاقة من خلال عملية تحويل العدادات الكهربائية إلى كودية فضلا عن توسع قاعدة استعمال الإضاءات الموفرة LED.
السياسة المناخية


تعتمد نسبة الـ %20 المتبقية من التقييم العام على مؤشر سياسة المناخ ويغطي المؤشر أحدث التطورات في أطر السياسة المناخية الوطنية لكل دولة من الدول المضمنة داخل المؤشر الرئيسي. ويهدف كذلك إلى ممارسة ضغوط على البلدان غير المنخرطة بما فيه الكفاية في وضع سياسات وسنّ إجراءات بشأن حماية المناخ. واستحوذت المغرب على نسبة %14.1 وهي صاحبة النسبة الأعلى وتلتها السعودية بنسبة %6.61 أم مصر كانت حصتها %5.28 في مؤشر السياسية المناخية.
ولعل غضّ الطرف عن مشكلة تغير المناخ ينبئ عن خطر داهم، فعلى مدى العقد الماضي (2010-2019)، تسببت الأحداث المتعلقة بالطقس في نزوح ما يقدر بنحو 23.1 مليون شخص سنوياً، معظمهم داخل الحدود الوطنية، وفقًا لمركز رصد النزوح الداخلي (IDMC)، وتم تسجيل حوالي 9.8 مليون حالة نزوح، تعود إلى حد كبير إلى مخاطر وكوارث الأحوال الجوية المائية، خلال النصف الأول من 2020، وتركزت بشكل رئيسي في جنوب وجنوب شرق آسيا والقرن الأفريقي (تقرير حالة المناخ العالمي 2020 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية).
وتتوقع منظمة الصحة العالمية حدوث ما يقرب من 250000 حالة وفاة إضافية سنويا بين عامي 2030 و 2050، نتيجة لسوء التغذية والإجهاد الحراري خلافا عن بعض الامراض الأخرى بسبب التغير في المناخ. لذا بات لزاما على الدول جيمعاً لا سيما الدول الصناعية الكبرى أن تتحرى سياسات جديدة للحد من تغير المناخ.