قال الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إنه وقع الاختيار هذا العام على مأمونية الأدوية لتكون موضوع اليوم العالمي لسلامة المرضى تحت شعار “الدواء دون أضرار”، مع الدعوة إلى العمل بمبدأ “اعرف، وتحقق، واسأل”.
وأضاف المنظري أن الضرر الناجم عن المداواة 50% من إجمالي الضرر الذي يمكن تجنبه في مجال الرعاية الطبية، وهو ما يجعله شاغلا عالميا وملحا من شواغل الصحة العامة، كما أنه يسبب عبئا ماليا ضخما على المستوى العالمي، ويسهم في 9% من إجمالي التكاليف التي يمكن تجنبها نتيجة الاستخدام دون الأمثل للأدوية، أي ما يعادل 42 مليار دولار أمريكي من إجمالي الإنفاق على الصحة عالميا.
وأوضح المنظري، أن أخطاء المداواة تحدث عندما يؤثر ضعف نظم المداواة أو العوامل البشرية، مثل التعب أو الظروف البيئية السيئة أو نقص الموظفين، على الممارسات المرتبطة بوصف الأدوية، ونسخ وصفاتها، وصرفها، وإعطائها، ورصدها، وهي أخطاء قد تؤدي إلى حدوث ضرر بالغ، أو إعاقة، بل قد تؤدي إلى الوفاة.
وأكد المنظري أنه في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، تشير التقديرات الحالية إلى أن 134 مليون حدث ضار يحدث في المستشفيات، ويتسبب في وفاة قرابة 2.6 مليون مريض كل عام، وفي البلدان المرتفعة الدخل، فإن مريضا واحدا من كل 10 مرضى يتضرر عند تلقيه الرعاية في المستشفيات.
وتابع أنه عند المقارنة بين البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان المرتفعة الدخل، فإن المرضى في البلدان ذات الدخل المنخفض يفقدون ضعف عدد سنوات العمر المصححة باحتساب مدد الإعاقة بسبب الأضرار المرتبطة بالمداواة، بالرغم من توفر عدد من التدخلات التي يمكن أن تقلل من تواتر أخطاء المداواة وتأثيرها، والتي يتفاوت مستوى تنفيذها من بلد لآخر.
وذكر أنه في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، توصلت دراسة بحثية أجريت في مستشفيات مختارة إلى أن الأخطاء العلاجية وأخطاء المداواة تمثل 34% من إجمالي الأحداث الضارة، كما يتضح من البيانات أن ما يصل إلى 18% من حالات الاحتجاز في المستشفيات في الإقليم ينجم عن تعرض المريض لضرر شديد بسبب إدارة الرعاية، وأن 80% من تلك الحالات يمكن الوقاية منها.
وأضاف المنظري أن التكلفة النفسية التي يتحملها المرضى وأسرهم هي من بين العواقب الوخيمة لعدم مأمونية الرعاية الصحية. ويؤدي ما ينجم عن ذلك من معاناة إنسانية، وتأثر وجداني، وفقدان للثقة في النظام الصحي إلى الحيلولة دون الاستفادة من الخدمات الصحية، ويهدد الجهود الرامية إلى زيادة إمكانية الحصول على الخدمات الصحية.
وقال إن أعلى معدلات الأخطاء المرتبط بالعلاج الذي يمكن الوقاية منه يحدث في أماكن رعاية المرضى المسنين (11%)، تليها الرعاية المركزة (7%)، ثم الرعاية الفائقة التخصص أو الرعاية الجراحية (6%)، وأخيرًا طب الطوارئ (5%)، كما أن 26% على الأقل من ضرر المداواة الذي يمكن الوقاية منه يُعد، بالمعايير السريرية، وخيمًا أو مهددا للحياة، أما أثناء الرعاية الصيدلانية، فإن معظم الضرر يحدث في مرحلتي وصف الأدوية ورصدها.
وأكد المنظري أن جائحة كوفيد-19 ضاعفت من خطر حدوث أخطاء أثناء المداواة والضرر الناجم عنه، موضحا أن تقديم الرعاية المأمونة وضمان سلامة المرضى يصبح أكثر تعقيدا في سياقات الطوارئ، خاصة في بلدان الإقليم التي تعاني من انعدام الأمن والنزاعات والضعف، وتعتمد التغطية الصحية الشاملة على قدرة النظام الصحي على تقديم خدمات مأمونة وفعالة في الوقت المناسب لجميع الناس وفي جميع الأماكن، ويشمل ذلك أوضاع الطوارئ.
وتابع: “نحتاج إلى تضافر الجهود مع الأطراف المعنية الرئيسية والشركاء الرئيسيين من أجل زيادة الوعي عالميا وإقليميا بهذه المشكلة العاجلة من مشكلات الصحة العامة وتمكين المرضى والأسر من المشاركة بفاعلية في الاستخدام الآمن للدواء”.
وقال المنظري إن اليوم العالمي لسلامة المرضى يهدف إلى إشراك الجمهور، وزيادة الوعي بالعبء المترتب على الرعاية غير المأمونة وفهمه على نحو أفضل، وتيسير سُبُل تعزيز سلامة المرضى بوصفها حجر الزاوية في الرعاية الصحية الحديثة، كما يهدف أيضًا إلى التوسع في تنفيذ التحدي العالمي الثالث الذي يواجه المنظمة بشأن سلامة المرضى: «الدواء دون أضرار»، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين مأمونية الأدوية.
وتابع المنظري أن منظمة الصحة العالمية تدعو إلى تمكين المرضى والأسر من الاستخدام الآمن للأدوية، كما تدعو جميع الأطراف المعنية للتعجيل بتنفيذ الإجراءات اللازمة لتعزيز ممارسات المداواة المأمونة.
المصدر: الشروق