57 ألف أوكراني وروسي تستضيفهم فنادق مصر “مجاناً”.

تثبت مصر، لشعوب العالم، كل يوم، أنها بلد مضياف وملاذ آمن لمن تقطعت بهم السبل، وأن معدن شعبها وقيادتها يظهر وقت الشدائد، وخير إثبات لهذه الحقائق، القرارات التى اتخذتها الدولة المصرية باستضافة السائحين الأوكرانيين والروس الذين انتهت برامجهم السياحية لزيارة مصر، ولم يتمكنوا من العودة لبلادهم بسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وعممت وزارة السياحة المصرية المنشور رقم 45 لسنة 2022 على جميع فنادق جنوب سيناء والبحر الأحمر، قالت فيه إن صندوق السياحة التابع لوزارة السياحة سيتحمل جزءا من تكلفة الإقامة فى الفنادق لهؤلاء السياح، مع التأكيد على عدم تحميل النزيل أى مبالغ إضافية.

لكن عددًا من الخبراء السياحيين قالوا إنه حتى الآن لا تلوح فى الأفق القريب أى بوادر تؤكد أن هذه الحرب ستضع أوزارها فى القريب العاجل، كما لم تبد أى دولة أوروبية حتى الآن ترحيبًا برغبة السفارة الأوكرانية بالقاهرة، فى نقل السياح العالقين بمصر إليها، وأكد الخبراء ضرورة أن يكون للمؤسسات الدولية والاتحاد الأوروبى، وشركات التأمين الدولية، والمانحين الدوليين دور فى مساعدة مصر بشكل عاجل وإدخالها ضمن حزمة المساعدات التى تقدمها لدول جوار أوكرانيا، وحذر الخبراء من أن الفنادق المستضيفة للسياح لن تقوى على الصمود أكثر من ذلك، نظرًا لأن مساهمة صندوق السياحة المقدرة بعشرة دولارات لن تكفى وجبة واحدة ومشروبا فى ظل الارتفاع الرهيب الذى يشهده العالم فى أسعار الغذاء.

ووفقًا للبيانات الرسمية لسفارة أوكرانيا بالقاهرة فإن إجمالى عدد السياح الأوكرانيين العالقين بمصر يبلغ نحو 20 ألف سائح، فيما يبلغ عدد السياح والعمالة الروس فى الغردقة وشرم الشيخ وفقًا للقنصلية الروسية بالغردقة نحو 37 ألف مواطن روسى، مما يعنى أن صندوق السياحة يتحمل570 ألف دولار يوميًا، بخلاف ما سيتحمله أصحاب الفنادق المستضيفة لهؤلاء السياح.

الخبير السياحى معتز صدقى، نائب رئيس لجنة السياحة بالغرفة الأمريكية، قال: لا بد من البحث عن بدائل عاجلة لحل هذه الأزمة لأن مساهمة صندوق السياحة بعشرة دولارات عن كل سائح للمنشآت الفندقية غير كافية على الإطلاق، وميزانية الصندوق نفسه وقدرة الفنادق المستضيفة لن تستطيعا الصمود على الإطلاق، لذا فإنه يجب على شركات التأمين العالمية التى أبرمت شركات السياحة المستجلبة لهؤلاء السياح عقود تأمين السفر معها، أن تقوم بدورها، فلا يعقل أن تتحمل مصر مسؤولياتها، لأنه وفقًا للقوانين العالمية لا يستطيع أى سائح فى العالم الصعود إلى الطائرة أو أى وسيلة نقل أخرى متوجها إلى أى وجهة سياحية دون أن يكون قد تم التأمين عليه بما يعرف بتأمين السفر «travel insurance» وهذا التأمين يشمل تغطية تأمينية ضد الكوارث، سواء كانت حروبا أو فيضانات أو حوادث وأمراض، بل إنه يغطى فقدان الحقائب والمتعلقات أثناء الرحلة، فالمفروض أن تقوم شركات التأمين هذه بتغطية إقامة هؤلاء الضيوف، وهذا من حقهم وبأموالهم وليس منة من شركات التأمين.

من جانبهم قال عدد من أصحاب الفنادق، إن غالبية الفنادق تعمل بالأجل، بمعنى أن الزبائن يأتون ويقضون إجازاتهم وبعد شهر ونصف أو أكثر، يبدأ منظم الرحلات أو الشريك الأجنبى فى تحويل المستحقات المالية للفنادق المصرية، وبما أن أمريكا أغلقت نظام التحويل المعروف بـ«السويفت» فإن المستحقات المالية لغالبية هذه الفنادق من السوقين الروسية والأوكرانية ستبقى معلقة، لذا سنواجه صعوبة فى تدبير أموال لسداد التوريدات الغذائية وفواتير الطاقة والصيانة وأجور العاملين، غير المصروفات اليومية لتشغيل المنشآت الفندقية، كما أن تكلفة إقامة السائح فى اليوم تصل من 50 إلى 70 دولارا لا يدفع منها صندوق السياحة سوى 10 دولارات فقط.

أما الخبير السياحى الدكتور مصطفى خليل، عضو الجمعية العمومية لوكالات وشركات السفر والسياحة، فقال: إن كانت الدولة المصرية تريد أن تستمر فى تقديم أفضل خدمة لهؤلاء السياح وبخاصة الأوكرانيين، فيجب على وزارتى الخارجية والسياحة والآثار ضرورة التقدم بطلب عاجل للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، والجهات المانحة لمساعدة مصر ماديًا، لأن إجمالى عدد السياح الأوكرانيين المتواجدين فى مصر حاليًا نحو 26 ألف سائح وليس 20 ألفا كما جاء فى خطاب السفارة الأوكرانية بالقاهرة والموجه لوزارة الخارجية، وأن إقامة الفرد تتكلف نحو 70 دولارا فى اليوم الواحد، أى أن الفاتورة التى تدفعها مصر يوميًا تساوى مليونا و820 ألف دولار، يدفع منها صندوق السياحة 260 ألف دولار للفنادق والباقى يتحمله أصحاب هذه الفنادق، لذا فإنه يجب على الاتحاد الأوروبى الذى دعم أوكرانيا بمبلغ مليار ومائتى مليون يورو أن يمتد هذا الدعم لهؤلاء المواطنين الوكرانيين الذين تقطعت بهم السبل. وأضاف خليل أن القيادة السياسية المصرية ستقدم كل ما تملك لتوفير سبل الراحة واستضافة هؤلاء، مقترحاً أنه يمكن لمصر أن تتحمل 50% من تكلفة إقامتهم، أى أن تدفع 35 دولارًا لكل سائح ويتحمل الاتحاد الأوروبى الـ 35 دولارا الباقية. مشيرًا إلى أن صندق السياحة المصرى التابع لوزارة السياحة لن يستطيع دفع 910 آلاف دولار قيمة حصته اليومية والتى ستصل فى الشهر الأول الأول إلى نحو 27 مليون و300 ألف دولار، لكن الاتحاد الأوروبى يمكنه دفع هذه المبالغ من الأموال التى تم رصدها لهذه الأزمة، بل إنه قادر على تأجير فنادق أخرى وتسكين مواطنين جدد بها.

المصدر: المصري اليوم

الرابط:

مركز جسور للدراسات والاستشارات الثقافية والتنموية هو مركز يستهدف تقديم الاستشارات والدراسات في مجالات التعليم وسوق العمل والثقافة والقانون والإعلام واقتصادات المعرفة بوجه عام، وليس للمركز أي أنشطة أو أهداف أو اهتمامات سياسية أو حقوقية.